امتحانات التابلت واجهتها العديد من المشكلات
امتحانات التابلت واجهتها العديد من المشكلات


بعد تعرض تجربة التابلت لأزمات تقنية

«الفتنة» تشتعل بين الامتحانات الورقية والإلكترونية

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 01 أبريل 2021 - 11:43 ص

كتب: أحمد جمال

منذ أن أعلن الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، إدخال منظومة التابلت لطلاب المرحلة الثانوية قبل ثلاث سنوات، لم يتوقف الجدل حول الطريقة الأنسب لتقويم الطلاب فى هذه المرحلة مابين وجهة نظر تدعم الفكرة وترى أنها ضرورة لمسايرة التطور التكنولوجى على مستويات تقويم الطلاب، وآخرين يرون أنه لا بديل عن الامتحانات الورقية التى مازالت مطبقة فى عدد كبير من بلدان العالم، باعتبارها الوسيلة المُثلى لقياس جميع المهارات.

الجدل ذاته تجدّد مؤخراً فى أعقاب إعلان الوزارة عقد اختبارات ورقية مجمعة لطلاب الصفين الأول والثانى الثانوى خلال شهرى أبريل ومايو المقبلين، بعد أن شهدت امتحانات التابلت أزمات تقنية عديدة سواء كان ذلك أثناء أداء الامتحانات أو حتى فى مرحلة الإعلان عن النتيجة وسط شكاوى متصاعدة من وجود مشكلات فى عملية التصحيح.

هناك العديد من الأسئلة التى تطرح نفسها بعد قرار الوزارة الأخير على رأسها، من المسئول عن هذا التخبط الذى استمر للعام الثالث على التوالى وقبل أشهر قليلة من عقد أول امتحانات للثانوية العامة إلكترونياً؟ هل الوزارة التى لم تستعد جيداً للامتحانات؟ وتحديدا فريق التطوير التكنولوجى الذى كان مسئولا عن تصميم سيستم الامتحان والتصحيح الإلكتروني؟ أم يرجع الأمر للبنية التكنولوجية التى لاتزال بحاجة إلى تحديث مستمر؟ أم إن المشكلة فى الطلاب الذين لم يعتادوا هذا النوع من الاختبارات؟

"آخرساعة" حاولت الإجابة عن هذه التساؤلات من خلال مجموعة من خبراء التعليم والتقويم التربوى الذين كانت لهم رؤى متعددة حول الطريقة الأسلم للامتحان، لكن الجميع اتفق على ضرورة تهيئة البنية التحتية سواء على مستوى جاهزية المدارس لعقد الامتحانات الإلكترونية أو على مستوى البنية التكنولوجية الخاصة بالدولة ككل.

كما أنهم اتفقوا أيضاً على ضرورة عقد اختبارات أخرى تراعى باقى المهارات التى تغيب عن امتحانات التابلت مثل التعبير والرسم وهى مهارات كتابية تغيب عن أسئلة الاختيار من متعدد التى تقوم عليها امتحانات التابلت أو حتى فى حالة "البابل شيت" التى سيُجرى على أساسها امتحانات الصفين الأول والثانى الثانوى هذا العام.

وكان الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أكد أنه تقرر عقد امتحانات الصفين الأول والثانى الثانوى ورقيا بشكل مجمع بديلا عن الامتحانات الإلكترونية على أجهزة التابلت حتى يتخلص الطلاب من القلق والتوتر الذى سيطر عليهم خلال امتحانات الفصل الدراسى الأول فى ظل الظروف الاستثنائية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا.

وأضاف أن امتحانات الفصل الدراسى الثانى لطلاب الصفين الأول والثانى الثانوى ستتم ورقياً )اختيار من متعدد فى ورقة مجمعة للجدول المرفق( على أن تكون الإجابة بورقة منفصلة )بابل شيت(، وذلك بدون تابلت أو هاتف محمول ومن يخالف ذلك سيعاقب بصرامة وسيطبق عليه قانون الغش، فيما يزود كل طالب بورقة بها المفاهيم والقوانين الأساسية للمادة للاستعانة بها أثناء عقد امتحان بديلاً عن الكتاب المدرسي.

من جانبه، أوضح الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم التربوى المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، أن الوزارة لن تعود مرة أخرى للامتحانات الورقية بمفهومها الشائع والتى كانت تحتوى على أسئلة مقالية، ولن تخضع للتقدير الذاتى للمعلم، لكن ما سيجرى تقويم الطلاب على أسئلة مثل التى كانت موجودة على التابلت لكن من خلال ورقة امتحانية على أن يتم تصحيحها إلكترونياً عبر جهاز متصل بالكمبيوتر.

وأضاف أن تقييم تجربة التابلت أو المقارنة بينها وبين الامتحانات الورقية يخضع لعوامل عديدة، ففى ظل الامتحانات الورقية التى اعتادها الطلاب وتعد أمرا طبيعياً بالنسبة لهم لا يتعرضون إلى مثيرات إضافية للقلق الطبيعى الذى يشعر به الطلاب عند أداء الامتحان، بالتالى فإن مشكلات التابلت التقنية تجعلهم يتعرضون لمزيد من القلق الذى يؤثر فى تركيزهم أثناء الامتحان.

وأشار إلى أن المطلوب هو تخفيف الضغط على الطلاب وليس وضعهم تحت ضغط إضافى أثناء عملية التقويم ومن ثم كان قرار العودة إلى الامتحانات الورقية صائباً فى الوقت الحالي، لأنه لن يعد تقود مشكلات أمام الطلاب مثل التى تواجههم نتيجة سقوط "سيستم" الامتحان، وحال كان هناك مشكلات تقنية فستكون عند عملية التصحيح وفى تلك الحالة فإنه يمكن التصحيح ورقياً أو تأجيل عملية التصحيح لحين إصلاح الخطأ الإلكتروني.

وقال حجازي، إن الامتحانات الإلكترونية مطبقة فى بعض الجهات التعليمية داخل مصر وموجودة أيضاً فى بعض البلدان وتقوم أسئلتها بالأساس بتدريب الطلاب على التفكير الناقد سواء كان ذلك من خلال التابلت أو البابل شيت، كما أنها تتعامل مع مشكلات عدم قدرة المعلمين على قياس مهارات التفكير الإبداعية لدى الطلاب وتعرض بعضهم للظلم من خلال تقييم كل معلم لإجابتهم على الأسئلة المقالية.

غـــــير أنه شـــدَّد أيضـــاً عـــلى ضـــرورة أن يكون تطبيـــق الامتحــــانات الإلكــترونيــة مقترناً بأجواء داعمة لإنجاحها حتى يألف الطلاب الطريقة الجديدة من دون أن يتعرضوا لمخاوف جديدة جراء سقوط السيستم أو انقطاع شبكة الإنترنت، وأن قدرة الوزارة على دمج الطلاب فى تلك المنظومة يعد التحدى الأكبر أمامها ولا بد أن تراعى أنه لا يوجد أى أخطاء جديدة قد تؤثر على مستقبل الطلاب.. وفى المقابل، ثمة رأى آخر للدكتور محمد فتح الله، أستاذ القياس والتقويم والإحصاء التربوى بالمركز القومى للامتحانات التابع لوزارة التربية والتعليم، إذ يرى أن الأساس فى تقويم الطلاب لا بد أن يكون ورقياً، وأن هذا الأسلوب هو الأكثر فاعلية ونجاحاً على مستوى العالم، وأن حرمان الطلاب من قياس مستواهم فى عملية الكتابة أمر غير علمى وغير مضبوط.

وتابع: "فى حال الإصرار على إجراء الاختبارات إلكترونية فإن الوزارة ستكون بحاجة لعقد اختبارات أخرى شفوية ومقالية لقياس مهارات الطلاب فى الكتابة والنطق السليم وكذلك الرسم وأن الارتكان إلى التابلت فقط يعنى التضحية بكل هذه المهارات، وأن منهجيات التقويم العلمية تؤكد ضرورة أن يكون هناك قياس لأكبر قدر من المهارات ولا يمكن التركيز على مهارة وإغفال أخرى".. وأرجع فتح الله المشكلات التى حدثت فى امتحانات التابلت إلى جملة من الأسباب على رأسها عدم وجود خبرات لدى الطلاب للتعامل إلكترونياً مع امتحانات التابلت إلى جانب عدم قدرة الوزارة على بناء منصة امتحانات قابلة لاستيعاب عدد كبير من الطلاب، وهو ما ترتب عليه دخول مثيرات قلق إضافية لدى الطلاب جعلت الوزارة غير قادرة على تقييم مستوياتهم الحقيقية، كما أن الامتحانات انعدم فيها مبدأ تكافؤ الفرص، لأن هناك من امتحنوا بسهولة وآخرين تعرضوا لمشكلات.

ولفت الخبير فى التقويم التربوى، النظر إلى مشكلة أخرى ترتبط بتصدر عملية التقويم التربوى من غير المتخصصين فى التقويم، مشيراً إلى أن غياب هؤلاء عن منظومة التقويم أدى إلى وجود مشكلات عديدة فى الامتحانات، وأن ما يصدر عن المركز القومى للتقويم هو بمثابة استجابة لمطالب الوزارة وليس رؤية خاصة بالمركز، إذ إن دوره التخديم على ما تراه الوزارة مناسباً وليس وضع سياسات يسير عليها وزير التعليم.

وأوضح أن اللجوء إلى الامتحانات الإلكترونية يرجع بالأساس لحاجة الوزير لتوفير نفقات الكنترولات والتصحيح التقليدية، لأن تسليم الامتحان عبر التابلت يجعل هناك آليات تصحيح تقنية وهى أكثر دقة من العامل البشري، لكنها بحاجة لعملية ضبط أكثر من جانب الوزارة حتى لا يكون هناك أخطاء فى عملية التصحيح.

وأكد الدكتور حسنى السيد، الأستاذ بالمركز القومى للبحوث التربوية، أنه لا يمكن الحكم على تجربة التابلت من دون أن يكون هناك بنية تكنولوجية مهيأة لإنجاحها، كما أنها بحاجة إلى مزيد من الوقت للتعرف على قدرة الطلاب على التجاوب معها أم إنه من الأفضل العودة للامتحانات الورقية المطبقة فى عدد كبير من بلدان العالم.

وأشار إلى أن أزمات امتحانات التابلت السابقة يتحمل مسئوليتها فريق التطوير الإلكترونى بالوزارة الذى يكون لديه صلاحية التأكد من أن منصة الامتحانات قابلة لاستيعاب طلاب المرحلة الثانوية، كما أن الوزارة على مستوى قياداتها مسئولة أيضاً لأنها لم تخضع التجربة للاختبار على مجموعة صغيرة من الطلاب أولاً قبل تعميمها، كما أن حالات انقطاع الإنترنت فى أوقات عديدة تجعل هناك مسئولية لوزارة الاتصالات أيضاً.

وأوضح أن وزارة التربية والتعليم كان عليها تدريب الطلاب بشكل أكبر على المنظومة قبل تطبيقها، كما أنه لزاماً عليها مراعاة أوضاع الطلاب فى الأقاليم والقرى والتى تواجه مشكلات فى شبكة الإنترنت يصعب معها تطبيق المنظومة بشكل سليم.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة