كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

جمال عبد الناصر والإخوان!

كرم جبر

الثلاثاء، 27 أبريل 2021 - 06:19 م

لم يُقص الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فنان الشعب محمد عبد الوهاب، بسبب أنه غنى للملك فاروق «ياللى آمال الشباب ترويها إيدك.. الليلة عيد الشباب.. الليلة عيدك»، وأصبح عبد الوهاب ملهماً للثورة، وعازفاً لأمجادها ألحاناً حماسية على كل لسان.
عبد الوهاب كان ملقبا بمطرب الملك، وبعد ثورة يوليو قدم ألحانا خالدة، ولحن لجمال عبد الناصر «تسلم يا غالى ألفين سلامة.. كانت ليالى مجد وكرامة.. صحّيت بلادك من نوم طويل.. وكان جهادك ملوش مثيل».
عبد الناصر هو الذى جمع أم كلثوم وعبد الوهاب، وأنهى سنوات عدم تعاونهما.
أم كلثوم - أيضا - هى التى قدمت أغانى خالدة للملك، وأبرزها أغنية «يا ليلة العيد»، عندما دخل الملك فاروق النادى الأهلى وهو يقود سيارته بنفسه، وجلس فى الصف الأول، فغنت له «يا نيلنا ميتك سكر.. وزرعك فى الغيطان نور.. يعيش فاروق ويتهنى.. ونحيى له ليالى العيد».
أم كلثوم - أيضا - منحها الملك فاروق نيشان الكمال، وهو أول إنعام ملكى تحظى به فنانة مصرية فى التاريخ، وأصبح لقبها «صاحبة العصمة»، هى أيضا التى لقبها عبد الناصر «الهرم الرابع»، وغنت له «يا جمال يا مثال الوطنية».
محمد حسنين هيكل - أيضا - كان مداحاً للملك فاروق، وكتب له مقالا بعنوان: «فى يوم عيدك يا مولاى» قال فيه: «مصر كلها تحتفل بعيد مُلكك، من أقصاها إلى أقصاها، لم تجد مصر ما تحيى به هذا العيد، سوى الهتاف باسمك والدعاء لك».
هيكل رغم ذلك أصبح الصديق الأقرب لعبد الناصر، وكتب خطبه خصوصاً خطاب «النكسة» بعد حرب 67، ورفض مطلقاً أن يستخدم كلمة «هزيمة»، واستخدم عبارات حركت الجماهير «لقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدونى عليه.. قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أى منصب رسمى، وأن أعود لصفوف الجماهير».
عبد الناصر كان حريصاً على تكريم العلماء والفنانين فى عيد العلم، إيماناً بدورهم وقدرتهم على الارتقاء بمصر، أم كلثوم وعبد الوهاب وطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم وغيرهم، عرف قدرهم، فرفعوه فوق الأعناق. عبد الناصر كان ذكياً لأنه آمن بأن علماء مصر وأدباءها وفنانيها ومثقفيها، ملك لمصر وحدها، وأن ذلك الرصيد الذهبى لو تم المساس به، فقدت البلاد طوق الحماية الناعم، الرابض فى ضميرها الوطنى، والحارس لوعى شعبها.
فأضاف إليهم، عبد الحليم حافظ وكمال الطويل ومحمد الموجى وصلاح جاهين ومبدعين شباناً، ورغم الحرب الدافئة على قلب الرئيس بين حليم وأم كلثوم، إلا أن عبد الناصر جمع الاثنين تحت مظلته القوية، فى أعياد الثورة، فغنوا وأبدعوا، وغنى وراءهم الشعب المصرى كله.
الإخوان فعلوا عكس ذلك تماما بعد 25 يناير وحاولوا إقصاء الفن والثقافة والفنانين والمثقفين وتآمروا على القوة الذهبية المصرية، فأرادوا استبدال أسماء نجومنا بنجومهم، ولهجتنا بلسان معوج وممسوخ، وأصوات فنانينا الرائعة، بالدفوف و «صليل الصوارىً» وهو نشيد دموى يبث الكراهية ومخضب بالدماء.
ولم يفهموا أن تسامح مصر ووسطيتها وعظمتها هى مفردات الفنون المصرية الأصيلة، وتنعكس فى ألحان يُكتب لها الخلود، وهذا هو الفرق بين جمال عبد الناصر وبين الإخوان

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة