فيكتور هوجو
فيكتور هوجو


صاحب «البؤساء».. قصة كاتب فرنسي شهير عشق النبي محمد وامتدحه في قصائده

نادية البنا

الجمعة، 26 فبراير 2021 - 09:59 م

"احذر من المبالغة، فإن الثقة الزائدة تصبح غروراً، والمديح الزائد يصبح نفاقاً، والتفاؤل الزائد يصبح سذاجة"..من أشهر أقوال المبدع صاحب "البؤساء"، ومناهض حكم الإعدام في "أحدب نوتردام"..المبدع الفرنسي الراحل "فيكتور هوجو والذي تحل اليوم 26 فبراير الذكرى الـ219 على ميلاده.

 

متحف فيكتور هوجو
ولد فيكتور هوجو في منطقة فرانش كونته بفرنسا، وتنقل سكنه في عدة أماكن ولكن أشهر الأماكن هي ساحة فوج، الذي تحول منزله بها إلى "متحف فيكتور هوجو" ، ولم يكن يتوقع في يوم من الأيام أن يخلد اسمه كله هذه الأعوام سواء بأعماله الأدبية أو أفكاره الداعمة للحرية والسلام، وأن يتحول منزله لمتحف شهير، ويرقد جسمانه في مقابر عظماء فرنسا تكريمًا له وتخليدًا لذكراه.

 

اقرأ أيضا: أستاذة أدب فرنسي: «فيكتور هوجو» امتدح الرسول في قصيدة «خطبة الوداع»

 

أول ديوان شعري لفيكتور هوجو
وكانت دراسة فيكتور هوجو للقانون في كلية الحقوق، وأحب دراسته جدا ولكن طباعه التأملية زرعت بداخله نبته الشعر، ليملأ دفاتر دراسته بالقصائد والمسرحيات الشعرية التي كانت بداية طريقه للأدب، وبعد ما يقرب من أربع أعوام نشر أول ديوان شعري له تحت عنوان " أناشيد وقصائد متنوعة"..لم يكن الاسم جذابًا بقدر ما قدمه للعالم فيما بعد، ولكن محتواه نال اعجاب الملك لويس الثامن عشر، الذي منح هوجو مكافأة عن كتابه الأول.

 

الكاتب الرومانسي يطالب بمنع الإعدام
تشجع هوجو كثيرا بعد تكريم الملك له وذاعت شهرته أرجاء فرنسا، وبدأ في كتابة المقالات السياسية، والنثر والشعر، ووصفه النقاد في ذلك الوقت بـ "الكاتب الرومانسي"، ولم يكن ذلك التصنيف يحمل المعنى الطيب في كل الأحوال، فمحبي هوجو يرون انه لقب مناسب لما تحمله عباراته من مشاعر رومانسية، ومعارضيه يتناولنه بسخرية وذلك بعد اعتراض فيكتور هوجو على عقوبة الإعدام في أكثر من مقال، ورغم ذلك لم يلتفت إلى الانتقادات والسخرية، واستمر في النداء مدويًا ومطالبًا بمنع "عقوبة الإعدام" بكل صورها، ولكي يوثق ما يراه إنسانيًا، كتب روايته الأشهر.

 

صاحب أشهر روايات الأدب العالمي "أحدب نوتردام"
في تاريخ الرواية الفرنسية "أحدب نوتردام"، والتي ترجمت إلى لغات متعددة أولها العربية، وكانت تلك الترجمات سببًا لانتشار فكره كل أرجاء العالم، ومع مرور السنين اصبحت تلك الرواية من مراجع الأدب الفرنسي التي تُدرس في الجامعات المتخصصة بالفن والادب، وتم تناولها بأشكال متعددة في العديد من العروض المسرحية في العالم.

كانت "أحدب نوتردام"..بداية الطريق الذي زاد في نفس هوجو، رغبة المعارضة، فظل منتقدًا لكل ما يراه يمس كرامة الإنسان في كل أنحاء العالم مناديًا بوقف سيلان الدماء في أي مكان، وظل كذلك حتى استيلاء "لويس نابليون" على الحكم في فرنسا، وتنصيبه إمبراطور، فنظم هوجو حركة ثورية معارضة ضده، ولكن نفوذ وقوة لويس هزمته، وتم نفيه وعائلته ما يقرب من 20 عاما.

 

انتقاد "البؤساء" خلدها في ذاكرة التاريخ
ومن الأزمات والمحن تخرج الإبداعات الراقية، وخلال سنوات المنفى كتب فيكتور هوجو مجموعة كبيرة من الأعمال الأدبية الرائعة وكان أشهرها رواية "البِؤساء"، والتي كان يقرأها الجنود الأمريكين وقت الحرب، لاقت نقدًا لازعًا وقت صدورها لما تحمله من تفاصيل كئيبة، ولكنها مست الواقع الذي يحيط بأغلب النفوس البشرية، وتوقع البعض أن الحزن الواضح في الرواية من عنوانها، كان سببه نفيه عن بلاده، ولكن في الحقيقة أن المنفى لم يصيب هوجو باي اكتئاب، ولكن فراق ابنته الكبرى ليوبولدين في حادث غرق بنهر "السين" ، أصابه بصدمة لم يخرج منها بسهولة وكتب في رثاء ابنته عدد من القصائد المؤلمة، ومن داخل حزنه تأمل أحزان الناس وقرر أن يجمعها في روايته "البؤساء".. وفيما بعد تحولت البؤساء من عمل أدبي لا يمدحه النقاد إلى واحدة من أشهر روايات الأدب الفرنسي.

 

طقوس فيكتور هوجو في الكتابة
وكانت البؤساء هي صاحبة الفضل في إحداث نقلة نوعية بأسلوب فيكتور هوجو الذي تحول في ليلة وضحاها من كاتب الرومانسية، إلى الكتابة بسخرية لاذعة وانتقادات اجتماعية حادة، والبعض روج عن فيكتور هوجو في ذلك الوقت أنه مصاب بمرض نفسي، يؤثر على تفكيره، وذلك بعدما تداولت الأوساط الثقافية والسياسية، معلومة من أحد المقربين له بأن لديه عادات غريبة في الكتاب، فقد كان إذا ضاع منه الإلهام، استدعاه "عاريًا"...فيجلس في غرفة منعزلة وينزع جميع ملابسه ومعه ورق اقلام فقط لا شئ أخر، ثم يجبر نفسه على الكتابة، وهذا الطقس الغريب هو ما اخرج روايته "البؤساء".. وهو ما فسره البعض بالجنون.

 

إسلام "فيكتور هوجو" ومدحه الرسول والصحابة
وقبل وفاته بأعوام بدأت حياة فيكتور هوجو تأخذ منحى مختلف في البحث والتأمل، فقرأ عن العرب والمسلمين بالاخص، وتعلم سيرة رسول الله صل الله عليه وسلم، وتأثر بها، واظهر حبه لنبي الله محمد "ص"، بقصائد شعرية، يصعب على غير المسلم كتابتها بذلك الإحساس، بالأخص وانها كانت مستوحاه من بعض آيات القرآن الكريم، ولإثبات تعمقه في البحث بالدين الإسلامي وتوثيق ذلك في سجلات الباحثين، كتب هوجو قصائد متعددة عن الانبياء "أدم"، وعيسى بن مريم، ومحمد "، وانتقل بعد ذلك إلى الفاروق عمر بن الخطاب، وكان في فتراته الأخيرة يتردد كثيرًا على إحدى مدن الجزائر، مما جعل الباحثين يربطون بين قصائده المادحة في الإسلام ورسول الإسلام وصحابته، وزياراته، وتوقعهم أنه اعتنق الإسلام قبل وفاته ولكنه أخفى إسلامه لكي لا يفقد شهرته، او خوفا من غضب شعبه واهله، بالأخص أنه كان كثير الحديث عن خلفية المسلمين الصحابي الجليل "ابو بكر الصديق".

ورحل فيكتور هوجو عن عالمنا في 22 مايو 1885م، إثر مرض عُضال أصاب رئته، ودُفن تحت قوس النصر في مقابر العظماء في فرنسا. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة