صالح الصالحى
صالح الصالحى


يوميات الأخبار

بايدن فاز يا رجالة

صالح الصالحي

الإثنين، 09 نوفمبر 2020 - 07:45 م

وهنا وقف مذيع الـ «سى.إن.إن» مردداً ستنضم جميع وسائل الإعلام إلى الـ «سى.إن.إن».. ويعلن بصوت عال «جو ابن مستر بايدن فاز يا رجالة».

معاناة طويلة، استمرت ٥ أيام فى فرز أصوات الناخبين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.. حتى أن الأمريكيين أنفسهم سخروا من طول هذه الفترة.. وأطلقوا النكات، التى تعرف بالتغريدات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعى.
مساء السبت الماضى تم إعلان فوز مرشح الحزب الديمقراطى جوزيف بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.. ليتولى بايدن منصبه كرئيس لأمريكا فى ٢٠ يناير ٢٠٢١، وفقا للدستور الأمريكى.. وسوف يستمر ترامب ساكنا البيت الأبيض حتى هذا التاريخ.
هذه الانتخابات التى كشفت وجه أمريكا الحقيقى.. شهدت مصارعة بدون قفازات بين الحملتين الانتخابيتين للمرشحين، اللذين تبادلا الاتهامات بالفساد والفشل.. هذه الاتهامات التى ارتفعت حدتها خلال عملية التصويت والفرز حول وجود تزوير فى الانتخابات، خاصة تصويت البريد، وتلاعب فى أصوات الناخبين، ومخالفات فى عملية الرصد.
هذا بالإضافة إلى ظهور المال السياسى، واتهامات بشراء الذمم والأصوات، والتصويت أكثر من مرة، وتصويت غير المقيدين فى الجداول الانتخابية.. والأكثر غرابة التحذير الذى أطلقه ترامب حول تصويت الموتى.. ثم لجوء ترامب للقضاء طاعنا فى الانتخابات، وعدم اعترافه بالنتيجة التى أعلنت. ليخوض بذلك معركة قانونية حول تزوير الانتخابات إلى جانب شكاوى من مسئولى الفرز فى بعض اللجان من نقص الحبر وأخطاء الطباعة ومشكلات فى المعدات.. وأنهم كانوا بحاجة لعدد أكبر من الموظفين من أجل الأصوات التى تصل عبر البريد الإلكترونى، ولمساحات غرف وطاولات أكبر.. بالإضافة إلى أجهزة وورق جيد.
كل هذا شهدته الانتخابات الأمريكية.. جميع أنواع المخالفات.. معقولة العملية الانتخابية فى هذه الدولة العظمى، الدولة الأولى لا تسير بيسر وسهولة ـ كما تعودنا على ذلك؟
نعم هذه المخالفات تناولتها ورصدتها وسائل الإعلام عن مصادر عديدة، وأكدها لجوء ترامب المرشح الخاسر للقضاء.
وأزيد من القصيدة بيتاً.. هناك وسائل إعلام وشبكات إعلامية لم تكن محايدة، بل كانت معادية لترامب.. وعلى رأس هذه الوسائل شبكة «سى.إن.إن» التى لم تطبق المعايير والأكواد الإعلامية التى وضعتها بنفسها لنفسها، وأعلنت الحرب على ترامب.. وانحازت بصورة فجة لبايدن.. وأعلنت بفخر فوز بايدن، وتشفت فى هزيمة ترامب.
والآن.. أغمضوا أعينكم لبرهة.. وتخيلوا معى ان كل ما سطرته حدث فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. انتخابات أكبر دولة فى العالم «أمريكا» ثم افتحوا أعينكم وصدقوا كل ذلك، فهذه ليست المرة الأولى التى تظهر فيها هذه الاتهامات والتلاعب بالأصوات وتجاوزات بالجملة فى العملية الانتخابية.. بل هى المرة الثالثة التى ذكرها التاريخ.. فالمرة الأولى كانت فى انتخابات عام ١٩٦٠ بين جون كيندى المرشح الديمقراطى ومنافسه ريتشارد نيكسون المرشح الجمهورى.. والمرة الثانية انتخابات عام ٢٠٠٠ بين آل جور المرشح الديمقراطى ومنافسه جورج دبليو بوش المرشح الجمهورى.
نسيت أن أضيف شيئا غاية فى الأهمية قد يجعل المشهد كاملاً.. هذه الانتخابات تُجرى وهناك العديد من الأمريكان يفترشون الشوارع.. وسط الخوف الذى ملأ الكثيرين من المشردين والمرضى والجوعى، الذين تُركوا بلا رحمة.
اللافت أن الانتخابات خلت من تقارير المراقبين والجمعيات الحقوقية.. فلم أقرأ لأى منها سطراً واحداً حول هذه الانتخابات.. سطراً حول السلبيات أو حتى الايجابيات.. لم أقرأ تقريراً يوثق ما حدث فى الانتخابات هذا العام بحيادية.
هذا المشهد كان لا يمكن تصديقه فى أعوام سابقة.. حتى وإن حكاه  أو رواه لك أحد أقاربك أو أصدقائك الذين تثق بهم عند عودته من أمريكا ومشاركته فى الانتخابات، باعتباره يحمل الجنسية الأمريكية.. عندها ستعتقد أو تظن أنه يبالغ أو يحاول أن يسوق لك جانبا سيئا عن أمريكا، حتى لا تحقد عليه أو تحسده بالعيش هناك.. أو أنه يحاول أن يشعرك بأن العيش هناك محفوف بالمخاطر وأن الأمريكان يعانون وأقل الظن أنه يحاول تبرير ما كان يحدث فى مصر حتى عام ٢٠١١.. قبل أن يتولى القضاء الإشراف على الانتخابات والاستفتاءات فى مصر.. وأصبحت الانتخابات نزيهة والممارسة الديمقراطية تتم بشفافية.. فلم يعد تزوير ولا تصويت للمتوفين ولا الصوت الدوار.
أما الآن ومع تطور وسائل الإعلام وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت، أصبح العالم قرية صغيرة، كل شىء أمامك بالصوت والصورة وفى لحظة حدوثه.. فما يحدث فى أمريكا تتابعه وأنت جالس على المقهى بسهولة ويسر.
أمريكا ليست كما نتصورها فى الشرق وفى دول العالم الثالث الملاك ذو الجناحين.. بل هى شيطان أعظم.. تخدعنا بأشياء تفتقدها فى الواقع والحقيقة.. كل ما تريده أن تسيطر علينا وتحتل عقولنا، بتسويق صورة ونمط الدولة المثالية، الدولة الفاضلة، أرض الأحلام..
أمريكا وتحديداً الإدارة الأمريكية سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية تسوق لنا طوال الوقت هذا النموذج المزيف..
تبيع لنا الوهم بأنها محتكرة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات.. وأنها حارسة لهم، وتخوض المعارك لإقرارها..
تصدر لنا النموذج الأمريكى الملائكى، فهى الجنة.. حتى توهم العالم بقوتها وقدرتها الخارقة.. وتسيطر على عقول الشعوب قبل الدول.
فهى فى يدها مفاتيح الخيروالسعادة.. وتمتلك من القدرات التى لا تتوفر لدول أخرى.. فتهزمنا نفسيا قبل أن تهزمنا فى المعارك إن اضطرت لذلك.
هذه هى حقيقة أمريكا.. حقوق الإنسان منتهكة، والتفرقة العنصرية مازالت ضاربة بجذورها فى المجتمع.. والمظاهرات الأخيرة والمشردون فى شوارعها شاهدون على ذلك.. الشوارع لا أمن ولا أمان فيها.. الإعلام مضلل ومنحاز والفساد منتشر.
يعنى باختصار أمريكا تسوق لنا صورة غير حقيقية.. صورة تبدو فيها جنة الله فى الأرض، وواحة الحالمين.. يقوم عليها ملائكة يحققون أحلام ورغبات من يعيش على أرضها.. فبمجرد أن تطأ قدمك الأرض الطاهرة تقوم الملائكة بتهيئتك وتطهيرك من كل الشرور والتخلف الذى قدمت به من بلدك ليحل محله الخير والسلام والرقى والتقدم.
نسيت أمرا غاية فى الأهمية المرشحين أحدهما يبلغ من العمر 78 عاما وهو الفائز بايدن، والآخر يتجاوز عمره 74 عاما وهو الرئيس الحالى ترامب.. فأين نموذج الشباب الذى كانوا يسوقون له عقب فوز اوباما بالرئاسة.. وأنها دولة لاتعرف عن العنصرية شيئا..
كلها أمور دعائية لتبهرنا بها وبأفعالها، ونصدق أكاذيبها.
هذه هى تناقضات المجتمع الامريكى.. والوجه الذى تداريه امريكا عن العالم أنكشف.. وماتنتقده فى الآخرين أصبح منهجها..
وحتى أكون متسقا مع نفسى فأنا أرى أن هناك شيئا ايجابيا فى هذه الانتخابات.. هو وعى الشعب الأمريكى وحرصه على المشاركة فى الانتخابات لاختيار رئيسه.. وإقباله بكثافة على التصويت.
فى النهاية لقد تابعت هذه الانتخابات بعين الصحفى المهتم وليس المتخصص،.. تابعتها بحيادية تامة ولم أكن منحازا لأى من المرشحين.. على عكس البعض الذى تابعها مؤيدا لمرشح معين.. فى حين ان البعض اهتم بهذه الانتخابات وكأنها تحدث على أرض بلده، اى كأنه شارك فى الاختيار.
أنا أعلم تماما أن أىا من المرشحين سوف يعمل لمصلحة بلده وشعبه الذى انتخبه.. هذا الشعب الذى لايهتم بالعالم الخارجى، ولايشغل باله بالسياسة الخارجية أو كيف تتعامل دولته مع الدول الأخرى.. وانما كل مايشغله هو توافر الخدمات التى تساعده على العيش بسهولة ويسر.. وتوافر عوامل الراحة والسعادة.
أما بالنسبة للرئيس الامريكى مهما كان فهو يتعامل مع العالم من منطلق المصالح المتبادلة.. ومدى قوة الدولة التى يتعامل معها ومكانتها.. فالشىء المهم هو مصلحة دولته.. وعلى هذا الاساس يضع خارطة التعامل، القائمة على المصالح المشتركة مع تغليب مصلحة أمريكا.. ولاتحكمه فى هذه المسألة العواطف والمشاعر.. فالسياسة جامدة لاتعرفهما..
باختصار العلاقات الامريكية مع دول العالم قائمة على المصلحة.. وهذا ما أكده بايدن فى اول خطاب له عقب اعلان فوزه عندما قال «نحن نحارب من أجل روح الولايات المتحدة».. سأعيد بناء العمود الفقرى لهذه الدولة لنستعيد هيبتنا فى العالم كله.. هذا ما يشغل رئيس أمريكا مهما كان أسمه او حزبه.
مقتطفات عابرة
< الناس أنواع.. واتحدث هنا عن الحاقد والكاره والحاسد والمنافق والمريض نفسيا.. أو من يعانى من النقص.. باعتبارهم النموذج السىء من البشر.
مثل هؤلاء نتعرض لهم فى حياتنا كثيرا.. فى كل مكان.. منهم من يعتقد أنه أفضل منك.. ومنهم من لايحبك .. ومنهم من يحاول ان يقلل من شأنك.. ومنهم من يعمل على كسر معنوياتك وعزيمتك وهمتك.. او يهز ثقتك بنفسك.
عليك أن تعلم أن الانسان الذى لاينتقده أو يهاجمه أو يحسده لا وجود له.. فهو فى حكم الميت..
أما من يتناول الآخرون سيرته ويحسدونه أو يحقدون عليه.. او قام البعض بسبه وقذفه، ونشر الشائعات حوله،.. أو يحاولون تدبير حيل شيطانية تنهى عليه دون رحمة.
فهو انسان موجود، حى.. يعمل بجد أمورا تشهد نجاحات وأخفاقات وبالتالى تشهد اخطاؤه انتقادات واختلافات.. ويقابل نجاحه بالحقد والحسد.
< الدنيا لغز صعب.. وحله أنك تصبح جزءا منه.
< سحر المرأة أنها لغز غامض لايستطيع الرجل حله
< عندما يسيطر عليك الحزن والكآبة حاول ان تضحك
< الرياضة ليست إحرازا للبطولات فقط وإنما هى قبل ذلك تربية للنفوس.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة