أحمد السرساوى
أحمد السرساوى


نوبة صحيان

«مستعمرة» مصرية للألم!

أخبار اليوم

الجمعة، 26 فبراير 2021 - 08:45 م

بقلم/ أحمد السرساوى

أنصف الرئيس عبدالفتاح السيسى فئات كثيرة من الشعب كانت مهدورة الحقوق.. لكننا وسط انشغالنا نسينا عدة آلاف من مواطنينا سقطوا سهوا من ذاكرة الحياة.. عاشوا أعمارهم مرضى.. بلا عمل، أو مال، أو أسرة، أو قبول من الناس.. بلا دنيا من الأساس!

عن "مستعمرة الجذام" بأبو زعبل، و"أخواتها" بباقى المحافظات أتحدث.. يسمونها "مستعمرة الألم".. لأن بإسمها قسوة تشبه ما يقاسونه من آلام نفسية عميقة لتخوف المجتمع منهم وابتعاده عنهم، فوق متاعبهم الجسدية المبرحة.

حكت لى إحدى العاملات بالمستعمرة.. أن نزيلة مسنة تعرضت منذ أيام لكسر فى كتفها، فرفضت عدة مستشفيات استقبالها، إلى أن قبلتها مستشفى الهلال الأحمر.. فى حين أكدت لى الحاجة صابحة حسين أنها عاشت ٧٠ سنة من عمرها بين أسوار المستعمرة، ولم تر مكانا غيرها.. لم تتعلم ولم تتزوج.. ولم تعمل.

تبعد المستعمرة عن وسط القاهرة بنحو ٢٠ كيلو مترا، ويعيش داخلها حاليا ٥٤٣ نزيلا ونزيلة، تخدمهم كتيبة من ١٨٦ موظفا وموظفة، بينهم أطباء وممرضون واداريون، بجانب بعض الراهبات الأجانب.

هنا يستهلك النزلاء كميات ضخمة من القطن والشاش والقفازات والمنظفات، تبرر النقص المستمر فى هذه المستلزمات، رغم التوريدات المنتظمة من وزارة الصحة.

هنا يحتاج النزلاء لكل شيء تقريبا لأنهم بلا عمل أو دخل.. بدءا بالطعام، مرورا بالملبس وانتهاء بالأجهزة المنزلية.. ويكفى أن كل هذا العدد الضخم من النزلاء لا يطلون على الدنيا الا من شاشة تليفزيون وحيدة بعنبر الرجال.

وما اكتشفته هنا أيضا أن برامج تكافل وكرامة، والمعاشات الاستثنائية لا تغطى غالبية الحالات!

أنا على يقين أن الأمر عندما يصل لفخامة الرئيس السيسى سيكون نقطة تحول فى حياة هؤلاء البؤساء جميعا، وأن مستعمرتهم ستتحول من مستعمرة للألم، إلى مدينة للأمل.

وأن الدكتورة نيڤين القباچ وزيرة التضامن ستفتش عن أى حالات غير مُغطاة بالضمان الاجتماعى لتأمينها، وأن البنوك وشركات المحمول ستتبارى فى التبرع لهم.

وأتصور أن تُغير الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة اسم المكان إلى "مصحة الجذام".. فنحن نعيش الآن فى وطن يوفر للجميع "حياة كريمة".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة