أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

على أعتاب الانتخابات الأمريكية

أسامة عجاج

السبت، 19 سبتمبر 2020 - 07:31 م

سؤال كبير مطروح وبشدة ليس فى العواصم العربية المختلفة، ولكن فى الأوساط الأمريكية، هل زادت فرص فوز ترامب بدورة ثانية للرئاسة، بعد الاتفاقيات التى نجح فى إتمامها بين إسرائيل وكل من دولة الإمارات ومملكة البحرين، والتى وصفها بانها تاريخية، وحديثه عن دول أخرى ستلتحق بالركب عما قريب؟ أعتقد ان الإجابة ليست بالسهولة التى يتصورها البعض، أو التبسيط الذى يتعامل به البعض الآخر، خاصة مع التعقيدات التى تحيط بالانتخابات، والمزاج العام للناخب الأمريكي، ولكنى احاول ان أساهم ولو بقدر بسيط فى التوصل إلى رؤية، تساعد ولو بقدر فى الإجابة، ويحكمنا فيها عدة عوامل، منها التاريخ الأمريكى نفسه، والذى يكشف لنا وبسهولة ان الرؤساء السابقين الذين كانت لهم بصمات محورية فى الصراع العربى الإسرائيلي، لم يتمكنوا من الفوز بدورة ثانية، وهناك نموذجان واضحان لذلك، الأول جيمى كارتر، صاحب الإنجاز الأبرز، الذى كان اللبنة الأولى لتعديل مسار الصراع - بغض النظر اتفقنا أو اختلقنا مع ما حدث- حيث تمكن من الجمع بين الرئيس الأسبق انور السادات ورئيس الوزراء الاسرائيلى مناحم بيجين، حيث تم التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد فى منتجع كامب ديفيد عام ١٩٧٨، هذا الإنجاز لم يشفع له لدى الناخب الأمريكى، خاصة بعد فشله فى إدارة أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين فى مبنى سفارتهم فى طهران، والتى استمرت أشهرًا، كما ان عمليته العسكرية لتحرير الرهائن لم تنجح فى ذلك.
ونتوقف عند النموذج الثانى، وهو جورج بوش الأب، الذى استطاع تشكيل تحالف دولى نجح به فى خوض عملية عاصفة الصحراء، وقام بتحرير الكويت من الغزو العراقي، فى زمن صدام، والتزم بوعده للعديد من الدول العربية ومنها مصر، بإحداث اختراق نوعى فى مسار السلام فى المنطقة، حيث لم تمر أشهر قليلة على انتهاء العمليات فى فبراير عام ١٩٩١ حتى انعقد مؤتمر مدريد فى نهاية اكتوبر من نفس العام، وشهد مباحثات مباشرة لأول مرة بين وفود اسرائيلية مع وفود من سوريا ولبنان ووفد مشترك أردنى فلسطينى قبل الفصل بينهما، كما وضع الأساس للمفاوضات متعددة الأطراف، التى مثلت اول محاولة لتشكيل شرق اوسط جديد يضم العرب وإسرائيل، عبر لجان ناقشت قضايا الحد من التسلح والتعاون الاقتصادي، واللاجئين والمياه والبيئة، ورغم أن بوش كرس أمريكا قوة وحيدة تحكم العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فإن الناخب الأمريكى عاقبه لعدم تنفيذ وعوده بعدم رفع الضرائب، ودفع الرجل ثمنا لتركيزه على السياسة الخارجية بعيدا عن اهتمامات الناخب الأمريكى، بينما اعتمد منافسه بيل كلينتون فى تركيزه على الاقتصاد، حتى ان شعار حملته الانتخابية كان «إنه الاقتصاد يا غبى».
أما العامل الثانى الذى يساعد فى الإجابة هى اهتمامات الناخب الأمريكى فى المعركة الحالية، نجده فى الدراسة المتأنية للقضايا المطروحة فى الحملات الانتخابية الأمريكية، وهى ابعد ما تكون عن السياسات الخارجية، وتتلخص فى الاقتصاد وازمة كورونا وبرامج وقضايا التأمين الصحى، والعنصرية ضد الأمريكيين من اصل إفريقي، ويكفى ان نشير إلى حقيقة ان قضايا مثل الصراع مع الصين وهى المحببة لدى ترامب، أو النزاع مع روسيا ويهتم بها منافسه جون بايدن، لم يكن لها أى صدى فى المؤتمرات العامة للحزبين الجمهورى والديمقراطي، والتى انعقدت منذ أسابيع، وجرت العادة انه لم يحدث يوما من الأيام ان أخذ الناخب الأمريكى بعين الاعتبار الإنجازات الخارجية للمرشح الرئاسي عند لحظة التصويت، وهناك من يعتقد ان الاتفاق الأخير لن يقدم ولن يؤخر فى ترجيح كفة أى من المرشحين، ومهما كان الأمر فإن اختيار توقيت التوقيع وإخراجه من قبل ترامب هو جزء من صراع على من يكسب اللوبى اليهودي، صاحب التأثير الأكبر فى الانتخابات ونتائجها، خاصة ان دعم إسرائيل أحد أسس السياسة الخارجية الأمريكية ولا تمثل أى خلاف بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى سوى فى الوسائل فقط، ترامب الذى يحاول بجهوده فى اتمام اتفاقيات سلام بين الإمارات والبحرين وإسرائيل ان ينفرد بدعمه، والذى يأتى فى سياق انحيازه غير المسبوق لإسرائيل، بينما بايدن تعامل بذكاء مع الاتفاق، حيث لم يأخذ أى مواقف معارضة أو منتقدة للاتفاق، واعتبر خطوة الإمارات تاريخية، مشيدًا بشجاعة الشيخ محمد بن زايد، وهو بهذا الموقف على الأقل لم يخسر اللوبى اليهودي.
عموما علينا ان ننتظر الثلاثاء ٣ نوفمبر القادم، موعد إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة