كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

اللواء ياسر عصر

كرم جبر

الأربعاء، 18 نوفمبر 2020 - 06:25 م

فى فرنسا لقى أحد ضباط مكافحة الحرائق مصرعه، وهو يطفئ حريقاً فى مدرسة أطفال، فأصبح بطلاً قومياً وطبعوا صورته على تشيرتات الأطفال والأقلام والكراسات، وتناولوا سيرته فى المدارس.
لأن البطولة تحفز على مزيد من الأعمال العظيمة، والنشء يبحث دائماً عن مثل أعلى أو قدوة يتباهى بها ويقتفى أثرها، وما أجمل أن تكون التضحيات بهذا القدر من الشهامة والشجاعة.
الشباب هم الأكثر مشاهدة لمسلسلات رأفت الهجان والاختيار والممر، لأنها تبث فى نفوسهم روح الشجاعة، وكانت متعة الأجيال هى الحكايات البطولية التى يقصها عليهم الآباء والأجداد.
تغير الموقف وأصبح الشباب يقتفون أثر ألعاباً على الكمبيوتر تمتلئ بنوازع والكراهية، مثل المعلمة الشريرة والرعب الخطير، وألعاباً تقتل المراهقين مثل الحوت الأزرق والبوكيمون وجنية النار وتحدى شارلى وغيرها.
لا تستغرب إذا رأيت مراهقاً يقتل معلمته بخنجر حاد، أو ينتحر من الدور العاشر أو يتفنن فى إيذاء زملائه، فهذا ما يتعلمه من العالم الغامض والفضاء الفسيح البعيد عن المراقبة والمتابعة، فيفاجأ الآباء بما لا يحمد عقباه.
تذكرت ذلك وأنا أتابع قصة البطل اللواء ياسر عصر الذى ضحى بحياته أثناء إطفائه حريقا فى محطة مترو مسرة فى شبرا، عندما سقط فى هواية المترو أمام ذهول الجميع.
الضابط الشجاع أصر أن يتقدم الصفوف بنفسه، ولم يدفع بالجنود كدروع بشرية لحمايته، وتدخل لمنع تسلل النيران وانتشارها وإنقاذ المحطة من كارثة محققة، وأدى واجبه العظيم حتى النهاية.
لم يكن ياسر عسر ضابطاً عادياً أو رتبة صغيرة ولكنه لواء ووكيل الإدارة العامة للنقل والمواصلات، وترك قصة رائعة للتضحية والفداء، يجب أن تكون نموذجاً وقدوة أمام المصريين، ليعلموا أن أبناءهم أبطال، لا يبخلون بأرواحهم.
وتأتى من بعيد أصوات الغربان والذئاب فى قنوات الغل والحقد والكراهية والخيانة فى قطر وتركيا، لتضفى على المشهد العظيم لطماً وندباً ونحيباً، ليس حزناً على الشهيد، ولكن غلاً وشماتة.
شتان بين من يفتدى بلده، أياً كان ميدان المعركة، وبين من يتآمر عليها ويضع يده فى أيدى أعدائها والمتربصين بها، ومن يستحقون أن يودعوا بنياشين الفخر والبطولة، ومن يحكمون على أنفسهم بالخزى والعار.
>>>
أمريكا التى كادت أن تسقط تحت ضربات الإرهاب فى أحداث 11 سبتمبر، ربما استوعبت بعد ذلك استراتيجية مصر الثابتة بأن الإرهاب يستهدف الإنسانية، ولا وطن له ولا دين، عكس ما كانت تعتقده أمريكا.
وأسوأ فترات العلاقات المصرية - الأمريكية، حين تصور حكام «الفوضى الخلاقة»، أن ربيعهم يمكن أن يأتى لدول وشعوب المنطقة بالديمقراطية، فانقلبت «جنة» ديمقراطيتهم إلى «جهنم»، وتركوا المنطقة فى أتون حروب دينية تأتى على الأخضر واليابس.
لم تعد مصر قبل 25 يناير هى ما بعدها، اختلفت الأمور، وسقطت نظريات ومفاهيم، وحلت «أوراق جديدة» على أرض الواقع.
أهمها: لم تسقط مصر فى دوامة «الجحيم العربي»، لأن إرادة شعبها تغلبت على الفتن والمؤامرات.
وأهمها: مرحباً بالتعاون مع حاكم أمريكا الجديد، إذا رفع شعار احترام الكرامة الوطنية المصرية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة