جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

ميراث الفساد ومخالفات البناء!

جلال عارف

الأحد، 13 سبتمبر 2020 - 07:14 م

فى ملف مخالفات المبانى، نحن نتعامل مع وضع معقد ومع ميراث أكثر من أربعين سنة من الفساد والتحايل على القوانين وإهدار المصلحة العامة.
ما حدث فى هذا الملف صورة واضحة لما فعله الانفتاح السبهللى الذى استهدف تحويل مصر من مجتمع منتج إلى مجتمع تحكمه طوائف السمسرة ومفاهيم الفهلوة التى سدت الطريق أمام تجربة كانت كل التقارير الدولية تضعها نموذجاً للتنمية الواعدة التى استلهمت منها أغلب الدول النامية الطريق للتصنيع والعلم والتقدم.
فى سنوات انسحاب الدولة أصبح النشاط الطفيلى هو الغالب، وبدأ الفساد ينخر فى أجهزة الدولة ويعشش فى المحليات. ما بدأ - فى قضية مخالفات المبانى - بالفساد الصغير الذى يتغاضى عن مخالفات بسيطة أو يتنازل عن حقوق الدولة فى مواسم الانتخابات.. تحول - بعد ذلك- إلى تيار كاسح أصبح فيه نهب أراضى الدولة أو الاستيلاء عليها بتراب الفلوس هو الوسيلة الأسرع لتكوين الثروات الحرام. وأصبح هجوم «الحيتان» لتشويه المدن وإهدار الأرض الزراعية والبناء عليها عنواناً للشطارة وامتلاك النفوذ والسطو على أموال الدولة ومدخرات الغلابة ومحدودى الدخل.
الآن.. ومع عودة الدولة لابد أن يعود القانون. ومع تسوية أوضاع المخالفات البسيطة والامنة فى الريف وثم فى المدن، يبقى الأساس أمران هما: إسدال الستار على هذه الصفحة السوداء لينتهى عهد البناء العشوائى إلى الأبد، ثم الضرب بكل قوة لحيتان الفساد الذين كونوا الثروات الهائلة من نهب الأراضى أو البناء المخالف، ومعهم «المافيا» الفاسدة التى ساعدتهم فى الأجهزة الرسمية وخاصة فى المحليات.
عندما يقول رئيس الحكومة الدكتور مدبولى إن خمسة فقط من حيتان الأبراج المخالفة التى شوهت الاسكندرية قد دفعوا مليار جنيه دفعة أولى لاثبات جدية التصالح، فعلينا أن ندرك الحجم الهائل للمال المنهوب من الدولة ومن المواطنين.. علماً بأن ذلك لا يقارن بالمال المسروق من الاستيلاء على أراضى الدولة أو تحويل الأراضى المخصصة للاستصلاح إلى منتجعات  سياحية تدر المليارات بلا جهد ودون أن تدفع حقوق الدولة.
هام جداً أن يدرك المواطن حجم الجريمة التى ارتكبت بالبناء المخالف وباغتيال مليون ونصف فدان من الأرض الزراعية. وهام جداً أن يكون واضحاً للجميع أن ما حدث لن يتكرر مطلقاً، وأن تكون الدولة حاضرة بتنفيذ القانون واستعادة الحق العام.. وأيضاً ببذل كل الجهد لتوفير البدائل المناسبة بعيداً عن فكر العشوائيات واحتيال الفاسدين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة