محمود عبدالله
محمود عبدالله


عيد ميلاده الـ26 يصادف 2 أبريل

محمود عبدالله.. أشهر يتيم يبحث عن أهله

أحمد الجمال

الأحد، 04 أبريل 2021 - 11:12 ص

لا يدرك نعمة الأهل إلا فاقدها، فمع ذويك تجد من يراعيك منذ خروجك إلى الدنيا.. من يربِّت على كتفك حين تحتاج إلى سَندٍ.. ينصحك حين تخطئ.. يصفق لك حين تنجح.. ويفخر أنك امتداده فى تلك الحياة.. وحتى إن وجدت بديلاً لمن هم من لحمك ودمك، فإن متعة الحياة تفقد كثيراً من حلاوتها حين تجلس للحظة وتكتشف أنك رغم كل المحيطين بك لا تزال وحيداً.

رسالته لأهله فى يوم اليتيم: «وحشتونى.. ومحتاج لكم»

يتواصل مع الصحف والفضائيات ولم يفقد الأمل فى الوصول لذويه

محمود عبدالله، مثالٌ لكثير من هؤلاء الحائرين الذين وجدوا أنفسهم فى دائرة الوحدة، منذ يوم مولدهم، لكنه فى الوقت ذاته لم يفقد الأمل فى العثور على أحد من أهله بعد أكثر من ربع قرن قضاها فى هذا العالم الفسيح باحثاً عن إبرة فى كومة قش!

خلال ساعات، يحتفل محمود بعيد ميلاده السادس والعشرين، بالتزامن مع يوم اليتيم فى الثانى من أبريل الحالي، كأشهر يتيم، عُثِر عليه رضيعاً عام 1995 وجرى تسليمه إلى قسم الأزبكية، ومنه انتقل إلى إحدى دور الأيتام التى تولت رعايته، لكن يقيناً لا يزال يتملكه بأنه ذلك المفقود الذى سيعود إلى أهله ذات يوم، وربما هم أيضاً يبحثون عنه.. يحتفظ الشاب الذى أنهى أخيراً أداء الخدمة العسكرية ويعمل محاسباً فى محافظة الشرقية، بألبوم صور له فى مراحل عمرية مختلفة، ولا يكل من التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة، أملاً فى أن يتابع قصته أحد من أسرته ويتعرف إليه، ويلتئم جرحه النفسى فى حضن من لحمه ودمه.

عاش محمود سنوات طويلة من عمره من دون أن يدرك كطفل أنه مختلف عن أقرانه، لم يفهم أنه بلا أب أو أم أو إخوة، وأن كل الذين يقيمون معه فى الدار أيتام أو بلا أهل معروفين مثله.. تعايش معهم باعتبارهم أشقاء له، وربطتهم علاقة قوية مستمرة حتى الآن.

ولا يزال يتذكر المرة الأولى التى صُدِم فيها حين علم أنه "مقطوع من شجرة": "أدركتُ أننى يتيم حين كنت فى المرحلة الإعدادية، كان لى زميل يأتى والداه لأخذه من المدرسة، وأنا كنت بأروَّح لوحدى.. كان شعوراً صعباً جداً بالنسبة لى".

فى فترة لاحقة، وتحديداً حينما وصل إلى المرحلة الثانوية، غادر محمود الدار، واستأجروا له بيتاً مع زملاء له فى الدار: "لما دخلت أولى ثانوى طلعت برة الدار، وأقمت فى شقة لأكون قريباً من المدرسة، وظللت خارج الدار حتى الآن".

منذ أن غادر دار الأيتام، ينشط محمود عبر السوشيال ميديا، وينشر صوره وحكايته، متفائلاً بأن جهده سيكلل بالنجاح، وأن القدر سيرده إلى أهله، وفى كل ليلة ينام ويمنى نفسه أن يجد أحداً من أسرته يبعث إليه رسالة عبر صفحته بموقع "فيسبوك" يقول فيها: "أخيراً وجدناك".

يقول محمود لـ"آخرساعة" "ما زلت أبحث عن أى خيط يوصلنى إلى أهلي، لأن مافيش حاجة فى إيدى أعملها غير كده، أتواصل مع القنوات الفضائية والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية وأجريت عشرات اللقاءات التلفزيونية والصحفية، لأنى دائماً عندى أمل أن أصل لأسرتى، وفى مشوارى الصعب دا واجهت مشكلات كثيرة إلا أننى لم أصب بالإحباط أبداً.. أنا عندى حلم وأمل كبير أن أحقق حلمى مهما كانت الصعاب".

وبمناسبة يوم اليتيم، يوجه محمود رسالة إلى أهله: "نفسى يعرفوا أد إيه هم واحشنى جداً، وإنى محتاج لهم.. الدنيا وحشة أوى من غيرهم.. محتاج ضهر وسند.. محتاج العزوة.. محتاج أطمئن إنى مش لوحدى".

ولم ينس توجيه رسالة لأشقائه الأيتام ومن تربوا فى دور رعاية لأنهم لا يعرفون طريقاً لذويهم: "لازم تعرفوا إننا أحسن ناس، كفاية إننا شبه نبينا محمد (صلى الله عليه)، وإن الظروف دى ماحدش له دخل فيها.. دى حاجة بتاعة ربنا.. نفسى كل شخص ياخد باله من نفسه ويركز فى حياته، لأن ماحدش بينفع حد.. كل واحد بيقول يلا نفسى.. كل واحد فينا لازم يشتغل ويتعب ويعمل عائلة لنفسه، وطول ما إحنا عايشين فيه أمل إننا نوصل، بس إمتى وإزاى دى حاجة مرتبطة بإرادة ربنا".. الشعور بالوحدة أمر صعب، وهو ما ترجمته كلمات محمود الأخيرة، حين سألته عن يوم 2 أبريل الذى يصادف يوم ميلاده، وكيف سيقضيه: "أنا عمرى ما عملت عيد ميلاد.. دايماً بحتفل به مع نفسي، لأن ماليش حد أحتفل معه، ولا أهل ولا أصحاب ولا حبيبة.. فى اليوم دا أخرج مع نفسى أتفسح.. مش بروح أماكن معينة، لكن بحاول أبسط نفسى وأفرح بكل حاجة بحبها".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة