يعقوب الشارونى خلال حوار الـ “90 عامًا إبداع” مع «الأخبار المسائى»:
يعقوب الشارونى خلال حوار الـ “90 عامًا إبداع” مع «الأخبار المسائى»:


حوار| يعقوب الشاروني: دخلت التاريخ عندما قدمني جمال عبدالناصر للأمة العربية 

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 10 فبراير 2021 - 03:28 ص

يعقوب الشاروني خلال حوار الـ “90 عامًا إبداع” مع «الأخبار المسائى»:
تركت منصة القضاء لأتفرغ لعالم الطفل
صِدْق الكاتب مع نفسه ومع القُرّاء لا بد أن يترك أثرًا شاملاً فى أعماله الأدبية
الأستاذ عبد الحق مدرس الإبتدائي أول مشجع علنى لموهبتى وأقوى حافز لاستمراري في الإبداع الأدبي
أول رواية كتبتها خلال دمج فصلي تالتة أول وتالتة تـاني إبتدائي 
كتابة القصة والمقال والعمل الصحفي الإغراء الأكثر جاذبية من أي شىء آخر في حياتي

حوار: أحمد عبدالنعيم:


لا يحتاج الكاتب الكبير يعقوب الشاروني إلى كلمات تقدمه أو حدث.. وجوده بيننا حدث، وإبداعه الدائم حلقة نقاش يومي، إصراره على خلق جيل واعٍ يعرف مفرداته ويطور كل يوم من أدواته ليقدم لنا ما نغفله.. الشاروني لا يقدم كتابه لطفل يتسلى بها، ولكنه يصنع معه غدًا أكثر إشراقًا يقدم له حلمه الدائم باللعب والشقاوة والمرح والمعرفة.. عندما تقرأ للشاروني فأنت تدخل عالمًا خاصًا شديد التفرد.. اختار الأصعب لم يقدم الأسهل أبدًا، الكتابة للطفل الأصعب والأجمل والأبقى.. أراد أن يبقى وأن نلهث للمعرفة.. هو أيقونة جيلي الذي تربى على حكاية أعجبتني بالأهرام لمدة 30 سنة، الأمر الذي شكل وجدان جيلي وجيل أبنائي.. الحوار معه متعة.. والجلوس في محرابة حياة.. والإصغاء إلى سرده نشوة يتطلع إليها كل مريديه.

 

والحوار معه يجرى خارج إطار الزمن وتجرى الساعات كلحظات يتوقف عندها الزمن لتبدأ حياة أخرى من جديد.. ومهما نهلنا من نبعه الفياض.. سيبقى لديه الكثير، حدثته وكلي آذان صاغية.. هل نبدأ بالحوار التقليدي عن البداية .. فابتسم الشاروني لقد اعتدنا الدردشة من منزلي وحتى بائع الجرائد بجوار سينما فاتن حمامة.. إذا لنبدأ الدردشة..


• البداية .. من أين ؟ 


** منذ سنوات حياتي الأولى أحب السفر وزيارة الأماكن الجديدة، والتعرف على البشر قبل الحجر، وعندما كنت في المدرسة الإبتدائية وأنا في التاسعة أو العاشرة من عمري، كنت شغوفًا بكتابة القصص القصيرة المستمدة من زياراتي لمختلف الأماكن وتعرفي على نماذج متعددة من البشر، مستعينًا بما أسجله كل ليلة في “كراس يومياتي” أو مذكراتي.

 

وكان من الطبيعي أن تدور أولى رواياتي القصيرة للأطفال واليافعين حول خبراتي التي عايشتها أثناء زياراتي في العطلات الصيفية لبيت جدي لوالدتي في قرية “جزيرة شارونة”، بمحافظة المنيا بصعيد مصر.. وشيئًا فشيئًا بدأت أهتم بقراءة المجلات الأدبية والثقافية، وروايات ومسرحيات كبار الكُـتَّاب، وقراءة كتب علم النفس والفلسفة التي كان يدرسها أخي الأكبر في كلية الآداب بالجامعة. 

 

•ومتى كان اللقاء الأول بعالم الكتب والقراءة؟
** قبل أن أبلغ الثالثة، كان يحيط بي عالم من كتب الأطفال، كبيرة الحجم، بها رسوم جميلة واضحة بالأبيض والأسود, كانت كتبًا باللغة الإنجليزية، وكثيرًا ما كانت إحدى أخواتى اللاتى تسبقنى فى العُمر، تجلس معى  (ومع إخوتى الأصغر سنًّا)، تحكى الحكايات التي تدور حولها تلك الرسوم، مثل حكايات “سندريلا”، و”ذات الرداء الأحمر”، و”جميلة والوحش”، و”الجميلة النائمة”, وعندما  تنتهى أختى من حكاياتها، امسك  الكتاب، استغرق فى تأمل الرسوم بشغف وإعجاب، أحاول أن استنطق شخصيات الرسوم، من إنسان وحيوان ونبات, ثم اتطلع فى حيرة إلى تلك الرموز المكتوبة بجوار الرسوم، واسأل نفسى عشرات المرات: “متى يكون فى استطاعتى أن أفهم هذه العلامات، حتى أتمكن مِن أن أعتمد على نفسى فى فهم ما تدور حوله هذه الرسوم، بغير أن أضطر إلى انتظار وقت فراغ أختى لتحكى لى عنها, ثم تعودت أن ابحث عن كل كتاب به رسوم، وأصنع  من خيالى حكايات تدور حول تلك الرسوم.. وكانت هذه هى البداية التى بدأ بها خيالى ينشغل بتأليف القصص.

 

•صانع الحكاية وناسج خيوط أدب الطفل العربى.. من صاحب البداية؟
** أعتقد أن الشارونى عاد كثيراً إلى الوراء وقد وصلنا إلى بائع الجرائد وانتظرت الاجابة (كانت جدتى لوالدى تعيش معنا بالقاهرة ولا تستطيع السير لتقدمها فى السن كثيرًا ما كنت أجلس بجوارها، استمع منها إلى الحكايات الشعبية خاصة حكايات “عقلة الأصبع” أو “نص نصيص” التي شغلتنى كثيراً وجعلتني أصنع قصصا أبطالها هذا الفتى الصغير الذى لا يزيد حجمه عن أصبع الإبهام، مما يتيح له أن يتحرك بغير أن يلاحظه الناس، وأن يدخل إلى مختلف الأماكن الـتى يتعذر على غيره أن يدخلها، وأن يتخلص مما يتعرض له غيره من مخاطر معتمدًا على ذكائه وحجمه الصغير.


•هل لجزيرة شارونة جزء فى التكوين الإبداعى؟
** كان جدى أحد النادرين في القرية، الذين يمتلكون مكتبة صغيرة، ويحرصون على مطالعة جريدة الأهرام ظهر كل يوم، يشتريها له العائدون من “مركز مغاغة” على الشاطئ الغربى، بعد أن يعبروا النيل مع الفجر للبيع والشراء، ويعـودون إلى جزيرتهم عند الظهر أو مع العصر, ويذكر كاتبنا أنه وجد فى مكتبة جده نسخة من كتاب “ألف ليلة وليلة” طبعة الهند، وأنه بدأ يقرأ ذلك الكتاب فى العطلة الصيفية التى أعقبت امتحانات نهاية العام للسنة الثالثة الإبتدائية. ومنذ تلك الفترة، لم يكفَّ حتى الآن، عن معاودة قراءة هذا الكتاب الحافل بثروات الخيال والإبداع الشعبى، والنماذج الإنسانية، وأساليب القص الآسرة. 


•كيف كانت البداية في العلاقة مع المساحة البيضاء؟ 
** كنا قد وصلنا إلى منزل الشارونى وهنا تذكر كاتبنا (أنه فى نهاية الصف الثالث الابتدائي، وقبل موعد امتحان نهاية العام الدراسى بأسبوع، جمع مدرس اللغة العربية الأستاذ عبدالحق، الفصلين ثالثة أول وثالثة ثانٍ ليراجع مع تلاميذهما أهم ما فى المقرر الذى درسوه.. وهكذا انحشر كل أربعة من التلاميذ على مقعد لا يتسع عادة إلا لاثنين. 


واختار أن يجلس على طرف مقعد فى أحد الصفوف الخلفية.. جلس لا يشغله إلاَّ الانتهاء من كتابة قصة كان قد بدأها، والتى لا يشتعل خياله مع أحداثها إلا فى فترة الانهماك الشديد استعدادًا للامتحانات.. تـَـصَوَّرَ أنه فى زحام قاعة الفصل لن يتنبه المدرس إلى ما يفعل، فأخرج “كراسة مؤلفاته” ووضعها فوق ساقيـه، وانهمـك فـى الكتابة وقد نسى تمامًا كل ما يدور حوله فى الفصل. 


فجأة وجد وجه أستاذه يطل من فوق رأسه، فقد ناداه باسمه للإجابة عن سؤالٍ لم يسمعه، فاقترب منه الأستاذ يسأله فى دهشة: “ما هذا الذى تكتبه؟” رفع رأسه وقال بغير تفكير: “رواية! “.. وفى دهشة أشد ردد الأستاذ مستنكرًا: “تقول  رواية؟! هل تكتب رواية حقًّا؟!”.. أجاب مدافعًا عن نفسه لكى يتفادى أى عقاب متوقع: “هى ليست أول رواية أكتبها!”.. هنا فوجئ بالأستاذ يقول في لهجة تشوبها سخرية واضحة: “إذن قف اقرأ لنا بعض سطور روايتك!!”.. كأنما أراد الأستاذ أن يثير سخرية بقية التلاميذ من هذا الصبى الذى لم يتجاوز العاشرة من عمره ويزعم فى جرأة، أمام أستاذ اللغة العربية، أنه يكتب “رواية!”.. استجمع شجاعته، وانطلق يقرأ الفقرة التى كتبها, وفوجئ بالتغير الذى ظهر على وجه أستاذه, بدلاً من أن يتناول الأستاذ الكراس ويمزقه ويلقى به من نافذة الفصل، تَحَوَّل الغضب إلى نوع من الرضا وهو يربت على كتفه برفق قائلاً: “ربنا يفتح عليك.. اجلس وأكمل روايتك”.

 

كان أول تشجيع علنى يجده من أستاذ متفهم، وإنها كانت أول جائزة يفوز بها فى حياته.. بل أقوى حافز ليستمر فى الإبداع الأدبى، ويعتبره أهم أهداف حياته... 


• هل كانت الرحلات المدرسية إلى المتاحف الأثرية ومناطق الآثار والحدائق لها أثر فى مسيرتك الادبية؟  
** كانت المدرسة تنظم فى كل عام رحلات إلى المتحف المصرى والمتحف الإسلامى والمتحف الزراعى وقلعة صلاح الدين ومنطقة أهرامات الجيزة ومنطقة هرم سقارة وحديقة الحيوانات والقناطر الخيرية وحلوان لزيارة الحديقة اليابانية, وكنت انتظر هذه الرحلات بكثير من الحب والشغف، وهو ما جعلنى يؤمن فى مستقبل حياته أن اتصال الطفل المباشر بالمتاحف والطبيعة من أهم أساليب زيادة خبرة الطفل وتوسيعها.

 

•    وماذا عن الصحافة ..فكثيرا ماتحمل عشقًا خاصًا لها وربما لا يعرف الكثير انك أصغر رئيس تحرير؟ 
** ابتسم الشارونى وقد إنتهينا من أول فنجان قهوة.. كنت فى السنة الرابع الثانوي، وعمرى(14) عامًا، تم اختيارى لأتولى رئاسة تحرير العدد السنوى لمجلة المدرسة, وكان هذا أول احتكاك عملى مباشر لى بالعمل الصحفى والطباعة, ولأول مرة فى حياتى المدرسية اتخلى عن الالتزام بحضور الحصص الدراسية، لاتابع الصحيفة فى المطبعة حتى صدور العدد, وهكذا اكتشف أن كتابة القصة والمقال والعمل الصحفى، هى الإغراء الأكثر جاذبية له من أى شىء آخر فى حياتى, وعدت للعمل الصحفى مرة ثانية عام 1951، فى السنوات النهائية بكلية الحقوق، وأصدرت مع زملائى مجلة اسمها “الرجاء”، أثار العدد الثالث منها كثيرًا من العواصف لما قيل من أن فيها تحريض للطلبة على الثورة والتغيير، فقد كان فيها مقال غير موقع، انتهى بعبارة “تحت السطح يتأهب البركان”، ولم يعرف أحد أن كاتبه هو انا كان ذلك قبل ثورة يوليو بشهور). 


وقام بالتحقيق معى أساتذة متعاطفون، فانتهى التحقيق بالحفظ, لكن أصحاب المجلة حرصوا على تحويل المجلة بعد تلك العاصفة إلى شىء مُسلٍّ، فابتعدت غير آسف..

 

•    ونحن نتكلم عن ثورة يوليو اتذكر معك جائزة تسلمتها من الرئيس جمال عبد الناصر؟ 
** بالفعل حصلت على جائزة أفضل نص مسرحى عن نص “أبطال بلدنا”، وفاز بالجائزة الأولى، وكانت قيمتها تساوى جائزة الدولة التقديرية فى ذلك الوقت, ويُذكَر أن الفائز الثانى فى تلك المسابقة، كان الكاتب المسرحى المعروف “الأستاذ على أحمد باكثير, وهذه الجائزة اقترنت بجائزة أكبر، تركت أثرًا أعمق فى تحديد مستقبلى.. وكانت هذه الجائزة الأكبر، هى ما أحاطه به الرئيس جمال عبد الناصر من اهتمام وتقدير فى حفل تسليم الجوائز.


لقد تسلم الشارونى الظرف الذى به جائزته من الرئيس عبد الناصر، وبعدها تسلم الفائز الثانى ثم الثالث جائزتيهما.


عندئذٍ تقدم المعاونون من الرئيس، يدعونه لإلقاء خطابه أمام النصف مليون شخص الذين احتشدوا يهتفون له فى أكبر ميادين المنصورة, كان هناك أكثر من عشرين ميكرفون لمختلف محطات الإذاعة أمام الرئيس.
وبدلًا من أن يتقدم الرئيس ليقف أمام الميكرفونات، إلتفت إلى حيث يقف الشارونى.. وفوجئ الشارونى بالرئيس الزعيم يسأله في ود: هل أعددت كلمة تلقيها يا شارونى؟ ورغم أن السؤال كان مفاجئًا، فقد أجاب الشارونى بالإيجاب، وهو يحاول السيطرة على مفاجأة أن الرئيس يحفظ اسمه، وإذ بالرئيس يخطو نصف خطوة بعيدًا عن مكبرات الصوت، وبلمسة من يده على كتف الشارونى دعاه أن يتقدم أمامه، ويقف فى مواجهة غابة الميكرفونات، ليلقى كلمته، بينما وقف الرئيس يصغى فى اهتمام لكلمة الفائز الأول, وعندما انتهت الكلمة صفق له الرئيس، وانطلقت الجماهير تصفق بحماس.


فى تلك اللحظة شعر الشارونى أنه قد دخل التاريخ.. فها هو زعيم الأمة العربية يقدمه قَبْلَه ليلقى كلمة الفائزين بالجائزة، يخاطب بها الأمة العربية وليس شعب مصر وحده, فى تلك اللحظة قرر الشارونى أن مستقبله مع الأدب وليس مع القانون


•كيف كان القرار بالتفرغ للأدب وترك منصة القضاء ؟
**عندما طلب وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة من وزير العدل انتدابى للعمل فى وزارة الثقافة، لم توافق وزارة العدل إلا على الانتداب لمدة ثلاثة أشهر.
وبعد كل ثلاثة أشهر، تبدأ معركة الموافقة على مد الانتـداب، إلى أن انتهـى الأمـر فى 68 بنقلى نهائيًّا إلى وزارة الثقافة، فى ضوء نجاح تجربة عملى الثقافى فى بنى سويف، وذلك عندما اختارنى عضوًا فى بعثة طويلة إلى فرنسا، لمعايشة الحياة الأدبية والثقافية هناك. وبعد عودتى من بعثة فرنسا، ومن سنة 1970 حتى 1973، أشرفت على الإدارة العامة لثقافة الطفل ومسرح الطفل بالهيئة العامة لقصور الثقافة، ثم عملت مُستشارًا لوزير الثقافة لشؤون ثقافة الطفل.


•    هل استراح المبدع داخلك للتفرغ للكتابة.. هل استرحت أم كانت الصعوبة أكبر؟


**  قد يكون أصعب شىء فى الكتابة  بالنسبة لى هو البداية.. الصفحة الأولى، بل العبارات الأولى. وقد تمضى أيامًا وأحيانًا أسابيع والعمل يتقدم ببطء.. ثم تتضح أمامى ملامح كل شخصية، واستقر على أهم الخطوط الرئيسية، وفجأة أجد نفسى قد استغرقت فى الكتابة إلى أن أنتهى من كتابة المسودة الأولى. 
لكننى عادة أتوقف بين كتابة فصل وآخر من فصول الرواية، إلى أن أتعايش جيدًا، فى خيالى، بوضوح، مع مواقف وحوار الفصل التالى.


بعد ذلك تبدأ عملية الصقل، وإعادة الكتابة، وإعادة ترتيب بعض الفصول، وأخـذ رأى بعض الأصدقاء فيما كتبت، وقد تستغرق هذه المرحلة شهورًا.


فإذا سألتنى عن صعوبات أخرى تواجهنى وأنا أكتب، فالإجابة أنه طالما يحب الإنسان شيئًا، فليس فى قاموسه ما يسمى “صعبًا”- إننى أحرص، قبل أن أبدأ فى كتابة إحدى رواياتى، على أن أتعرف على كافة ما يمكن أن أصل إليه من معلومات حول البشر والمكان والزمان والموضوع الذى أكتب عنه. 

 

•    الكتابة للطفل الأصعب فى العملية الإبداعية وتحتاج الى وسائل للمعرفة ما هى؟ 
** إن التفاعل مع البشر، والاستماع المباشر إلى خبرات الآخرين، ومعايشة البيئات التى يعيشون فيها، والتعرف على التجارب الحية التى يعبرون عنها، كل هذه روافد أساسية لالتقاط عناصر الشخصيات والأماكن التى أرسمها فى أعمالى الأدبية, كما أنها تمنحنى كثيرًا من الخبرات التى تثرى اختياراتى، عندما أجد نفسى قد وصلت فى عمل روائى إلى موقف يعبر عن الخبرة الإنسانية فى مواجهة الحيرة أو التردد أو أسئلة الحياة الكبرى, بل إن حضورى بعض المؤتمرات قادنى أحيانًا إلى العثور على “المفتاح” أو العقدة التى كنت أبحث عنها لأتناول فى قصة أو رواية موضوعًا معينًا.

 

•        هل معوقات الإبداع  تعرف طريقها للشارونى؟
** مع ملاحظة أن هناك إجماعًا فى دراسات الإبداع على أن المبدع كثيرًا ما يجد مقاومة أو رفضًا أو عدم ترحيب ممن يحيطون به، فى العمل أو المجتمع. فالإبداع، فى أحد جوانبه، هو تغيير ما سبق الاستقرار عليه، أو إضافة الجديد له، وأحيانًا يكون ثورة على ما أصبح من العادات العقلية المتوارثة. 


لهذا يجد المبدع مقاومة شديدة ممن حوله، لأنهم يسبغون نوعًا من القداسة أو الاحترام المبالغ فيه على عاداتهم العقلية والسلوكية، وبالتالى يشعرون أن إبداع  المبدع، بما فيه من تجديد وعدم قبول للمتفق عليه، فيه نوع من التحدى أو الإدانة، يحتاج إلى قمع ومقاومة وتعطيل. 


ولكن هذا لم يمنعنى خلال حياتى من الاستمرار فى طريقى، حتى لو تعارض مع ما استقر فى أذهان من أتعامل معهم.

 

ولم أكن أهتم كثيرًا عندما تنتهى الأمور بوضع العراقيل فى مواجهة ما أقوم به من مسيرة للأفضل فى مجال أدب وثقافة الأطفال.. وقد حدث معى أكثر من مرة أن أفاجأ بإبعادى عن عملى عندما تبدأ ثمار نجاحه فى التبلور والتأثير، لكننى بدلاً من الغضب والثورة، كنت أجدها فرصة لكى أتفرغ للقراءة والكتابة والسفر واكتساب الخبرات الجديدة.


•    وما  الدور التربوى الذى يقدمه الشارونى فى ابداعه؟
** - كما أن مؤلف أدب الأطفال، إذا كان مُسلّحًا بالرؤية الواعية لقضايا مُجتمعه وقضايا الطفولة، فلابد أن يُسهم ما يكتبه، على نحو ما، فى التربية وفى التغييّر المُجتمعى, وإذا كانت قصص يعقوب الشارونى حافلة بالشخصيات الحية وبالحبكة القوية وبالجاذبية والتشويق، فإنه لا يغفل الدور التربوى الذى لابد أن يتواجد فى خلفية كل عمل أدبى يقدم للأطفال، لكنه دور يأتى دائمًا من خلال الصياغة الفنية الروائية أو القصصية، بعيدًا تمامًا عن المباشرة. 


والأدب بوجه عام، نافذة يستطيع القارئ من خلالها أن يفهم نفسه على نحو أفضل، وأن يفهم الآخرين أيضًا على نحو أفضل.


* لكنّنا نعود لتأكيد أن أيّة قيمة تربوية أو سلوكية يتضمنّها العمل الأدبى، لابد أن تأتى من خلال الفن  وليس على حساب الفن, فمن الخطأ أن يقصد المؤلف للأطفال توظيف عمله الأدبى من أجل إحداث أثر أخلاقى أو تربـوى معين، لكن صِدْق الكاتب مع نفسه ومع القُرّاء لابد أن يترك أثرًا شاملاً فى أعماله الأدبية، وبالتالى لابد أن يؤثِّر فى إحداث التغيّرات المُستقبلية فى مُجتمعه، وفى نفسية وعقول وسلوكيات القراء من الأطفال والشباب الصغير.


•هل نصل الى نهاية الحوار أم يبقى لدى الشارونى بعد 90عامًا من الإبداع كلمة لم تكتب بعد ..
** ابتسم استاذنا الكبير ونظر إلى كم الجوائز وشهادات التقدير ونظرت معه الى الحائط المجاور لكل ركن كتاب وابتسمنا .. عرفت أن الاستاذ مازال يحلم بالكثير أطال الله عمره وعمر ابداعك .


 

 

 

اقرأ أيضا

محافظ أسيوط يترأس اجتماع لمناقشة خطة الرصف وصيانة الطرق
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة