د. عاشور عمرى
د. عاشور عمرى


الدكتور عاشور عمرى رئيس هيئة محو الأمية: خطة قومية لإعلان مصر بلا أمية فى 2025

آخر ساعة

الخميس، 07 يناير 2021 - 04:05 م

أحمد جمال

مع وجود 16 مليون يجهلون القراءة والكتابة على مستوى الجمهورية، كثَّفت هيئة محو الأمية وتعليم الكبار جهودها بالتنسيق مع العديد من الهيئات الحكومية والمؤسسات الأهلية والخاصة، فى محاولة للتعامل مع هذه القضية، تماشياً مع اهتمام الدولة بهذا الملف الحيوى المرتبط بقضايا اجتماعية واقتصادية وأمنية مختلفة.
"آخرساعة" التقت الدكتور عاشور عمرى رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، الذى أكد أن قضية الأمية على طاولة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأن هناك توجيهات رئاسية لإعلان مصر خالية من الأمية بحلول عام 2025، مشيراً إلى وجود خطة شاملة أعدتها الهيئة تحتاج لدعم مالى ومجتمعى لإنجاحها.

 ما استراتيجية الهيئة للتعامل مع مشكلة الأمية؟
ـ هناك ثلاثة مسارات تمضى فيها الحكومة لإعلان مصر خالية من الأمية، الأول يتعلق بضمان عدم وجود أميين جدد وسد منابع الأمية فى القرى والنجوع الصغيرة، وذلك الأمر يتعلق أكثر بوزارة التربية والتعليم من خلال الإدارة المركزية لمنع التسرب من التعليم وكذلك فصول التعليم المجتمعى ومدارس الفصل الواحد والفصول الصديقة للفتيات والفصول الصديقة للأطفال فى ظروف صعبة، وجميع تلك المشاريع تستهدف الطلاب فى المرحلة العمرية من 9 سنوات وحتى 14 عاماً. بعد ذلك يأتى دور هيئة محو الأمية التى تستهدف الأميين بدءاً من سن 15 عاماً وما أكبر، وفى هذه الحالة يكون الشخص أمياً، وتتعامل الهيئة مع هؤلاء من خلال فصول محو الأمية المنتشرة فى جميع المحافظات والمراكز والقرى والنجوع على مستوى الجمهورية، وذلك بالشراكة مع الجمعيات الأهلية وبعض الهيئات الحكومية العاملة فى هذا المجال، وتشرف الهيئة على تلك الفصول وتقدم لها الكتب بالمجان وتشرف على عملية عقد الامتحانات ومنح الشهادات. والمسار الثالث يتعلق بالتعامل مع المتحررين من الأمية، وإتاحة فرص التعلم لهم مدى الحياة، ومساعدتهم على استمرارهم فى العملية التعليمية وتشجيعهم على مواظبة القراءة والكتابة، وإلحاقهم بالمرحلة الإعدادية بعد معادلة شهادة محو الأمية بالابتدائية، على أن يكون إلحاقهم بنظام المنازل على أن تتعاقد الهيئة مع معلمين متخصصين تابعين لها وافتتاح فصول مرحلة إعدادية للراغبين فى استكمال تعليمهم.
< ماذا عن خريطة الأمية فى مصر؟ وما أكثر المحافظات التى تعانى نسباً مرتفعة لغير المتعلمين؟
ـ محافظة المنيا هى الأكثر فى معدلات الأمية على مستوى الجمهورية بنسبة تصل إلى 40%، وهى نسبة مخيفة. تأتى بعدها محافظات سوهاج وقنا والفيوم والبحيرة، أما الأقل الأمية فهى المحافظات التى لا توجد بها كثافة سكانية مثل بورسعيد والسويس إلى جانب محافظتى البحر الأحمر وجنوب سيناء ولا تتعدى النسبة فى تلك المحافظات حاجز 13%، إضافة إلى القاهرة الكبرى التى تصل نسبة الأمية فيها إلى 19%.
< هل هناك إحصائية بأعداد الأميين فى مصر؟
ـ وفقاً لآخر إحصاء رسمى فى عام 2017، فإن عدد الأميين بلغ 17 مليون نسمة على مستوى الجمهورية، لكن الآن الرقم يقدر بـ16 مليون أمي، وذلك فى الشريحة العمرية ما فوق 15 عاماً، وعموماً تزيد معدلات الأمية فى المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة والمناطق التى ترتبط بالعادات والتقاليد الخاطئة فى صعيد مصر والكفور والنجوع النائية. كذلك هناك ارتباط وثيق بين الأمية وانتشار التطرف فى منطقة ما، وهو ما يظهر فى محافظة المنيا التى يجرى فيها استقطاب الأميين لإشعال الفتن الطائفية التى تأدها الدولة فى مهدها بجهودها الفاعلة، بالتالى فإن الهيئة تكثف جهودها فى تلك المناطق المكدسة بالأميين وهناك تنسيق بين الهيئة ومبادرة حياة كريمة فى القرى الأكثر فقراً وتنشط حالياً فى محافظة أسيوط.
< هل هناك خريطة زمنية أيضاً لإعلان مصر خالية من الأمية؟
ـ بالفعل هناك خريطة زمنية لإعلان مصر خالية من الأمية بحلول عام 2025، رغم أن الاستراتيجية التى بدأت منذ عام 2014 من المقرر أن تنتهى فى 2030، لكن هناك توجيهات رئاسية بإنجاز الملف قبل هذا التاريخ، وقضية الأمية حالياً على طاولة الرئاسة، وهناك تحركات للسير بفاعلية فى هذا الملف ونحتاج إلى دعم مالى ومجتمعى لضمان الوصول لهدفنا فى التوقيت المحدد.
< ماذا عن فترة الدراسة داخل فصول محو الأمية؟ وهل هناك فوارق فى القدرات بين الأميين؟
ـ تختلف فترة الدراسة بحسب مستوى الأمى، وهناك اختبار مبدئى يسمى "استكتاب" للتعرف إلى قدرات الشخص، وهناك فصول تمتد فيها الدراسة لستة أشهر وهى للمبتدئين الذين ليس لديهم أى معرفة أو خبرات سابقة فى التعليم، وهناك أشخاص لديهم معرفة بأشكال الحروف وقد يكونون قد تسربوا من التعليم بعد الصف الأول أو الثانى الابتدائى، وهؤلاء تكون مدة دراستهم ثلاثة أشهر، وهناك مجموعة ثالثة لديها إدراك مبدئى لعملية القراءة والكتابة وتكون فيها مدة الدراسة شهرا واحدا، وهناك أشخاص لم يكملوا تعليمهم فى المرحلة الابتدائية لكنهم يجيدون القراءة والكتابة وهؤلاء يجرى عمل امتحانات لهم ومنحهم شهادات، وفى جميع الحالات لابد أن يجتاز الطلاب الامتحان للحصول على الشهادة النهائية.. وبالنسبة للأميين من ذوى القدرات الخاصة فإن الهيئة تفتح لهم فصولا تستمر فترة الدراسة فيها تسعة أشهر وهى فصول ذات طبيعة خاصة ولديها مناهج خاصة بها، وهناك توجه حالى من الهيئة بإعداد مناهج جديدة ومتطورة لذوى القدرات الخاصة بدلاً من القديمة الحالية.
< كيف يجرى إعداد المناهج وما القيم التى تركزون عليها؟
ـ لدى الهيئة 13 منهجاً تعليمياً مختلفاً يجرى الاعتماد عليها وفقاً للخصائص التى تتمتع بها كل منطقة جغرافية، فهناك المنهج الذى يركز على القيم الصحية وآخر لتمكين المرأة ويجرى تدريسه للفتيات، إلى جانب المنهج السكاني. إضافة إلى منهج "تعلم وتنور" الذى يركز على قيمة العلم، وكذلك استحدثنا منهجا للتوعية بفيروس كورونا، إضافة إلى مناهج الجمعيات الأهلية التى تعتمدها الهيئة.
< ماذا عن أدوات الهيئة للتواصل مع الأميين لإقناعهم بمحو أميتهم؟
ـ التعامل مع قضية الأمية يتطلب أولاً التعرف إلى الظروف المحيطة التى دفعتهم للعزوف عن التعليم، وغالبية المناطق التى تنتشر فيها الأمية بكثافة تكون فى المناطق الريفية التى بها معدلات فقر مرتفعة مع وجود أعداد كبيرة من الأبناء فى الأسرة الواحدة، وبالتالى فإن تركيز الهيئة يكون أساساً على الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى التى يكون لديها تواجد فى تلك المناطق. إضافة لتدشين اتفاقيات تعاون مع وزارة الأوقاف وتوظيف ثقة المواطنين فى أئمة المساجد عبر تثقيفهم دينياً بأهمية التعليم بالتوازى مع بروتوكول مع الكنيسة المصرية للتوعية داخل الأديرة بأهمية التعليم، وكذلك الأمر بالنسبة للأزهر الشريف الذى لديه فصول خاصة به منتشرة فى القرى والنجوع بل إنه لديه فصول فى الأديرة بينها دير الأنبا إبرام فى محافظة الفيوم ويكون فيها التأكيد على معانى اللحمة الوطنية ممتزجة بمحو أمية القراءة والكتابة.. وكذلك المشاركة بفعالية بوفود إعلامية تابعة للهيئة ضمن حملة 100 مليون صحة التى طافت القرى والنجوع التى تعانى معدلات أمية مرتفعة.
< تم الاستعانة ببعض التجارب الأجنبية التى تستخدم طلاب الجامعات فى محو أمية الطلاب.. هل أتت ثمارها بعد خمس سنوات من تطبيقها؟
ـ بالفعل أبرمت الهيئة بروتوكولات تعاون 23 جامعة على مستوى الجمهورية لإشراك طلاب الكليات النظرية وهى (الآداب والتربية والخدمة الاجتماعية والتربية النوعية والحقوق والتجارة والطفولة المبكرة)، فى عملية محو الأمية.. ومنذ بداية تطبيق التجربة فى العام 2015 وحتى العام الماضى لم يكن الأمر إلزامياً، قبل أن يقرر المجلس الأعلى للجامعات تشكيل لجنة متابعة طلاب الجامعات فى محو الأمية لمتابعة جهود الجامعات فى هذا الأمر وأضحت إلزامية منذ العام الماضي.. ولضمان أكثر استفادة من الطلاب فى هذا المجال تعقد دورات تدريبية للطلاب بالشراكة مع الجامعات المنتمين إليها قبل فتح الفصول الخاصة بهم، وذلك لتعريفهم بالخصائص النفسية والاجتماعية للأميين وكيفية التعامل معهم وماهية الدوافع التى من الممكن أن تجذبهم للتعليم وكيفية احتواء كبار السن، ويكون على كل الطلاب محو أمية عدد يتناسب مع نسبة الأمية فى منطقة، ففى المحافظات الأكثر أمية يمحو كل طالب أمية ثمانية أشخاص على مدار سنوات الدراسة لكن هذا العدد يقل فى محافظات أخرى أقل أمية.. وتقوم الهيئة بالإشراف على تلك الفصول وعملية امتحانهم وتمنح كل طالب مبلغا يقدر بـ350 جنيهاً نظير محو أمية الطالب الواحد ويكون إجمالى الرقم حوالى 3000 جنيه، ويعد ذلك أول عمل تطوعى للطالب، وهناك خطة أخرى لإشراك الطالبات اللائى يؤدين الخدمة الاجتماعية لمحو أمية عدد من الأشخاص على أن يكون ذلك بدءاً من دخولهن الجامعة.
< هل هناك التزام فعلى من الجامعات بتلك التعليمات؟
ـ الأرقام الحالية تشير إلى أن هناك طفرة فى أعداد الأميين الذين نجحت الجامعات فى محو أميتهم، وعلى سبيل المثال فإن جامعة عين شمس قبل إلزام الطلاب بالمشاركة فى تعليم الكبار تمكنت من محو أمية 104 فى العام الدراسى قبل الماضي، فى حين أنها بعد تطبيق الإلزامية هذا العام نجحت خلال دورة امتحانات شهر أكتوبر من محو أمية 7520 أمياً، وكذلك فإن جامعة المنيا نجحت خلال العام 2019 من محو أمية 34 ألفا و475 شخصا، ومن المتوقع أن تتزايد أعداد المتحررين من الأمية سبعة أضعاف الأرقام التى سبقت إلزام طلاب الجامعات.
< وقّعت الهيئة مؤخراً بروتوكول تعاون مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.. ما أهداف هذا التعاون؟
ـ البروتوكول يتضمن اشتراط منح القروض التى يقدمها الجهاز لأصحاب هذه المشروعات شريطة أن يكون الشخص حاصلا على شهادة محو الأمية، ولن يقدم الجهاز أى قروض جديدة من دون تقديم الشهادة، والبروتوكول يتشارك فيه الهيئة والجهاز والجمعيات الأهلية، والعمل يتركز بالأساس على المناطق التى يتزايد فيها الهجرة غير الشرعية، ويستهدف منح الأميين قروضا ميسرة لعمل مشروعات صغيرة خاصة بهم شريطة محو أميتهم كنوع من التشجيع لهم وللتقليل من معدلات الهجرة غير الشرعية للخارج.
< هناك مشكلة متكررة فى فصول محو الأمية ترتبط بمنح الشهادات لبعض الأشخاص ممن لا يستحقون أو منحها لأشخاص من دون محو أميتهم فعلياً.. كيف تتعاملون مع هذه المشكلة؟
ـ هذه الأخطاء كانت موجودة وبالطبع هناك مؤشر للخطأ، ومن المهم أن ندرك ذلك ونتداركه فى المستقبل، الأمر الذى دفعنا لعقد جلسات مطولة مع الجهات الرقابية، التى أفرزت أن تكون طباعة شهادة محو الأمية من اختصاص الجهات السيادية وبها رقم سرى ولا يجرى طباعتها داخل الهيئة لمنع أى ثغرة أو فساد، بالتالى تمكنا من التعامل مع الشهادات المزورة. إضافة إلى أن الهيئة قررت أن تكون الامتحانات فى الفصول داخل القرى والنجوع تحت إشراف فرع الهيئة فى المحافظة ويكون هناك ملاحظ من الفرع وآخر من الديوان يجوب المحافظات للرقابة على سيرها، وهناك أكثر من مرحلة يمر بها الطالب للحصول على الشهادة تبدأ بالامتحان الأول ثم يأتى الطالب ذاته إلى فرع الهيئة فى المحافظة للحصول على الشهادة وفى تلك المرحلة يجرى استكتابه مجدداً للتأكد من أنه هو الذى أدى الامتحان ومقارنة خطه بما هو مكتوب فى ورقة الامتحان.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة