عود القصب فى الأرض الزراعية
عود القصب فى الأرض الزراعية


صناعة ضبط حلاوة مزاج «أهل مصر»

أول كيان جامعى وبحثى يخدم التطوير العلمى بالسكر

آخر ساعة

الخميس، 18 فبراير 2021 - 02:17 م

هانئ مباشر

يعتبر السكر من أهم السلع الغذائية الاستراتيجية التى ليس لها بديل استهلاكى لجميع أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم حتى أن هذه الصناعة يطلق عليها «صناعة ضبط حلاوة مزاج أهل مصر»، ومن أجل كل ذلك يزيد اهتمام الدولة بتلك الصناعة عاما بعد الآخر، ولذلك لا نبالغ حينما نقول إن صناعة السكر من أهم الصناعات الغذائية وأقدمها فى مصر والشرق الأوسط ولها تاريخ طويل.

يرجع تاريخ صناعة السكر لعهد محمد على باشا، حيث تم إنشاء أول مصنع سكر فى مصر عام 1818 فى قرية الريمون ملوى محافظة المنيا، وتم تصميمه على غرار جزر الأنتيل وتولى إدارته الإنجليز، ثم تم إنشاء مصنعين آخرين عام 1830 من قبل إبراهيم باشا فى ساقية موسى والروضة بالقرب من ملوى كما تم بناء أربعة مصانع إضافية لمحمد على فى منتصف الأربعينيات من القرن التاسع عشر، اثنان فى مصر الوسطى فى دماريس والمنيا، واثنان فى أرمنت وفرشوط وتولت تأسيسها شركتان فرنسيتان متخصصتان فى التقطير.
قبل أن تضم كافة المصانع إلى الدائرة الصناعية فى عهد الخديو إسماعيل، وهى الإدارة المركزية للممتلكات والعقارات الخديوية التى تدير الأراضى التى يمتلكها الخديو بشكل شخصى وتمتد لمساحة هائلة تبلغ أكثر من 300 ألف فدان، وتأسست كمصانع متكاملة بصعيد مصر عام 1868 فى عهد الخديو إسماعيل، على طول مجرى نهر النيل فى «ببا» بمحافظة بنى سويف وأرمنت بمحافظة الأقصر حاليا، وكذلك بواحة الفيوم، وذلك من أجل تنويع اقتصاد المحصول النقدى القائم على القطن فى البلاد، وكان أحد المكونات الأساسية للمشروع هو بناء عدد كافٍ من مصانع السكر وعصر القصب وإنتاج السكر الخام والتكرير فى محيط أراضى الدائرة الصناعية.
وفى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تم إنشاء عدة مصانع لقصب السكر، حيث تم إنشاء مصنعى أدفو بأسوان وقوص بقنا، فى عام 1968، وبالمناسبة مصنع سكر قوص يضم طاقة تصميمية تبلغ نحو مليون ونصف المليون طن قصب سكر لإنتاج نحو 170 ألف طن سكر بالإضافة إلى 60 ألف طن مولاس..
ويوجد بمصر حاليا كما يقول الدكتور أبوالحجاج عبدالعزيز هرماس، عميد كلية تكنولوجيا صناعة السكر والصناعات التكاملية بجامعة أسيوط، ثمانية مصانع سكر قصب منتشرة بالصعيد بداية من محافظة أسوان جنوبا وحتى المنيا شمالا وهى تتبع شركة السكر والصناعات التكاملية «قطاع حكومى».
كما توجد سبعة مصانع لسكر البنجر ما بين حكومى وقطاع خاص، وتشهد مصر حاليا مزيدا من إنشاء مصانع السكر فى القطاع الخاص، فى ظل اهتمام الدولة بتطوير هذه الصناعة العريقة، مثل إنشاء مجمع زراعى صناعى كبير لسكر البنجر بمحافظة المنيا، ويأمل أن يساعد هذا المشروع الكبير فى سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، خاصة أن إجمالى إنتاج مصر حاليا حسب الإحصائبات المعلنة لعام 2019 يبلغ تقريبا 2٫5 مليون طن سكر بينما يصل حجم استهلاك السكر فى مصر تقريبا إلى 3٫2 مليون طن سنويا وبالتالى يتم سد الفارق من خلال استيراد سكر خام والذى يتم تكريره بمصانع السكر فى مصر.
والسكر ينتج من قصب السكر الذى يزرع فى الصعيد والبنجر الذى يزرع بالوجه البحرى حتى محافظة المنيا جنوبا، وتشهد زراعة البنجر توسعا مطرداً حتى أنه أسهم بنحو 60% من إنتاج السكر حاليا، ويتم زراعة «البنجر» بمساحة تزيد على 600 ألف فدان بينما قصب السكر يتم زراعته فى حوالى 330 ألف فدان، ويشغل القصب المساحة المنزرعة طوال العام بينما البنجر أقل من نصف عام.
ويعتبر قصب السكر من أهم الزراعات فى صعيد مصر ويعد محصولا رئيسياً لقطاع المزارعين فى محافظات «أسوان والأقصر وقنا وسوهاج والمنيا» وهى المحافظات التى تقع فيها مصانع السكر.
ويعد قصب السكر من النباتات التابعة لفصيلة النجيليات وله حوالى سبعة وثلاثين نوعاً منتشرا فى العالم، وهو ينمو فى المناطق الحارّة جدا مثل المناطق الجنوبية، ويعتبر قصب السكر والشمندر السكرى المصدر الأول والرئيسى للسكر، حيث تحتاج زراعة قصب السكر إلى المياه الوفيرة، والتربة الخصبة، وبالمناسبة فإن زراعة قصب السكر فى مصر بدأت منذ العصر الأموى فى ولاية «قرة بن شريك» فى عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، حين تم استيراد أنواع معينة من الهند للصعيد، قبل أن تبدأ مصر فى زراعة فصيلة «القصب الأحمر» وتعتمد زراعة قصب السكر على «العقدة»، وتوجد أنواع كثيرة بخلاف القصب الأحمر تتم زراعتها فى الصعيد، مثل إحدى الفسائل، التى يطلق عليها «خد الجميل»، ويبدأ موسم حصاد القصب كل عام فى أوائل شهر يناير ويستمر حتى مايو.
وتهتم الدولة بتطوير هذه الصناعة الهامة بداية من الاهتمام بتحسين الأصناف الزراعية من أصناف القصب والبنجر واستخدام أفضل المعاملات الزراعية والتوسع فى زراعة القصب بجنوب مصر والبنجر بباقى أنحاء مصر وتطوير الصناعة والاهتمام بالصناعات التكاملية والدراسات البيئية المصاحبة.
ومن ضمن اهتمام الدولة بصناعة السكر فى مصر اهتمامها بإنشاء أول كيان جامعى علمى وبحثى يخدم التطوير العلمى بهذه الصناعة، ممثلا فى إنشاء معهد تكنولوجيا صناعة السكر والصناعات التكاملية بجامعة أسيوط وسط معقل صناعة السكر بصعيد مصر، وتعتبر هذه الكلية فريدة من نوعها بين الجامعات المصرية والشرق الأوسط، حيث اهتمت شركات السكر المصرية مع القيادات الجامعية بإنشاء معهد تكنولوجيا صناعة السكر منذ عام 1995 والذى تحول لاحقا إلى كلية.
ويقوم نخبة من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين من كليات العلوم والزراعة والهندسة بالإضافة إلى خبراء صناعة السكر بالشركات المصرية بالتدريس والإشراف العلمى لطلاب الكلية وتوفير التدريب المهنى والعلمى لشباب منسوبى شركات السكر ولمن يرغب من خريجى الكليات العملية وإجراء البحوث العلمية والرسائل العلمية التطبيقية والموجهة لخدمة وتطوير وإيجاد حلول لمشاكل صناعة السكر بداية من زراعة المحصول (القصب والبنجر) وحتى إنتاجه سكر، بالإضافة للصناعات التكاملية المختلفة التى أصبحت ذات قيمة اقتصادية تزيد وتتسع بفعل البحث والتطوير والأبحاث العلمية. كما تعمل الكلية على إعداد كوادر قادرة على إثراء البحث العلمى والإسهام فى تقدم ورقى صناعة السكر فى مصر، مع إقامة قنوات اتصال وتعاون على المستوى الإقليمى والعالمى بين شركات السكر الوطنية والدول الأفريقية والعربية والمنظمات العالمية المتخصصة فى صناعة السكر.
وتوفد شركات صناعة السكر إلى كلية تكنولوجيا صناعة السكر شباب المهندسين لمزيد من التعلم والمعرفة فى تخصصاتهم المختلفة الزراعية والهندسية والكيميائية والدراسات البيئية المتعلقة بصناعة السكر وذلك من خلال مرحلة دبلومة والمتفوق منهم يمكنه إجراء دراسات بحثية متعلقة فى صناعة السكر فى تخصصه المقابل تمكنه من الحصول على درجة الماجستير والدكتوراه أيضا مما تساهم فى صقل خبرتهم المعرفية والعملية وقدرتهم على حل المشاكل.
وحديثا تطورت الكلية ببرنامج دراسى تستقبل شباب خريجى الثانوية العامة لاستكمال دراستهم الجامعية والحصول على مؤهل جامعى (بكالوريوس) متخصص فى تكنولوجيا صناعة السكر لأول مرة بمصر، وقد كانت باكورة التخرج فى عام 2020 بتخريج خريج لديه الإلمام الكامل بصناعة السكر ودراية كبيرة بصناعاته التكاملية فضلا على التدريب العملى بمصانع السكر خلال فترة دراسته.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة