كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الجــلادون !

كرم جبر

الأحد، 13 ديسمبر 2020 - 08:38 م

لا يعجبهم إنشاء المدن الجديدة، بعد أن ضاق الوادى بسكانه، وأصبحت القرى والمدن مثل علب السردين، ولا يعجبهم إنشاء الصوبات والمزارع السمكية، لتوفير الطعام وتقليل فجوة الاستيراد.. ولا تعجبهم المشروعات الكبرى التى تفتح آفاق المستقبل، وتوفر فرص عمل للملايين.
النخبة الجلادة ترفع دائماً شعار «خالف تعرف» ولو استجاب لهم السادات - مثلاً - لكان مصير سيناء مجهولاً، ولو رضخ عبد الناصر لضغوطهم، ما كانت البلاد شهدت فى عصره ثورة التعليم والعدالة الاجتماعية.. ولو استجاب لحروبهم أى رئيس أو حاكم أو مسئول، لأصبحت الأيدى مرتعشة والعقول مرتبكة والدنيا «محلك سر».
المجتمعات المتقدمة تستنير بأصحاب العقول والأفكار والخبرات، والدول المتخلفة تمضى للوراء، على أيدى «النخبة الجلادة».. التى أول ضحاياها هى «‬النخبة المستنيرة».
وإذا أنفقت الدولة على الجيش، ليصبح الأول أفريقياً وعربياً وأقوى من إسرائيل، خرج من صفوف النخبة الجلادة، خبراء التحاليل: «ليه نضيع فلوسنا على شراء السلاح؟».. ولم يسألوا: كيف نحمى حدودنا وثرواتنا وحقول الغاز والبترول، وخطر الإرهاب؟ ولم يقولوا: إن الدولة التى لا يحميها جيش قوى تصبح مطمعاً للجميع، ولم يعترفوا بأن عزة مصر وكرامتها وكبريائها، فى وجود جيش قوى يدافع عن أرضها وسمائها ومياهها.
ضاقت مصر بسكانها، وإذا اتجهت الدولة لبناء المدن الجديدة وشق الطرق والكبارى والمجتمعات، خرج من صفوف النخبة الجلادة، حكماء كل زمان ومكان، وبثوا أفكاراً سامة بين الناس، مثل: لماذا نبنى المدن بينما ترتفع الأسعار، ولماذا لا يتم الإنفاق فى شراء السلع وبيعها للمواطنين بأسعار رخيصة؟.. ثم ينقلبون صوب المناطق العشوائية، ويكتبون قصائد الكراهية والتحريض، مع أن مصر شهدت ما لم تشهده فى تاريخها لتوفير المساكن الكريمة.
السادات - مثلاً - لو لم يكن جريئاً وشجاعاً ولم يلتفت للنخبة الجلادة، التى حاولت إرهابه ليتراجع عن معاهدة السلام، لكان الله وحده هو الذى يعلم مصير سيناء الآن، فقتلوه فى المنصة، وصار عدواً أكثر من إسرائيل للنخبة الجلادة، واستمرت حرب الانتقام فى مطاردته.
وعبد الناصر - مثلاً - أراد أن يحرر شعبه من الرق والعبودية ويرفع رأسه عاليا فى السماء، أصاب وأخطأ لأنه بشر، ولكن «‬النخبة الجلادة» أخرجت من جرابها حكايات مراكز القوى، وروايات السجون والمعتقلات والتعذيب قد يكون بعضها صحيحاً، ولكن الاتهامات لم تأخذ شكل التقييم الموضوعي، الذى تستفيد منه البلاد مستقبلاً فى سد الثغرات، وانحصرت فى الانتقام وتصفية الحسابات.
« اعلموا أن حكم مصر ليس سهلاً»‬.. آخر كلمات الملك فاروق، قبل أن يغادر مصر فوق اليخت المحروسة، فى أعقاب ثورة يوليو 1952، وكان على حق، وأوجز فى كلمات قليلة دروساً كثيرة أهمها: كان الله فى عون من يتحمل المسئولية !.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة