د.عبد الواحد النبوى خلال حواره مع «الأخبار»
د.عبد الواحد النبوى خلال حواره مع «الأخبار»


عقول مصر تجيب.. لماذا فشل الإخوان فى تجريف الشخصية المصرية؟ «1»

عبد الواحد النبوى: شخصيتنا راسخة بفضل المكان والزمان والنهر

الأخبار

الإثنين، 01 فبراير 2021 - 08:08 م

حوار: أحمد عبيدومحمد زهير

» الإخوان‭ ‬حاولوا‭ ‬المساس‭ ‬بالقشرة‭ ‬الخارجية‭ ‬للوطن‭ ‬فانتفض‭ ‬الشعب‭ ‬ضدهم  

» خُطبة‭ ‬امرأة‭ ‬يهودية‭ ‬مصرية‭ ‬والقمص‭ ‬سيرجيوس‭ ‬على‭ ‬منبر‭ ‬الأزهر‭ ‬فى‭ ‬ثورة‭ ‬19‭ ‬تؤكدان‭ ‬أننا‭ ‬نسيج‭ ‬واحد 

» كنا‭ ‬سنرتدى‭ ‬العمامات‭ ‬الأفغانية‭ ‬فى‭ ‬زمن ‭ ‬‮«‬الإرهابية‮»‬

بعد 8 سنوات من سقوط الجماعة الإرهابية من سدة الحكم فى مصر، أصبح لزاما علينا أن نطرح سؤالا..  هو لماذا فشلت الجماعة فى تجريف وتحريف وتزييف الشخصية المصرية رغم أن هذه الجماعة تعمل فى الخباء والسر والظلام الدامس منذ تأسيسها عام 1928؟

سؤال طرحناه على وزراء ثقافة مصر، فهم خيرة عقولها ونبراس ثقافتها، لنعرف منهم القول الفصل فى هذا الموضوع لنفخر بأنفسنا وشخصيتنا المصرية الفريدة التى رفضت الانجرار إلى فكر الإخوان وثقافتهم الضحلة وأبت تلك الشخصية أن تنكسر أمام رؤى مرشدهم وقياداتهم العقيمة فى الفكر والتنوير والأمور الثقافية، فظلت الشخصية المصرية شخصية شامخة يُشهد لها بالبنان والصواب والكمال، تلك الشخصية التى عجز الإنجليز والفرنسيون عن غزوها، فما بالك بمن هم أقل عتادا منهم أسلحة وفكرا وهم جماعة الإخوان المسلمين!

فى حلقتنا الأولى، للإجابة على سؤال أسباب فشل الإخوان فى تجريف الشخصية المصرية؟، نحاور فى جريدة "الأخبار" د.عبدالواحد النبوى وزير الثقافة الأسبق لنستمع إلى شهادته حول عمق الشخصية المصرية المتجذرة الفريدة.. وإلى نص الحوار:

د.عبد الواحد النبوى

- فى البداية نحب أن نتعرف على أهم مميزات الشخصية المصرية وأهم ما تنفرد به من مقومات وخصائص؟

أولا الشخصية لا تتكون بين ليلة وضحاها، ولا بين 100 أو 200 عام، ونحن أمام الشخصية المصرية يمكن القول إنها تكونت عبر 10 آلاف سنة وليس 7 آلاف كما يزعم البعض، فهناك مصريون عاشوا قبل 7 آلاف سنة حضارة ولكن لم يكن لهم آثار تدل عى أنهم كانون متواجدين، والشخصية المصرية شخصية صلبة وثابتة وقوية بسبب التغييرات التى شهدتها فى جيناتها عبر آلاف السنوات من إنجازات وإخفاقات وتنمية وحروب وتقدم فى مختلف المجالات والعديد من المتغيرات سواء كانت طبيعية مثل الأمطار والجبال والأنهار والثلوج والتلال والأودية والهضاب أو غير طبيعية مثل الاحتكاك بأشخاص وثقافات مختلفة من خلال التوسعات الخارجية والغزو والحروب أو من خلال العلوم والمعرفة، وبالتالى الشخصية المصرية أصبحت قوية وثابتة وراسخة.

 

من ضمن أوجه ثبات الشخصية المصرية أن مصر لم تأخذ قرارا متسرعا طيلة تاريخها، دائما قراراتها المصيرية تأتى بعد استيعاب وتمهل ودراسة وبعد التعامل مع الهدف واكتشاف كل خباياه، فعلى سبيل المثال أن قرار توحيد القطرين فى عهد الملك مينا لم يكن قرار وليد لحظته ولكن سبقته محاولات لضم القطرين، كما أن الشخصية المصرية من الصعب بمكان تتأثر بشخصيات أخرى دخيلة عليها فمصر مكثت تحت وطأة احتلال الهكسوس ما بين 100 إلى 200 عام ورغم ذلك لم تخضع لثقافة الهكسوس ولغتهم ولكن حصلنا منهم على ما يفيدنا مثل عجلات الحربية والأحصنة فى الحرب.

 

وبالتالى لا يمكن لأى جماعة مهما كانت أن تغير فى الشخصية المصرية فالإنجليز حكموا مصر ما يقرب من 74 عاما منذ عام 1882 وحتى خروج آخر جندى انجليزى فى 19 يوليو 1956 لم يستطيعوا فرض لغتهم أو ثقافتهم ولا فكرهم.

لذلك جماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين لم تؤثر فى الشخصية المصرية منذ إنشائها عام 1928 ولكن يمكن القول بأنهم حاولوا أن يمسوا القشرة الخارجية للوطن، ولكن عندما أحس المصريون أن مس القشرة الخارجية بدأ يوصل لمرحلة العصب استيقظ المصريون وانتبهوا لذلك وثاروا على جماعة الإخوان، فكانت نهايتهم.

الشخصية المصرية 

- وما أهم مفاتيح الشخصية المصرية من وجهة نظرك؟

الشخصية المصرية هى مزيج من مجموعة من الحضارات التى تمت على أرض مصر عبر العصور، فلا تستطيع أن تتجاهل فترة أو حقبة من حقب التاريخ المصرى، فالمصريون يفتخرون أنهم فراعنة ومسيحيون وعرب ومسلمون ودولة حديثة الآن تبنى حضارة جديدة، ولا تستطيع أن تمس أى مرحلة من هذه المراحل وعندما تمس أى مرحة فإنك على موعد من ثورة الشعب المصرى ضدك، وبالتالى المفتاح الأول للشخصية المصرية هو يتعلق بعدم تجاهل مفردات مكونات تلك الشخصية.

المكون الثانى هو العادات والتقاليد الراسخة لدى الشعب المصرى والتى تأتى قبل الدين، والدين هو جزء من تلك العادات والتقاليد، وعاداتنا وتقاليدنا هى عادات منضبطة خرجت بناء على تجربة، فالمصرى على حد التعبير "اندهس" خلال الحقب الزمنية وما خرج من عادات وتقاليد هو خلاصة زبدة التجربة المصرية.

أما المفتاح الثالث للشخصية المصرية هو احترام تنوع فئات الشعب المصرى فلا يجوز أن تتعامل مع الشعب المصرى على أنه عدة فئات منفصلة كالنوبة أو الصعيد أو مسيحيين أو مسلمين أو خلافه إنما يجب التعامل على أساس أنه قطعة ونسيج واحد، فالزعيم سعد زغلول عند قيامه بتشكيل الوزارة فى منتصف العشرينيات من القرن الماضى أصر على تشكيل الحكومة وبها 2 من المسيحيين وواحد من اليهود على عكس المتعارف عليه فى تشكيل الوزارات فى هذا التوقيت الذى كان يعتمد على تشكيل الوزارة وبها مسيحى واحد ويهودى واحد، وعندما اعترض الملك فؤاد قال له سعد زغلول أنت ملك تحكم وأنا رئيس وزراء منتخب، إذا أنت تحكم فقط وأنا الذى اختار أعضاء الحكومة لأنى منتخب من الشعب المصرى، وهذا إن دل على شىء يدل على مدى الترابط القوى بين المسلمين والأقباط وأنهم وحدة وطنية واحدة ونسيج واحد داخل الشعب المصرى وهذا أهم ما يميز الشخصية المصرية بأنها نسيج واحد غير قابل القسمة على اثنين.

وما يؤكد أن الشخصية المصرية نسيج واحد أيضا هو فى ثورة 19 قيام الأزهر بتخصيص 4 خطباء من الأزهر بالتعاون مع القمص سيرجيوس لإلقاء خطب يومية بالجامع الأزهر لحث الناس على الثورة ضد الاحتلال البريطانى، والأخطر من ذلك أن هناك امرأة يهودية مصرية ذهبت إلى الأزهر وقالت لهم أنا امرأة يهودية مصرية أريد المشاركة فى الثورة على الاحتلال ووافق الأزهر لها بخطب خطبة على منبر الأزهر.

كما أنه من ضمن سمات الشخصية المصرية الأصيلة هو المحافظة على الأرض، وعدم المس بمقدرات الوطن أو اقتطاع مياهه أو أجزاء من بحاره وأنهاره.

الشعب المصرى 

- ولماذا عجز الإخوان عن فهم وإدراك تلك المفاتيح التى يتميز بها الشعب المصرى؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعرف أولا من هم قيادات جماعة الإخوان المسلمين وما هى ثقافتهم ومدى وعيهم، فمعظمهم تخرج من كلية هندسة أو طب ولم يقرأ كتابا واحدا فى أحد الفروع الثقافية المختلفة حتى لما قرأوا فى الدين قرأوا قشور الدين، كما أنه فى أحد مبادئ الإخوان هو تحريم قراءة الكتب بخلاف كتب الإخوان وأصحابها.

- لماذا رفض الشعب المصرى حكم الإخوان المسلمين؟

كلنا شعرنا فى فترة حكم الإخوان بأن بلدنا "بتنسحب من تحت رجلينا"، كما أن التسامح فى الشخصية المصرية واحترام الكبار والترابط المتواجد بين أفراد المجتمع بدأ كل ذلك فى الميل ناحية السقوط فى زمن حكم الإخوان لذلك رفض الشعب المصرى الاستمرار فى هذا الميل الإخوانى المتعمد فثار وانتفض ضد حكم الإخوان، فقد اكتشف المصريون فى زمن حكم الإخوان أنهم سيدخلون على مرحلة ارتداء العمامات الأفغانية فى القاهرة وضواحيها، كما أن تصريحاتهم المثيرة للجدل خلقت حالة من الخوف وتوجس من الشعب المصرى تجاههم خاصة هذا التصريح الذى أعلنوا فيه أنهم سيجلسون على عرش مصر 500 عام!

- ماذا لو استمر الإخوان فى حكم مصر؟

كانت ستوجد حالة من عدم الاستقرار داخل البلد لمدة 20 أو 30 عاما تنتهى بالتقسيم، وكالأخطر ستكون هناك حروب أهلية بين أبناء الشعب المصرى الواحد.

شخصية القوات المسلحة 

- لماذا تثق الشخصية المصرية فى شخصية القوات المسلحة المصرية ولا تثق فى جماعة الإخوان المسلمين؟

يتم خلال مرحلة التجنيد زرع حماية الوطن وعرضه وشرفه داخل الجندى والمقاتل المصرى وذلك منذ القدم، فالتربية داخل الجيش المصرى قائمة على حماية هذا الوطن وعلى الانتقام من أى عدو يحاول المساس بأمن هذا الوطن، فبالتالى تكوين الجيش المصرى الوطنى هو من أبناء الشعب المصرى نفسه، لذلك يعتبر المصريون فترة الخدمة العسكرية هى ضريبة لخدمة الوطن، لذلك الشعب المصرى مقتنع تماما بأن الجيش المصرى هو من يحمى المصريين وهو السماء التى تظله على أرض هذا الوطن.

- مصر دولة وسطية جغرافيا ومذهبيا.. هكذا وصف المؤرخ الكبير جمال حمدان مصر فى كتابه "شخصية مصر".. إذن لماذا لم يؤمن الإخوان بهذا المفهوم مثلهم مثل بقية الشعب المصرى؟

مصر دولة فعلا وسطية فالإمام الشافعى عندما جاء إلى مصر غيّرَ من مذهبه ليكون وسطيا فلا هو متشدد ولا هو رخو ضعيف، كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعانا إلى الوسطية وقال ما خيرت بين أمرين إلا واخترت أيسرهما، والمصريون ينطبق عليهم هذا الحديث أو النموذج فهم ليس لديهم تشدد البداوة فى الفقه والنصوص، أما الإخوان فهم متشددون مذهبيا مثلهم مثل كل جماعات الإسلام السياسى، أما جغرافيا فهم لا يؤمنون بفكرة الدولة وحدودها وإنما يؤمنون بفكرة الخلافة على نطاق أوسع من الدولة ليشمل عدة دول لذلك الإخوان المسلمون لم يؤمنوا بفمهوم وسطية مصر فى كل المجالات حتى الدين والموقع.

- لماذا يكره الإخوان المسلمون الأزهر؟

الإخوان يشعرون − وهم كذلك − بأنهم معدومو المعرفة أمام قادة وشيوخ الأزهر، فهم يشعرون بالعجز الفكرى أمامهم فلا يستطيعون مجاراتهم فى الفقه والأصول والشريعة والتفسير خاصة وأن الإخوان لديهم مصدر واحد لمعرفتهم وثقافتهم وهو مرجعية حسن البنا وسيد قطب وغيرهما من قيادات الإخوان الجهلة.

حد التحريم 

- لماذا لم نجد مؤرخا أو مثقفا أو أديبا إخوانيا ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها 1928؟

الإخوان ليس لهم أثر فى الفكر أو الرواية أو المقال أو الفن التشكيلى لأنهم لديهم موقف من هذه الأمور وموقف يصل إلى حد التحريم، فبالتالى لن يكتب فى مثل هذه الأمور وسيحرم على أولاده أيضا الكتابة فيها، فالإخوان يفتقدون إلى الوقود الثقافى الذى من الممكن أن يحركهم يومين اثنين من أيام تاريخ الحضارة المصرية والدولة الحديثة!، والإخوان طبقوا نظرية أطلقوا عليها نظرية العزل حيث تم عزل الإخوان جميعهم قيادات ومرءوسين عن شتى أنواع الثقافة، ومعظ شباب الإخوان فى القرى من حاملى دبلوم التجارة والصنايع والذين لم يكملوا مراحلهم التعليمية لذلك هم معدومو الثقافة والفكر لذلك مطلوب من الدولة عدم إضعاف مؤسسة الأزهر المؤسسة الرسمية الدينية لأنها هى الجهة الوحيدة المنوط بها للرد على أكاذيب وضلالات الإخوان المسلمين.

- كنت مديرا لدار الوثائق والكتب المصرية 2013.. ماذا فعل الإخوان بك عندما أتوا إلى سدة الحكم؟

كان أول قرار من وزير الثقافة الإخوانى هو إقالتى وتعيين خالد فهمى الإخوانى بدلا منى وقد حاول هذا الشخص الاطلاع على بعض الوثائق التى تخص الأمن القومى والإخوان والمتواجدة فى دار الكتب ولكنه عجز عن الاطلاع عليها نظرا لوجود موظفين وطنيين داخل دار الكتب والوثائق فضلا عن النظام الأمنى المتبع داخل دار الكتب والوثائق والذى يصعب على أى شخص مهما كان منصبه اختراقه للاطلاع على الوثائق، فوثائق الدولة هى بطاقات تعريف الدولة المصرية لذلك يوجد نظام قومى للحفاظ على هذه الوثائق التى يبلغ عددها 110 ملايين وثيقة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة