لقاحات كورونا الصعبة على علماء العالم
لقاحات كورونا الصعبة على علماء العالم


أجابوا على معظمها ورأوا أن بعضها يحتاج لمزيد من الدراسة

«الأخبار» تطرح أسئلة لقاحات «كورونا» الصعبة على علماء العالم

حازم بدر

السبت، 12 ديسمبر 2020 - 10:25 م

بدأت أكثر من دولة حول العالم حملات تطعيم واسعة بلقاحات كورونا، بهدف تشكيل ما يعرف بـ «المناعة المجتمعية»، التى يمكن أن تقى مواطنيهم من الفيروس، الذى مضى على ظهوره قرابة العام، وتسبب فى خسائر اقتصادية فادحة.. وبينما بدأ العالم يتنفس الصعداء مع بدء حملات التطعيم، التى توصف بأنها «بارقة أمل» فى نهاية قريبة لهذا الفيروس، ظهرت تقارير تشير إلى بعض الآثار الجانبية لبعض اللقاحات، الأمر الذى دعم اتجاها يتصاعد عالميا، يميل أصحابه إلى التشكيك فى جودة اللقاحات، ويرون أن «المناعة المجتمعية»، يمكن أن تتحقق بطريق آخر غير اللقاح، وهو تكون أجسام مضادة للفيروس لدى نسبة كبيرة من السكان نتيجة الإصابة بالفيروس ثم الشفاء منه.. ويميل أصحاب هذا الاتجاه - أيضا- إلى تبرير وجهة نظرهم الرافضة للقاحات بأن هناك الكثير من الأسئلة التى لم تجب عنها الفرق البحثية العاملة على اللقاحات، مثل تفسير عودة الإصابة بالفيروس لبعض الأشخاص الذين شفوا منه، وهل يمكن أن يحدث ذلك - أيضا - بعد تناول اللقاح، على اعتبار أن الإصابة الأولى بالفيروس، تنتج أجساما مضادة، أشبه بتلك التى ينتجها اللقاح، كما لم يجيبوا أيضا على التخوف من أن الإصابة بسلالة جديدة من الفيروس غير تلك التى استُخدمت فى إعداد اللقاح، يمكن أن تسبب أعراض عدوى شديدة لمن تلقوا اللقاح، كما يحدث فى حمى الضنك.
 

«الأخبار» من جانبها جمعت هذه الأسئلة وغيرها، ووجهتها لعلماء متخصصين بالوبائيات واللقاحات وعلم النفس بدول بلجيكا وهولندا وبريطانيا وجنوب إفريقيا، بحثا عن إجابات.

 

د. ميهاى نيتيا الأستاذ بجامعة رادبود بهولندا:

عودة الإصابة بعد الشفاء ليست مبرراً للتشكيك

 

لم يعطنا د. يوهان نيتس، أستاذ اللقاحات بمعهد ريجا ببلجيكا، إجابة قاطعة حول دور لقاح السل،ونصحنا بالتوجه إلى الدكتور ميهاى نيتيا، من جامعة رادبود بهولندا، والذى أجرى دراسات حول لقاح السل، بما يجعله الشخص الأكثر قدرة على الإجابة، ونحن بدورنا لم نفوت الفرصة وتوجهنا ببعض الأسئلة للدكتور نيتيا عن لقاح السل، كما رأينا أن نستفد من فرصة التواصل معه باستطلاع رأيه فى بعض الأسئلة الأخرى وإلى نص الحوار.


> إلى أى مدى تتفق مع ما يقال عن أن الدول الإفريقية لم تشهد إصابات ووفيات عالية بسبب كورونا، لأن لقاح السل مشمول فى اللقاحات التى تعطى لمواطنيها؟
من الصعب قول ذلك، ما أفهمه هو أن لقاح السل له تأثيرات وقائية غير محددة لمدة 3-5 سنوات، وليس مدى الحياة، وبالتالى من غير المحتمل أن يكون هذا هو السبب الرئيسى فى قلة عدد الإصابات، لكن لا يمكننا استبعاده تمامًا.

 

> هل الحديث عن فوائد لقاح السل يجعل لقاح كورونا الذى يتم تطويره فى استراليا بالاعتماد على لقاح السل الخيار الأفضل والأسلم؟
نحتاج إلى انتظار نتائج التجارب السريرية الجارية حول هذا اللقاح، قبل أن نكون قادرين على استنتاج ما إذا كان فعالا أم لا.

 

> هناك من يعول على انتهاء الوباء بدون لقاح من خلال تكوين ما يسمى بـ « مناعة القطيع» فماذا ترد عليهم؟
أعتقد أن هذه مخاطرة كبيرة؛ لأن ذلك سيكلف العالم خسارة عدد كبير من البشر، الذين سيلقون حتفهم بسبب المرض الذى يسببه الفيروس.

 

> وهناك أيضا من يعتقد أن الوباء يمكن أن ينتهى بطفرة تسبب وجود سلالة ضعيفة من الفيروس، كما حدث مع الإنفلونزا الإسبانية عام 1920، فإلى أى مدى يمكن أن يحدث ذلك؟
نظريا من الممكن أن يؤدى التطور إلى سلالة أضعف من الفيروس، لكن لا يمكننا التعويل على ذلك، والانتظار طويلا حتى يحدث، لذلك نحتاج إلى حماية أنفسنا وتطوير لقاحات فعالة.

 

> من الأسئلة المهمة المثارة الآن، هل يحصل الشخص الذى أصيب بفيروس كورونا وتم شفاؤه منه على لقاح أم لا؟
لا أملك إجابة عن هذا السؤال، ويجب أن تعطى السلطات الصحية هذه الإجابة بناءً على مزيد من الدراسات.

 

> من المخاوف التى تثار بشأن فعالية اللقاحات، هو وجود احتمالية للإصابة بالرغم من الحصول على اللقاح، مثلما حدث مع أشخاص تعافوا من المرض وتشكلت لديهم أجسام مضادة، كالتى سيشكلها اللقاح، ثم عاودتهم العدوى مرة أخرى، إلى أى مدى توجد مبررات معقولة لهذا التخوف؟
حالات الإصابة مرة أخرى نادرة، لذلك، فإنها ليست سببا للتشكيك فى اللقاحات.

 

> هل صحيح أن الإصابة بسلالة جديدة من الفيروس غير تلك التى استُخدمت للقاح يمكن أن تسبب أعراض عدوى شديدة لمن تلقوا اللقاح، كما يحدث فى حمى الضنك؟
لا توجد بيانات تدعم مثل هذا السيناريو فى الوقت الحالي، ولا يتوقع حدوث ذلك بناءً على الدراسات الحالية مع اللقاحات الجديدة.

 

> هل سيكون اللقاح هو الحل السحرى للقضاء على الوباء، أم سنحتاج إلى الانتظار فترة بعد التطعيم حتى تظهر فعاليته؟
من المحتمل أن يكون هناك ما لا يقل عن نصف عام إلى عام واحد حتى يتم تطعيم عدد كافٍ فهناك حاجة إلى تطعيم 60-70٪ من المجتمع، لتحقيق المناعة المجتمعية.

 

د. يوهان نيتس رئيس الفريق البحثى بمعهد ريجا ببلجيكا :

مناعة لقاح السل شاملة ولا دليل على أنها تحمى من كوفيد١٩

كانت البداية مع الدكتور يوهان نيتس، أستاذ اللقاحات بمعهد ريجا ببلجيكا، والذى يقود - حاليا- فريقا بحثيا كبيرا بالمعهد، يعمل على تطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد، يعتمد بشكل أساسى فى تصميمه على لقاح الحمى الصفراء، بما يجعل هذا اللقاح الذى تمت تجربته على فئران التجارب، ونشرت دراسة تفصيلية عنه فى الأول من ديسمبر بدورية «نيتشر»، مفيدا فى الوقاية من كورونا والحمى الصفراء على حد سواء.

 

ويحمل اللقاح المنتظر العديد من المزايا فى السعر والتخزين، والتى ربما تجعله مرشحا للتداول عندما يتجاوز التجارب السريرية، ولكن المثير هو استخدامه للقاح قديم، وهو لقاح الحمى الصفراء، لتطوير آخر جديد ضد كورونا، وهو ما يجعل الدكتور نيتس الشخصية المناسبة للإجابة عن استفسارات تتعلق بمدى توفير بعض اللقاحات القديمة التى توجد فى برامج التطعيم ببعض الدول حماية لمواطنيها ضد فيروس كورونا، وما مدى صحة ما يتردد عن أن وجود لقاح السل ضمن برامج التطعيم فى بعض الدول الإفريقية، هو السبب فى قلة عدد الإصابات والوفيات بعدد من الدول.. وإلى نص الحوار.

 

> بما أن لقاحك مبنى على لقاح «الحمى الصفراء»، فهل يمكن للقاح الحمى الصفراء دون تعديلات أن يكون مفيدا فى توفير درجة من الحماية ضد الفيروس؟
بالقطع، لا يمكن أن يتسبب لقاح الحمى الصفراء غير المعدل فى الحماية من فيروس كورونا، المسبب لمرض (كوفيد - 19).

 

> ولكن هناك تحليلات ربطت بين انخفاض عدد الوفيات والإصابات فى إفريقيا ووجود لقاح السل ضمن التطعيمات التى تُعطى للأطفال، فإلى أى مدى تتفق مع هذه الرؤية؟
نعم هذا أمر مثير للاهتمام، فالمعروف أن لقاح السل يسبب ما يسمى بـ «المناعة المدربة»، وهناك بعض الأدلة - ولكنها أقل قوة - على أن التطعيم ضد الحمى الصفراء أيضًا قد ينتج عنه بعض المناعة المدربة، ولكن إلى أى مدى يمكن أن تكون هذه المناعة المدربة مفيدة فى الوقاية من عدوى كورونا، فهذا أمر لم يتم الجزم به، ويمكنك التواصل مع أحد الخبراء فى هذا الأمر، وهو البروفيسور نيتيا من جامعة أوتريخت بهولندا، والذى له دراسات حول لقاح السل.

 

> وما المقصود بـ «المناعة المدربة»؟
«المناعة المدربة»، هو مصطلح ظهر لأول مرة فى عام 2011 على يد علماء من هولندا، اكتشفوا أنه من الممكن تطوير الجهاز المناعى الفطرى -وهو نظام مناعى أساسى فى الجسم- وتعديله لكى يقوم بتكوين ذاكرة مناعية، بحيث يتعرف بسرعة على مُسببات الأمراض التى تهاجم الجسم، أيا كان نوعها.

 

> بما أن لقاحكم فى معهد ريجا يعتمد على لقاح «الحمى الصفراء»، وهناك لقاح آخر لفريق استرالى يعتمد على لقاح السل، فما الفرق فى التقنيات بينكما؟
السل بكتيريا، ويعتمد نهجهم على المناعة المدربة الشاملة، بينما يعتمد نهجنا على استخدام لقاح الحمى الصفراء، والمكون النشط فى هذا اللقاح هو فيروس حى ضعيف من فيروس (الحمى الصفراء) حيث نقوم باستخدامه كى يسلم الشفرة الجينية لبروتين (سبايك) الخاص بفيروس كورونا المستجد إلى خلايا الأشخاص الملقحين، بما يساعد الجهاز المناعى فى التعرف على الفيروس ومهاجمته.

 

> بما أن للقاح الخاص بك مزاياه أنه يمكن تخزينه فى درجة حرارة الثلاجة العادية.. هل تعتقد أن اللقاحات التى يجب تخزينها عند درجة حرارة (-70) لن يكون لها فرص تسويق جيدة؟ وما حقيقة الإشاعات عن وجود الجليد السحرى الذى يساعد فى التخزين عند تلك الدرجة؟
فى الواقع، ستكون سلسلة التبريد عند درجة حرارة -70 درجة مئوية تحديًا صعبًا للغاية فى أى مكان فى العالم، ولكن بالتأكيد ستكون المشكلة أكبر فى الأماكن النائية (شبه الاستوائية) فى البلدان ذات البنية التحتية الأقل، وبالطبع هذا سيدعم من فرص استخدام لقاحات تتطلب جرعة واحدة و5 درجات مئوية مثل لقاحنا، أما «الجليد السحري»، فليس لدى أى فكرة عنه.

 

> كخبير متخصص فى إنتاج اللقاحات، ما أفضل لقاح برأيك بين اللقاحات المرشحة؟
يتعين علينا انتظار النشر العلمى للتجارب التى أجريت على اللقاحات لإصدار الحكم؛ لأنى لا أستطيع أن أكون رأيا علميا من البيانات الصحفية التى تنشرها الفرق العلمية العاملة على اللقاحات.

 

د. إدوارد ريبيكى الأستاذ بجامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا:

أرقام الإصابات بأفريقيا «غير حقيقية»

لم يعط د. يوهان نيتس والدكتور ميهاى نيتيا، إجابات قاطعة بشأن العلاقة بين لقاح السل وقلة عدد الإصابات بإفريقيا، وحرص الاثنان بذكاء على أن تمسك إجابتهما العصا من المنتصف، فكان من المنطقى أن نبحث عن الإجابة عند باحثين من القارة الإفريقية، فقادنا محرك البحث الخاص بالأبحاث العلمية»جوجل سكولار» إلى دراسة لباحثين من جامعة كيب تاون بجنوب إفريقيا، كانت تقارن بين الوضع الوبائى فى العالم وإفريقيا، فرأينا أن الباحث الرئيسى بالدراسة الدكتور إدوارد ريبيكي، أستاذ البيولوجيا الجزيئية والخلوية، قد يكون الشخص المناسب للإجابة.


وكما هو الحال مع يوهان نيتس وميهاى نيتيا، لم نكتف بالسؤال عن لقاح السل، وأردنا أن نستفيد من التواصل معه فى الحصول على إجابات عن أسئلة أخرى بشأن لقاحات كورونا.. وإلى نص الحوار.

> سألت خبراء قبلك عن نظرية يطرحها البعض تعزى قلة عدد إصابات كورونا فى أفريقيا إلى لقاح السل، الذى يتم إعطاؤه فى إفريقيا على نطاق واسع، فقال أحدهم «من غير المحتمل أن يكون هذا هو السبب الرئيسي، لكن لا يمكننا استبعاده»، وترك آخر الباب مفتوحا أيضا، فقال إنه «يعطى مناعة شاملة، لكن لا يوجد دليل على أنه يحمى من كورونا».. فهل نجد الدليل عندك؟
يستهل إجابته عبر البريد الإلكترونى بوجه ساخر، قبل أن يكتب: كل شخص فى جنوب أفريقيا يحصل على لقاح السل، والوضع لدينا فى عدد الإصابات سيئ جدا، وربما يكون ظهور الوضع عندنا بهذه الصورة التى قد تكون مختلفة عن باقى الدول الإفريقية، هو العدد الكبير من الفحوصات التى تجرى لدينا، إضافة إلى جودة الفحوص، بينما تتمتع إفريقيا بشكل عام بوضع ردىء جدا فيما يتعلق بالفحوصات.

 

> هل تعتقد أن الوباء الحالى يمكن أن ينتهى بتحور يضعف الفيروس، كما حدث مع وباء الإنفلونزا الإسبانية؟
من غير المرجح حدوث ذلك، لأن هذا الفيروس لا يتحور بسرعة مثل فيروس الإنفلونزا، الذى يحتاج إلى لقاح جديد كل موسم بسبب تحوراته الكثيرة.

 

> وماذا عن الترويج لإمكانية انتهاء الوباء بدون لقاح عن طريق ما يعرف بـ « مناعة القطيع»؟
مناعة القطيع خرافة، فحتى تتحقق يجب أن يصاب أكثر من 80٪ من الناس بالفيروس، وهذا يجعل الأطفال حديثى الولادة وكبار السن معرضين للخطر، كما أن الأنظمة الصحية لا تستطيع استيعاب هذا العدد من الإصابات.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة