يستغل أحلام البسطاء والنهاية كابوس
يستغل أحلام البسطاء والنهاية كابوس


المستريح | «المستريح».. نداهة الربح السريع

وائل ثابت- محمد العراقي

الخميس، 06 مايو 2021 - 07:59 م

 

 بارعون فى تغييب العقول.. أساتذة فى إيهامك بالباطل.. يعرفون من أين تؤكل الأموال وتخرج من مكامنها.. فقط كل ما عليهم هو استغلال طموحك فى الكسب السريع والمبالغ فيه حتى تقع فريستهم.. شعاراتهم الرنانة كفيلة أن تجعلك مسلوب الإرادة وتسعى إليهم.. ستسمع منهم حلو الكلام كـ زورونا تجدوا أموالكم تزداد. بادر بترك مدخراتك لتحصل على أرباح خيالية.. اسرع قبل فوات الأوان المكاسب لا تنتهي..

ستجنى لدينا اضعاف اضعاف ما تحصل عليه من البنوك.. المشروعات الاستثمارية لن تحقق لك نصف ما ستجنيه إذا ما تركت أموالك لدينا، كل هذه المكاسب ولكن عليك ان تفعل الاتي، لا تسال من اين تحصل على هذه المكاسب؟!، ما مدى مشروعية الأموال التى تحصل عليها؟!، واذا فعلت كل هذا وصدقت عذرا ستفقد كل شيء فانت أصبحت ضحية «المستريح».. الظاهرة التى لا تنتهى وضحاياها الذين لا يتوقفون.

أحمد فاروق: أغرانى بالأرباح وأعطيته 2 مليون جنيه 

محمود نبيل : شقى عمرى راح بعد 10 سنين فى الخليج
خبراء: غياب الوعى أحد أهم الأسباب 

 

«الاخبار» استعرضت بعض القصص من ضحايا «المستريحين» الذين عاثوا فى مصر نصبا وناقشت الخبراء عن أسباب استمرار هذه الظاهره وكيف نستطيع مواجهتها؟!
لم تتوقع يوما انها ستقع فريسة للمستريح.. الكورونا وتركها العمل كانا السبب الرئيسى للجوء لاحدهم..

توهمت أن الحل سيكون عند هذا المستريح الفريد ذى السيط العالى والذى يعمل منذ اكثر من 6 سنوات لم تكن تعرف أن أموالها التى ستودعها ستضيع عليها بعد أيام قليلة فقط من ايداعها إياها لوقوع هذا النصاب فى قبضة العدالة أنها ولاء يوسف. 

فى البداية توضح ولاء يوسف محاسبة، أن الكورونا وما نتج عنها من تاثيرات ضارة عليها وعلى اسرتها هى السبب الرئيسى فى اللجوء لهذه الوسيلة نتاج مع سمعته عن الأرباح الكبيرة التى تتوافر لمودعى الأموال عند مثل هؤلاء الأشخاص. 

وتشير الى انها كانت تعمل محاسبة فى أحد مكاتب المحاسبة ونتاج الظروف الأخيرة من تأثيرات الكورونا اضطر هذا المكتب لتخفيض العاملين به أو تخفيض الرواتب مما جعلها تقوم بترك العمل 

وتضيف أنها بعد تركها للعمل وتعرض زوجها لخسائر مادية وانخفاض راتبه نتاج تأثر عمله كبائع فى أحد محال البصريات بسبب الفيروس اللعين لخسائر كبيرة والأكثر من ذلك هو أن مستأجرى الشقة الصغيرة التى تملكها لم يستطيعوا الوفاء بالإيجار وقاموا بترك المنزل جعلها تفكر فى بدائل تساعدها على تعويض الخسائر التى تعرضت لها فى منزلها وحتى لا تتأثر الالتزامات الأساسية للأسرة.

وتقول إنها كانت قد سمعت من أحد اصدقائها المقربين عن شخصية تدعى انها رجل اعمال وتملك محاجر وتعطى من يدخر أمواله لديها نسبة تتخطى الـ 7 % فى الشهر الواحد وأن صديقها هذا كان يحصل على 1500 على كل 25 ألف جنيه كان يودعها لديها حتى انه بعد ان كان قد باع سيارته استطاع بعد سنة واحدة من الأرباح التى تحصل عليها من هذه السيدة ان يعوض مبلغه الأصلى وقام بشراء سيارة جديدة.
وتكمل ولاء انها بعد كل ما سمعته من صديقها قامت ببيع شقتها الصغيرة بمبلغ 200 الف جنيه وقامت فى 20/7/2020 بالذهاب لإيداع أموالها عند نفس الشخص ولكنها بعد أيام قليلة وبالتحديد فى 19/8/2020 فوجئت بخبر القاء القبض عليها. 

وتختتم حديثها قائلة: «انا عارفة ان ده كان غلط بس احنا كنا هنعمل ايه أصلا لو كنت سبتهم فى البنك مكنش هيجيب مكاسب وكمان الدعايا والسماسرة شغالين مع الشخص ده تخلى اجدع جدع يقع غير كتيبة المحامين الى بتكون متواجدة والورق الى يخليك متأكد انك امام بيزنس مان كبير اوى اوى غير لما تعرف ان شخص زى ده بقاله 10 سنين شغال وموقعش ولكن فى الآخر كل اللى احنا عايزينه بس فلوسنا»  

2 مليون جنيه

الأسوأ لم يأت بعد.. هذا هو الوصف الادق عندما تستمع لمأساة احمد فاروق.. المعلم والذى أراد ان يتغلب على ظروف الحياة القاسية..

فوجد فى وسادة المستريح الأمان، ظنا منه انها مغارة على بابا التى ستوفر له ولمن ائتمنوه على أموالهم المال الوفير والراحة الغائبة، ليصدم انه فى الأخير معرض للمساءلة نتاج هذه الأموال المؤتمن عليها والتى لا يستطيع الوفاء به، وأيضا مدخراته التى ضاع هباء مع هذا المستريح الذى أوهمه انه قارون العصر الذى لا تنتهى كنوزه.

«أنا معاك ان اللى حصل منى غلط بس خلينا نقول ايه اللى رماك على المر اكيد انا مش حابب يتنصب عليا بس انا زى الى بيتعلق فى قشاية عشان يقدر يعيش وسمعت عن الشخص ده وفعلا لقيت ناس بتكسب وسبت فلوسى شوية وكسبت ومكنتش اعرف انى فى الاخر هيتنصب عليا وكل اللى كسبته اخسره لما اتفاجئت بالشخص ده بيتحبس ومش عارفين ناخد منه فلوسنا « بهذه الكلمات وبنبرة مليئة بالحزن بدأ احمد فاروق حديثه لـ«الأخبار» 

 ويشير إلى أن كارثته الكبرى لم تعد فى انه خسر أمواله فقط ولكن فى الأموال التى حصل عليها من أهالى اسرته وجيرانه الذين قاموا باعطائه أموالهم حتى يستثمرها مع أمواله بعد ان رأوا مكاسبه ويضطر ان يقوم بالتوقيع على ايصالات استلام منهم على ان يحصل على نسبة من أرباحهم ويودعها باسمه لتصل اجمالى هذه لأموال الى اكثر من 2 مليون جنيه 
ويوضح أنه لم يكن يعرف ان ما يقوم به خطا ولم يشك فى هذا الشخص يوما ما نظرا للأشخاص الذين يتعاملون معه والأوراق التى يقدمها لضحاياه انه يتأجر فى شتى المجالات وأن أصل الأموال التى تودع عنده يستطيع الشخص ان يحصل عليها فى أى وقت ولكن الأرباح التى سيحصل عليها متغيرة ولا تؤثر على أصل المبلغ مما جعله يقدم على هذه الخطوة حتى يستطيع أن يعيش حياة كريمة.

ويكمل حديثه قائلا إن الكارثة أن الشخص الذى احتال عليهم يفاوضهم ويلاعبهم أنه لن يقوم بسداد أموالهم إلا اذا قاموا بالإفراج عنه خاصة بعد أن قام هو والكثير ممن تم النصب عليهم بعمل محاضر ضد هذا الشخص والذى قام بدوره بتوكيل كتيبة للمحامين تعمل ليل نهار لإخراجه وأيضا ابتزاز الأشخاص الذين قاموا بعقد المحاضر تارة بالترغيب وتارة بالترهيب 
ويختتم فاروق حديثه ان كل ما يتمناه الآن هو أن يتحصل على أصل الأموال التى قام بإيداعها عند هذا الشخص حتى يستطيع سداد أموال الأشخاص الذين ائتمنوه عليها ويطالبون بها الآن ويخشى أن تتسبب فى حبسه هو أيضا.

400 ألف جنيه

«ومن الثقة ما قتل» هذا هو ملخص قصة سعيد الناصح.. التاجر الخبير والذى يعلم أن مثل هؤلاء الأشخاص من المستريحين، ليسوا سوى أكذوبة حتى وإن طال وقت صدقهم، ولكن لانهم كما يعرف الجميع «الزن على الودان أمر من السحر» كما يعرف الجميع ضعف الرجل الذى قاوم كثيرا تاثير والدته وزوجته، وانهارت المقاومة ليقع فريسة للمستريح الذى طالما قال عنه انه نصاب وكان دائما ما ينصح والدته وزوجته بالانسحاب سريعا قبل فوات الأوان د، حتى وقع المحظور وخسر هو أسرته مدخراتهم بعد ان تم إلقاء القبض على هذا النصاب الأشر 
فيقول سعيد الناصح، تاجر، إنه لم يتوقع يوما أن يقع فى هذا المأزق وانه سيكون من ضمن ضحايا هؤلاء الأشخاص الذين يدعون زورا وبهتانا انهم رجال اعمال وهم ليسوا سوى نصابين استغلوا ضعف الوعى وحاجة الناس وتلاعبوا بهم وأغروهم بالأموال.

ويوضح أنه لولا ألحاح زوجته ووالدته لم يكن يفكر يوما أن يضع أمواله عند هؤلاء الأشخاص ولكن لأن تأثير الإلحاح قاتل استسلم له وقام بوضع 400 ألف جنيه هناك بعد ان طمأنته والدته وزوجته اللتان كانا تتعاملان مع أحد هؤلاء الأشخاص لمدة عاملين كاملين وكانا يحصلان على ارباحهما فى التوقيت، ويشير إلى انه عندما ذهب لوضع أمواله كان الشك يقتله حتى انه اكد كثيرا على هذا الشخص إنه من حقه ان يسحب أمواله فى أى وقت إذا ما دعت الظروف لذلك وبالفعل تم الاتفاق على ذلك واستمر الأمر اكثر من 3 اشهر انتظمت فيه عملية الأرباح بشكل مستمر ولكنى دائما ما كنت متشكك وخائف.

ويضيف انه نتاج هذا الشك أراد ان يطمئن نفسه وذهب لهذا الشخص يطلب أمواله إلا أنه حدث ما توقعه وجد أن هذا الشخص يماطل فى الأمر تارة يعطيه موعدا بعد أسبوع تارة بعد شهر ولكن الغريب انه كان ينتظم فى موعد الأرباح. 

ويختتم الناصح حديثه قائلا «انه بعد واقعة هروب النقاب اسرع هو والذين اعتصموا معه امام منزل هذا النصاب والذين فوجئ أيضا بهم هرولوا الى قسم الشرطة لتحرير المحاضر وأيضا فوجئنا بعدها بايام بالقاء القبض على هذا الشخص فى احد الكمبوندات ليبدأ معنا رحلة الابتزاز لنتنازل بحجة انه سيعطينا اموالنا ولكن فى النهاية لا يحدث شيء وتكون كل هذه الوعود أوهاما» 

«شقى عمرى»

«وضاعت تحويشة الغربة».. جملة قاتلة ولكنها واقع حدث مع محمود نبيل..الرجل الذى أختار العمل بدولة السعودية الشقيقة توفيرا للمال، ولا زال يكافح هناك، إلا انه فى الأخير وجد ثمرة كفاحه تضيع هباء على يد احد المستريحين، الذين نصبوا الفخ لاخوه فى البداية وزينوا له الباطل على انه الحق المبين فوقع اسير سحرهم بالاموال والارباح، ليقنع أخاه بهذا الوهم وتكون المحصلة الخسارة ولا غيرها. 

فيقول محمود نبيل، محاسب مغترب، إن اكثر ما يحزنه فى قصته ان سنوات غربته ضاعت هباء على يد مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يعرفون الدين ولا الإنسانية ولا يعرفون ان هذه الأموال التى استباحوها هى نتاج تعب ومشقة الليل الذى تواصل بالنهار لتأمين مستقبل جيد للغد 

ويضيف أنه كغيره من الذين خدعوا فى هؤلاء الأشخاص توهموا ان هؤلاء الأشخاص والذين يمتازون بالمهارة الفائقة فى الاقناع وأيضا الأدوات اللازمة حتى تقع أسيرا لهم كالشهادات المضروبة بامتلاكهم عقارات ومحاجر وأيضا مكاتب المحامين العملاقة التى تعمل معهم أو هكذا يصدرون وغيرها من أدوات تجعلك فى النهاية انك أمام اسطورة متنقلة. 

 ويوضح أن علاقته بدأت بهؤلاء الأشخاص عن طريق أخيه الذى اغراه احدهم بالمكسب السريع فقام بوضع بعض أمواله هناك وللامانة كان يحصل على أرباح جيدة فى موعدها لمدة 6 اشهر ليقوم اخى بنصحى باستثمار اموالى عند هذا الشخص وتكون مثل « الحصالة» على حد قوله التى تدر مالا وفيرا ولا توجد خسارة خاصة ان من ضمن بنود الاتفاق ان رأس المال الحقيقى لا يتاثر ويبقى كما هو. 

ويشير الى انه بعد إلحاح أخيه قام بوضع بعض الأموال فى البداية ولكنه بالفعل كان يحصل على أرباحه والتى كانت تتغير نسبتها تارة تكون عالية وتارة تنخفض ولكن فى النهاية هى أرباح تضاف إلى رأس ماله وفى كل مرة كان يحصل على أرباحه ويضع أموالا اكثر حتى حدثت الكارثة وفوجئ بان هذا الشخص ليس سوى نصاب تم القاء القبض عليه. 

ويختتم نبيل حديثه قائلا» مش هنكرانى غلطت وكمان جزء طمع منى بس انا مع انى كنت واثق ان ده نصب لقيت شخص بقاله اكتر من 10 سنين شغال مونش وكل مرة بتزيد ضحاياه فزيى زى أى انسان ضعفت وقلت اهه مكسب يساعد فى مشقة الحياة حتى ضاعت تحويشة عمرنا ومش عارفين نرجع ربعها وكل ما بنحاول مع الشخص ده المحامين بتوعهم يحاولوا يورطونا عشان يقدروا ينقذوهم بس انا كل الى اقدر أقوله انى بدعى ربنا انى شقا عمرى يرجع».

 قالت الدكتورة، سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن غياب الوعى هو أحد أهم الأسباب التى دفعت المواطنين إلى محاولة استثمار أموالهم مع «المستريح» وذلك لغياب ثقافة الطرق الأخرى للاستثمار والتى تتمثل فى البنوك وتعد أحد الطرق الآمنة والتى تشرف عليها الدولة وتحميها.

وأضافت أن الطمع قاد البعض منهم لمحاولة الكسب السريع وخاصة من فئة الشباب والتى بدأت فى البحث عن الطرق السهلة والسريعة لتحقيق ربح كبير، مؤكدة أن أكثر من 60% من الشباب فى الوقت الحالى يبحث عن الربح السريع. 

 وقال محمد نجم، الباحث الاقتصادي، إن اللجوء للمستريح يأتى بسبب الأفكار الخاطئة عن البنوك وعدم دراية المواطنين بشكل كبير بالطرق الاستثمارية المختلفة والتى تضمن حصولهم على عائد مجز مع التأكد من وجود رقابة على تحفظ أموالهم من النصب والاحتيال.

 وقال الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادي، إن ظاهرة «المستريح» بدأت مع شركات تشغيل الأموال والتى اشتهرت فى فترة 1980 و1990، والتى استطاعت استغلال عدم اهتمام الدولة فى ذلك التوقيت بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فى الوقت الذى كان يبحث عدد كبير من العائدين من الخليج عن طرق لاستثمار أموالهم ولم يجدوا غير تلك الشركات والتى كانت تعطى أرباحا أعلى من البنوك.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة