الشيخ محمد رفعت
الشيخ محمد رفعت


بورتريه من إبداع الفنان حلمى التونى

«صوت رمضان» بالريشة والألوان

آخر ساعة

الخميس، 15 أبريل 2021 - 10:36 ص

 كتبت :فاطمة على

 

يظل صوت الشيخ محمد رفعت من العلامات الروحية المميزة للشهر الكريم، فهو صوت رمضان الذى يُضيء الدنيا خُشوعاً لسماع كلام الله، صوت يسبح فى كون الله الواسع وتهفو إليه الأفئدة، ويزداد ارتباطنا فى شهر رمضان بأجوائه الروحانية ليأخذ قلوبنا بما حباه الله من جمال صوت وخشوع.

لقد كان ولا يزال صوت الشيخ محمد رفعت جزءاً من حياتنا الروحانية الرمضانية ومرتبطاً بحب موصول بين الأجيال للاستماع إليه عبر أثير الإذاعة قبل أذان المغرب ونحن شديدو العطش والشوق للطعام فيأتى صوت قراءته لآيات الله قبل انطلاق مدفع الإفطار مرطباً أرواحنا وراوياً ظمأنا بما تحمله كلمات الله من رحمة وبما يحمله صوت الشيخ رفعت من سكينة وصفاء لتنتقل إلينا حالة من هدوء النفس والخشوع تليق بتلقى كلمات الله الشريفة.

 

ومن عشق المصريين له رسمه كثيراً من الفنانين، منهم الفنان حلمى التونى عام 1998 محاولاً الإيحاء بأجواء روحانية، رغم أنها لوحة "بورتريه"، لكن بإحساسنا وبمعرفتنا بشيخنا المقرئ الجليل وأيضاً بجلال الزى الأزهرى من الجبة والعمامة تتمثل تلك الحالة الروحانية الفريدة.

وفى تلك اللوحة نرى اتجاه رأس شيخنا إلى الجانب ومتكئاً بخفة على كف يده مستغرقاً بكيانه فى تلاوة كلمات الله فى تأمل روحاني، وأعتقد أن جمالية الصوت الخاشع ساعد عليها فقدان شيخنا لبصره صغيراً فى سن العامين، ما جعل كل ما يشغله هو ما يراه داخلياً من معانى الكلمات، فلم يشغله أو تعوقه رؤية الخارج بل خشع لداخله صوتاً ووجداناً.

وتعبِّر اللوحة عما يحدث من حالة تواصل بين تلاوة القرآن وحركة الجسد وكف اليد والعين المغلقة كتفاعل يمثل جوهر الوجود بين الإرسال والتلقى، ليهتز له جسد المقرئ تفاعلاً يصل إلينا عبر صوته، وكأن بداخله موجات طاقة تحمل الكلمات فيهتز لها الجسد جميعه بين اليمين واليسار فى تلخيص لهذين الاتجاهين الأساسيين الغالبين فى مسلك الاختيار ومسلك حركة الحياة.

كذلك نجد إغماض القارئ للعينين لا إرادياً ما يتبع الأداء، واقتران وضعية كف اليد بالقرب من مخرج الكلمات والحروف، تشكل اهتزازاً وصدى محبباً فى الصوت وأيضاً عندما يقرأ مبتدئاً برفع الصوت إلى منتهاه، حتى يصبح الصوت كموجة رطبة منعشة عظيمة تتهادى صعوداً وهبوطاً بين آية وأخرى بتأثير المعنى. 

واهتم التونى العاشق للشيخ رفعت بخلفية اللوحة باستحضار العنصر الزخرفى لما يشبه نسيج الخيامية القديمة وهو حى فى القاهرة القديمة امتداد لحى المغربلين الذى وُلد فيه شيخنا، وفى رسم الفنان للدوائر والمنحنيات لعناصره الزخرفية، أوجد لها صدى رقراقاً فى اللوحة مع ثنيات كُم "الجبة" وانسيابها واستدارة "العمامة" لتعبِّر عمَّا يعتمل فى النفس من تدفق، وموج طاقة روحانية تصحب قارئ كلمات الله عز وجل.

ومن الممتع أن المستمع الحافظ لكتاب الله لا يحاول أن يسابق كلمات الله بصوت الشيخ رفعت بل يتذوقها بتمهل كلمة كلمة كأنه يسمعها للمرة الأولى مُفضلاً الاستمتاع بالحالة الروحانية فى لحظة تجعل كلمات الله تكشف لنا ما لم ندركه من قبل رغم حفظنا لها، وبتلك المعايشة الروحانية لقارئنا الجليل ومع كل قراءة يفتح الله علينا بمعانيه وآياته كأنه نبع مائى دفاق يفيض بعطاءاته وتمتلئ به القلوب العطشى التى لا ترتوى أبداً منه.

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة