صورة الاكتشاف عام ٢٠٢١
صورة الاكتشاف عام ٢٠٢١


اكتشاف حواس للمدينة الذهبية.. «كذبة أبريل»!

هكذا قال «أثريون».. والله أعلم

آخر ساعة

الأحد، 18 أبريل 2021 - 12:40 م

عصام عطية

فى بيان رسمى، أعلن الأثرى الشهير الدكتور زاهى حواس، عثوره من خلال بعثة مصرية ترأسها، على المدينة الذهبية المفقودة تحت الرمال، التى كانت موجودة منذ 3000 عام".
المُثير، أن بيان زاهى تجاهل وجود وزارة السياحة والآثار، ليتدارك مستشاره الإعلامى الخطأ فأرسل كلمة "البعثة الأثرية مشتركة مع وزارة السياحة والآثار"، وهذا يجعلنا نضع علامات استفهام كثيرة حول هذا الكشف المزعوم، خصوصًا أن هذا الكشف أثار جدلاً بين علماء المصريات فى الخارج قبل الداخل، لدرجة وصلت للاستهزاء بهذا الكشف.
ما قصة الكشف الأثرى، ومن صاحبه الحقيقى؟، وهل قام زاهى باقتباس هذا الكشف ونسبه لنفسه؟.. هذا ما نكشفه بالخرائط والتسجيلات الأثرية القديمة، فلدينا صور مدون عليها تاريخ "١٩٣٤ ــ ١٩٣٥"، ومنشورة فى دورية فرنسية.

بيان حواس جاء فيه أن البعثة عثرت على أكبر مدينة على الإطلاق فى مصر، والتى أسسها أحد أعظم حكام مصر وهو الملك "أمنحتب الثالث" الملك التاسع من الأسرة الثامنة عشرة، الذى حكم مصر من عام 1391 حتى 1353 ق.م، وقد شاركه ابنه ووريث العرش المستقبلى أمنحتب الرابع أو "إخناتون" فى آخر ثمانى سنوات من عهده، وهذه المدينة هى أكبر مستوطنة إدارية وصناعية فى عصر الإمبراطورية المصرية على الضفة الغربية للأقصر، حيث عثر بالمدينة على منازل يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو ٣ أمتار ومقسمة إلى شوارع.
أما المنطقة الثانية، والتى تم الكشف عنها جزئيًا فهى تمثل الحى الإدارى والسكنى حيث تضم وحدات أكبر ذات تنظيم جيد. وهذه المنطقة مسيجة بجدار متعرج، مع نقطة دخول واحدة فقط تؤدى إلى ممرات داخلية ومناطق سكنية. وهذا المدخل الوحيد يجعلنا نعتقد أنه كان نوعًا من الأمن حيث القدرة على التحكم فى الدخول والخروج إلى المناطق المغلقة. والمنطقة الثالثة عبارة عن ورشة العمل، حيث تضم بإحدى جهاتها منطقة إنتاج الطوب اللبن المستخدم لبناء المعابد والملحقات، ويحتوى الطوب على أختام تحمل خرطوش الملك أمنحتب الثالث (نب ماعت رع)، كما سيقدم لنا اكتشاف المدينة المفقودة أيضًا فهمًا أعمق للحياة اليومية للمصريين القدماء من حيث أسلوب بناء وديكورات المنازل والأدوات التى استخدموها وكيفية تنظيم العمل. وقد تم الكشف عن ثلث المنطقة فقط حتى الآن، وستواصل البعثة أعمال التنقيب، بما فى ذلك المنطقة التى تم تحديدها على أنها الموقع المحتمل لمعبد توت عنخ آمون الجنائزي.
ستيفن هارفى عالم مصريات كتب على صفحته بمناسبة كشف زاهى، إن مفتاح النجاح فى علم الآثار فى مصر هو أن تقوم بأى نوع من الاكتشاف، ثم تطلق عليه اسم "ذهبي" وتدعى أنه أكبر وأقدم وأفضل وأندر وأهم مثال تم العثور عليه على الإطلاق، ثم أضف مصطلح "ضائع" حتى لو لم يكن أحد يعلم بوجوده، وتجاهل الادعاءات المخالفة ووجهات النظر المعتدلة.
الدكتور طارق أحمد فراج، الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة، قال: "يبدأ البيان بعنوان مبهر للقارئ "الكشف عن المدينة الذهبية المفقودة" ثم ترجمه إلى الإنجليزية لنفس المعنى، وأقول للمكتشف أو لكاتب هذا البيان، وأظنهما شخصاً واحداً، إنك تصورت أننا من الدهماء أو طائفة من اﻷميين الجهلاء الذين لا يقرأون أو إذا قرأوا لا يفقهون، أى مدينة مفقودة تتحدث عنها وقد كانت مثار أبحاث وتنقيبات على امتداد عشرات السنين تجاوزت المائة عام لمعاهد مصريات عالمية أجنبية على رأسها علماء مصريات مشهورون وأخرجت لنا أبحاثاً جادة تصور مدينة "ملقطة" فى البر الغربى لمدينة طيبة (وهى المقصودة بكلمة المدينة المفقودة) ووضعت رسومات تخطيطية ﻷحيائها التى امتدت ﻷكثر من 2 كيلو متر مربع دون الميناء الذى يزيدها إلى أكثر من 3 كيلومترات حيث تم التنقيب فى أكثرها ولم يتبق إلا القليل وتم الكشف عن 4 قصور ملكية على اﻷقل للفرعون أمنحوتب الثالث أحدهم كان مخصصا للملكة تى زوجة الفرعون ثم كشف عن معبد للمعبود آمون ومقصورة للمعبود رع وقاعة احتفالات وبيوت فارهة لكبار رجال الدولة ملاصقة للقصر الملكى ثم كشف عن قرية للعمال ﻷول مرة بها بقايا ورش صناعية إلخ.
وتابع طارق، حتى أكون واضحاً أمام القارئ أسرد له بياناً علمياً عن هذه المدينة "المفقودة" التى أراد المكتشف إيهام الناس أنها لم تعرف من قبل وتجنب تماماً فى بيانه المثال ذكر كلمة "ملقطة" ﻷنها معروفة بها وﻷن محركات جوجل سوف تسرد تاريخها وكل أبحاثها العلمية المرتبطة بها فجاء عنوان بيانه مجهلا لمدينة مفقودة لا يعرف أحد عنها شيئا وأنه المكتشف الأول والأخير لها، وأعود وأقول إن اهتمام العلماء بهذه المنطقة بالذات بدأ منذ أعوام 1888-1889 ولكن لم ينشر عنها شيء ثم فى عام 1900 قام بيرسى نيوبرى بمحاولة تنظيف للمنطقة وإزالة الركام ثم ابتداء من عام 1912 حتى 1920 قامت بعثة متحف المتروبوليتان بحفائر كبيرة هناك.
وقال: "عشر سنوات من الحفائر المضنية قضاها العلماء للكشف عن مدينة القصر الملكى كما أسماها العلماء وهى ما تعرف اليوم بـ"ملقطة أو ملقط البعيرات" بمعنى المكان الذى تلتقط منه الأشياء القديمة بقرية البعيرات، ومما توصلوا إليه إلى أن المدينة تمتد تحت الزراعات باتجاه جنوبى غربى ولكنها أيضا تغطى مساحة شاسعة بين مدينة هابو وخلف المعبد الجنازى لأمنحوتب بن حابو الرجل المشهور فى المصادر التاريخية كما عثروا على أدلة بوجود آثار لعبادة آتون ووجود لإخناتون فيها كما كشفوا عن 1400 قطعة فخارية لهدايا طعام وشراب للملك كتب عليها تفصيلات الهدايا بالخط الهيراطيقي، مثلما أعلن المكتشف فى بيانه تماماً، كما عثروا على أدلة احتفال الملك بأعياد السد الثلاثة فى أعوام 30، 34، 37، وفى أعوام 1971 حتى 1977 تم استئناف الحفائر بالمدينة "المفقودة" وتم الكشف عن بقية أرجاء مدينة القصر (الملكي) فى ملقطة بواسطة كل من بارى كمب وديفيد أوكونر وهما عالمان من كبار العلماء حول العالم وكان لى شرف لقاء بارى كمب منذ عامين وتجاذبت الأحاديث معه فى أحدث أبحاثه وكتبه وقد نشرا نتائج تنقيباتهما وأبحاثهما فى منشورات كثيرة.
وقال: «حتى نكون واضحين فى نقدنا لإعلان وزارة الآثار والسياحة اﻷخير عن كشف «المدينة المفقودة الذهبية» على موقعها «الحكومى» نسارع بالقول بأننا لم ننكر مطلقا حقيقة الكشف الجديد ولم ندع فى كلمة واحدة أن المكتشف قد زيف على الناس واختلس حفائر غيره ونسبها إلى نفسه بل أؤكد هنا أن هذا الكشف إنما هو كشف جديد استكمالا لحفائر سابقة لجزء جديد من مدينة القصور الملكية (الملقطة) وللدلالة على ذلك تماثل بعض العناصر المعمارية هنا وهناك مثل الجدران المتموجة أو المتعرجة الظاهرة فى كشفنا الجديد ومثيلاتها فى المعبد الجنائزى ﻷمنحتب بن حابو الرجل الأول للفرعون أمنحتب الثالث الذى كشف عنه كل من روبيشون وفارييه موسم 1934-1935 وهو ما يساعد فى تأريخ الكشف الجديد ويؤكد على امتداد هذه المدينة بنفس عناصرها المعمارية.
أضاف، أود أن أضيف حقيقة علمية ربما تكون غائبة عن المكتشف وطاقم بعثة التنقيب وهو أنه هناك العشرات من منازل العمال مازالت مطمورة تحت الركام وأنا على يقين من ذلك ودليلى فى هذا بردية محفوظة فى المتحف البريطانى British Museum10068 تحصى فى قائمة عدد البيوت القائمة على حافة الأرض الزراعية بالبر الغربى من الشمال إلى الجنوب تبدأ من عند معبد سيتى الأول وتحصى المنازل حتى موقع مدينة هابو، والبردية مؤرخة بالعام 12 من حكم ملك مجهول لم يذكر اسمه ويرجح أن يكون رعمسيس الحادى عشر وتسجل البردية أنه كان هناك 10 بيوت بين معبدى سيتى الأول والرمسيوم وأيضا 14 بيتا بين الأخير وبين مدينة هابو وحول هذا الموقع الأخير هناك 155 بيتا كانت تضم 1000 نسمة على أقل تقدير كان منهم الأدريون وموظفو الإدارات الحكومية والكهنة والعمال والحرفيون والمزارعون، على أن هذه البردية تقرر حقيقة مؤكدة فى أنها لم تأت على ذكر قرية دير المدينة مطلقا وهو ما يهدم مقولة مكتشف الكشف الأثرى الجديد من أن قرية دير المدينة هى جزء من المدينة المفقودة؟ على حد قوله فى بيان وزارة الآثار والسياحة.
الدكتور أحمد صالح مدير عام النشر العلمى بأسوان، قال إن هناك صوراً مرفقة لمقال بالإنجليزية تتحدث عن اكتشافات عام ١٩١٧ فى مجمع المبانى الملكية للملك أمنحتب الثالث بغرب الأقصر، والغريب أن المقال يتطابق مع النتائج التى أعلنها الدكتور زاهي، والتشابه لدرجة أن إناء عليه نص هيروطيقى من مناسبة احتفال الملك بعيد السد للمرة الثانية فى العام ٣٤ من حكم الملك، ظهر فى المقال بالصور وفى الكشف المزعوم لحواس، صحيح يخلق من التشابه ٤٠ حفرية!.
وقال، إن النوايا الخبيثة فى الكشف الأثرى المزعوم بدأت فى محاولة تجاهل اسم «الملقطة»، والتركيز على عبارات «شمال هابو» و«جنوب هابو»، وهذه كانت نية مسبقة لسرقة جهود علماء عملوا فى «الملقطة» مُنذ عام ١٨٨٨، مُضيفًا أن البيان يتحدث عن مدينة مفقودة وهذا أمر آخر يؤكد السرقة لأن مدينة قصر أمنحتب الثالث معروفة معالمها منذ ١٨٨٨.
وأوضح، أن «الملقطة» امتدادها كبير للغاية، وكانت أكبر تجمع ملكى لأنها كانت مدينة ضخمة تضم قصورا ومعابد وميناء كبيرا وورشا صناعية ومدينة عمال، ما يعنى أنها كانت تمتد من معبد أمنحتب الجنائزى حتى معبد مدينة هابو، مُشددًا على أن أصحاب هذا الكشف الوهمى تناسوا جهود الآخرين.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة