الرئيس السيسى يعلن «سرت ـ الجفرة» خط أحمر
الرئيس السيسى يعلن «سرت ـ الجفرة» خط أحمر


«خطوط مصر الحمراء».. ردع للأعداء وحــفظ للأمن القومى

آخر ساعة

الخميس، 08 أبريل 2021 - 08:40 ص

 كتب :أحمد جمال

حقَّقت الخطوط الحمراء التى وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسى أهدافها، وكانت حداً فاصلاً فى مواجهة أزمات إقليمية مثَّلت تهديداً للأمن القومى، سواء على مستوى التعامل>

مع تلك التهديدات ووأدها قبل أن تتفاقم ويصعب حلها، أو على مستوى ثقة المواطنين فى قدرات الدولة المصرية وتعاملها مع التحديات الراهنة، ما يُنبئ أيضاً بنجاح الخط الجديد الذى رسمه الرئيس تجاه حصة مصر من مياه النيل، فى ظل استمرار التعنت الإثيوبى فى أزمة سد النهضة.

نجح خط "سرت ـ الجفرة" بليبيا فى وقف تمدد المرتزقة الأتراك إلى الشرق الليبي، بل إن هذا الخط قاد إلى حل دبلوماسى للأزمة الليبية أفرز سلطة سياسية جديدة تمارس مهامها حالياً لحين إجراء الانتخابات نهاية العام الجاري، واستطاعت مصر أن تحقق التوازن الاستراتيجى المطلوب لحل الأزمة الليبية سياسياً بعيداً عن الحلول العسكرية.

وفرضت مصر أيضاً خطاً أحمر آخر فى البحر المتوسط، عبر توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع اليونان، التى قطعت الطريق أمام المحاولات التركية لفرض موطئ قدم فى مواقع ثروات الطاقة والغاز فى شرق المتوسط باتفاقية وقعتها أنقرة مع حكومة الوفاق غير الشرعية فى ليبيا، وضمنت الاتفاقية الحقوق الاقتصادية لدول المنطقة، ودفع هذا الخط أنقرة لأن تغير سياساتها العدائية مع مصر وبدت ساعية إلى فتح صفحة جديدة تعوضها عن خسائرها التى مُنيت بها.

حديث الرئيس عن خط أحمر جديد مع إثيوبيا جاء أيضاً بالتزامن مع رغبة مصر الحثيثة نحو الوصول إلى حل سياسى وفنى عبر المفاوضات يضمن ملء وتشغيل السد من دون أن يؤثر على حصة مصر من المياه عبر اتفاقية ملزمة للجميع، ما يؤكد على أن الرئيس يسعى للحفاظ على حقوق الشعب المصرى من دون أن يكون هناك تصعيد عسكري، وبما يضمن التنمية لكافة شعوب القارة، لعل ذلك كان دافعاً للمشاركة فى مفاوضات جديدة مع أديس أبابا والخرطوم للتأكيد على النوايا المصرية السليمة من الحل.

قال اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن هناك عوامل تدعم نجاح الخطوط الحمراء فى تحقيق أهدافها، أولها اختيار التوقيت المناسب للإعلان عنها إلى جانب وجود قدرات ردع حقيقية قادرة على التعامل حال اقتضت الضرورة ذلك، وعدالة القضية التى دفعت لوضع هذه الخطوط، بما يجعل الأطراف المعتدية يدركون إدراكا تاما بوجود أدوات لدى الدولة المصرية سوف تستخدمها للحفاظ على أمنها القومي.

وأضاف أن الخطوط الحمراء يتزامن معها التحرك فى ثلاثة اتجاهات مختلفة لدعمها، أولها عبر الدبلوماسية العادية المتمثلة فى وزارة الخارجية والسفارات فى الخارج التى يكون عليها دور فى شرح الموقف المصري، إضافة إلى دبلوماسية رئاسية نشطة تدعم مواقف الدولة من تلك القضايا المهددة، إلى جانب جهود مكثفة من جانب جهاز المخابرات العامة فى جمع المعلومات وتمهيد الطريق أمام نجاح مصر فى تحقيق أهدافها من هذه الخطوط.

وأشار إلى أن حفاظ مصر على ثوابتها الدبلوماسية وعدم تدخلها فى شئون الغير وصبرها على الأطراف المعادية والتعامل معها بحنكة سياسية يدفع العالم للاقتناع بالرؤى المصرية تجاه التعامل مع الأزمات، ولعل ذلك ما حدث فى الأزمة الليبية، موضحاً أن فرض التوازن الاستراتيجى الذى تحققه مصر من تلك الخطوط ينبع أيضاً من أن هناك قوات مسلحة متطوِّرة ومصنَّفة ضمن أقوى جيوش العالم، الأمر الذى أرغم المرتزقة على التراجع عن خط «سرت ـ الجفرة»، لإدراكها أن يد الدولة ستطالهم.

ويذهب متابعون لتأكيد أن رسائل الرئيس تجاه إثيوبيا على وجه التحديد، تأتى متسقة مع القانون الدولى ومبادئ حُسن الجوار ومبادئ عدم إلحاق الضرر، وهدفها وقف الأعمال العدائية الانفرادية نحو الاعتداء على حقوق الغير التى تشكل خرقاً جسيماً للقانون الدولى من جانب، بالإضافة إلى خرقها اتفاق المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا عام 2015.

لعل ذلك ما يدفع اللواء عادل العمدة، للتأكيد أن مصر لديها الثقة فى أن تنصاع إثيوبيا للحل السياسى وللقانون من خلال المفاوضات التى تجرى فى الكونغو الديمقراطية، وأن يكون هناك إدراك بأن مصر جادة فى تطبيق الخط الأحمر، كما أن أديس أبابا وصلتها رسائل عديدة خلال الأيام الماضية مفادها أن دول حوض النيل تؤيد الموقف المصرى بشأن الحفاظ على حصة المياه، كما أن المفاوضات تجرى بالتزامن مع تكامل الموقفين المصرى والسوداني.

لدى السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، قناعة بأن بالخط الأحمر السابق فى ليبيا يختلف عن الحالى تجاه أزمة سد النهضة، إذ إن الأزمة الأولى كان الأمن القومى المصرى مهدداً من قوى غربية عديدة فى القلب منها تركيا التى بدأت تجميع عناصر تصفنها الأمم المتحدة على أنها إرهابية وإمدادها بالمعدات الحديثة وتقديم الدعم البحرى لها بما يشكل تهديداً على الأمن والاستقرار فى مصر، وحينما اقترب الخطر كان لابد من وضع حد لتلك التهديدات لكى يظل بعيداً عن الحدود المصرية، وكانت بمثابة إجراءات وقائية مدعومة من المجتمع الدولي.

أما فيما يتعلق بأديس أبابا، فمن وجهة نظر مساعد وزير الخارجية الأسبق، فإن التهديد جاء فى حال نقصت حصة مصر من المياه سنوياً، بمعنى أنه إذا كانت إثيوبيا لديها رغبة فى المضى قدماً نحو الملء الثانى من دون الوصول لاتفاق ملزم يضمن عدم المساس بحصة المياه المصرية وترك هذا الأمر للظروف المستقبلية بما يشكل تهديداً داهماً للبشر والزراعة والصناعة والحياة فى مصر فإنها سوف تتصرف وفقاً للظروف والمقتضيات التى أمامها فى تلك الحالة.

وأوضح أن حياة ملايين البشر لا يمكن تركها للظروف، كما أن مصر عرضت العديد من المساعدات الممكنة لتقديم خبراتها فى بناء السد ولديها خبرات سابقة من خلال بناء السد العالى غير أن أديس أبابا رفضت ذلك، كما أن مصر لم تعارض بناء السد من الأساس لكنها سعت لئلا يكون سالباً لحقوقها المائية.

وشدد السفير رخا على أنه فى الحالة الليبية كان هناك رغبة دولية فى وقف الحرب الدائرة تحديداً من قبل الولايات المتحدة التى رأت أن روسيا ستكون مستفيدة من اشتعال الصراع وقد يقود ذلك إلى تمدد روسى فى ليبيا مثلما الحال فى سوريا، وأن تركيا قدراتها محدودة لوقف هذا التمدد، كما أن الولايات المتحدة كانت حريصة على ألا تحصل اشتباكات مباشرة بين دولتين حليفتين لها فى منطقة الشرق الأوسط (مصر وتركيا)، وتدخلت بسرعة لوقف حدة التصعيد بعد أن أظهرت مصر قوتها وكشرت عن أنيابها، ودفعت واشنطن باتجاه الذهاب نحو المفاوضات وفقاً لتوازن القوى بين القاهرة وأنقرة.

لكن فى حالة السد الإثيوبي، يؤكد السفير رخا أن القرار يبقى سياسياً بالأساس لإثيوبيا، لكن المفاوضات التى تشهدها الكونغو الديمقراطية ستكون مصحوبة بلغة مصرية قوية لن تقبل مزيدا من التسويف والمراوغات، وأن ذلك يشكل وسيلة الضغط الأكبر على أديس أبابا لتغيير موقفها، وأن تتجاوب مع المطالب العادلة لدولتى المصب ويكون هناك اتفاق قانونى ملزم بتنظيم عملية وصول المياه فى حالات الجفاف والجفاف الممتد وإيجاد آلية لفض المنازعات حال لم يلتزم أى طرف بذلك.

وأكد اللواء رءوف السيد، رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، أن اللغة التى استخدمها الرئيس تجاه إثيوبيا هدفها تقليص مساحة المراوغات المتكررة وستكون لديها نتائج إيجابية لإدراك أديس أبابا بأن هناك قدرة مصرية على الوصول إليها، وهو ما يساهم فى وصول المفاوضات الحالية لاتفاق نهائى وملزم.

وأوضح أن إثيوبيا استمرت فى تهربها من الوصول لاتفاق لفترات طويلة ولم يكن هناك أى خيار آخر أمام القاهرة، قبل شهرين تقريباً على بدء الملء الثاني، موضحاً أن أديس أبابا لن يكون لديها القدرة على اتخاذ هذه الخطوة من دون الوصول إلى اتفاق، تحديداً وأن هناك دعما من دول حوض النيل للتحركات المصرية، هذا بالإضافة للدعم العربى الذى تلقاه مصر والسودان، ونهاية بالدعم الداخلى غير المحدود من المصريين لقيادتهم السياسية والثقة فى قدرتها على التعامل مع هذه الأزمة.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة