أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

الرواية الشعبية لأعظم الحروب

د. أسامة السعيد

الإثنين، 12 أكتوبر 2020 - 08:02 م

بينما نحتفل هذه الأيام بالذكرى السابعة والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة، فإننى أعتقد أن تلك الفترة التى عاشها المصريون من ١٩٦٧ وحتى ١٩٧٣ لا تزال مظلومة فى وجداننا الشعبى والوطني، ولم تحظ بما تستحقه من توثيق وتركيز..هذه السنوات كانت نموذجا لصمود شعب، وإرادة دولة، واجتهاد جيش، وإذا كانت شهادات القادة السياسيين والعسكريين تبدو متاحة كرافد مهم من روافد تأريخ تلك المرحلة، إلا أننا بحاجة إلى رافد آخر لا يقل أهمية، وهو الرافد الشعبي، الذى يستحق أيضا أن يقدم روايته عن تلك المرحلة الفارقة من تاريخنا، فلكل بيت فى مصر مع تلك الأيام حكاية، ولكل إنسان عايش تلك الفترة قصة تستحق أن تروى، وكثير من الشهود الصامتين لديهم الكثير لينقلوه إلى الأجيال المقبلة.
كم كانت سعادتى وانا أستمتع بقراءة كتاب العالم الجليل د. إبراهيم البحراوى «حكاية مصرى مع إسرائيل» الصادر قبل أسابيع قليلة.. فقد كان الرجل - رحمه الله - أحد أهم من درسوا إسرائيل عن قرب، وأحد أبرز مفكرينا الذين لم يكتفوا بالعلم، بل انتقل إلى العمل، فقد قام بالتحقيق مع الأسرى الإسرائيليين فى ١٩٦٧ و١٩٧٣، ودرس الشخصية الإسرائيلية عبر التحليل الأدبى والنفسي، وأشرف على صفحات «كيف تفكر إسرائيل» التى كانت تقدمها جريدتنا «الأخبار» فى ثمانينيات القرن الماضي.
قدم الرجل فى مذكراته رواية لإنسان مصرى عايش انكسارات وطنه وانتصاراته، بصدق وبساطة بالغين، وهى شهادة أعتقد أن لدى كثيرين من آباء وأجداد اليوم مثلها، وأتمنى أن تكون لدينا جهة مثل وزارة الثقافة بكل أجهزتها المعنية تقوم على توثيق تلك الشهادات، مثلما قامت وزارة الدفاع عبر سنوات طويلة بتوثيق شهادات القادة العسكريين عن المعركة، سواء بالشهادات الحية أو بالوثائق.
لا ينبغى أن تبقى ملحمة السادس من أكتوبر مجرد احتفالية موسمية، بل يجب أن نجعلها زادا يوميا لحياتنا، ودافعا نحو الاجتهاد والتفانى لخدمة بلدنا، ورمزا للتضحية والتخطيط العلمى تتناقله الأجيال الشابة التائهة اليوم فى شتات منصات «السوشيال ميديا»، التى تتلاعب بالعقول وتحترف تزييف الحقائق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة