هشام مبارك
هشام مبارك


احم احم !

سياحة السحلب والنملة!

هشام مبارك

الأربعاء، 17 فبراير 2021 - 07:20 م

لى صديق مصرى أمريكى يقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية وجاء مصر فى إجازة فاتصل بى كى نلتقى. فكرنا أنا ومجموعة أصدقاء مشتركين فى أفضل مكان نستضيف فيه الرجل واخترنا مكانا راقيا من فئة النجوم الخمسة المطلة على نهر النيل. كنت أول من وصلوا للمكان فاستقبلت الرجل وأصررت على أن يطلب شيئا حتى يصل بقية الأصدقاء، فطلب شايا. قبل أن يصل الشاى استأذنت منه أن أخرج على الباب حتى أدل من يصل من الأصدقاء على المكان الذى نجلس فيه بالظبط. عدت فوجت صديقى فى حالة دهشة شديدة بسبب أن الشاى الذى طلبه جاء بارداً ولأنه تعلم فى أمريكا أن يطالب بحقوقه فى أى مكان وزمان استدعى الجارسون وسأله غاضبا: كيف لك أن تأتينى بشاى بارد؟ فاعتذر الرجل بأدب شديد وسحب الشاى وقال للضيف: ولا يكون عندك فكرة حالا يأتيك الشاى ساخنا.
إذن ما يغضبك يا صديقى وقد أصلح الرجل خطأه؟ هكذا سألته ليفاجئنى قائلا: الرجل عاد بسرعة شديدة لا تتناسب مع قيامه بإعداد كوب شاى جديد. بل أغلب الظن عاد بنفس كوباية الشاى بعد أن قام بتسخينها فى المايكروييف!. استنكرت طريقة تفكير صديقى وقلت له: لا طبعا ليس لهذه الدرجة يا رجل لا تدع معيشتك فى أمريكا تجعلك تسيئ بنا الظن إلى هذا الحد. فقال: أزيدك من الشعر بيت؟ قلت: زدنى فقال: ما قولك إن هذا الشاى مصنوع بمياه من الحنفية؟ فقلت: ثائرا: لالالا يا صديقى لقد وصلت بخيالك إلى حد بعيد جدا، هل تظن مكانا سياحيا بهذا المستوى يقدم شايا بمياه من الحنفية، لا طبعا إنها حتما مياه معدنية (طبيعية حيث أن أى زجاجة مياه معبأة فى مصر مكتوب عليها طبيعية) فقال لى: طب ما رأيك تدخل معى رهانا؟ فقبلت على الفور لأنى مفلس جدا واحتاج نقودا كثيرة ثم أنى واثق جداً من الفوز. فاستدعى صديقى الجارسون مرة أخرى فلجأت لحيلة مصرية حاولت خلالها تلقين الجارسون الإجابة تحسبا لأى موقف بايخ فأخذت زمام المبادرة وقلت للرجل: تصور صديقى يقول إن المياه المعدنية التى استخدمتها فى صنع الشاى يبدو أنها اكسباير فقال بسرعة: معدنية إيه لا سمح الله يا بيه دى مية من الحنفية. هو فيه أحلى من مية الحنفية يا أستاذ؟ ثم مال على أذنى هامسا: ثم يعنى إيه اكسابير ولا مؤاخذة يا بيه؟.
فى هذه اللحظة كان بقية الأصدقاء قد وصلوا فحكيت لهم ما حدث وأنا أشعر بالحرج الشديد من صديقى الذى قال لى: طب خد دى عندك كمان، بالأمس كنت فى الإسكندرية ودخلت مع صديق إحدى الكافتيريات الراقية جدا على الكورنيش وبصراحة لأن السحلب المصرى واحشنى جدا طلبنا اتنين سحلب ففوجئت بالنمل يرتع فى طبقة المسكرات التى تعلو السحلب فانتفضت وصديقى واستدعينا الجارسون ونحن غير مصدقين وجود نمل فى السحلب فما كان من الجارسون إلا قال وهو يبتسم ابتسامة الهادئ الواثق المطمئن: بس كده يا بيه؟ ولا يكون عندكم أى قلق، ثم أمسك بالملعقة وأخذ يزيل النمل من طبقة المكسرات التى فوق السحلب وهو يردد يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم.. وبعد أن انتهى من عملية إزالة النمل بنجاح ترك كوبى السحلب لهما وهو يقول: بوناباتى فلما نظرا له مندهشين ظن أنهما لم يفهما ما قاله فقال وهو يغادرهما: إيه عمركم ما سمعتوا حد بيرطن إيطالى؟ عموما ألف هنا يا باشوات.
طبعا لم نستطع أن ننطق بكلمة لا أنا ولا أى أحد من الأصدقاء وسكتنا وكأن على رءوسنا الطير حزنا على ما يفعله أهل السياحة بالسياحة فى الوقت الذى اكتسح فيه الأشقاء السوريون سوق المطاعم والساندويتشات فقط بنظافة المكان وجودة المنتج وتقديمه فى أبهى صورة والكلمة الحلوة.
قبل أن نغادر المكان أردت تلطيف الجو فطلبت نفس الجرسون وقلت له: صديقى الأمريكانى عايز ينسى الشاى البارد اللى شربه ونفسه يشرب أى عصير فريش فنظر له وسأله: اوك بس عايز فيه سنو ولا لأ؟ (يقصد آيس طبعا) تبادلنا النظرات من جديد فقال الرجل مستنكراً وهو يغادرنا لإحضار العصير: الله يخرب بيت الأمريكان اللى بوظوا الانجليزى لدرجة أنه أمريكانى أهو مش عارف ان سنو يعنى تلج!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة