محمد سعد
محمد سعد


أمنية

فيه يُغاث الناس

محمد سعد

الأحد، 03 يناير 2021 - 09:02 م

تسقط ورقة من عمر الزمان، عام ينقضى راحلا، جمع كل أحزانه وأفراحه، واضعا إياها فى جوف الأيام، فيفسح الطريق لعام آخر تولد معه الأحلام ويحيى الأمل فى النفوس، و ورقة أخرى من عمر الزمان تنبت جذورها فوق سطح الحياة، تتطلع فترى النور شعاعا مبهجا، نعم يأفل وميض عام مضى راحلا إلى الماضي ويبزغ نور عام آخر فى الأفق، فكل عام وأنتم الرضا بالحياة، كل عام وأنتم الرضا بالمكتوب وبالقضاء والقدر.

حقا بالأمس القريب طوينا صفحة عام 2020 ويشهد الله انه كان دهرا طويلا صعبا على الجميع، فقد ظهرت فيه مرادفات جديدة ربما لم نسمع عنها من قبل مثل التباعد الاجتماعى والزموا منازلكم وصلوا فى بيوتكم، وغيرها الكثير والكثير من المعانى التى قطعت كل حبال الوصال وصلات الأرحام بين الناس.

وقبل أن نودع العام الماضي، أبى أن ينصرف دون أن تدخل الجائحة موجتها الثانية ونحن لانزال ننتظر ذروتها حتى نستشعر الخطر، وبدأنا العام الجديد ونحن نتابع زيادة معدل الاصابات وعدد المتوفين يوميا، ونسأل باهتمام بالغ كم عدد الأمصال التى وصلت إلينا لتعصمنا من الموت، كل هذا بالاضافة للشائعات التى تطلق هنا وهناك عن هذا الفيروس الهلامي، وكل ذلك ونحن نتابع فقط دون ادنى مجهود أو شعور بالمسئولية تجاه هذا الخطر.

والحقيقة ان معظمنا لا يبصر الخطر بينما يسكن تحت أقدامنا الموت، نستهزئ به ونتعامل مع الواقع الموجود فى الشوارع وكأنه سحابة صيف سرعان ما تزول دون أن تترك خلفها أثرا، الخطر قائم بقوة يمتد فى كل مكان ويشتد فتكا بالبشر فى شتى أنحاء المعمور، والناس لا تضع فى أذهانها تلك الصورة القاتمة رغبة فى الإبصار بواقع آخر بينما الحقيقة أبشع مما يتصور كثيرون.

الأمر ليس بالهزل الذى يتعامل به الناس فى شوارع مزدحمة وسلوكيات تنذر باشتداد الخطر وقسوة الخطر وكأنهم يكفرون بما يبصرون، وهناك أرواح تحصد كل ثانية، ووسط كل ذلك يسلك المصريون سلوكا ينفصل عن الواقع لا يؤمنون بالخطر الساكن فى الشوارع المزدحمة وأماكن تجمعات البشر إنه الخطر الذى لا يؤمن به الناس ودرء الخطر يفرض واقعه، إن المجتمع بحاجة ليراجع سلوكيات حياته وإلغاء الكثير من سلبياته، فالناس اليوم أحوج ما يكونون لتغيير ثقافتهم خاصة فى المدن الأكثر اكتظاظا بالسكان، لأنَ الموت أقرب إليهم من حبل الوريد، وهذا الفيروس يكتب حاليا نهايات جديدة لسيت معتادة كالنهايات التى عاشها البعض فى زمن الحروب والصراعات.

نقول من جديد أننا نتمسك بالحجج التى تمسكنا بمثلها حتى وقت قريب−فى الموجة الأولى−، رغم اننا نعرف أن كثيرا ممن نحب استشهدوا بسبب الوباء، وقد قيل لنا ولهم الزموا بيوتكم، اخشى عليكم ان يعود إليكم الإحساس الذى ستشتاقون فيه إلى أبنائكم كما انكم لم تشتاقوا إليهم من قبل، وإدراككم أنكم قد لا ترونهم مرة أخرى سيكون أشد عليكم ألما ووجعا، ولذلك كتب عليكم ان تلزموا بيوتكم.

-مسك الختام
"ثم يأتى من بعد ذلك عامٌ فيه يُغاثُ الناسُ وفيه يعصرون" اللهم إنه عام جديد هلّ علينا ونحن فى كرب شديد، اللهم اجعله عام الغوث واغثنا فيه واجعله فرجا من كل كرب

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة