مسجد الحسين
«أم الغلام» تذبح ابنها لتحتفظ برأس الحسين
أساطير شعبية: استقر فى القاهرة بعد طيران 40 يوماً من كربلاء!
الأحد، 14 فبراير 2021 - 09:45 م
حكاوى الحضرى .. «أم الغلام» تذبح ابنها لتحتفظ بـ«رأس الحسين»
يقف مسجد الحُسين، متباهياً بأنه يحتفظ برأس الإمام الشهيد، ويتداول العابرون حوله حكايات بنكهة الأساطير، تحاول تبرير كيفية وصول الرأس لهذا المكان، الذى لم يظهر للوجود إلا بعد قرون من استشهاد الإمام الحسين فى موقعة كربلاء، وقد لا يعرف الكثيرون أن هناك أكثر من مسجد آخر فى دول عديدة، يزعم كل منها أن الرأس بداخله.
يذكر المؤرخون أن وزيراً فاطمياً قوياً اسمه الصالح طلائع، بدأ عام 1160 تشييد مسجده الشهير أمام باب زويلة، كى يحتفظ فيه برأس الحسين. وكان الفاطميون قد اشتروا الرأس من أهالى مدينة عسقلان، خوفاً من عبث الصليبيين بالمشهد الحُسينى فى فلسطين.
لكن الخليفة الفاطمى اعترض على أن يحتفظ مسجد الصالح طلائع بالرأس، ورأى أن القصور الزاهرة أكثر ملاءمة للاحتفاظ به. وهكذا انتقل إلى قصر الزمرد تحت حراسة مُشددة ووسط احتفالات حاشدة، وتحوّل المكان بعد فترة إلى المسجد الحُسيني. وبعيداً عن الحكاية السابقة ظهرتْ قصص عديدة، تتحدث عن كيفية وصول رأس الحسين إلى القاهرة. يُمكن جمعها تحت عنوان واحد، هو: سلسلة حكايات «أم الغلام»!
يحمل أحد شوارع منطقة الحسين اسم «أم الغلام»، الذى أثار خيال كثيرين حاولوا تحديد هُويّة صاحبته. تنافست التأويلات فى غرابتها، رغم اعتمادها تقريبا على أساس درامى متشابه. هناك من قال إنها امرأة فارسية، اختارها الإمام على لتكون زوجة لابنه الحسين، وغيّرت اسمها بعد دخول الإسلام إلى فاطمة، واختلف المؤرخون حول اسمها الأصلي، لكن إحدى الحكايات الشعبية جعلتْه شاهيناز بنت يزدجرد. بينما روى آخرون أن أم الغلام سيدة مسيحية، كانت تمر بالقرب من موقع معركة كربلاء، ورأت رأس الحسين مُلقى، فخبّأته وقطعت رأس ابنها ووضعته مكانه، ثم فرّت إلى مصر حيث دفنته. ولا نحتاج للإشارة إلى مواضع الخلل فى القصة، لأن الرأس كان مُهمّا لمن قتلوا الإمام الحسين، على الأقل لكى ينالوا جائزتهم من الخليفة الأموى، لهذا لم يكن منطقياً أن يتركوه ولو لبعض الوقت بعد قتله، ثم ينخدعون فيحملوا رأس طفل بدلا منه! حتى إذا افترضنا أنهم نسوا شكله فجأة، فليس منطقياً أن يفقدوا القدرة على التمييز بين رأسين، يفصل بين عُمْرى صاحبيهما سنوات طويلة. الغريب أن القصة السابقة، وجدتْ حكايات محلية تدور حول «التنويعة» نفسها.
ذكر الروائى الكبير جمال الغيطانى إحداها فى كتابه «قاهريات مملوكية»، وأشار إلى روايات تزعم أن رأس الحسين طار من كربلاء إلى القاهرة طوال أربعين يوماً، ثم هبط فى حجر بائعة فاكهة، تعرفتْ عليه واحتضنته، وعندما جاء جنود يزيد بن معاوية للبحث عنه، قطعتْ البائعة رأس ابنها وقدمتْه لهم ! وقد ذكر الغيطانى فى سياق حكيه أن القاهرة لم تكن قد بُنيت بعد. لكن بالتأكيد ليست هذه الجزئية هى الوحيدة التى تضرب صحة القصة فى مقتل . ويبدو أن الخلل المنطقى فى القصة السابقة دفع آخرون لمحاولة تصحيحها، فصاغوا حكاية تزعم أن أم الغلام سيدة قبطية دخلت الإسلام، أخذتْ الرأس من مسجد الصالح طلائع وأخفتْه، عندما سمعتْ أن هناك من أتى ليسرقه! وأخفتْه فى بيتها لكن اللصوص عرفوا بأمرها، وذهبوا لها فذبحتْ ابنها وأعطتهم رأسه!
العامل المشترك بين القصص هو استبعاد المنطق، لكنها تظل محتفظة بحضورها وسط تراث شعبى يعشق الخوارق. وبعيداً عن هذه الحكايات يظل رأس الحسين حائراً بين أكثر من مكان فى سوريا والعراق وإيران، تتنازع كلها على احتفاظها به.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة