الكاتب الصحفي ممدوح الصغير
الكاتب الصحفي ممدوح الصغير


حُسن الخاتمة.. هؤلاء فازوا بها

ممدوح الصغير

الإثنين، 26 أبريل 2021 - 04:50 م

لم تتوقف دموعنا الساخنة التى تساقطت مثل أمطار الصيف الغزيزة، وحزنت قلوبنا ونحن نودع أعزاء صعدت أرواحهم لخالقها، حزننا  وبكينا عليهم دون خجلٍ، لأننا بشرٌ، رحلوا وتركونا فى الدنيا الزائفة، كتب الله لبعضهم حُسن الختام الذى يتمناه أى إنسانٍ، نهايات البعض منهم كانت مثل  نهايات السلف الصالح، سكان الأرض فى القرن الأول الهجرى، وكانت نهاية زميلنا  الخلوق محمد السخاوى رائعة،  إذ صعدت روحه للسماء وهو ساجدْ لخالق الكون، آخر كلماته الله أكبر، ولم يُكمل التسبيح، مات أثناء صلاة التروايح، ونادرًا ما نسمع أن فى الموت حسدًا، لكن البعض حسده؛ لأن الله اختار نهايةً صالحةً مُبشرةً بدخوله الجنة من أوسع أبوابها، مثله كان الراحل سامى أمين، وهو رجلٌ جنوبىّْ عاش بالقاهرة، عُرف عنه أنه حبيب الفقراء، يخرج ليلاً تطرق سواعده الأبواب، حاملًا بين يديه كل متطلبات الأسرة، يُساعد  دون أن يتكلَّم، كان وسيطًا بين المقتدر والفقير، والأهم إنهاء الأزمة، بل عاش خادمًا للجميع، يستخدم سلطان المحبة، يوم وفاته تجمَّع الكل حول جثمانه، جنازته كانت ردًا للعرفان له، حيث تجمَّع أكثر من 700 شخصٍ حول جثمانه فى ظروفٍ خاصة، فالكل يخشى الظهور خوفاً من فيروس الفناء كورونا، ولكنه الحشد من أجل تعزيز ثقافة الخير،.فهو مَنْ كان يقود الكل فى  توديع الآخرين، ويتصل بالجميع دون مللٍ لحضور العزاء، وكانت النهاية الرائعة له، فقد لقى ربه بعد أن أفطر من صيامه.
بعد عودتى من العزاء المُخصص للراحل، والذى أقامه شباب المطاعنة بالقاهرة، دمعت عيناى وأنا أقرأ كلمات زميلتى مى السيد، الصحفية بأخبار الحوادث، التى قالت فى بوست قصير لها، على صفحتها عبر الفيسبوك، إن شقيقها كريم انتقل إلى رحمه الله، لم أُصدِّق، كريم الذى أعرفه منذ سنوات قليلة، العشرينى العمر مات، ورددت لا إله إلا الله، فاتصلت بزميلى عمرو على، وأخبرته بما عرفت، فلم يُصدِّق مثلى، وأخبرته بما رأت عيناى، وكنا أنا وهو فى مقدمة الصفوف لتوديعه.. فى جنازة توديع كريم، كانت الدموع تسيطر على أهداب أعين الجميع، الرجال قبل النساء، لقد اعتبرت وفاته رسالةً لنا بأن الموت قريبٌ، يجب علينا ألا يأخذنا غرور الدينا ونعلم أننا كلنا راحلون، ربما قلوب بعضنا لا يزال يسكنها الحزن بعد أن رأينا الراحل هشام زكريا يخطفه الموت، وكانت أواخر أيامه حاملةً رسائل طيبة، ولا أنسى آخر مكالمة جمعتنى به وأوصانى على مَنْ يُحب، لم أفهم الرسالة إلا يوم وفاته.
 فى النصف الأول من رمضان الحالى، امتلأت لوحة الإعلانات فى مؤسستنا العريقة أخبار اليوم بالوفيات، كلها خاصة بزملاءٍ لنا نُحبهم ونُقدِّرهم، كثرة حالات الوفيات تجعلنا نُعيد تفكيرنا فى الحياة، ونعلم أن الموت قادمٌ لنا جميعاً، علينا خلع رداء الظلم، لأن أرواحنا صاعدةْ للخالق الذى أقسم بعزته بأنه ناصرٌ للمظلوم، علينا أن نترك السيرة حسنةً قبل ميراثنا، من السهل أن نكوِّن ثروةً، ولكننا    يستحيل لنا شراء سمعة حسنة للورثة، للأسف أرى حولى مَنْ يهتم بالسيطرة على الدنيا، ومن يُحارب الجميع حتى يفوز بمنصبٍ فانٍ أو مكافأة بخسة، لا مانع فى أن يسعى هذا للمال وذاك للجاه، ولكن علينا جميعاً أن نعلم أننا تاركو الدنيا، ولن تبقى فقط سوى سيرتنا.. رحم الله أمواتنا وألهم أسرهم الصبر والسلوان، وحفظ الله مصرنا الغالية من كل مكروهٍ وسوء.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة