صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


آخرون يستخدمونهم«ورقة ضغط»

استغلال البراءة| آباء وأمهات يتاجرون بأطفالهم لـ«جمع المال»

لمياء متولي- ياسمين سامي

الإثنين، 19 أكتوبر 2020 - 07:17 ص

- الخبراء: التوحد والاكتئاب أبرز الأمراض التى تصيب الطفل بسبب سوء استغلاله

 

كلمة طفل اذا ذكرت ينعكس معها كلمات بعينها كالبراءة والضحك واللهو وغيرها من الدلالات التى ترتبط بهم،الا ان سمة العصر جعلت الأمور تنقلب رأسا على عقب لنجد بعض الآباء والأمهات يستغلون بعض برامج السوشيال ميديا فى الترويج لأبنائهم وكأنهم سلعة يستغلونها من أجل الشهرة وتحقيق الربح المادى من خلال وسائل التواصل الاجتماعى لنجد الأمر الذى وصل فى دخول بعض الأسر فى منافسة وسباق لتحقيق اعلى نسبة مشاهدة.


لكن لا تعد هذه الصورة هى الاستغلال الوحيد للاطفال بل فى كثير من الأحيان يتم الزج بهم واستخدامهم كورقة ضغط لأحد الزوجين على الطرف الآخر فى قضايا الطلاق والرؤية،دون النظر لما قد يسببه ذلك الأمر من آثار نفسية سيئة على الطفل وخروجه من مثل هذه التجارب غير متزن ويدفع المجتمع الثمن بسبب سوء تصرف الوالدين.


"الأخبار" ناقشت الخبراء فى هذه الظاهرة ورصدت مدى تأثير ذلك الأطفال.


يذكر أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى آخر إحصاء أظهر أن عدد الأطفال المصريين (أقل من 18 سنة) بلغ 38.8 مليون طفل (20.1 مليون طفل ذكر بنسبة 51.8%، وعدد الأطفال الإناث 18.7 مليون طفلة بنسبة 48.2%)، ويمثل هذا العدد 39.3% من إجمالى السكان وذلك وفقا لتقديرات السكان عام 2019، ووفقا للمسح القومى لعمل الأطفال فى مصر الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والبرنامج الدولى للقضاء على عمل الأطفال فإن هناك 1.6 مليون طفل ما بين 12 لـ 17 سنة يعملون فى مصر أى ما يوازى 9.3 من الأطفال وهو ما يمثل طفلا من بين كل عشرة أطفال.


أما عن المهن الخطرة والأكثر شيوعا والتى يعمل بها الأطفال فى مصر فهى الزراعة بنسبة 63%، والعمل فى المواقع الصناعية كالتعدين والتشييد والصناعات التحويلية بنسبة 18.9%، بالإضافة إلى المناجم والمحاجر وصناعة الطوب وغيرها من الأعمال المتعلقة بالتشييد والعمل فى الشوارع والعمل المنزلي.


أكبر إساءة
فى البداية يقول د. جمال فرويز أستاذ الطب النفسى ان ما يقوم به بعض الآباء والأمهات من تعرض أبنائهم إلى مواقف قد تكون اكبر من المرحلة العمرية التى يمرون بها هى أكبر اساءة منهم لأطفالهم دون تعمد أو وعى منهم.


فللأسف الشديد بعض الأطفال أصبح حقل تجارب على أيدى أسرهم دون النظر إلى عواقب وأثر ذلك على الطفل، فعلى سبيل المثال ما أصبح شائعا خلال هذه الفترة هو استغلال الاطفال من قبل الأسر لإظهارهم فى مقاطع فيديو تبث يوميا على وسائل التواصل الاجتماعى من خلال مواقف يومية او مقالب وفى كثير من الأحيان تقوم بعض الطبقات الاجتماعية بجعل أطفال لا يتعدون 10 سنوات يتحدثون بطرق غير لائقة او يقومون بتقليد بعض المشاهد الكوميدية بطريقة تهدف إلى جذب جمهور السوشيال ميديا فى المقام الاول والتربح من وراء ذلك دون النظر إلى الدائرة المغلقة التى يضعون فيها الطفل.


ويضيف الدكتور جمال فرويز ان مثل هؤلاء الآباء والأمهات لا يدركون ان الطفل بعد ذلك سيفعل اى تصرف مقابل الحصول على اكبر عدد من «اللايكات» واعلى نسب المشاهدة حتى ولو كان على حساب الغير مثل التنمر على أصحابه او عمل مقلب غير مناسب،و المتهم فى ذلك ليس الطفل ولكنهم الآباء والامهات الذين جعلوا اطفالهم سجناء هذا الواقع الافتراضى والذى قد يصل الامر بهم بعد فترة اما بالاصابة بالتوحد والاكتئاب واضطراب النوم بسبب كثرة استخدام هذه الوسائل أو ان يكون شخصا غير طبيعى ويعتاد فعل اى شىء مقابل الشهرة،ومن هنا أطالب بضرورة تشديد العقوبة على مثل هذه الأسر التى تخترق خصوصية اطفالهم بأيديهم ولا يحافظون عليهم بالشكل الصحيح كما حدث مع اليوتيوبرز أحمد وزينب بعدما قاما بترويع طفلتهما وتم اتخاذ اللازم معهما وأتمنى أن تتكرر هذه العقوبة على كل من يقوم باستغلال أطفاله.


الطفل والحالة النفسية
وتؤكد الدكتورة هالة زايد أستاذ علم الاجتماع انه فى كثير من الأحيان يتناسى الآباء أو الامهات مصلحة الطفل لتأتى مصلحتهم الشخصية فى المقام الاول،فكثيرا من حالات الطلاق أو الرؤية وغيرها من المشكلات الاجتماعية والتى تشهدها محاكم الأسرة يتم فى بعض الاحيان وضع الطفل فى وجه المدفع واستخدامه كورقة ضغط للحصول على أكبر عدد من المكتسبات او لحل النزاع دون النظر إلى الكارثة الحقيقية وهى تعريض الطفل لصدمات نفسية لا تتساوى مع عمره الحقيقى لتصبح لدى بعض الاطفال عالقة فى الذاكرة واما تتسبب فى احداث عقد نفسية لهم او عدم قبوله لأى من الطرفين سواء الاب او الام بسبب التجربة التى مر بها،وهو ما نشهده بعدها فى المستقبل من خروج اجيال مشوهة نفسيا غير متزنة وغير قادرة على تحمل المسئولية،فما تزرعه الأسرة فى الصغر يجنيه المجتمع بأكمله بعد ذلك،فيجب أن ننظر إلى ضرورة ان يكون أبناؤنا أسوياء وألا نعرضهم لأى مشكلات او ضغوطات نفسية حتى لو داخل المنزل حرصا منهم على الحالة النفسية والتى لا تقل أهمية عن الحالة الجسدية.


و تقول إن صور انتهاك براءة الأطفال وانا لا أعنى الانتهاك الجسدى ولكن الحالة النفسية أيضا لها انتهاك اذا تم ايذاؤها بشكل غير مناسب،فبعض القيم والمبادئ باتت تتلاشى بسبب السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا،والتى جعلت الطفل بمثابة السلعة التى يتم استغلالها من اجل المادة وهذا يعد انهيارا اخلاقيا وللأسف تحول إلى ظاهرة فى المجتمع المصرى ولابد من وضع ضوابط صارمة لها فهى سلوكيات يعاقب عليها القانون،فمثل هؤلاء الآباء والامهات لا يحرصون على أطفالهم وللأسف يكون الطفل فى النهاية هو الضحية.


وترى الدكتورة هالة زايد انه لابد من وجود حملات توعية من الأضرار النفسية التى يتعرض لها الطفل بسبب تعرضه لمثل هذه المشاهد التمثيلية وتعريف هذه الاسر بكيفية الحفاظ على الحالة النفسية للطفل.


استغلال الأطفال
و يضيف إيهاب الأطرش المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة أن سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية جعلت بعض الأسر تستغل أبناءها لتحقيق أرباح كبيرة فى وقت قصير، والأمر لا يقتصر فقط على الأسر، بل إن بعض المؤسسات والمستشفيات تستغل الأطفال الصغيرة فى الدعاية لجلب المتبرعين، حيث يتم استغلال حالات الأطفال المرضى أو الفقراء ونشر صورهم لكسب التعاطف، وهذا كله يقع تحت بند الاستغلال ويزيد الأمر فى شهر رمضان، مضيفًا أن أحمد حسن وزينب مثال واضح للشباب الذى يتاجر فى ابنائه من أجل تحقيق أعلى نسبة مشاهدات من خلال تصوير فيديوهات تحدث جدلا وبالتالى تجلب عدد متابعين كبيرا، فالسوشيال ميديا جزء من الاستغلال.


حالات الانفصال
وأوضح إيهاب الأطرش أن الاستغلال ليس فقط من خلال السوشيال ميديا، بل إن فى حالات الانفصال والطلاق التى تأتى إليه للترافع عنها، يتم استخدام الأطفال كورقة ضغط من أحد طرفى النزاع لإجبار الطرف الآخر للتنازل عن حقوقه، ويضرب مثلا بذلك بطفلة قام جدها وأبوها بأخذها عنوة وإخفائها من مسكن والدتها حتى تقوم بالتوقيع على إيصال أمانة بقيمة نصف مليون جنيه حتى تستعيدها.


وأشار إلى أن الأمومة والأبوة تلغى تماما أمام المال ويحرمون احيانا أبناءهم من حقوقهم الدنيا فى سبيل تحقيق مصالحهم وأطماعهم حتى وان عرضوهم للخوف أو الاستغلال، وهذا ايضًا ما ينطبق على المتسولين فى الشارع الذين يكسبون تعاطف المارة باصطحابهم صغارهم، دون النظر إلى تعليمهم وحالتهم الصحية ونفسيتهم، وهذا مخالف للشرع والعرف والقانون بالمادة 291 من قانون العقوبات وقانون مكافحة الاتجار بالبشر 64 لسنة 2010، وكذلك من يفضلون عمالة الأطفال لسعرها الزهيد مقابل الكبار، مما يحرم هؤلاء الأطفال من حقوقهم ويمنعهم من عيش سنهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة