الحلال في زمن الكورونا
الحلال في زمن الكورونا


حكايات| «الحلال في زمن الكورونا».. كفاح شباب مصري بالولايات المتحدة الأمريكية

منال بركات

الجمعة، 09 أكتوبر 2020 - 06:12 ص

نيويورك أو الـ"بيج آبل" التفاحة الكبيرة، تلك المدينة المطلة علي المحيط الأطلسي، ومطمح كل المهاجرين الحالمين بالثروات، وتحقيق الحلم الأمريكي، وكيف لا وهي العاصمة الثقافية والاقتصادية للعالم.

ولأنها مدينة اقتصادية كبيرة بها أكبر المؤسسات الحكومية والخاصة، توفر 7 ملايين وظيفة، تلك الوظائف عمادها الإيقاع السريع، لا أحد لديه وقت، كل في تسابق مع الزمن من أجل لقمة العيش، وعلى هامش الحياة يأتي الطعام.

ولأن الحاجة أم الاختراع، انتشرت في تلك المدينة ثقافة الطعام السريع، امتلك الكثير من المهاجرين عربات بيع الأطعمة، وتهيمن على معظم التقاطعات في نيويورك عربات الطعام السريع والتي يسيطر على غالبيتها الرجل المصري بسماره المألوف، ويتصدر واجهة العربة كلمة "حلال" في إشارة إلى الأكل المذبوح على الطريقة الإسلامية.

وتبدأ القصة كما يرويها شريف عادل ابن "بنها" عندما طالب سائقو سيارات الأجرة تطوير فكرة عربات الطعام وتحويلها إلى أكل يناسب أبناء الجاليات المسلمة، خاصة أن معظم سائقي سيارات الأجرة مسلمين، ويبحثون عن وجبة مشبعة وبسعر زهيد.

وتتكون تلك الوجبات كما يرويها شريف من الدجاج والأرز وسلطة وزجاجة مياه غازية، كل ذلك بـ5 دولارات، وبعد ارتفاع الأسعار أصبحت بـ6 دولارات، وهناك من يفضل شاورما اللحوم في ساندويتش أو هوت دوج، وهناك أيضا الهنود اللذين لا يأكلون اللحوم، فيتناولوا الأغذية النباتية من طعمية أو بطاطس.

اقرأ أيضا|الداخلية التونسية تدعو إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية بسبب «كورونا»

ويستطرد ابن بنها واصفا تطور رواد عربات الطعام الحلال من سائق التاكسي إلى الموظف الذي يحرص على ميزانيته، أما المواطن الأمريكي، كما يري شريف، فهو متردد بطبيعته ويلتزم القواعد الوقائية بحذافيرها، وبعد أن أثبتت عربات الحلال وجودها في شوارع نيويورك وشاهد المواطن الأمريكي طوابير الانتظار من أجل الطعام، تشجع لتناول غذائه من على عربات الحلال عوضا عن المحلات باهظة الثمن.

عربة شريف تترأس ناصية منطقة "روك فلر جروب" والممتد من شارع 42 إلى 52، وجميعها تضم شركات ضخمة تحوي آلاف الموظفين، اللذين عشقوا طعام العربات الحلال.

ويروي شريف بدايات قدومه إلى تلك البقعة، فيتذكر أصحاب المحلات اللذين غضبوا من نجاح عربات الحلال، فشرعوا في مضايقتهم والإبلاغ عنهم، حيث أن إيجار المحال في العام قد يصل إلى 50ألف دولار، في حين أن تصاريح عربات الطعام مجانية في الأصل، ولأن مهاجري الهند والبنجلاديش أول من وقف بعربات الهوت دوج، ثم تركوا المهنة إلى سيارات الأجرة، صاروا يبيعوا تصاريح العربة بـ 25 ألف جنية للعامين. والطريف هنا أن هذه التصاريح تورث أيضا.

ولأن كل شيء مقنن في أمريكا، باءت محاولتهم بالفشل، لأن كل عربة تخضع للعديد من الفحوصات الدقيقة من جانب وزارة الصحة، كما أن مظهر العامل ونظافته شيء مهم جدا، فضلا عن أن الرخصة سليمة ومعلقة في واجهة العربة، ودرجات حرارة الطعام سليمة، ومع مر السنين استسلم أصحاب المحال للأمر الواقع.

يشير مينا زكي ابن مغاغة الذي قدم إلى أمريكا عن طريق القرعة منذ 12 عاما، وعمل على عربات الطعام منذ اليوم الأول، إلى جانب عربات العصير، يشير إلى أن كل عربات الطعام التي يقف عليها المصريون تتعامل مع الأكل الحلال بوصفها مذبوحة على الطريقة الإسلامية.

وقال: "لأن المصريين ملوك نيويورك في هذا المجال، يحرصون علي تقديم الوجبة الحلال لإرضاء روادهم، وهناك نوعان من عربات الحلال الأولى تقدم السندوتش السريع من اللحوم، أما الثانية والمعروفة بـ(حلال جايز) ولونها الأصفر والأحمر والتي تقدم الأرز في وجبتها".

ويؤكد مينا أن أصحاب العربات القديمة يسيطرون على أماكن مميزة في نيويورك، ولا يجد من يود العمل على عربة مكانا له، فيضطر للعمل لدي صاحب العربة، من اليسير جدا صناعة عربة طعام، لكن المشكلة في الموقع.

وتابع: "رغم أن لا أحد يملك موقعا بعينه غير أننا كمصريين نطبق العرف فيما بيننا، وينصح مينا الشباب الذي يحلم بالحصول على عربة طعام، أول خطوة الحصول على رخصة العربة من خلال محاسب وتكلفتها 150 دولارا ومن ثم يبدأ مشروعه، وتكمن الصعوبة في اختيار موقع متميز ملئ بالرواد".


محمد خريج تربية رياضية ابن مدينة طنطا، قصة كفاح أخرى، فهو جاء الولايات المتحدة عن طريق القرعة، ورغم مرور 4 سنوات على وجوده بأرض الأحلام يعتزم العودة مرة خري إلى وطنه، ويرى أن العمل على عربات الطعام هي السهل الممتنع للمهاجرين، لأنها لا تحتاج إلي إجادة اللغة الإنجليزية بطلاقة، إلى جانب مكسبها السريع، لأن عائدها المادي كاش ولا تخضع للضرائب المتشددة، فصاحبها هو من يحدد نسبة مكسبه أو خسارته.

وأشار إلى أن الجالية المصرية هم الأكثر عددا في العمل في هذا المجال، يليهم البنجلاديش ثم الهنود وأخيرا المكسيك.


ويؤكد شريف أن الكورونا أثرت على دخل أصحاب عربات الطعام بنسبة %70 وأكثر منذ مارس الماضي، ومن الطبيعي أن يتخوف الناس من تناول الأطعمة خارج بيوتهم مع هذا الوباء الفتاك، وهناك مؤشرات تشير إلى احتمال غلق العديد من المناطق في نيويورك مع قدوم الشتاء.

هذا هو حال عربات الحلال التابعة للأفراد، أما عربات طعام "حلال جايز "المتميزة بلونيها الأحمر والأصفر في شوارع نيويورك، والتي بدأت مع عام 1990 لأصحابها محمد أبو العينين وأحمد السقا وعبد الباسط السيد، عند تقاطع الشارعين السادس والثالث والخمسين وتكلفة أول عربة سبعة آلاف دولار لتتحول فيما بعد إلى شركة عالمية كبرى، ويوصَى بزيارتها في نيويورك على مواقع متخصصة بالسياح.

ويبلغ ثمن الطبق لديهم 8 دولارات، وتنتشر مطاعهم في 450 موقعاً في 6 بلدان، وفي الولايات المتحدة افتُتح أول مطعم لـ«حلال جايز» في شيكاجو.

وقبل زمن الكورونا كان يباع أكثر من 325 ألف طبق في الشهر، وكان يستهلك أكثر من 188 طناً من الدجاج شهرياً، وأكثر من 129 طناً من لحم البقر شهرياً، إلى جانب أكثر من 63 طناً من الأرز شهرياً، لكن كل ذلك قبل زمن الكورونا، وتغيرت الأوضاع فيما بعد.


الحلال في زمن الكورونا

الحلال في زمن الكورونا

الحلال في زمن الكورونا

الحلال في زمن الكورونا

الحلال في زمن الكورونا

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة