د. حمدى هاشم
د. حمدى هاشم


قضية ورأى

مناجم الهيدروجين الأخضر

الأخبار

الإثنين، 15 فبراير 2021 - 07:34 م

بقلم/ د.حمدى هاشم

الهيدروجين الأخضر المنتج من الطاقة المتجددة (الشمس و الرياح)، وليس من المصادرالتقليدية، والذى لا يضخ إلا بخار الماء عند احتراقه فى الطبيعة، الخالي من الكربون، ليكون بذلك البديل الصناعي الأنسب للغلاف الجوي من الوقود الأحفوري وانبعاثاته الكربونية (مليارات الأطنان سنوياً)، والمحافظة على الصحة العامة للإنسان، وإعادة بناء الأساس الصناعي فى المكان، والوفاء باحتياجات سكان العالم المتزايدة من الطاقة بلا قيود. وينافس الهيدروجين الوقود البترولى والغاز الطبيعى فى تكلفة الإنتاج، ويظل الوقود الأنظف بلا منازع، ويطيل من أجل الثروات الأحفورية للأجيال القادمة، بل يؤدى مردوده الاقتصادي إلى تعافي الخزانة العامة للدولة من كافة الديون، ويضخ من الأموال المستديمة التى تنعكس على معدل دخل الفرد ومؤشرات التنمية البشرية ونقاء البيئة مما يلوثها وإحلال  السعادة فى المجتمع.

التطبيقات الصناعية للهيدروجين توجد منذ وقت بعيد، بينما ظهرت تقنيات إنتاج الهيدروجين الأخضر خلال سبعينيات القرن الماضي، وتعثرت اقتصادياً لتعود مؤخراً بالمنتج الأكثر توافقاً مع الحيز المعيشى للإنسان، هذا الوقود الذى اعتمدته إستراتيجية الطاقة الألمانية (2020) للوصول إلى صفر كربون من مجمل انبعاثاتها فى (2050)، وقررت اليابان استيراده بكميات ضخمة من أستراليا وغيرها، وجعلته نجم الطاقة فى أوليمبياد طوكيو (المؤجل بسبب الجائحة)، وللظرفين البيئى والاقتصادى تسارع كثير من دول العالم (أمريكا والصين وإسبانيا وغيرها) لارتياد هذه الحقبة النظيفة المرتقبة.

واختارته السعودية للتعافى من متلازمة استخراج البترول والدخل الواحد، وهى تملك ثانى أكبر احتياطى مؤكد له فى العالم (بعد فنزويلا)، والذى يتعرض لتقلبات شديدة تضر بالأمن القومي، ولا سيما مع شبح ذروة الإنتاج (مؤشر النضوب) أو ذروة الطلب مع تحولات الثورة الصناعية الرابعة (الخضراء)، وذلك بشراكة أمريكية طويلة الأمد، يلزمها بناء أضخم منشأة للهيدروجين بمدينة "نيوم" لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء (2025)، مع العديد من المزايا البيئية ومنها تلاشى الانبعاثات الأحفورية من الغلاف الجوي، والحصول على كميات من المياه العذبة تساعد فى تنمية البيئة المحلية. وتسير على ذلك الإمارات العربية ومعها فى الطريق الدول البترولية الأخرى.

استقرت ألمانيا على استخراج نفط المستقبل من حقول الهيدروجين بدول شمال أفريقيا،من الصحراوات الشاسعة والطاقة الشمسية الساطعة، وبدأت بالتعاون مع المملكة المغربية للاستثمار الصناعى فى هذا الوقود طويل الأجل (2020). وتبين خريطة إستراتيجية الطاقة الألمانية مواقع التوطين المثالية لمحطات إنتاج الهيدروجين الأخضر، وكذلك مسارات خطوط الأنابيب العابرة لمياه البحر المتوسط باحتياجات دول الاتحاد الأوروبي، وتتقاطع هذه الشبكة الهيدروجينية مع مصر فى مسارين لوجستيين على طريق إمدادات السعودية وإثيوبيا والسودان وصولاً إلى اليونان وإيطاليا. ويبقى معدل السطوع الذى يتجاوز الأربعة آلاف ساعة سنوياً، الأساس فى استغلال موقع مصر الشمسى بهذه المبادرة الأوروبية.

ومن المخطط اعتماد وقود الهيدروجين لتشغيل المرافق والخدمات بموقع المحطة النووية، وتعد الحكومة المصرية حالياً الإستراتيجية الوطنية لإنتاج وتصدير الهيدروجين (2020)، بل بدأ التعاون مع شركة "سيمنز" الألمانيةلإنتاج الهيدروجين الأخضر (2021). وبذلك يرقى هذا المجال الصناعي الإستراتيجي بتكنولوجياته المتعددة وحقوله الصحراوية المتوافرة وعوائده الاقتصادية والمالية الضخمة إلى درجة الأهمية والدعم الرئاسى ـ المؤسسى لإعلان توطينه مشروعاً قومياً فى البلاد، وذلك للحاق بفرص تصديره عالمياً فى المستقبل القريب، والعمل على توطين صناعة مستلزمات إنتاج الطاقة المتجددة، وتعظيم الدور المصرى فى التشغيل والصيانة، ورفع الوعى الثقافي الجماهيري بأهمية الهيدروجين فى خدمة البيئة والمجتمع، وصولاً إلى الريادة الأفريقية ونقل التجربة لدول القارة الخضراء.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة