يوسف القعيد
يوسف القعيد


يحدث فى مصر الآن..

الإسكان الاجتماعى والأسمرات

يوسف القعيد

الخميس، 01 أكتوبر 2020 - 06:52 م

كانت لدينا ثنائية للتعامل مع الإسكان. إما إسكان شعبى يوجد فيه الحد الأدنى مما يوفر للإنسان حياة مقبولة. وكانت هناك أولويات فى المنح، وطوابيره يمكنك أن تشاهد أولها ولا ترى آخرها.
بدأ الإسكان الشعبى فى القاهرة. وانتقل إلى الإسكندرية. ثم لم يتعد عواصم المحافظات. وكأن المدن الكبرى هى التى يوجد بها الفقراء فقط. لم تصل المساكن الشعبية للقرية. مع أن القرية بها مساكين. وفقير القرية أقل حظاً من فقير المدينة. والمدينة يمكن أن توفر للإنسان الحد الأدنى للحياة وأخطرها المسكن.
كل هذا مضى وانقضى فى زماننا الذى سيدخل التاريخ باعتباره زمن الرئيس عبد الفتاح السيسى. حيث إن الإنجازات أكثر من أن يحصيها عد. ولكن فى إطار ما أتكلم عنه انطوت تماماً صفحة المساكن الشعبية، واستبدلت بالمساكن الاجتماعية. وهو وصف يراعى إنسانية من يسكنون فيه. ويعتبر أن إحساسهم بآدميتهم مسألة أساسية. لا يمكن التغاضى عنها مهما كانت الظروف.
كلمة الاجتماعية عندى وعند غيرى من المصريين أفضل ألف مرة من الشعبية. خاصة عندما ننظر إلى تجربة المساكن الشعبية لا بد أن نكتشف - برؤيا وعين الآن - أن من كانوا يقيمونها لم يكونوا يهتمون بالأصول الجمالية فى إقامة المبانى. ولا توجد مسافات بين المبنى والآخر. وكانت الوحدات تسمى بلوكات. أما عند الكلام عن الحدائق والمتنزهات العامة لم يكن لها وجود. وكأن البشرية لم تكن اخترعتها بعد.
الأغنياء كانوا يسكنون فى كيانات تسمى العمارات. شكلت جزءاً هائلاً من مكونات ذاكرتنا الجمعية وثقافتنا وأحلامنا وأمانينا. بل إننا لو عدنا إلى عناوين أفلام ذلك الزمان السينمائية سنكتشف أن كلمة العمارة وتصريفاتها المختلفة قد احتلت عناوين بعض هذه الأفلام.
زمن جديد - قولاً وفعلاً - يهل على مصر منذ ست سنوات. ويعبر عن نفسه مع كل صباح تراه مصر. أصبحنا نرى الأسمرات، الشكل الخارجى يسر العين ويبهج القلب ويجعل النفس تدرك أن شمساً عذبة وجديدة تشرق على مصر.
بودى لو عرفت من الذى توصل لذلك المسمى العبقرى؟ والتعبير الذى يحيط بكل الأمور فى كلمة واحدة: الأسمرات. هل هى جمع أسمرة؟ أم أنه تعبير يناقض أى مسمى أطلقناه من قبل على مثل هذه المشروعات التى ربما كانت إبنة زمانها وأوانها؟ ولكن كل الأمور تتغير. الزمان لا يتوقف أبداً. ولو نزلت النهر وتوقفت لاكتشفت أن الماء يجرى من حولك. فالتوقف ضد منطق الحياة.
لذلك نحمد الله أن الحياة تغيرت وتتغير وستستمر تغيرها فى بلادنا إلى الأحسن والأفضل والأجمل. سواء الإسكان الإجتماعى أو الأسمرات تُحققان للناس إنسانية أن يعيشوا فى أماكن صُمِمت لكى تُذَّكِر الإنسان فى كل لحظة تمر بأجمل ما فى الحياة. وتجعله حريصاً عليها. بل إن معنى كلمة الوطن يخرج من مجردات اللغة ليتم تجسيدها فى مرئيات ومسموعات تصل الإنسان ببلاده فى كل لحظة تمر عليه.
كل هذه الآمال تجعلنى أحلم بيوم نقول فيه وداعاً للعشوائيات. لا يوجد مستحيل أمام إرادة المصريين الآن، هذا مؤكد.
الإسكان الاجتماعى والأسمرات تجربة أحلم أن أراها فى كل مكان من بر مصر. من الإسكندرية حتى أسوان.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة