صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


ميانمار.. انقلاب على الديمقراطية أم صراع حول السلطة والنفوذ؟

بوابة أخبار اليوم

السبت، 06 فبراير 2021 - 06:25 م

 بكين ـ عامر تمام:
 
خمس سنوات من الشراكة بين حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية والجيش في حكم ميانمار (بورما سابقًا)؛ انتجت شكلا من الديمقراطية الهشة، هذه الثنائية لم تقدم حلولا لأزمات البلاد، بل أنتجت المزيد من التدهور الاقتصادي، والجرائم ضد الإنسانية، والقتل والتهجير لقرابة المليون شخص من مسلمي الروهينغا، واستمرار تهميش أقليات أخرى، ناهيك عن الانفلات الأمني والمليشيا العسكرية التي تسيطر على أقاليم بكاملها، بالإضافة إلى صراع مكتوم على السلطة، أسفر عن انقلاب عسكري، أعاد قادة الجيش مرة أخرى لحكم البلاد.


 
أسباب الأزمة
جرت الانتخابات التشريعية الأخيرة، في ظل اتفاق بين شريكي الحكم على استبعاد خمس أقاليم من المشاركة في التصويت؛ بحجة الأوضاع الأمنية المتردية، بالإضافة إلى مليونين من الروهينغا المحرومين من أية حقوق للمواطنة.


أسفرت النتائج عن فوز حزب الرابطة الوطنية بقيادة أونغ سان سوكي بأغلبية ساحقة تزيد عن 80 في المائة، وخسارة حزب الاتحاد للتضامن والتنمية حليف الجيش الذي يمنحه دستور 2008 مكانة خاصة أبرزها 4 وزارات سيادية، و25 في المائة من أعضاء البرلمان، ورغم ذلك هددت هذه الخسارة طموح قائد الجيش مين أونغ هيلنغ الذي كان يضع أمالا على الفوز بالأغلبية للوصول إلى رئاسة البلاد.
 
رفض الجيش الاعتراف بالنتيجة التي تهدد هيمنته على الحكم المستمرة منذ 1962، متهما مفوضية الانتخابات ـ التي عينت رئيسها سان سوكي ـ بالتواطؤ، مشيرا إلى وجود عشرة ملايين عملية تزوير، ومع تجاهل سان سوكي لهذه الاتهامات، والاستمرار نحو عقد أول جلسة للبرلمان، هدد قائد الجيش باحتمال لجوئه إلى مادة في الدستور تتيح له فرض حالة الطوارئ والاستيلاء على الحكم، وقبيل ساعات من انعقاد أول جلسة للبرلمان الجديد الإثنين الماضي، نفذ الجيش تهديده، واستولى على الحكم وفرض حالة الطوارئ واعتقل مستشارة الحكومة أونغ سان سوكي والرئيس وين مينت ووضعهم قيد الإقامة الجبرية ووجه لهم اتهامات جنائية، ومن هنا بدأ فصل جديد للقصة ينقل الأزمة لخارج حدود ميانمار.
 
موقف الصين
 
توالت الإدانات الدولية لتحرك الجيش خاصة من الدول الغربية، والتهديد بعقوبات، والمطالبة بإنهاء حالة الطوارئ والافراج عن المعتقلين، وتراوحت المواقف الأسيوية ما بين الصمت التام والتحفظ، وتم الدعوة لعقد جلسة لمجلس الأمن لبحث الأزمة، لكن لم يستطع المجلس الخروج بأية نتيجة تذكر بسبب عدم توافق الدول الأعضاء.


لا شك أن موقف الصين هو الأهم في القضية إلى جانب الولايات المتحدة، حيث عارضت بكين فرض عقوبات على ميانمار في مجلس الأمن، واعتمد المتحدث باسم الخارجية الصينية خلال تعليقه على الانقلاب صيغة حيادية طالب خلالها كل الأطراف باللجوء إلى الدستور والقانون لحل الخلافات، ما يؤشر إلى رغبة بكين في الحفاظ على علاقات جيدة مع كل الأطراف لحماية مصالحها، وفتح الباب أمام قيامها بدور وسيط لحل الأزمة.


رغم بعض التقارير تتهم الصين بدعم بالانقلاب، الواقع يقول غير ذلك، فالعلاقات الصينية ـ البورمية كانت الأفضل خلال فترة حكم حزب الرابطة، مقارنة بفترة حكومة الجنرال ثين سين المدعومة عسكريا في 2011. ترى يون صن، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون بواشنطن، أن " الانقلاب ليس بأي حال من الأحوال في مصلحة بكين". مشيرة في تصريحات لصحيفة ذا ديبلومات المهتمة بمنطقة آسيا ـ المحيط الهادي "كانت بكين تعمل بشكل جيد للغاية مع الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية".


تولي الصين أهمية كبيرة لميانمار في السنوات الأخيرة، نظرا للاعتماد المتزايد عليها في مبادرة الحزام والطريق، خاصة مشروع الممر الاقتصادي بين البلدين الذي يربط مقاطعة يونان في الصين بخليج البنغال، وهو الطريق الوحيد الذي يتيح للصين وصولا سهلا إلى المياه العميقة في المحيط الهندي ويضم ميناء كياكيبو، ويضمن لشحنات النفط القادمة إلى الصين طريقا بديلا لمضيق ملقا الذي يشكل نقطة ضعف استراتيجي للصين.


 
صراع نفوذ ​ ​
 
تسعى الولايات المتحدة والهند وحتى الدول الاوربية إلى استعادة النفود في ميانمار، لكن هذا الأمر بات صعبا حاليا، حيث ترى الصين أن ارتباط ميانمار بالغرب سيكون على حسابها، ويهدف إلى زعزعة استقرارها، حيث تنظر بكين إلى إعادة الارتباط بين بورما والغرب من منظور محصلته الصفرية، وستكون على حسابها، بحسب ما قاله ديريك ميتشل، السفير الأمريكي السابق لدى ميانمار لفورين بوليسي.
 
لذا لن تسمح بكين للدول الغربية بلعب دور محوري في إنهاء الصراع في ميانمار، من خلال مجلس الأمن أو حتى من خلال العقوبات، في المقابل ستسعى هي للقيام بهذا الدور من خلال دبلوماسيتها، لسببين أولها، ضمان عدم وجود نفوذ غربي يهددها، والثاني تحقيق نصر لدبلوماسيتها يساهم في تحسين صورتها دوليا.
 
ترى بلومبرج، أن مفتاح حل الأزمة في يد بكين، حيث يمكن للولايات المتحدة الاعتراف بمصالح بكين في ميانمار، مقابل استغلال الصين لنفوذها مع قادة الجيش لحل الأزمة والعودة إلى نظام ديمقراطي حقيقي يحترم كل مكونات الشعب، ربما هذا السيناريو هو الأصعب والأكثر تفاؤلاً.

 

اقرأ أيضًا: بسبب التظاهرات.. قطع الإنترنت عن ميانمار

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة