صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


قناة السويس.. جسر التواصل بين الشرق والغرب

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 01 أبريل 2021 - 03:58 ص

ريم حمادة

الفريق مُهاب مميش: قناتُنا ليس لها منافس.. وستظل جسر التواصل بين الشرق والغرب

الخبراء الدوليون: «القناة» هبة مصر والمصريين.. ومحاولات تكرارها «وهم»

شعيشع: الممر الآمن والأقل تكلفة.. والبدائل مجرد أفكار موسمية يصعب تنفيذها

سلطان: استراتيجية القناة تعود لعبقرية المكان وتقاطعها الجغرافى والتاريخى معاً
 

«عبقرية المكان» هى كلمة السر والتى وصف بها الكاتب جمال حمدان موقع مصر الفريد والمتميز، وهو ما جعل من قناة السويس ممراً عالمىاً لا مثيل له ولا غنى عنه، وخير شاهد على ذلك هو ما حدث مؤخراً من أزمة السفينة البنمية الجانحة، والتى دللت على أهمية القناة، حيث قام العالم ولم يقعد مع توقف الحركة بها وقت جنوح السفينة «ايفرجيفين» لستة أيام، وهو ما يجعل أيضا محاولات الدول الأخرى استنساخ ممر مائى شبيه له لا يعدو عن كونه مجرد «أحلام يقظة»، حتى وإن تحققت فستتفوق القناة المصرية بخصائص ومميزات عديدة تجعلها متفردة، ما يجعل أى مشروع بديلاً لها خارج المنافسة.

اقرأ أيضا: رئيس قناة السويس: سيتم التحفظ على السفينة الجانحة في حالة واحدة


سيناريوهات كثيرة وضعها عدد من الدول فى محاولة منها لإنشاء قناة بديلة أو موازية لقناة السويس، فهناك من يتحدث عن مشروع إيرانى، ومشروع صينى، إضافة إلى المشروع الإسرائيلى، ومن ضمن هذه المشاريع ما تم طرحه ولم ينفذ ومنها ما لوحت الدول القائمة عليها باعتزامها التنفيذ، حيث أشارت إسرائيل أكثر من مرة اعتزامها إنشاء قناة بن جوريون للربط بين البحرين الأبيض والمتوسط، إضافة أيضا إلى وجود قناة روسية فى المحيط المتجمد الشمالى. 


«الأخبار المسائى»، استطلعت آراء الخبراء الدوليين والمتخصصين فى النقل البحرى الدولى بهذا الأمر لتوضيح مدى واقعية هذه المشاريع وأسباب فشلها..


في البداية، أكد الفريق مهاب مميش مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية، الرئيس الأسبق لهيئة قناة السويس فى تصريحات خاصة لـ«الأخبار المسائى» أن مصر ليس لها منافس، وإسرائيل فكرت في عمل قناة إسرائيلية حتى حيفا أو أشدود، بحيث التجارة من الصين والخليج وعدد من الدول المجارة لها لا تدخل من قناة السويس، وإنما تدخل من خليج العقبة إلى إيلات ثم حيفا، وهذه مسافة تبلغ 522 كيلو متر، وهذه مسافة جبارة ومن الصعب حفرها، ومكلفة في تنفيذها، فجاء اقتراح آخر بعمل مشروع مختلط بين البرى والبحرى، بحيث يكون الممر البحرى 8 كيلو متر ممراً مائياً من البحر الأحمر إلى إيلات، وتستكمل الرحلة بممر آخر سكة حديد حتى حيفا أو أشدود، لتعود مرة أخرى للمياه والسفن من خلال البحر الأبيض، ولكن أيضا هذا السيناريو صعب أيضاً، لأن ذلك يحتاج تفريغ وشحن السفينة لحمولتها أكثر من مرة، وكل عربة سكة حديد تستوعب كونتينر واحد، وأى مركب به من 15 إلى 20 ألف كونتينر، وهذا يتطلب أيضا وقت كبير ومجهود أكبر، لذلك اُلغيت الفكرة، لأنها صعبة التنفيذ، على عكس قناة السويس التى تنفذ مهمة العبور خلال 11 ساعة.


وأضاف مميش عن القناة الروسية، قائلاً: إنها قناة قطبية توجد بالقطب الشمالى أى تغلق 6 أشهر لتجمد المياة، وخلال الستة أشهر الأخرى يذوب الثلج جزئياً في أربعة أشهر منهم، وهو ما يتطلب وضع أجهزة تتقدم السفينة تقوم بتكسير وإزاحة الثلوج، وهذه أيضاً تكلفة كبيرة، ومغامرة لأمان جسم السفينة، ومين المستثمر الذي يطيق أن يعمل 4 شهور فى العام، وعموماً القاعدة تنص علي «كلما وفرت وقت وفلوس كلما نجحت»، لذلك لا تفضل السفن المرور خلال هذه القناة.


وأيضا إيران كانت تفكر في عمل قناة مائية، إلا أن ميزانيتها لا تسمح بإنشاء هذا المشروع الباهظ التكاليف، لذلك فإن قناة السويس هى الممر التجارى العالمى الذى يربط الشرق بالغرب، وعملنا على زيادة كفائتها وطورنا نفسنا بفضل القناة الجديدة واختصار زمن الرحلة بها إلى النصف من 22 ساعة إلى 11 ساعة .


واستكمل مميش: ما حدث مؤخراً من السفينة البنمية الجانحة، أوضحت للعالم أجمع أهمية قناة السويس، ودللت على القدرات المصرية في إدارة الأزمة بمحتوياتها، وتنفيذ أعمال إنقاذ احترافية للسفينة، وأتوقع الفترة المقبلة أن يزيد الطلب على المرور من قناة السويس، خاصة بعد زيارة الرئيس السيسي مؤخراً بعد نجاحنا في تعويم السفينة والتى ثمنت من هذا الإنجاز.


وأكد مميش أن قناة السويس يتناسب عرضها وعمقها الحالى مع الجيل الحالى والقادم من السفن، ودائما نقوم بعمل صيانة للمجري الملاحى ليعمل بأعلى كفاءة، وأنه سيحدث خلال الفترة المقبلة تحديث لمعدات الإنقاذ التابعة للهيئة، وسنزيد من عدد اللانشات الموجودة أيضا، لأن السفن حجمها زاد، لذلك نحتاج لانشات ذات قدرات أكبر وكذلك أوناش عالية، وقناة السويس لاغنى عنها لأنها الممر الأساسي في التجارة البحرية العالمية، ومحاولات إنشاء عدد من الدول لممرات بديلة يدخل في إطار التنافسية والتى يمكن وصف بعضها بالشريف والبعض الآخر بغير الشريف.


وأكد اللواء بحرى السيد شعيشع مستشار هيئة قناة السويس, والمشارك بلجنة التحقيقات الخاصة بحادثة جنوح السفينة البنمية فى تصريحات خاصة لـ«الأخبار المسائى»، أن قناة السويس هي ممر آمن وغير مكلف، لأن أى اتجاه آخر  سوف تسلكه السفينة سيكون مخاطرة، أكبر واستهلاك أكبر للوقت والوقود ولتكاليف الرحلة بشكل عام، وكل المحاولات الأخرى التى نسمع عنها مجرد أفكار موسمية أو وقتية، لأن حتى الملاحة في خليج العقبة صعبة جدا والأعماق به كبيرة جدا، وأخري صغيرة جدا فجائية، والمنطقة بالشعاب المرجانية، وهو ما يسمح بمرور مركب واحد فيه أو 3 بحد أقصى، عكس قناة السويس التى تسمح بمرور 50 أو 60 مركباً يومياً، وأن أهمية حادث السفينة البنمية، أنه جعل العالم هو الذى يتحدث عن القناة المصرية وأهميتها وليس مصر، وأرجع شعيشع الفضل الأول في تحريك السفينة الجانحة إلى رجال الكراكات بالقناة، ولا أنكر دور القاطرات والشد، ولكن لا بد أن يسبقها أعمال تكريكية محسوبة ودقيقة حتى لا تنقلب السفينة أو تميل، فخلال تاريخى المهنى منذ 2006، وأنا متخصص في تحقيقات حوادث البحرية، لم أر أى مركب بهذه الحمولة التى تم تحميلها بأى وسيلة سواء التكنولوجية أو بالرياح والهوائية والشد أو غير ذلك، فتعويم 228 ألف طن يعنى تعويم جبل.


من ناحيته، قال اللواء حسين جميل الهرميل الخبير البحري لـ«الأخبار المسائى»، إن كل دولة تتمنى أن يكون لديها ممر كقناة السويس، وما أراه أن أى دولة من الصعب أو من المستحيل تنفيذ قناة بكفاءة واقتصاديات قناة السويس، لأن قناة السويس الاقتصاد المعرفي لها عالى ويجذب جميع السفن، مثل وقت المرور، والخدمة التى تقدم لطاقم السفينة وكفاءة المرشدين، وكفاءة الإدارة، وتأهيل الإدارة وكذلك تأمين القناة، لأن القناة مؤمنة من القوات المسلحة وبالبحر تحت تأمين القوات البحرية، لكن قناة السويس على مدار 150 عاماً منذ إنشائها ظلت تنقل من 10 إلى 13 % من التجارة العالمية، فقناة السويس هى كيان دولى  كبير ناجح يستدعى الفخر، لأنه يعمل بسواعد مصرية خالصة من خبراء وإدارة ومرشدين، بالإضافة إلى التطويرات الكبيرة التى تشملها، ومستوى إدارة الأزمات بها يتم بكفاءة واحترافية عالية ومدة زمنية وجيزة، كما أن القناة تستحمل حمولات كبيرة، حيث شهدت القناة مرور مركب بالقناة محمل بـ20 ألف حاوية ، بطول 400 متر وبغاطس 16 متراً، فمن يستطيع نقل هذه الحمولات الضخمة في زمن قياسى، لذلك أرى من واقع خبرتى أن السيناريوهات المقدمة لعمل قناة بديلة هي اجتهادات واحتمالات تنفيذها ضعيفة جداً، وأن القناة الروسية القطبية ومحاولات وضعها كقناة تعمل «جنب» قناة السويس، تواجه مشاكل تجعلها خارج المنافسة، لأنها مغلقة بفعل الجليد معظم العام، ولا بد من وجود كساحات لإزالة الجليد قبل مرور السفن، حتى لا يتعطل سير المركب أو خرق السفينة، فعوامل الآمان ضعيف جدا، عكس قناة السويس فهى مستقرة ومؤمنة وتحقق المطالب العالمية، وأن عمل أى ممر برى أو سكك حديدىة سيناريو مُجهد ومُكلف، ولن يستقطب الشركات والسفن المارة.


ويقول الدكتور أحمد سلطان مستشار وزير النقل السابق والخبير الدولى للنقل البحري واللوجستى، إن قناة السويس لها أهمية استراتيجية خاصة تعود لعبقرية المكان، لأنها نقطة تقاطع الجغرافيا والتاريخ معاً، فهى ذات موقع مهم يؤثر في حركة التجارة العالمية كشريان يغذي حركة التبادل التجارى، وممر عالمى حيوى لابديل ولا عوض عنه، ومجرد الحديث عن إرهاصات لعمل مشاريع موزاية لها هي مجرد «أضغاث احلام»، أو مسكنات مؤقتة لا تسمن ولا تغني من جوع، وعندما تعطلت القناة انتظرت أكثر من 400 حاوية ولم تلجأ مثلاً لطريق رأس الرجاء الصالح، ورفضت أن تبحث عن طريق بديل آخر وانتظرت حل الأزمة لتعبر من خلال قناة السويس .


فيما أكد الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن المشروعات الإسرائيلية المخطط لها منذ سنوات طويلة تستهدف إنشاء أتوستراد ضخم وممر موازى لقناة السويس من خلال جسر برى يربط إيلات أو العقبة مع ميناء على البحر المتوسط (أشدود) ثم استخدام  خط السكك الحديدية ومنها إلى أوروبا، معتبراً ذلك طموحات بها نوع من الهذيان الاقتصادي وطموحات كونية أقرب إلي العبثية، حيث تحتاج إسرائيل إلى عدد كبير من القطارات والشاحنات تصل إلى 70  قطاراً وحوالي ألف سيارة نقل يومية تعمل بصفة منتظمة، وهذا صعب حدوثه على أرض الواقع، ولم يكن خيار آمن وسهل لحركة التجارة الدولية، وأن النقل البرى مكلف 14 مرة أكثر من النقل البحرى، والسفن التى تعبر قناة السويس إذا قامت باتباع الطريق الإسرائيلي المقترح فإنها سوف تواجه صعوبات جديدة بسبب قيامها بإفراغ حمولتها في موانئ إسرائيلية بالبحر المتوسط أو الأحمر ثم يعاد شحنها في القطارات لتصل إلى البحر الأخر وهو ما يزيد مدة النقل لتصل إلى أسبوع إضافي عن مدة النقل التي تستغرقها السفينة أثناء عبورها قناة السويس، وأن مصر يقظة وواعية بما يجري، وكان مشروع قناة السويس الجديدة استباقاً لما يجري على الجانب الآخر والاستمرار في تطوير وتحديث القناة وفق خطة استشرافية محكمة وتخطيط استراتيجي عال يليق بمستوى الدولة المصرية.


وأشار إلى أن المشروع الإسرائيلي  تقرر رسمياً في 18 يوليو 2011، وكان مقرراً طبقا لخطتهم أن يدخل حيز التنفيذ بداية من 9 يناير 2012 ويتم إنجازه خلال 5 أعوام بهدف إنهاء أسطورة قناة السويس بواسطة إقامة رصيف بحري تجاري عملاق في  إيلات المطلة على البحر الأحمر وخليج العقبة بنفس قدرات خليج هونج كونج التجاري العالمي ، وإلا أن  إسرائيل لم تنفذ أى شىء  .

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة