تفشى فيروس عالميا « كوفيد ١٩ »
تفشى فيروس عالميا « كوفيد ١٩ »


«التشكيك»‭ ‬والتنافس‭ ‬وسيلة‭ ‬الشركات‭ ‬لكسب‭ ‬صفقات لقاحات «كورونا»

بوابة أخبار اليوم

السبت، 09 يناير 2021 - 08:37 م

أعد الملف: أميرة شعباننوال سيد عبدالله

عادةً ما يتطلب إنتاج لقاح فعال سنوات من البحث والاختبار قبل الوصول إلى الأسواق، ولكن خلال عام 2020، كسرت العديد من الدول هذه القاعدة، ودخلت فى سباق محموم لمحاولة الوصول إلى لقاح فعال ضد فيروس «كوفيد – ١٩» المعروف بـ «كورونا».. واستمر هذا السباق حتى وصل عدد اللقاحات التى يختبرها الباحثون حاليا لـ 64 لقاحًا فى تجارب سريرية على البشر، بينما وصل 20 لقاحًا إلى المراحل النهائية من الاختبار، وما لا يقل عن 85 لقاحا قرب التجارب السريرية أى أنهم حاليا فى مرحلة التجارب على الحيوانات.. وخلال الأشهر الماضية تحول هذا السباق لحرب شرسة بين الدول لتبدأ عملية التراشق بالاتهامات والشائعات، والتنافس بالأسعار والمواد الفعالة للحصول على أكبر عدد من التعاقدات، مما دفع العديد لطرح تساؤل كبير.. هل بالفعل هذه الحرب هى لصالح إنقاذ الإنسانية من هذا الوباء ؟ أم لها وجه اقتصادى وسياسى قبيح؟. 
وفى هذا الملف تحاول «الأخبار» مناقشة كافة الوسائل التى استخدمتها الدول خلال هذه الشهور مع الخبراء لمحاولة الوصول لإجابة واضحة.

التشكيك‭ ‬الكارت‭ ‬الأكثر‭ ‬استخداماً‭.. ‬والتنافس‭ ‬بالأسعار‭ ‬وسيلة‭ ‬الشركات‭ ‬لكسب‭ ‬الصفقات

أمريكا‭ ‬تفتح‭ ‬النيران‭ ‬على‭ ‬روسيا‭.. ‬والبرازيل‭ ‬تتهم‭ ‬الصين‭ ‬بعدم‭ ‬الشفافية

الحكومات‭ ‬تدفع‭ ‬بـ6‭.‬5‭‬ مليار جنيه‭ ‬استرلينى‭ ‬مقابل‭ ‬2‭.‬6‭ ‬للشركات

مع بداية الجائحة وتفشى فيروس «كوفيد 19» عالميا، بدأت الحكومات فى التحرك لتقديم الدعم المالى لعمليات البحث والتطوير والتجريب لمحاولة الوصول إلى لقاحات فعالة.

ووفقا لتقارير شركة إير إنفنيتى لتحليل بيانات العلوم، قدمت الحكومات 6.5 مليار جنيه إسترلينى لعمليات بحث وتطوير اللقاحات، بينما قدمت المنظمات غير الهادفة للربح «الخيرية» نحو 1.5 مليار جنيه إسترليني، ولم تتجاوز الاستثمارات الخاصة بالشركات 2.6 مليار جنيه إسترليني، إذ يعتمد الكثير منها بشدة على الاستثمارات الخارجية.

وخلال الأشهر الماضية نجحت بعض الدول فى الوصول لنتائج مرضية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، فقد أصبح لقاح فايرز – بيوتنك الأمريكى الألمانى اللقاح الأول الذى منحته منظمة الصحة العالمية ترخيصا للاستخدام الطارئ، وحصدت الصين أيضا مرتبة مرضية فقبل يوم من ترخيص منظمة الصحة للقاح فايزر − بيونتك، أعلنت الصين ترخيصها للقاح سينوفارم، فى الوقت نفسه اعتمدت بريطانيا لقاح أكسفورد− أسترازينكا.

تشكيك عالمي
الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا والصين فقط، بل انضمت أيضا كندا وإيران وإسرائيل، بالإضافة إلى عشرات الدول فى جميع قارات العالم أملاً فى اللحاق بالوتيرة السريعة من تطوير اللقاحات.

إلا أن الأمر لم يتحول إلى حروب شرسة بكل الوسائل الممكنة فى سبيل الحصول على لقب «أول لقاح فعال» إلا بانضمام روسيا للسباق، وإعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إن بلاده طورت أول لقاح ضد فيروس كورونا الجديد، مؤكدا أنه يوفر مناعة مستدامة.

فبالرغم من إعلان منظمة الصحة العالمية تحفظها على هذا اللقاح مشيرة إلى أن معلوماتها عن اللقاح ليست كافية وبالتالى فإنه من الصعب تقييمه، إلا أن الأمر كان كافيا لبدء الحروب الكلامية وتراشق الاتهامات بين الدول الإعلان.

وبمجرد إعلان روسيا للأمر شككت على الفور ألمانيا بنوعية وفاعلية وسلامة اللقاح الروسي، كما شكك خبير الأمراض المعدية أنتونى فاوتشي، عضو خلية مكافحة فيروس كورونا فى الولايات المتحدة، فى سلامة اللقاحات التى يتم تطويرها فى روسيا والصين أيضا، وأكد أن الإعلان عن تطوير لقاح يمكن توزيعه حتى قبل اختباره يطرح مشكلة قائلا:  آمل حقا فى أن يختبر الصينيون والروس لقاحاتهم قبل استخدامها على أى فرد، لافتا إلى أن الولايات المتحدة لن تضطر للاعتماد على لقاحات تطورها دول أخرى

أما وزير الصحة الأمريكى جيروم ادامز فأكد أن المساعى لتطوير لقاح مضاد لكورونا ليست سباقا على المركز الأول، بل نسعى لتقديم لقاحات آمنة وفعالة فى أسرع وقت ممكن لمواطنى الولايات المتحدة وشعوب العالم أيضا.

غير أن وزير الصحة الروسى ميخائيل موراشكو قال إن المزاعم بأن لقاح كوفيد−19 الروسى غير آمن لا أساس لها من الصحة ومدفوعة بالمنافسة.

وفى خضم الحرب الكلامية بين الدول المنتجة للقاحات، نجد تصريح جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبي، إن وسائل إعلام روسية نشرت معلومات كاذبة عن لقاحات فيروس كورونا الأوروبية والأمريكية فى دول ترغب موسكو فى بيعها لقاحها.

وقال بوريل فى بيان له «مثل هذه الروايات موجهة، كما هو واضح، إلى دول ترغب روسيا فى بيعها لقاح «سبوتنيك» مضيفا أن هذه التحركات تهدد الصحة العامة وسط جائحة كوفيد−19. 
ونفت موسكو مرارا مثل هذه الاتهامات وقالت إن (سبوتنيك فى) مستهدف بحملة تشويه مدعومة من الخارج.

لم يسلم أيضا اللقاح الأمريكى الألمانى فايزر بيوتنك من حروب الشائعات والتراشقات، فقد شكك بعض القادة الشعبوين فى فعالية هذه اللقاحات، بل وصلوا إلى الإعلان عن أعراض جانبيه له من شأنها بث الخوف فى نفوس المواطنين، وكان ممن انتهج هذا النهج الرئيس البرازيلى جايير بولسونارو، فقد زعم أنه غير آمن للنساء ويجعلها تنبت لحية.

وخلال الفترة الماضية اتهمت الهية البرازيلية المنظمة لقطاع الصحة «أنفيسا» الصين باستخدام معايير غير شفافة للحصول على إقرار طارئ للقاحها «كورونافاك»، وحينها حذرت الهيئة من تأثير مسائل تتعلق بامور جيوسياية على الترويج للقاحات.

المواد الفعالة
بعد أن أعلنت شركتا فايزر وبيونتك، أن لقاحهما التجريبى فعال بأكثر من 90٪، قالت روسيا إن لقاحها فعال بنسبة تزيد على92٪، لتدخل أمريكا صراعا جديدة لزيادة نسبة الفعالية وبالفعل استطاعت شركة «فايرز» بالشراكة مع «بيوتنك» الألمانية فى إثبات فعالية تصل إلى 95٪ للوقاية من فيروس كورونا المستجد، لتعود روسيا مرة أخرى بنهاية شهر نوفمبر لتعلن أن اللقاح الروسى «سبوتنيك – 7» أثبت من خلال النتائج المؤقتة للدراسات التى تجرى على اللقاح بعد مرور 42 يوميا من إعطاء الدرعة الاولى منه أن فعاليته بلغت 95٪ بشرط ان يتلقى المواطن الجرعة الثانية.

كما نجحت شركة «مودرنا» فى إثبات فعالية لقاحها فى التحليل الأولى لتجارب المرحلة الثالثة بنسبة 94.5٪ ضد فيروس كورونا.

الأسعار والتعاقدات
ليست الفعالية وحدها هى ما كانت الدول تتنافس فى تحقيق مركز كبير فيها، بل أن لبعض الدول والشركات حسابات أخرى فوفقا لتقرير نشرته «بى بى سى»، فبعض الشركات لا تريد أن تظهر وكأنها تحقق مكاسب من أزمة عالمية، خاصة بعد حصولها على قدر كبير من التمويل الخارجي.

وشركة الأدوية الأمريكية العملاقة جونسون آند جونسون وشركة أسترازينيكا البريطانية اللتان تعملان مع شركة تكنولوجيا حيوية مقرها جامعة أوكسفورد تعهدتا ببيع اللقاح بسعر التكلفة، ويبدو أن سعر لقاح أسترازينيكا سيكون الأرخص بقيمة 4 دولارات للجرعة الواحدة.

أما موديرنا وهى شركة تكنولوجيا حيوية صغيرة تعمل منذ سنوات على لقاح يستخدم تقنية الحمض النووى الريبوزي، يصل سعر لقاحها إلى 37 دولاراً للجرعة الواحدة لتون الأعلى ثمنا، وهى تهدف إلى تحقيق بعض المكاسب لصالح المساهمين فى الشركة رغم أن جزء من السعر المرتفع للقاح سيغطى تكلفة نقله فى درجات حرارة منخفضة جدا، غير أن هذا لا يعنى أن الأسعار ستظل ثابتة.. ويسرى تعهد أسترازينيكا بالإبقاء على أسعار منخفضة خلال «فترة الوباء» فقط. 

ويمكن أن تبدأ فى فرض أسعار أعلى بحلول العام المقبل، وفقاً لمسار المرض.

ووفقا لتقارير حديثه من كل من «اليونسيف» وعقود الحكومة الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية فإن لقاح سينوفاك يتراوح سعره من 13.6 دولار و29.75 دولار أمريكي، بينما لقاح سانوفى يتراوح من 21 إلى 10.65 دولار، وفايزر بيوتنك من 18.34 إلى 19 دولار أمريكي، وأوكسفورد مابين 8.1 و4 دولارات.

أما نوفافاكس فيبلغ سعره 16 دولارا، وكيوريفاك 11.84 دولار وكل من جونسون آند جونسون وسبوتنيك 10 دولارات كسعر أساسي.

بجانب ذلك أعلنت الصين فى الأيام الماضية أن فعالية أحد لقاحات مختبرات سينوفارم بلغت 79.4 ٪، وبالرغم من ذلك إلا أنها تعهدت بجعل اللقاحات التى طورتها مختبراتها سلعا متاحة عالميا وسيتم توفيرها «بسعر معقول» أو حتى «مجانا» إلى الدول النامية مما يعطيها ميزة كبيرة عن بقية اللقاحات، بجانب أكبر ميزة به وأنه يحفظ فى الثلاجات العادية.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة