الشيخ الشعراوى
الشيخ الشعراوى


خواطر الإمام الشعراوى

معنى النفقة.. خواطر الإمام الشعراوى

الأخبار

الخميس، 04 فبراير 2021 - 10:47 م

إن الحق سبحانه قد اعتبر النفقة فى سبيل الله هى قرض من العبد للرب الخالق الوهاب لكل رزق.

‎فحين يقول الله تعالى: "أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم" فأنتم لا تتبرعون لذات الله بل تنفقون مما رزقكم، ومن فضل الله عليكم أنه احترم أثر عملكم ونسبه لكم حتى وإن احتاج أخوك، فهو سبحانه يقول: "من ذَا الذى يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" "البقرة: 245".

‎إن الحق سبحانه قد اعتبر النفقة فى سبيل الله هى قرض من العبد للرب الخالق الوهاب لكل رزق. وحتى نفهم معنى النفقة أقول: قد قلنا من قبل: إن الكلمة مأخوذة من مادة (النون والفاء والقاف)، ويقال: نفقت السوق أى انتهت بسرعة وتم تبادل البضائع فيها بالأثمان المقررة لها، ونحن نعرف أن التجارة تعنى مقايضة بين سلع وأثمان. والسلعة هى ما يستفاد بها مباشرة. والثمن ما لا يستفاد به مباشرة.

‎فعندما تكون جائعا أيغنيك أن يكون عندك جبل من ذهب؟ إن هذا الجبل من الذهب أنت لا تستفيد منه مباشرة، أما فائدتك من رغيف الخبز فهى استفادة مباشرة، وكذلك كوب الماء الممتلئ، تستفيد منه مباشرة، والملابس التى ترتديها أنت تستفيد منها مباشرة. إذن فالذى يستفاد منه مباشرة اسمه سلعة، والذى لا يستفاد منه مباشرة نسميه ثمناً. ولذلك يقول لنا الحق إنذاراً وتحذيراً من الاعتزاز بالمال: "ياأيها الذين آمنوا أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ والكافرون هُمُ الظالمون" "البقرة: 254".

‎إن الحق سبحانه ينبهنا أن ننفق من رزقه لنا من قبل أن يأتى اليوم الآخر الذى لا بيع فيه؛ أى لا مجال فيه لاستبدال أثمان بسلع أو العكس، وأيضا لا يكون فى هذا اليوم (خُلة)، ومعنى "خلة" هى الود الخالص، وهى العلاقة التى تقوم بين اثنين فيصير كل منهما موصلاً بالآخر بالمحبة؛ لأن كُلاًّ منكما منفصل عن الآخر وإن ربطت بينكم العاطفة وفى الآخرة سيكون كل إنسان مشغولا بأمر نفسه.

‎إن اليوم الآخر ليس فيه بيع ولا شراء ولا فيه خلة ولا شفاعة، وهذه هى المنافذ التى يمكن للإنسان أن يستند عليها. فأنت لا تملك ثمنا تشترى به، ولا يملك غيرك سلعة فى الآخرة، إذن فهذا الباب قد سد. وكذلك لا يوجد خلة أو شفاعة، والشفاعة هذه مأذون فيها. إن كانت ممن أذن له الله أن يشفع فهى فى يد الله، ومعنى (شفيع) مأخوذة من الشفع والوتر. الوتر واحد والشفع اثنان، فكأن الشفيع يضم صوته لصوتى لنقضى هذه الحاجة عند فلان. فيتشفع الإنسان بإنسان له جاه عند المشفوع عنده حتى ينفذ له ما يطلب. ولكن هذه الوسائل فى الآخرة غير موجودة. فلا بيع ولا خلة ولا شفاعة؛ فأنتم إذا أنفقتم اتقيتم ذلك اليوم، فانتهزوا الفرصة من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة.

‎وهذه هى أبواب النجاة المظنونة عند البشر التى تُغلق فى هذا اليوم العظيم. وكأن الحق سبحانه وتعالى يقول: أنا لم أفوت فرصة على خلقي؛ خلقى هم الذين ظلموا أنفسهم ووقفوا أنفسهم هذا الموقف، فأنا لم أظلمهم. لذلك يذيل الحق الآية بقوله:"والكافرون هُمُ الظالمون".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة