الشيخ عبدالحميد الأطرش
الشيخ عبدالحميد الأطرش


مواجهة

«الأطرش»: الفتوى لا تؤخذ من فاسق وإن كان من أهل العلم

سنية عباس

الخميس، 04 فبراير 2021 - 11:00 م

من القضايا المثارة وتشغل عقول الناس وخاصة العامة منهم اختلاف آراء العلماء حول الفتاوى: أحدها يقول بالتحليل وآخر بالتحريم وثالث بالتيسير، فيحتار المسلم أى رأى يختار وخاصة فى الأمور المستحدثة، التى يدخل فيها القياس والاجتهاد ولا نص صريح فيها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ويتساءل المسلمون من عامة الناس ما موقف المسلم من اختلاف اجتهاد العلماء فى الفتوى وإن احتج كل منهم بدليل صحيح والعامى ليس لديه العلم الكافى للحكم على صحة الفتوى ؟ فهل يختار الأيسر أو الأحوط وإن لم يختر الأحوط هل يأثم ؟ وفى حوار مع الشيخ د. عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق يجيب على هذه التساؤلات وغيرها.

 

يقول : جعل الله تبارك وتعالى اختلاف العلماء رحمة بهذه الأمة يقول سبحانه: "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" فالاختلاف سنه كونية ومن نعمة الله بعباده أن الفقهاء لم يختلفوا فى أصول الدين ومصادره الأصلية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وإنما الخلاف كله فى الفروع والأمور المستحدثة التى لم يرد فيها حكم الله ورسوله ولا تمس وحدة المسلمين الحقيقية ويدخل فيها القياس والاجتهاد، كما يختلفون أيضا فى مدلول الكلمة لغويا فمثلا قول الله تعالى: " ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم " وهنا حرف الباء فى كلمة برؤوسكم قد يعنى الإلصاق أى مسح الرأس كلها ومن قال تعنى بعضها ومن قال قيد أنملة وفى هذا الاختلاف نأخذ بقول الله عز وجل: " ما جعل الله عليكم فى الدين من حرج، ولذلك لا يجب أن يكون مثل هذا الاختلاف مجالا للشك أو التشويش عند الناس ولا سيما العامة الذين لا يعرفون مصادر الخلاف.

العلم والعدالة

ويستطرد: قبل الجواب على حيرة الناس من تعدد الآراء فى الفتوى الواحدة لابد من بيان من هم أهل الاختصاص الذين تعتبر أقوالهم ويؤخذ بها الفتوى قال تعالى:" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وهم الذين تجتمع لديهم صفة العلم لأن المفتى لا يمكن أن يخبر عن حكم الله تعالى وهو جاهل به، والعدالة بأن يكون مستقيما فى أحواله ورعا عفيفا عن كل ما يخدش الأمانة، فالفاسق لا تقبل منه فتوى ولو كان من أهل العلم.

 

 ويضيف: المسلم الذى هو من عوام الناس عليه إذا كان لديه أمر ما يستفتى عنه أن يسأل أولا عن حكم الله تعالى وحكم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإذا تبين له الحق من كلام الله ورسوله فلا يجوز له أن يتركه لقول قائل كائنا من كان لأن الله تعبدنا بكلامه سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقط، وإذا لم يكن فى المسألة حكم صريح لله ورسوله وكانت فى الأمور المستحدثة ومن مسائل الاجتهاد فواجب على المسلم أن يتبع ما يظنه أقرب للحق والصواب وما يطمئن إليه قلبه قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : " استفت قلبك وإن أفتاك المفتون ( وقال أيضا: ) البر حسن الخلق والإثم ما حاك فى صدرك وكرهت أن يطلع الناس عليه".

 

أقوال واجبة

ويتابع: لا يجوز للمسلم أن يتتبع رخص العلماء وما يسمى بالأسهل فى كل مذهب فإن من يتتبع رخص العلماء اجتمع فيه الشر كله ووجد من الفتاوى ما يستحل فيه كثير من المحرمات، والعامى من الناس لا يجب عليه تقليد شخص بعينه من العلماء الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم أو غيرهم فى كل ما يقول وأن يستفتى من يعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أى مذهب كان، واتفق العلماء أنه ليس أحد معصوما فى كل ما يأمر به وينهى عنه إلا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكل الناس يؤخذ بكلامه ويترك إلا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة الأربعة رضوان الله عليهم نهوا الناس عن تقليدهم وذلك هو الواجب عليهم فقال الإمام أبو حنيفة:) هذا رأيى فمن جاء برأى خير منه قبلناه ( ويقول الإمام مالك:) إنما أنا بشر أصيب وأخطئ فاعرضوا قولى على الكتاب والسنة ( ويقول الإمام الشافعى : ) إذا صح الحديث فاضربوا بقولى عرض الحائط ( والإمام أحمد يقول: ) لا تقلدونى ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعى ولا الثورى وتعلموا كما تعلمنا (، ولما كان العلماء غير معصومين عن الخطأ والوهم فإن الواجب اجتناب زلاتهم وعدم الاقتداء بها، وعليه فالعامى لا مذهب له وإنما مذهبه مذهب مفتيه من أهل الثقة والأمانة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة