السبت، 19 ديسمبر 2020 - 11:01 ص

علا نافع

لم تمنعه إعاقته من بلوغ حلمه ودخوله عالم الشهرة من أبوابها الواسعة، فتصدرت صورته أغلفة مجلات الموضة، وتردد اسمه كثيراً بين مصممى الأزياء المشهورين، إنه مصطفى نوفل، أول موديل من أصحاب متلازمة ∀داون∀، والذي كرَّمه الرئيس عبدالفتاح السيسى.

يتمتع مصطفى صاحب الثمانية عشر عاما بإطلالة بهية وابتسامة ساحرة نقية تأسر كل المحيطين به، ما جعل الشركات التجارية تتسابق عليه ليكون ∩موديل∪ لعرض منتجاتها، فضلاً على تفوقه فى رياضتى الوثب العالى وتنس الطاولة على الرغم من أن هناك إهمالاً من الجهات المعنية للأنشطة الرياضية التى يمارسها أبناء متلازمة ∀داون∀، فمصطفى يحلم بممارسة السباحة لكنه لا يجد من يدربه ويعلمه.

ويدرس الفتى الصغير، أو كما يطلق عليه أقرانه ∀الفرعون المصري∀ بإحدى مدارس التربية الفكرية بمدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية، ويكافح لإنهاء المرحلة الإعدادية كى يحقق حلمه ويصبح ∀موديل∀ لكبرى بيوت الأزياء العالمية.. ولِمَ لا يحقق حلمه؟! فبالإضافة إلى اجتهاده فى الدراسة يتمتع مصطفى بمجموعة من المواهب الفنية والرياضية، وحصد العديد من الجوائز والبطولات المختلفة، منها جائزة مهرجان الإبداع الفنى عن أوبريت ∀تسلم الأيادي∀، وجائزة المركز الأول بتمثال ∀أولادنا∀ فى ملتقى أولادنا الدولى عن فيلم وثائقى بعنوان ∀لا للتنمر∀، وهو الملتقى الذى شاركت فيه 36 دولة.

ومؤخرا تم عرض سيناريو فيلم عليه لكنه رفض لشعوره بإهانة ذوى الاحتياجات الخاصة وعدم الاعتراف بدورهم الفعّال فى المجتمع، ويتمنى مصطفى مقابلة الفنان أحمد حلمى والمشاركة معه فى فيلمه القادم.

سنده فى الحياة وداعمه الأول ∀السيدة إيمان صباح∀، وهى ليست مجرد والدته بل هى بمثابة ∀حارسه الأمين∀.. وهى بحق نموذج يحتذى به لأمهات الأبطال ذوى الهمم ويطلق عليها فى الغربية لقب ∀الأم المحاربة∀، تقديرا ليس لما فعلته مع مصطفى فقط ولكن لدعمها لمن هم مثله فى محافظة الغربية.

تقول: بعد ولادة مصطفى لاحظت أنه لا يبكى كباقى الأطفال الطبيعيين فقمنا بعرضه على أحد الأطباء الذى أكد لنا أن مصطفى طفل داون سندوزم، ما سبَّب لى ولوالده صدمة كبيرة، ونصحنا الكثير من المحيطين بنا بإلحاقه بإحدى دور الرعاية وإنجاب طفل آخر، لكننى قررت مساندته.

ذوو الاحتياجات الخاصة يعانون من صعوبات فى ممارسة حقوقهم الطبيعية كالتعليم والرياضة، فحتى الآن مازالت مدارس التربية الفكرية محدودة العدد، إضافة إلى أنها تعانى نقصاً حاداً فى عدد المعلمين المؤهلين للتعامل مع الطلاب وهذا يفسر تسرب نسبة كبيرة من التعليم.

وعلى سبيل المثال لا يوجد بمركز كفر الزيات سوى فصل واحد يجمع كل أطفال ذوى الاحتياجات الخاصة مما يجعل مهمة تعليم الأطفال مستحيلة ولكننى حاولت جاهدة مساندة مصطفى ومتابعة دروسه أولا بأول حتى لايتدهور مستواه الدراسى وخطرت ببالى فكرة إنشاء مدرسة متكاملة لهؤلاء الطلاب ونجحت بالفعل فى تخصيص مبنى متكامل بالمدرسة لهم.. كما جاهدت كثيرا كى أحجز له مكانا متقدما بالأنشطة الرياضية وبرع فى ممارسة رياضتى الجرى والوثب الطويل فهما الرياضتان اللتان استطاع خوضهما. وتؤكد: اليوم أنا فخورة به، فهو شاب جميل صاحب كاريزما عالية ويعتمد على نفسه فى كل شئونه وأصبحوا يطلقون عليه لقب ∀أيقونة الغربية∀. 

وعن بداية دخول ابنها مجال الإعلانات تقول: يتمتع مصطفى بحضور طاغٍ وولع بعدسات المصورين، بخلاف حبه للموضة وتنسيق الملابس، حتى أنه كان يختار لنفسه الملابس بتأنق ودقة، وبمجرد أن علمت بأن إحدى شركات الملابس تطلب شابا من ذوى الاحتياجات الخاصة بأن يكون ∩موديل∪ لعرض منتجاتها حتى سارعت بتقديم مصطفى إليهم وحاز على إعجابهم لروحه الخفيفة وذكائه العالي، وحققت الحملة نجاحا كبيرا وانتشرت صوره على مواقع التواصل الاجتماعى وبات واجهة دعائية مشهورة تتسارع عليه الشركات التجارية ما منحه ثقة عالية وجعله أكثر إدراكاً لذاته حتى أنه بات يرفض أعمالاً تبدو تافهة حتى لا يخسر جمهوره العريض على حد اعتقاده، واليوم أصبح لقبه المشهور به هو ∀الفرعون المصرى الجديد∀.

ويتذكر مصطفى بفخر لقاءه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ∀احتفالية قادرون∀، ويقول: لحظة جلوسى مع الرئيس انتابتنى فرحة غامرة وشعرت بفخر كبير.. وأتمنى مقابلته مرة أخرى لأنه أب حنون ولا يبخل بوقته ومجهـــوده عن رعاية أبنائه.