صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


«تريند الفضائح» سلاح ذو حدين.. يجلب الحقوق ومطالب بالترشيد

ناجي أبو مغنم

السبت، 27 مارس 2021 - 10:34 ص

◄ خبير أمنى: الكاميرات تهدف لفضح المتهمين وليست ضد الحرية الشخصية
◄ نشر الإنحرافات يخلق لامبالاة تجاه الأفعال المشينة
◄ أمانى: وسيلة ضبط غير رسمية وسلاح لردع الخارجين على القانون

 

تفتح هاتفك لتصفح مواقع التواصل فلا تجد لها حديث إلا واقعة تعدي على طفلة بالمعادي، أو التحرش بفتاة وممارسة فعل فاضح داخل إحدى عربات مترو الأنفاق، حوادث تصدرت أيقونات البحث رغم كونها ليست جديدة على المجتمع؛ ولكن التقطتها عدسات كاميرات المراقبة أو الهواتف، فعمد موثقوها على نشرها عبر السوشيال ميديا، فباتت بين عشية وضحاها «تريند» وخلقت رأيًا عامًا مطالبًا بسرعة ضبط المتهمين وتطبيق العدالة الناجزة واتخاذ أشد العقوبات عليهم.

 

 وفي هذا الشأن انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض لنشر تلك الفظائع على نطاق واسع، فالمؤيد رأى فيها وسيلة رادعة لكل من تسول له نفسه الإقدام على هذا السلوك وتعجل بمعاقبة المتهمين، والثاني رأي في نشرها أذى للمجتمع وأهالي الجناة الذين ليس لهم ذنب فيما اقترف المذنب، وحبذوا تقديمها للجهات الأمنية المنوط بها التعامل في مثل تلك الأمور.

 

بداية يقول  النائب على بدر، أمين سر اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إنه في حال تطور جرائم التحرش وزيادة انتشارها عبر السوشيال ميديا حتى ترقى لكونها ظاهرة فإن البرلمان سوف يطلع بدوره ويصدر تشريعًا يعالج هذه المشكلة المستحدثة والتي لا يوجد قانون ينظمها كاملة، حيث إن هناك نصًا تشريعًا لمعاقبة المتحرشين وينص على عقاب رادع لهم، ونص آخر ينظم جرائم الإنترنت ووسائل التواصل.

وتابع أمين سر اللجنة التشريعية بالبرلمان، أن المداومة على نشر تلك الجرائم المرتكبة في أماكن عامة من شأنه أن يفتح أبوابًا أخرى للابتزاز بغية التشهير بمرتكبيها وفضحهم إلى جانب الهدف الأسمى وهو عقابهم ومحاسبتهم وتسهيل الوصول إليهم، حيث إن الإفراط في نشر تلك الحوادث يؤذي المجتمع ويصدر صورة سلبية غير لائقة مفادها انتشار هذه السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا المصري.

اقرأ أيضا| بعد سنوات طويلة من الإهمال والتلوث.. «عين الصيرة» ترى التـــطوير والجمال

 وأكد بدر، أن الأحرى بمن يوثق مثل تلك السلوكيات أن يتوجه بها إلى الجهات المعنية وهي نقاط ومراكز الشرطة لاتخاذ اللازم بدلا من نشرها على مواقع التواصل ويتبعها مشاكل للمجتمع بصفة عامة وآخرين من الدائرة المحيطة بالشخص المذنب بصفة خاصة لا علاقة لهم بما فعل، مؤكدا أن الالتزام بهذا من شأنه أن يحافظ عل قيم المجتمع وعاداته وتقاليده ولا ينشر سلوكيات بغيضة لا يحبذ الإعلام عنها حتى لا تكون أمرًا مألوفًا.وفي حال استمرار تلك الظواهر فلا بد من قانون يحكمها ويمنع من يوثق أي جريمة من نشرها دون الرجوع للجهات الأمنية أولًا طالما أن هدفه شريف وهو معاقبة المخطئ.

 

ومن جانبه يقول اللواء محمد نور الدين، الخبير الأمني، إن تلك الجرائم موجودة منذ زمن ولكن الجديد فيها هو توثيقها بواسطة الكاميرات التي باتت صندوقا أسودًا تفك طلاسم الجرائم وتفضح المتهمين ومن ثم محاسبتهم.

 

وأكد نور الدين، أن تصوير المخالفات التي يرتكبها أفراد في الأماكن العامة مثل المترو أو في الشارع لا يتعارض مع الحرية الشخصية للآخرين، لأن حرية الشخص تقف عندما يتسبب سلوكه في إيذاء غيره، خاصة إذا كان فعلًا فاضحًا غير لائق مثل التحرش.

ومن ناحية آخرى، تقول الدكتورة إسراء السحيمي، خبيرة علم النفس، وعضو الجمعية المصرية للمعالجين النفسيين، إن انتشار الانحرافات الفكرية في المجتمع أدى إلى خلق حالة من اللامبالاة تجاه ارتكاب تلك الأفعال المشينة كالانحراف والإدمان السلوكي مثل زنا المحارم والشذوذ الجنسي والتحرش بالأطفال.

 وأرجعت انتشار هذه الأفعال لعدد من الأسباب جاء على رأسها غياب الأسرة عن متابعة الأبناء نظرا لانشغالها في كسب العيش واللهث وراء متطلبات، هذا إضافة إلى الفضائيات التي باتت سببا في انهيار منظومة القيم بالمجتمع. وحذرت السحيمي من البيئات غير الصادقة في التنشئة لكونها تسبب اضطرابا نفسيا وتؤثر على الحالة المزاجية والسلوكية، موضحة أن البيئات غير الصدقة تعني القول عكس ما يتم فعله ويعمل به، والذي ينقسم إلى صدق لفظي وصدق وظيفي، حيث إن الأول يعني عدم مطابقة الكلام للفعل والثاني يعني مطابقة الكلام لما يتم تطبيقه وهو المطلوب في تربية الأبناء.

 

وعن نشر الجرائم المتعلقة بالتحرش على السوشيال ميديا، أوضحت أنها سلاح ذو حدين أولهما وصول الأمر إلى الجهات المتختصة ما يضمن محاسبته عما اقترف وارتكب من جرم، وثانيهما الشو والتربح حيث إن هناك من يستخدم فيديوهات التحرش في الابتزاز والتشهير بالآخرين وإيذائهم نفسيًا بما يتم عرضه.

 

كما تقول الدكتورة أماني عبد الرحمن، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إن ما شهدناه في الأيام الأخيرة من نشر بعض الجرائم اللا أخلاقية والمرتبطة بالتحرش والتعدي على الفتيات نابع من عجز الفتيات، واللائي وجدن في التشهير والفضح للمجرمين وسيلة عادلة وناجزة للحصول على حقهن، وتعتبرها وسيلة رادعة لكل من تسول له نفسه الإقدام على ارتكاب تلك السلوكيات.

وتابعت أن الفتيات ليس لديها رفاهية الاختيار بين نشر الفيديو من عدمه، فعدم نشره يعني ضياع حقها وترك الجاني يعيث في المجتمع فسادًا، حتى وإن كان نشر الفيديو يحدث نوع من القلق والبلبة ولكنها لن تكون أقسى من شعورها بضياع حقها. وأشارت أستاذ علم الاجتماع إلى اندثار بعض الصفات الحميدة من المجتمع والتي دفعت لنشر تلك الفظائع، أهمها الستر والنخوة، فالأولى لم يعد الكثيرون حريصون عليها أو أن هناك من يسيء استغلالها ويعاود للتمادي في أخطائه، بدلا من الاتعاظ وأخذ العبرة، والنخوة غائبة فالكل لا يعبئ إلا بنفسه ويخشى الدفاع عن غيره كي لا يطاله الأذى ويسمع ما لا يرضيه.

 

وأكدت الدكتورة أماني عبد الرحمن، أن السوشيال ميديا باتت واحدة من وسائل الضبط غير الرسمي في المجتمع إلى جوار الدين والمعتقدات والعادات، فالكل بات يخشى أن يكون حديثها أو تكون منصة لفضحه بعدما أصبحت عين واسعة على المجتمع بأثره. 
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة