د. خالد القاضى
د. خالد القاضى


يوميات الأخبار

سأعيش فى جلباب وفكر أبى

خالد القاضي

الخميس، 08 أكتوبر 2020 - 06:45 م

ولن أبالغ فى القول أن مبدأ قدوة الأب والمعلم للأبناء والتلاميذ فى سبيلها للاندثار.

رحم الله إحسان عبد القدوس مؤلف الرواية الشهيرة «لن أعيش فى جلباب أبى» التى صدرت عام 1982، وجرت معالجتها دراميًا على يد السيناريست مصطفى محرم، فصارت مسلسلاً أُنتج عام 1996، والتى جرت وقائعها على عكس الرواية، فالمتمردة فى الرواية هى البنت وليس الابن، والأب فى الرواية وصولى يخالف القانون لتحقيق طموحه، وليس عصاميًا وأمينًا كما صوره المسلسل.. كما أن جُل أحداث الرواية صراع بين الحب حين يكون مخلوطًا بالحرية، والطمع والجرى وراء المصلحة، فى مقارنة واضحة لإثبات قيمة الحب والصراحة والحرية.
وكنتُ قد كتبتُ مقالاً منذ حوالى 15 عامًا بهذا العنوان «سأعيش فى جلباب أبى» حين انتشرت فى المجتمع نوازع المروق عن قيمنا الموروثة، وتقاليدنا الراسخة فى بيوتنا العريقة، بحجج واهية، وأفكار مغلوطة، وعادات مستوردة لا وجود لها بيننا، ومعظمها يدعو إلى تهميش قيم الوطن والمواطنة والوطنية.
وأكرر اليوم ذات العنوان.. حيث استشرت بين أبنائنا سموم وسائل التواصل الاجتماعي، وما تبثه وتنشره من معلومات مغلوطة وأخبار كاذبة، أدّت بالفعل، ويمكن أن تؤدى، إلى جرائم فى حق الأوطان والشعوب وما تقود إليه من تزييف للحقائق، وتزوير للتاريخ - حتى المعاصر منه - واختلاق وقائع وأحداث لم تحدث بالأساس، مصحوبة بلجج فى الحوار الذى يفتقد لأصوله ومقوماته، وإصرار على الخداع والزيف.
حتى بات الأب فى حيرة من أمره، بين ما تعلمه (وعلّمه) طول سنى عمره، وما يجادله فيه أبناؤه وتلاميذه بأقوال مرسلة، دون سند أو منطق.. فسقطت - أو كادت - سلطة الأب والمعلم (بحسبانه مرادفًا للأب)، وكونهما مصدر المعلومة والخبرة والتجربة، وتلاشت - أو أوشكت - قيمة العمر والحكمة والممارسة الحياتية، وما ينتج عنها من تغييب الوعى الجمعى العام، وانتشار ثقافة التشكيك فى المعلومات والثوابت التى درجنا عليها، من أدعياء العلم الجدد، تحت سواتر وهمية لا أساس لها.
ولن أبالغ فى القول أن مبدأ قدوة الأب والمعلم للأبناء والتلاميذ فى سبيلها للاندثار.. حين تمرد الشباب على واقعهم المعيش.. وحاولوا القفز على التطور الطبيعى للحياة، وإهدار قيم الأبوة والعلم والمعرفة.. إلى قيم المال السريع الذى يتسابق الجميع - دون هوادة - لجمعه.. وتوارت قيمنا ومُثُلنا.. وأضحت جزءًا من التاريخ!!
مفاهيم المواطنة فى فكر أبى..
علمنى والدى أن المشروع الحضارى الديمقراطى التى تُشكّل المواطنة الفعالة عموده الفقرى هو الضامن لإنتاج فاعلية اجتماعية تصاعدية من خلال المجتمع الديمقراطى وهو المجتمع المتناغم فى تشكيلاته الهادفة لإقرار المصالح العامة التى تعود على مؤسساته وأفراده بالنفع المباشر، وهو المجتمع الممتلئ أصالةً وسيادةً ووعياً لذاته وأدواره ومسؤولياته، وهو مجتمع الاختيار والقانون لا مجتمع القوة والاستبداد، إذ يقوم على الحرية المُنتجة للاختيار والقانون المُنتج للنظام، لذا فالحركية والفاعلية والإبداع والتقدم نتائج موضوعية للمجتمع القائم على أساس المواطنة الديمقراطية.
كما علمنى والدى أن مهمة الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية هى المحافظة على كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن القومية والدين والجنس والفكر.. فهى تضمن حقوق وحريات جميع المواطنين باعتبارها دولة مواطنة، تقوم على قاعدة ديمقراطية هى المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، وعليه فالمواطنون لهم حقوق يتمتعون بها، مقابل واجباتٍ يؤدونها.. وهذه المواطنة لصيقة كليًا بالدولة المدنية، فلا دولة مدنية بدون مواطنة، ولا مواطنة بدون دولة مدنية، وعليه فالمواطنة لا تتحقق إلا فى دولة مدنية ديمقراطية تعددية دستورية تصون كرامة المواطن وقناعاته وأفكاره بالشكل الذى يؤمن بها فى إطار الدستور الذى أقره الشعب.
فلهذه الأسباب؛ سأعيش فى جلباب وفكر وقيم وتراث أبى.. رحمه الله.
رؤساء مصر.. وطنية بلا حدود
فهذا هو الرئيس (جمال عبد الناصر).. الزعيم المصرى - العربى - الأفريقى؛ الذى قاد ثورة بيضاء فى 23 يوليو 1952.. وسجل اسمه فى ذاكرة الزمان بحروف من نور كرئيس مصرى حكم مصر (بعد المغفور له اللواء محمد نجيب).. وظل رمزًا وقدوة فى الوطنية للمصريين والعرب والأفارقة.. حتى إننى أفخر أن والدى اختار لأكبر إخوتى اسم مركب هو "جمال عبد الناصر" كما اختار لى اسم «خالد» وهو أحد أبناء الزعيم.
وهذا هو الرئيس (أنور السادات).. استطاع أن يحقق النصر العسكرى فى أكتوبر 1973 والنصر الدبلوماسى فى اتفاقية السلام عام 1979.. وكلا الانتصارين لصالح مصر والمصريين.
وهذا هو الرئيس (حسنى مبارك) الذى نجح فى استرداد كافة الأراضى المصرية التى احتلتها إسرائيل عام 1967، من خلال معركة قانونية حامية الوطيس.. ورفع العلم المصرى على طابا عام 1989.
وهذا هو الرئيس (عدلى منصور).. الذى أنجز خارطة طريق ثورة 30 يونيو 2013 المجيدة بوطنية جارفة.. فصدر الدستور فى يناير 2014، وانُتخب رئيس للجمهورية فى يونيو 2014.. وكانت مراسم تسليم السلطة أنموذجًا يُحتذى للوطنية المشرفة.
وهذا هو الرئيس (عبد الفتاح السيسى).. الذى أنقذ مصر من حكم فاشى لفترة حالكة السواد فى تاريخ مصر.. فحاز إجماع المصريين فى جولتين رئاسيتين متتاليتين فى 2014 و2018، فها هى مصر تشهد حراكًا وطنيًا قويًا على الأصعدة كافة، وفى كل المجالات.. وها هم قادة العالم وزعماؤه ينشدون مصر ملبين مرحبين من كل مكان، ليلتقوا على أرض مصر، على أرض الخير والنماء، والسكينة والهدوء.. إنها مصر يا سادة.
6 أكتوبر.. يوم وطنى مصرى
6 أكتوبر 1973.. بدأت معركة حربية دفاعية بين مصر وإسرائيل، انتصرت فيها القوات المسلحة المصرية واستردت مصر كرامتها وعزتها.. بعد أن اتشحت بالسواد لمدة ست سنوات منذ نكسة 1967.. فكان ولا يزال وسيظل 6 أكتوبر يومًا وطنيًا للبطولات والتضحيات بالنفس وهى أغلى ما يملك الإنسان.
6 أكتوبر 1981.. استشهد بطل الحرب والسلام الرئيس أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية.. فى يوم الاحتفال بنصر أكتوبر.. والذى اعتبره يومًا وطنيًا فى تاريخ مصر.. فقد خلد التاريخ الوطنى المصرى اسم أنور السادات رئيسًا شهيدًا وليس رئيسًا خائناً!!.. وقد نال المجرمون عقابهم بالعدل والقسطاس.
6 أكتوبر 2020.. صدر كتابى الجديد «الوعى بالانتخابات البرلمانية.. مصر 2020» وقد تعمّدتُ إصداره فى احتفالات المصريين بيوم النصر المظفر.. وأهديتُه فى إصدار رقمى على شبكة الإنترنت (مجانًا) لكافة القراء فى أنحاء العالم.
شخصيات مصريةلها تاريخ وطنى
ميرفت تلاوي.. مواقفها الوطنية لا تعد ولا تُحصى.. عبر مسيرتها العملية الثرية.. كسفيرة، ووزيرة، ونائب للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس للمجلس القومى للمرأة، ورئيس لمنظمة المرأة العربية.. فكانت ولازالت نبراسًا مضيئًا للوطنية المصرية المتقدة.
مفيد فوزى.. قائد وطنى من الطراز الأول.. وتبدو مظاهر تلك القيادة فى سعيه الدؤوب وإصراره المتواصل على إثراء عالم الصحافة والإعلام بمقالاته ودراساته وتحقيقاته وحواراته المتنوعة، ويعد أول من قدم فكرة «تلفزة الصحافة» أو «تصحيف التليفزيون» والذى سار على دربه فيما بعد العديد الأجيال الصحفية والإعلامية المتعاقبة.. ويبقى له فضل القيادة والريادة.
يوسف القعيد.. ذلك الروائى المصرى الوطنى الذى وهب قلمه وكفاحه عبر عشرات السنين لمن يعيشون فى (بر مصر).. فكان أيقونة تضئ الطريق.. وتمهد السبل لفهم عصرى واقعى لحاضر مصر.. وفاز بجائزة الدولة التقديرية، كما حازت روايته "الحرب فى بر مصر" على المرتبة الرابعة لأفضل مائة رواية عربية.
التغيرات الصحفية.. قيادات وطنية
كشفت التغيرات الصحفية الأخيرة.. حرص المسئولين على اختيار قيادات وطنية (فى الإدارة والتحرير).. سواء بالتجديد لقيادات قائمة أثبتت كفاءة وجدارة مهنية، أو بالدفع بوجوه جديدة لها سيرة ومسيرة مؤهلة.. أو كذلك لمن أكملوا عطاءهم فى تلك المواقع وأثبتوا عبر سنى مهامهم كفاءة وجدارة مهنية.. وتلك سنة الحياة.. فتحية لمن استمر.. وتحية لمن أتى.. وتحية من أكمل.
ويبقى القانون..
تنص الفقرة الثانية من دستور مصر عام 2014؛ (الشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي، تنتمى إلى القارة الإفريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوى، وتسهم فى بناء الحضارة الإنسانية).. هذا هو دستور وطنى.. مصر المحروسة.. أمس واليوم وغداً.. بإذن الله تعالى.ذط

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة