حريق عقار فيصل
حريق عقار فيصل


«الحماية المدنية» في مواجهة الفساد والعشوائية

أحمد عبدالوهاب

السبت، 06 فبراير 2021 - 10:40 ص

ضحايا وخسائر بالملايين وعدم الالتزام بالقوانين تحت شعار «مشي حالك»

حرائق العتبة وسوق التوفيقية وعقار فيصل دليل على الإهمال وغياب الضمير

قوات الإطفاء تتصدى دائمًا لنيران الفوضى وتتحمل أخطاء من باعوا ضمائرهم

«موت وخراب ديار».. 3 كلمات تحمل في معانيها، مدى الخسائر الكبيرة، سواء مادية أو بشرية، جراء ما ينتج عن حوادث الحريق، التي أصبحنا نستيقظ على أخبارها كل يوم، ومنها ما يحمل تفاصيل صادمة. 

دائمًا تتصدر «الحماية المدنية»، لكافة الحرائق التي تحدث بين الحين والآخر، وتكون بمثابة خط الدفاع الأول، والتي يتعرض ضباطها وأفرادها إلى خطر الموت في كل لحظة.. فهم يواجهون النار، التي لا يستطيع أحد أن يقف أمامها.

«مشي حالك».. جملة تعكس حجم الفساد واللامبالاة، من جانب كثير ممن يبحثون عن المكسب، دون النظر إلى تبعيات وخطورة، ما قد يحدث من كوارث، نتيجة عدم اتخاذ الإجراءات المتبعة، خلال فتح المحال التجارية أو بناء العقارات السكنية، وفي النهاية تحدث خسائر مادية وبشرية باهظة.

لعل الحرائق التي وقعت في الآونة الأخيرة، أبرز دليل على حجم الفساد والعشوائية، التي لم تكن وليدة اللحظة، بل أنها مترسخة من عشرات السنين، وما يحدث الآن هو محاولات لتصحيح المسار ولكنها تحتاج لمدد زمنية طويلة.

وترصد «بوابة أخبار اليوم»، عددًا من الحرائق، التي تكشف تراكمات الفساد والعشوائية، المتراكمة منذ سنوات.

حريق العتبة

في السابع والعشرين من يونيو عام 2019، اندلع حريق هائل، في أحد العقارات بمنطقة العتبة، وكانت الكارثة، أن تلك العقار ليس مخصص للسكان، بل يقوم أصحاب المحال بتخزين بضائعهم بداخله.

امتدت النيران لعدد كبير من المحال المجاورة للعقار المشار إليه، نتيجة عدم توافر وسائل الأمن والسلامة، وحصد الحريق عدد من المحال، وعربات بيع الملابس العشوائية، المتراصة بكثافة داخل المنطقة.

تفاقمت الكارثة بسبب عدم قدرة سيارات الإطفاء، على دخول الشارع الضيق الذي شهد الحريق، مما ضاعف من مجهود رجال الحماية المدنية، الذين بذلوا جهودًا جبارة، حتى تمكنوا من السيطرة على النيران وإخمادها، وهو ما نتج عنه خسائر بالملايين.

حريق التوفيقية

في الساعات الأولى من صباح الجمعة الماضية، ومع سطوع أول ضوء نهار، اشتعلت النيران بشكل مفاجئ، في أحد الأكشاك لبيع قطع غيار السيارات بسوق التوفيقية الشهير، وامتدات النيران بسرعة كبيرة، بسبب سرعة الهواء.

امتدت النيران لتحصد قرابة 14 كشكًا، وكادت أن تمتد لمول متعدد الطوابق، كائن بالمنطقة لولا سرعة تدخل وجهود قوات الحماية المدنية، التي انتقلت بسرعة كبيرة، وتمكنت من محاصرة النيران ومنع وقوع كارثة مُحققة.

وكانت المفاجئة الصادمة، أن الحريق ليس بفعل ماس كهربائي، كما هو المعتاد، بل كشفت تحريات أجهزة البحث الجنائي، أنه بفعل فاعل، واستطاعت في غضون ساعات، من كشف تفاصيل الواقعة، وضبط المتهم، وتبين أنه أحد الباعة بالمنطقة، وبرر جريمته لوجود خلافات مع أبناء عمومته العاملين بذات المنطقة.

عقار فيصل

حادث غريبة ومؤسفة في نفس الوقت، وهي اندلاع حريق في أحد العقارات،  والذي عُرف إعلاميًا بـ«عقار فيصل».. والغريب في الأمر، هو استمرار الحريق لـ4 أيام متتالية، دون توقف وهو ما لم يحدث من قبل.

كشفت المعاينة، أن الحريق نشب داخل مصنع ومخزن لتصنيع الأحذية، الواقع الطابق الأول من العقار المكون من 14 طابقًا، وتسببت المواد الكيماوية، التي تستخدم في عملية التصنيع، في تفاقم الحريق.

كعادتها، انتقلت قوات الحماية المدنية، لموقع الحريق فور ورود البلاغ، وبذلت جهودًا جبارة في عملية الإطفاء، ولكن الكميات الكبيرة من المواد الكيميائية، المتواجدة داخل المخزن المحترق، تسببت في اشتعال النيران بقوة، وأوصت لجنة هندسية، بوقف عمليات الإطفاء، نظرًا لشدة النيران، حتى لا تنفجر أعمدة الخرسانة الخاصة بالعقار، وهو ما كان سيؤدي إلى انهياره على الطريق الدائري وتحدث كارثة.

الفساد والعشوائية

ما رصدناه في الحوادث سالفة الذكر، يؤكد على حجم الفساد والعشوائية، المتراكم من سوات طويلة، فعقار فيصل الضخم، قام مالكه بإنشاءه منذ عام 2013، بشكل مخالفة وبدون الحصول على التراخيص اللازمة، وقان بتشييد 14 طابقًا في تحدي سافر للقانون، وأمام مرأى مسئولي المحافظة، الذين عجزوا عن التصدي له، وتركوه يفعل ما يريد، حتى وقعت الكارثة.

ولم يكن عقار فيصل وحده، هو ما تم بناءه بشكل مخالف، بل هناك آلاف العقارات، تم بناؤها دون الحصول على التراخيص اللازمة، وهو الأمر الذي تحاول الحكومة تصحيحه، من خلال قانون التصالح في مخالفات البناء.

جهود رجال الإطفاء

دائمًا ما يكون رجال الإطفاء، في مقدمة الصفوف، يواجهون نيران الحرائق، التي لا يستطيع أحدًا الوقوف أمامها، يبذلون جهودًا جبارة لحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، وهو ما يشدد عليه اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، بالاستجابة الفورية، لكافة البلاغات والاستغاثات، خاصة التي تتعلق بالحرائق، لما تمثله من خطورة بالغة.. وشهدت إدارات الحماية المدنية، بقيادة اللواء أسامة فاروق مساعد وزير الداخلية ومدير الإدارة العامة للحماية المدنية، تطورًا كبيرًا من حيث توفير المعدات الحديثة، والتدريب على طرق الإطفاء، وهو ما انعكس بشكل إيجابي، من خلال قدرتهم على مواجهة الحرائق، وتقليل الخسائر الناجمة عنها سواء مادية أو بشرية.

 

 

 

 

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة