د.أحمد سالمان الباحث المصرى فى فريق إنتاج لقاح أكسفورد
د.أحمد سالمان الباحث المصرى فى فريق إنتاج لقاح أكسفورد


أحمد سالمان: اعتماد لقاح «كورونا» نهاية الشهر الجارى

حازم بدر

الأربعاء، 11 نوفمبر 2020 - 05:50 ص

» الرهان على انتهاء الوباء بدون لقاح «مخاطرة».. والعالم لن يعود لطبيعته قبل 2022

» حصلنا على موافقات لإصابة متطوعين بالفيروس.. ولا أستبعد وجود محاولات لتعطيلنا
» 2 مليون فيروس يصيب الخفاش واحتمالات انتقالها للبشر واردة

» معارضو اللقاحات ليس لهم حل.. وبعضهم يزعم أنها تسبب التوحد

 


إذا كان من إيجابية لوباء فيروس كورونا المستجد، فقد تكون فى أنه أتاح لنا الاقتراب من طيور مصر المهاجرة، المتخصصة فى واحد من أهم المجالات وهو إنتاج اللقاحات، ومنهم الدكتور أحمد محمود سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات بمعهد إدوارد جينر بجامعة أكسفورد، وابن قسم الكيمياء الحيوية بجامعة عين شمس.
وللدكتور سالمان براءات اختراع عالمية تحمل اسمه فى مجال تطوير اللقاحات، غير أنها لم تكن سببًا للاهتمام بصاحبها إعلاميًا، وجاءت مشاركته ضمن الفريق العلمى لجامعة أكسفورد، العامل على تطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض ( كوفيد - 19 )، ليتم وضعه فى بؤرة الأضواء، ليذكرنا هذا الإنجاز، كم كنا مقصرين فى متابعة طيورنا المهاجرة، لاسيما ذلك الرجل، الذى يعتز دوما بهويته المصرية، حتى أنه أوصانى بأن أضيف للمسمى الوظيفى الخاص به عبارة «ابن قسم الكيمياء الحيوية بجامعة عين شمس».
وبالرغم من انتظاره لقضاء بعض من الراحة خلال إجازته الأسبوعية بعد عمل دءوب يستمر أحيانا حتى منتصف الليل فى معامل معهد إدوارد جينر، إلا أنه لم يبخل على جريدة «الأخبار» بتخصيص ساعة و15 دقيقة من وقت راحته لإجراء حوار بالصوت والصورة عبر تطبيق «زووم» طفنا خلاله حول أهم القضايا المرتبطة باللقاحات بشكل عام ولقاح جامعة أكسفورد على وجه التحديد، باعتباره اللقاح المرشح للاعتماد عالميًا خلال الأيام المقبلة.. وإلى نص الحوار.

 


» دعنى أبدأ معك بالقضية الأحدث فيما يتعلق بلقاح أكسفورد، والمتعلقة بوفاة طبيب برازيلى كان ضمن المشاركين فى تجارب اللقاح، إلى أى مدى تأثرتم بهذه الوفاة؟
- يرد على الفور: لم يكن لهذه الحادثة أى تأثير يذكر على تجارب اللقاح، والتجارب مستمرة إلى الآن بشكل طبيعى فى البرازيل، والسبب أن الطبيب المتوفى المشارك فى التجارب لم يكن من المجموعة التى تلقت اللقاح الحقيقى، بل إنه من المجموعة الضابطة التى تناولت اللقاح الوهمى.


» إذن وفاته فى صالح اللقاح، لأنه لم يحصل على اللقاح الحقيقى؟
يومئ بالموافقة قبل أن يقول: دعنا نقرب الفكرة للقارئ، فالمفترض أن المشاركين فى التجارب ينقسمون إلى مجموعتين، مجموعة تحصل على اللقاح الحقيقى، الذى نهدف لاختباره، ومجموعة أخرى تحصل على لقاح وهمى، وكلتا المجموعتين لا يعرف أفرادهما إن كانوا قد حصلوا على اللقاح الوهمى أو الحقيقى، وذلك بهدف استبعاد أى تأثير للعوامل النفسية.
والمفترض أننا نترك المجموعتين للتعرض بشكل طبيعى للفيروس فى المجتمع، لنرى كيف يحمى اللقاح المجموعة التى حصلت عليه من الإصابة، مقارنة بالمجموعة التى لم تحصل عليه، لذلك أنا أتفق معك فى أن إصابة الطبيب بعد أن تبين أنه من المجموعة التى حصلت على اللقاح الوهمى، فى صالح اللقاح، وليست ضده.


اختبار  الفعالية
» ولكن الضجة التى أثيرت حول هذه الحالة، تعطى مؤشرا أنه حالة ليست متكررة، فكيف اختبرتم إذن فعالية اللقاح؟
بتلهف للإجابة على السؤال، بدا واضحا على وجهه يقول: من الجيد أنك طرحت هذا السؤال، لأن الإجابة عليه هى التطور الذى طرأ مؤخرا فى انجلترا، حيث حصل الباحثون العاملون فى تطوير اللقاحات على موافقات رسمية تتيح لهم إحداث عدوى بالفيروس فى مجموعة متطوعين من الشباب بعد إعطائهم اللقاح، وذلك بهدف تسريع النتائج، لأن أحد الأسباب التى أدت لتأخير اعتماد اللقاح، هو أننا لم نلحظ فرقا كبيرا بين المجموعة الضابطة والمجموعة التى تلقت اللقاح، لأننا عندما بدأنا التجارب فى شهر إبريل كان هناك انحسار للفيروس فى انجلترا، ولهذا السبب قمنا بتوسيع نطاق إجراء التجارب، لتشمل دولا أخرى مثل البرازيل وأمريكا.


» ولكن حسب ما قرأت منذ فترة، أن أكثر من مائة عالم وقعوا على خطاب موجه لمنظمة الصحة العالمية لحثها على إعطاء موافقتها لهذا النوع من التجارب، ولم يحظ طلبهم بالقبول، على أى أساس وافقت انجلترا؟
الموافقة أساسها احصائيات تشير إلى نسب مرتفعة جدا للتعافى بين المرضى من الشباب، وحدوث تقدم فى بروتوكلات العلاج تضمن شفاءهم إلى حد كبير، فضلا عن أنه ستكون هناك مواصفات خاصة فى الأشخاص الذين يتم اختيارهم لمثل هذه التجارب.

 

» ولماذا تم إعلان وفاة المريض البرازيلى، التى تصدرت عناوين صحف ومواقع إخبارية على أنها نكسة للقاح؟
بدهشة بدت واضحة على وجهه يقول: الإعلام هو من وصفها بهذه الأوصاف، والإعلان عن مثل هذه الأحداث مهم ويجب أن يتم فى إطار الشفافية المطلوبة، لكننا نشرنا توضيحا بعد ذلك لما حدث.

 

» ولكن هذه الشفافية مضرة، فالطلقة الأولى التى انطلقت بإعلان الوفاة يظل صداها مستمرا بالرغم من توضيحكم؟
يومئ بالموافقة قبل أن يقول: معك حق، فالأنسب أن يتم إعلان الخبر كاملا مع التوضيح الخاص به، ولكن ربما تؤدى الرقابة المفروضة على الشركة المنتجة للقاح من قبل الحكومات والمنظمات الدولية إلى الإفراط فى الشفافية، بالمبادرة بإعلان أى شيء.. وهذا ليس مقصورا على شركة إسترازينكا المنتجة للقاح أكسفورد، فاللقاح الخاص بشركة (جونسون آند جونسون) توقفت تجاربه أيضا لفترة بسبب مرض غامض أصاب أحد المتطوعين، ولكن الملاحظ أن الأمر لم يأخذ نفس الضجة التى أخذها لقاح أكسفورد، الذى يبدو أنه يتعرض لضغط إعلامى كبير.

 

صراع الشركات
» هل أطمح فى أن تكون صريحا معى فى تبريرك لخلفيات هذا الضغط، فقد يرى البعض أنه بسبب تعويل الناس آمالا كبيرة على لقاحكم، وقد يرى آخرون أن الأمر له علاقة بصراع الشركات على كعكة اللقاحات؟
ترتسم ابتسامة خجولة على وجهه قبل أن يقول: لا أنكر وجود تسليط إعلامى كبير على لقاح أكسفورد كونه اللقاح الأقرب للاعتماد لكى يكون متاحا بصورة عالمية، ولا أستبعد أن تكون هناك شركات من مصلحتها تعطيل لقاح أكسفورد فى إطار التنافس بين الشركات، وذلك بالتركيز على الأحداث الطبيعية التى تحدث مع كل اللقاحات، وإعطائها أبعادا مبالغا فيها.

 

» ألا تتفق معى أن التركيز على مثل هذه الأحداث يدعم التوجه الذى تتزعمه بعض الجماعات الرافضة لفكرة اللقاحات من الأساس؟
ترتفع نبرة صوته قليلا على غير المعتاد وهو يقول: هذه الجماعات ليس لدى حل لإقناعها، لأنها بلا منطق، ومهما حاولت إقناعهم فلن يقتنعوا، وربما يكون إفراط الشركات فى الشفافية وإفراط الحكومات والمنظمات فى الرقابة هدفه تفويت الفرصة عليهم، فأنت تبادر وتعلن أن متطوعا أصيب بمرض، خير من أن يساء استغلال هذا الأمر من جانب هذه المجموعات، التى لايزال بعضها يعتقد أن اللقاحات ستحتوى على شريحة يسهل من خلالها التحكم فى البشر.

 

» من أين جاءوا بهذا الاعتقاد؟
بدهشة بدت واضحة على وجهه يقول: سمعت عن هذا الأمر ولم أصدقه، حتى جاءنى بريد إليكترونى من أحدهم كان ذلك مضمونه، وهؤلاء من الصعب أن تدير معهم حديثا علميا.

 

قصة التوحد
» تقول إن هناك صعوبة فى إجراء حديث علمى معهم، مع إن بعضهم يستند فى رفضه للقاحات على دراسة علمية نشرت فى دورية «لانسيت» ذهبت إلى أن اللقاحات يمكن أن تسبب التوحد؟
تخرج الكلمات من فمه سريعة قائلا: هذه دراسة أجراها طبيب بريطانى، وشابها بعض المغالطات التى تسببت فى صدور حكم بسجنه، مما دفعه للسفر إلى أمريكا وطلب اللجوء السياسى، ورغم أن هناك دراسة أجريت على 300 ألف شخص أثبتت أن ما جاء فى هذه الدراسة غير دقيق علميا، إلا أنها لاتزال رائجة بين معارضى اللقاحات، وقد عبرت باحثة أمريكية إلتقيتها فى أحد المنتديات العلمية الافتراضية مؤخرا عن قلقها من تنامى هذه المجموعات فى أمريكا، حتى أن هناك استطلاعا للرأى أجرى هناك مؤخرا حول الاستعداد للتلقيح بعد اعتماد اللقاحات الخاصة بالفيروس، فكانت النتيجة الصادمة أن 47 % لا يريدون الحصول على لقاح.

 

الوزيرة واللقاح
» هل يمكن تفسير ظهور وزيرة الصحة المصرية د. هالة زايد وهى تأخذ اللقاح أمام الكاميرات كرد عملى على هذه المجموعات الرافضة للقاحات، بالرغم من أن بعض الباحثين رأوا فى هذه الخطوة إجراء غير علمى؟
ترتسم ابتسامة خجولة على وجهه قبل أن يقول: علميا يجب أن تكون هناك سرية تامة حول الأسماء المشاركة فى تجارب اللقاحات، وليس من المفترض كما قلنا سابقا ألا يعرف المشارك بالتجارب إن كان يتناول اللقاح الحقيقى أم الوهمى، ولكن فى رأيى فإن هذه الخطوة من جانب الوزيرة لها ظروف معينة، وهى حث الناس على المشاركة فى التجارب، كرد عملى على مجموعات ترى فى اللقاحات مؤامرة كونية.

 

» إذن يمكن وصفه بأنه «تجاوز علمى مقبول»؟
يومئ بالموافقة قبل أن يقول: بالضبط يمكن وصفه كذلك، فالفائدة أكثر من الضرر، ويمكن التحايل على أضراره، بأن الشخص الذى سيتعامل مع العينة التى ستأخذ من الوزيرة بعد فترة من تناول اللقاح لا يعرف إن كانت خاصة بها أو بغيرها، فالمفترض أن كل ما يعنيه فى العينة هو قياس الأجسام المضادة التى تتولد نتيجة الحصول على اللقاح.

 

» من الأخبار المقلقة حيال اللقاحات، ما جاء فى تقرير لعالم أمريكى نشرته المجلة الطبية البريطانية، ذهب فيه إلى أن تجارب بعض اللقاحات بها عوار كبير، لاسيما فى أنها لم تدخل ضمن شرائح الاختبار كبار السن، الذين هم من الفئات ذات الأولوية فى الحصول على اللقاحات، فما ردك على ما جاء بهذا التقرير؟
تبدو علامات التعجب والدهشة على وجهه قبل أن يقول: فيما يخص لقاح أكسفورد فإن تجارب المرحلة الثالثة ضمت شرائح من كبار السن (من 60 إلى 70 عاما) و(أكثر من 70 عاما)، وهذا شرط أساسى حتى تتمكن من توزيع اللقاح على كبار السن، وهى الفئة الأكثر احتياجا.

 

» ولكنه أشار فى مقاله إلى لقاح شركة (موديرنا) على وجه الخصوص؟
أى لقاح تكون تجاربه فى المرحلة الأولى والثانية على الفئات الأصغر عمرا، وإذا أثبت كفاءة مع تلك الفئات يتم تضمن الفئات الأكبر سنا فى تجارب المرحلة الثالثة، وإذا لم يتم تضمين هذه الفئة فسيكون الاعتماد الذى يصدر للقاح مقصورا على الفئة العمرية التى شملتها التجارب.

 

اعتماد لقاح أكسفورد
» على ذكر اعتماد اللقاحات، متى يعتمد لقاح أكسفورد؟
نتائج المرحلة الأولى والثانية من التجارب السريرية كان من المفترض إعلانها فى شهر مايو، وتأخرت إلى 20 يونيو، وكان من المفترض إعلان نتائج المرحلة الثالثة فى أكتوبر، ولكنها تأخرت قليلا وستعلن خلال أيام، وبناء على نتائج هذه المرحلة سنطلب اعتمادا للقاح فى انجلترا، وأعتقد أن ذلك سيكون خلال شهر نوفمبر الجارى.

 

» إذا كنتم ستحصلون على الاعتماد بناء على نتائج المرحلة الثالثة، فلماذا ستجرون تجارب جديدة بحقن متطوعين بالفيروس، كما قلت فى بداية الحوار؟
يطلق تنهيدة عميقة استعدادا لإجابة طويلة قبل أن يقول: فى التجارب التقليدية كما قلت لك سابقا، أنت تحقن مجموعتين، إحداها باللقاح الحقيقى والأخرى باللقاح الوهمى، ثم تتركهم للتعرض الطبيعى للفيروس، ولكن إذا افترضنا أن الشخص الذى حصل على اللقاح كان أكثر استهتارا، فلم يحافظ على الإجراءات الوقائية التقليدية، بينما كان الشخص الذى حصل على اللقاح الوهمى كان أكثر حرصا، فمن الوارد حينها أن يصاب الشخص الذى أعطى اللقاح بالفيروس، ولا يصاب الشخص الذى حصل على اللقاح الوهمى، إذا كانت نسبة الحماية التى يعطيها اللقاح 50 % مثلا، وبالمناسبة لا يوجد لقاح يمنح حماية 100 %، وبالتالى سنحصل على نتائج غير دقيقة.
ولكن مع تجارب حقن المتطوعين بالفيروس بعد تلقيحهم، فأنت فى هذه الحالة تضمن أن تعطى المجموعتين نفس الحمل الفيروسى، وبالتالى تستطيع أن تحصل على نتائج أكثر دقة عن نسبة الحماية التى يمنحها اللقاح.


» أفهم من ذلك أنها ستكون تأكيدا للنتائج التى توصلتم إليها؟
بالضبط، لأن المجموعتين ستتعرضان لنفس الظروف، وبالتالى سنحصل على نتائج شبه قاطعة حول نسبة الحماية.

 

مصر ولقاحات كورونا
» وهل مصر من الدول المرشح استفادتها من لقاح أكسفورد؟
لم يحدث اتفاق بين الحكومة المصرية وشركة استرازينكا المنتجة للقاح، ولكن ما سمعته من وزيرة الصحة المصرية فى تصريحات متلفزة أن مصر ستحصل على 30 مليون جرعة من لقاح أكسفورد، وأعتقد أن ذلك سيكون من خلال التحالف العالمى للقاحات «جافى»، ولكن متى سيحدث ذلك، لا أظن أنه سيكون فى القريب العاجل، لأن الأولوية ستكون للدول التى وقعت اتفاقيات بشكل مباشر مع شركة استرازينكا.

 


» ربما تكون هذه الجرعات التى تحدثت عنها الوزيرة سيأتى استخدامها فى وقت لاحق، وستكون الأولوية للقاحات أخرى صينية، وهذا يقود لسؤال: هل من الوارد أن يكون بالدولة الواحدة أكثر من لقاح لوباء واحد؟
يرد على الفور: لا يوجد ما يمنع ذلك، ففى انجلترا مثلا يوجد أكثر من لقاح للإنفلونزا، بعضها يعتمد على المادة الوراثية، والبعض الآخر يعتمد على الفيروس الخامل، ويمكن لمن يرغب فى الحصول على اللقاح اختيار أيهما.
 

 

» ولكن فى حالة وباء مثل كورونا، ألا يمكن أن يسبب وجود لقاحين اضطرابا للأنظمة الصحية، فى حال كانت بعض اللقاحات تمنح المناعة من جرعة واحدة وأخرى تحتاج إلى جرعتين؟
يومئ بالرفض قبل أن يقول: المفترض أنك تذهب للخيار المتاح أمامك، فإذا كان لقاح أكسفورد مثلا يعطى مناعة بنسبة أفضل من جرعة واحدة، ولكنه غير متاح الآن، فليس من الحكمة إغفال الخيارات الأخرى لحين توفر لقاح أكسفورد، حتى لو كانت تمنح مناعة أقل.

 


» وهل حسمتم هذا الأمر بالنسبة للقاح أكسفورد وحددتم إن كان سيمنح الحماية من جرعة واحدة أم جرعتين؟
وفقا للدراسة التى نشرتها دورية «لانسيت» فى 20 يوليو الماضى، فإن الأجسام المضادة التى تولدت لدى المتطوعين الذين حصلوا على اللقاح، كانت بنفس نسبة الأجسام المضادة التى تولدت لدى القرود عند إعطائها اللقاح ثم إصابتها بالفيروس، وهذا مؤشر إلى أن نسبة الأجسام المضادة التى تشكلت كافية لإعطاء حماية تصل إلى 70 % من جرعة واحدة، ولكن إذا أردنا زيادة نسبة الحماية فيمكن الحصول على جرعة ثانية.


وهناك عامل آخر مؤثر فى الحماية من الصعب تقديره رقميا، وهو الخلايا التائية القاتلة، والتى يستدل على كفاءتها بعد أن يصاب الشخص بالفيروس، وربما تساعد تجارب إصابة المتطوعين بالفيروس التى حصلنا على موافقات لإجرائها فى الحصول على صورة واضحة حول مدى كفاءتها.


انتهاء الوباء بدون لقاح
» وإلى أى مدى يمكن أن تستمر الأجسام المضادة التى يولدها اللقاح فى الجسم؟
من الصعب إعطاء إجابة قاطعة الآن، ولكن ما أستطيع قوله إن المتطوعين الذين بدأوا معنا التجارب فى شهر إبريل الماضى لاتزال لديهم بعد نحو ستة أشهر نسبة عالية من الأجسام المضادة توفر الحماية من الإصابة بالفيروس، ولكن إلى أى مدى يمكن أن تستمر هذه الأجسام المضادة، فهذا الأمر يحتاج إلى متابعة دورية للمتطوعين.
 

 

» بينما يبدو العالم مشغولا باللقاح وتطوراته، هناك فريق يرى أن ما تفعلونه فى أكسفورد ليس له قيمة ويعول على انتهاء الوباء بدون لقاح، مثلما حدث مع الإنفلونزا الإسبانية.. فما ردك على هؤلاء؟
يطلق تنهيدة عميقة مصاحبة لملامح وجه أصبحت متحمسة قبل أن يقول: الوباء حتى ينتهى هناك طريقان، الأول يكون باختفاء الفيروس أو حدوث تحور يضعف من قوته ويجعله غير قادر على إصابة البشر، والثانى عن طريق مناعة القطيع، التى تكون بمثابة حائط صد أمام الفيروس للحد من انتشاره.
والطريق الأسهل لتكون مناعة القطيع، يكون بإعطاء اللقاح للبشر، حيث يولد اللقاح الأجسام المضادة التى تحمى من الفيروس، وتمنع انتقاله من شخص لآخر، أما الطريق الأطول الذى يعول عليه معارضو اللقاحات هو تكون مناعة القطيع عن طريق ترك البشر للتعرض الطبيعى للفيروس بدون لقاح، ليتمكن أصحاب المناعة القوية من تجاوز الإصابة وتكوين أجسام مضادة تكون حائلا أمام انتشار الفيروس، ولكن هذا الطريق ينطوى على مخاطرة كبيرة، لأن أصحاب المناعة الضعيفة سيلقون حتفهم بالملايين، كما حدث فى وباء الإنفلونزا الإسبانية، حيث تشير التقديرات إلى وفاة 50 مليون شخص.

 

» قد يرد عليك معارضو اللقاحات، بأن الفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) والآخر المسبب لمرض (سارس) انتهيا بدون لقاح...
انتهاؤهما كان بسبب طفرة كبيرة حدثت بالفيروسين، ثم إن قدرتهما على الانتشار كانت ضعيفة جدا مقارنة بفيروس كورونا المستجد، فالفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط من النادر جدا انتقاله من إنسان لإنسان، وكان المسار الرئيسى لانتشاره هو انتقاله من الإبل إلى البشر.

 

عالم ما قبل كوفيد ١٩
» رغم الجهود المبذولة لاعتماد لقاحات، والتى يبدو أنها ستؤتى ثمارها قريبا، إلا أن هناك من يقول إن الحياة لن تعود إلى طبيعتها قريبا، فإلى أى مدى توافق على ذلك؟
يومئ بالموافقة قبل أن يقول: ليس معنى اعتماد لقاح أن العودة باتت قريبة لما قبل الوباء، فدورة إنتاج اللقاح تستغرق حوالى ستة أشهر، وعندما يعطى البشر اللقاح، لابد من الانتظار فترة من الوقت حتى تتكون الأجسام لمضادة التى تحمى من الفيروس، لذلك فإن تلقيح من 60 إلى 70 % من سكان العالم، حتى تتكون مناعة القطيع التى تسمح باستئناف الحياة بصورة طبيعية، قد يستغرق وقتا طويلا لن يقل بحسب التقديرات المتفائلة عن نهاية 2022، فى حال تم اعتماد أكثر من لقاح.
وأحب أن أشير هنا إلى أنه بدون تلقيح هذه النسبة من سكان العالم، فإن نجاح الدول منفردة فى تأمين اللقاحات لسكانها لن يكون مجديا، لأنه ما لم يكن التلقيح عالميا، فلن تستأنف الدول حركة الطيران بصورة طبيعية فيما بينها.

 

» وهل سيكون اللقاح موسميا مثل الإنفلونزا؟
يشير بإصبعيه السبابة والوسطى قبل أن يقول: تحديد هذا الأمر يعتمد على عنصرين، الأول له علاقة باللقاح ومدة فعاليته، والثانى له علاقة بالفيروس وهل سيتحور أم سيظل كما هو.. وبالنسبة للعنصر الأول من المبكر جدا معرفة مدة الحماية التى سيمنحها اللقاح، فنحن بحاجة إلى قياس كمية الأجسام المضادة التى تولدت لدى من يحصل على اللقاح كل فترة لمعرفة مدة الحماية التى يمنحها، أما بالنسبة للعنصر الثانى فالمؤشرات المبدئية تشير إلى أن تحورات الفيروس ضعيفة جدا، لأن الفيروس يعتمد فى اقتحامه للخلايا البشرية على بروتين يسمى «سبايك»، والذى توجد له مستقبلات فى الخلايا البشرية، ولذلك إذا حدث أى تحور كبير فى هذا البروتين الذى يمنح الفيروس شكله التاجى المميز، فعندها يكون الفيروس قد أضر نفسه، ويفقد عندها القدرة على إصابة البشر.
 

 

» سأكون متفائلا وأفترض أننا نجحنا فى تجاوز هذا الوباء، فهل البشرية معرضة لوباء آخر؟
يرد على الفور: بالتأكيد، فالعالم من عام 2000 وحتى عام 2014 شهد ظهور سبعة فيروسات كادت تتحول إلى أوبئة، وهى 3 أنفلونزا (خنازير - طيور - موسمية)، وفيروسات سارس وميرس وزيكا وإيبولا، بمعدل فيروس كل عامين، لذلك فإن احتمالات ظهور فيروس آخر تظل قائمة.

 

» وما الحل من وجهة نظرك لتقليل فرص حدوث وباء مستقبلى؟
الحل الأساسى هو وضع قيود صارمة على تعامل الإنسان مع الكائنات الأخرى الموجودة فى الطبيعة، وتغيير العادات الغذائية التى تعتمد على كائنات غير تقليدية، فمثلا تشير دراسات إلى وجود 2 مليون فيروس تصيب الخفاش، ومثل هذه الفيروسات لا يوجد لدى البشر مناعة ضدها، وبالتالى إذا وجدت طريقا لإصابة البشر عن طريق العثور على مستقبل لها فى الخلايا البشرية، يمكن أن يتحول إحداها إلى وباء.
كما يجب الاهتمام بأن يكون لدى الدول فرق بحثية وطبية قادرة على اكتشاف مثل هذه الفيروسات الغريبة مبكرا، وإعطاء الأولوية للصحة والبحث العلمى فى الميزانيات، لأن الصحة إذا دمرت، فلن يكون هناك العامل البشرى القادر على تنفيذ أى مشروعات بالمجالات الأخرى.

 

فيروسات كورونا الأخرى
» على النقيض من الفيروسات التى لا يكون للبشر مناعة ضدها، هناك دراسة أحب أن أعرف رأيك فيها، تشير إلى أن فيروسات كورونا الأخرى الشائعة بين البشر والتى تسبب نزلات البرد، يمكن أن تمنح المتعافين بعد الإصابة بها مناعة ضد فيروس كورونا الجديد؟
يصمت لوهلة قبل أن يقول: الاختلافات بين فيروسات كورونا تكون فى تركيبة بروتين (سبايك) الذى يمنحها الشكل التاجى المميز، وهذا هو أهم بروتين، ولكن يمكن أن يكون هناك تشابه بينها فى البروتين المسئول عن تحويل المادة الوراثية للفيروس من الـ «آر إن إيه» إلى «الدى إن إيه»، فإذا كان فى أجسامنا مناعة ضد هذا البروتين، فعلميا من الممكن أن تمنح هذه المناعة بعض الحماية، ولكن مدى قوتها وفعاليتها تحتاج إلى دراسة أعمق، واختصار يمكن القول إجابة على سؤالك، إنه من الناحية العلمية ممكن، ولكن لا يجب التعويل كثيرا على ذلك.

 


» فى إطار نفس الفكرة، أختم الحوار بسؤال حول مدى اتفاقك أو اختلافك مع أبحاث تشير إلى أن لقاح الإنفلونزا الموسمية يمكن أن يوفر حماية من فيروس كورونا المستجد؟
يشير بإصبع الإبهام مبديا إعجابه بأن يكون هذا السؤال هو الختام، قائلا: من الجيد أنك طرحته ليكون فرصة للتوضيح أن لقاح الإنفلونزا يحفز جهاز المناعة بشكل عام، كما يحفز مناعة الغشاء المخاطى، لذلك فإنه قد يعطى مناعة غير متخصصة، ربما تكون لها فائدة فى مقاومة فيروس كورونا المستجد، ولكن لا يجب التعويل على ذلك بشكل كبير، وإن كنت أنصح بضرورة أخذ هذا اللقاح هذا العام لسببين آخرين بالإضافة لهذا السبب، الأول أن هناك تخوفا فى الأوساط العلمية أن انفلونزا هذا العام ستكون شديدة، لأنها كانت كذلك فى نصف الكرة الجنوبى، والثانى أن اجتماع فيروس الإنفلونزا وكورونا فى شخص واحد قد يسبب خطرا كبيرا على حياته.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة