آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

جذور الكراهية

آمال عثمان

الجمعة، 27 نوفمبر 2020 - 08:13 م

الجرائم الدموية التى ترتكبها الجماعات الإرهابية، جعلت جذور الكراهية للإسلام تواصل ازدهارها فى الغرب، وعملتْ على ترسخ صورة مشوهة رسموها للإسلام منذ العصور الوسطي، تزعم أن النبى محمد (صلي الله عليه وسلم» أرسى دين عنف، يمجّد الحرب والقتل ويستخدم السيف لفتح العالم!!
 وهذا ما جعلنى أسترجع كتاب الباحثة البريطانية «كارين أرمسترونج» الذى يستعرض جذور الكراهية، وتاريخ العداء الغربى للإسلام ورسوله فى العصور الوسطي، وأسبابه ودوافعه السياسية. فلم يحدث أن واجه الغرب تحديا مستمرا من دولة أو منهج فكرى مثلما واجهه من الإسلام، فحين نشأت الإمبراطورية الإسلامية فى القرن السابع للميلاد، كانت أوروبا لاتزال منطقة متخلفة، وامتدت الفتوحات الإسلامية بسرعة إلى معظم بقاع العالم المسيحى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فشعر المسيحيون أنهم أمام خطر داهم وأن الله تخلى عنهم، وحينما خرجت أوروبا من العصور المظلمة، ظل الخوف القديم مستمرا مع توسع الامبراطورية الاسلامية، وفشل المشروع الصليبي، ووصول الأتراك العثمانيين إلى أعتاب أوروبا.
وترى أن المسيحيين الغربيين لم يجدوا وسيلة لتفسير الرؤية الدينية المقنعة التى أتى بها محمد رسول الله، إلا بإنكار الوحى والتعامل مع الإسلام كبدعة، وأتباعه كفرقة خارجة على المسيحية، بل أصبح اسم الرسول الكريم الذى حرفوه إلى «ماهوميت» بمثابة «بعبع» مخيف للناس، حتى أن الأمهات استعملنه لتخويف أطفالهن العاصين، وامتدت تلك الصورة السلبية الزائفة حتى اليوم فى الغرب، ولم يعد هناك ما يمنع الناس من مهاجمة الدين الإسلامى حتى لو كانوا لا يعرفون عنه إلا القليل!! وأدت فتوى قتل سلمان رشدى إلى استرجاع تلك الصورة القديمة للذهنية الغربية، خصوصا بعد تفجر مذابح الجماعات الإرهابية الأصولية، مما دفع الراهبة الكاثوليكية المتخصصة فى مقارنة الأديان لتأليف هذا الكتاب عام 1992، وأخذت على عاتقها تقديم الصورة الحقيقية لنبى الإسلام فى الغرب، من خلال كتب «سيرة النبى محمد» و «محمد نبى لزماننا» بعد هجوم 11 سبتمبر، و«حقول الدم: الدين وتاريخ العنف» بعد هجمات باريس.
وفى كتابها تتوقف الكاتبة أمام بعض المفكرين المسلمين الذين أساءوا فهم جهاد الرسول (صلي الله عليه وسلم)، فنسبوا إليه ما هو بريء منه من عنف، وشوهوا حياته والدين الذى جاء به، كما دافعت عن بعض الألغام التى وردت فى التراث الإسلامي، مثل روايات قتل أسرى بنى قريظة، وزواج النبى من زينب بنت جحش، وشككت فى رواية الغرانيق، التى اعتمدت عليها «آيات شيطانية»، وأشارت إلى أن القرآن هو معجزة النبى الوحيدة، وقامت بتفسير شق الصدر والغمامة وغيرهما من المعجزات الواردة فى التراث بتفسيرات تبريرية مقارنة.
 وللحديث بقية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة