أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

تونس... الحوار هو الحل

أسامة عجاج

الأحد، 31 يناير 2021 - 09:20 م

قولا واحدا، ليس هناك امام تونس الدولة ومؤسساتها ومكوناتها السياسية، جماعات وأحزابا، سوى سيناريوهين لا ثالث لهما، الأول كارثى ومخيف، وعنوانه الاتجاه إلى الفوضى، وشواهد عديدة، ليست فقط فى حالة الاحتراب السياسى أو الصراع بين سلطات الدولة، والكثير من المكايدة، بل تعداه إلى الشارع، الذى يغلي، عمليات حرق وتظاهرات، بدأت من مدن باجه والقصير وتوزر وصفاقس، ووصلت إلى العاصمة تونس فى الأيام الأخيرة، وجل المشاركين فيها من غير المنتمين حزبيًا، طلاب جامعة عاطلون عن العمل، يبحثون عن تحسين ظروف المعيشة.أما السيناريو الثانى،فهو اعادة تجربة عام ٢٠١٣، فى الذهاب إلى مائدة حوار وطني، خاصة ان الظرف الذى تمر به تونس الآن أكثر خطورة، مما كانت عليه الأمور فى ذلك التوقيت، والتى اعقبت اغتيال نشطاء وسياسيين، حيث تم توجيه الاتهام لجهاز حركة النهضة السري، بالتورط فى تلك الاغتيالات، يومها تشكل رباعى دعى للحوار ضم اتحاد الشغل "نقابات العمال"،وارباب الشغل "منظمات رجال الأعمال"، وهيئة المحامين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وتمكن الحوار من تجاوز تونس لمرحلة سياسية صعبة، ونجحت منذ ذلك التاريخ فى وضع الصراع فى تونس خلال السنوات السبع الماضية، −والذى لم يتوقف − تحت مظلة الدستور.

الأزمة الأخيرة ليست بنت اليوم، فقد تعود إلى الانتخابات الرئاسية التى جاءت بالرئيس قيس سعيد إلى قصر قرطاج، وهو مستقل من خارج الطبقة السياسية، ونجح يومها فى الفوز على عبدالفتاح مورو الرجل الثانى فى حركة النهضة، ودخل الإعادة مع نبيل القروي، احد رجال الأعمال من زمن زين العابدين بن علي، والذى ادار معركته من داخل الاحتجاز، بتهم التهرب الضريبى والفساد المالى وغسيل الأموال،وتعقدت الأمور مع نتائج مجلس النواب فى نفس عام ٢٠١٩ الذى خلق حالة من التشرذم، بين العديد من الأحزاب، التى عجزت جميعها عن الفوز بأكثرية مريحة، تمكنها من التحالف بسهولة مع احزاب من نفس المدرسة، ومن ذلك التاريخ شهدنا صراعًا غير مسبوق بين الرئاسات الثلاثة، قيس سعيد فى الرئاسة، وراشد الغنوشى فى البرلمان، وهشام المشيشى فى الحكومة، حول الصلاحيات،وكانت النتيجة الطبيعية هى ما وصلت اليه الأمور، الرئيس يختار المشيشى لرئاسة الوزراء من خارج الطبقة السياسية، بعد ان كان وزيرا للداخلية، دون تشاور مع الأحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان، فى مخالفة للعرف، ولم يتنظر ترشيحاتها، حتى اطلق البعض عليها حكومة الرئيس،وللأسف انقلب المشيشى على الرئيس فى أسبوعه الأول، منحازًا إلى الكتل السياسية الثلاثة التى تضمن حصوله على الأغلبية فى مجلس النواب،النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس بزعامة نبيل القروي، واستمرت المناكفات السياسية داخل البرلمان والحكومة، حتى جاء التعديل الأخير، فإذا بالرئيس يعترض على أربعة من الوزراء الجدد، احدهم نتيجة شبهات بالفساد، والآخرين لتضارب المصالح، رافضا بشكل علنى أداءهم لليمين الدستورى أمامه، رغم حصولهم على التشكيلة الجديدة على ثقة مريحة فى مجلس النواب.

لن أدخل فى جدل دستورى عقيم، حول سير الأمور فى الأيام القادمة، ولا∪ معركة كسر العظم∪ بين الأطراف الثلاثة، ولكنى فقط انبه إلى ان هناك جماهير منتفضة فى الشارع، أرسلت العديد من الرسائل إلى الجميع،عن طريق التصويت العقابي، والعزوف عن المشاركة بكثافة فى الانتخابات الأخيرة، كانت تحلم لبلدها ولها بحياة كريمة، وتعانى من أزمة اقتصادية خانقة، مع تراجع قدرة التونسى الشرائية، وتجاوز نسبة البطالة ١٨ بالمائة ولم يعد ضمن اهتمامه، صراع مؤسسات الدولة، مما يهدد بانفجار كبير، وفوضى عارمة، ولم يبق أمامه سوى ان تنتبه تلك الطبقة لمشاغله وهمومه، وليس أمامها سوى الحوار والتى زادت فى الآونة الأخيرة الدعوة اليه، من قوى الوسطية والاعتدال،التى تضم سياسيين ووزراء ونوابا سابقين والاتحاد التونسى للشغل.

إذا هى الفرصة الأخيرة، فهل يكون هناك رجل رشيد، يحفظ لتونس التجربة والدولة والشعب تستحق الأفضل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة