جـلال عـارف
جـلال عـارف


فى الصميم

نتنياهو قد ينجو من السجن.. ماذا عن السجن الأكبر لإسرائيل؟!

جلال عارف

الجمعة، 21 مايو 2021 - 07:14 م

مع انطلاق العدوان الإسرائيلى الغاشم الأخير، كان واضحاً أن «نتنياهو» يعتمد على توفر غطاء أمريكى لأيام قدرها البعض باسبوع واحد، اعتماداً على أن رفض أمريكا لأى تحرك جاد من مجلس الأمن صحبه الإعلان عن الاستعداد لهذا التحرك فى موعد لاحق حددته مندوبة أمريكا فى الأمم المتحدة باسبوع مقترحة تأجيل الأمر ليوم الثلاثاء الماضى!!
لكن تطور الأحداث على الأرض جعل المهلة تمتد مع استمرار لعبة طلب «التريث» من جانب أمريكا، وابداء التشدد من جانب نتنياهو الباحث عن النجاة من احتمال دخول السجن بدلاً من رئاسة الحكومة بالاستمرار فى أداء دور «المحارب» ضد «الأعداء» حتى لو كانت «الحرب» فى النهاية مجرد قتل للأطفال، وتدمير للمنازل، وبحث مجنون وفاشل لاصطياد قيادة كبيرة من صفوف المقاومة الفلسطينية لتعزيز موقعه!!
جهود مصر لم تتوقف لإنهاء العدوان، والغطاء الأمريكى كان لابد أن يتحول إلى عبء ثقيل لا تستطيع إدارة «بايدن» المضى فيه طويلاً، وجرائم إسرائيل تكشفت للعالم، وحكاية تبرير العدوان الإسرائيلى بـ«حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس» لم يعد ممكناً الاستمرار فى بيعها مع حقيقة أن النضال ضد الاحتلال الصهيونى الاستيطانى هو حق مشروع لشعب فلسطين، وأنه هو الحق الأساسى الذى ينبغى للعالم أن يقف معه لا أن يدعى البعض أن لإسرائىل حق الدفاع عن نفسها.. بينما هى فى الحقيقة تدافع عن احتلالها وعنصريتها بارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية.
مع توقف إطلاق النار.. ربما سيحتفل نتنياهو بنجاته من السجن وتوقف محاكمته بتهم الاحتيال والفساد وغيرها.. لكن ماذا عن إسرائيل التى سيكتشف العالم حجم ما سببته من دمار وقتل غير مبرر فى عدوانها الغاشم، بينما سيكتشف الإسرائيليون أنفسهم «ولو متأخراً» حجم الخسائر التى تكبدوها، وحجم الأوهام التى سقطت مع العدوان الأخير، ومقدار التحديات التى عليهم أن يواجهوها.
سوف يكتشف الإسرائيليون أن ما عاشوا فيه فى السنوات الأخيرة كان خدعة كبيرة ساهم فيها - من ناحيته - الرئيس الأمريكى السابق «ترامب» بانحيازه غير المسبوق لإسرائيل وساهم فيها - من ناحية أخرى - الانقسام الفلسطينى والضعف العربى الذى قاد إلى التطبيع المجانى وصفقاته المشبوهة!.
سوف تفرض الحقائق نفسها.. من كانوا يراهنون على تصفية القضية الفلسطينية يدركون الآن أنهم كانوا يراهنون على وهم كبير. شعب فلسطين بكامله هو الذى فجر انتفاضة القدس، ورضخت لإرادته المحاصرة والفصائل المتنازعة والقدس التى كانت إسرائيل تمضى فى محاولات تهويدها وتعتبرها «خارج النقاش» بعد قرارات ترامب الحمقاء والباطلة عادت لتفرض نفسها عنواناً للقضية وعاصمة للدولة الفلسطينية والتطبيع المجانى الذى تم الترويج له على أنه إقرار بتصفية قضية فلسطين صار مجرد عبء ثقيل على أصحابه فى مواجهة الحقيقة وفى مواجهة شعوبهم(!!)
والأخطر كان تحرك الفلسطينيين العرب داخل الأرض المحتلة فى ٤٨ وأخذهم زمام المبادرة فى هذه الانتفاضة، بعد أن كان نتنياهو يزهو باختراقه للوسط العربى، ونجاحه فى ضم فصيل سياسى صغير تابع للإخوان له، فى سعيه لضرب وحدة الفلسطينيين فى الداخل(!!)
لقد توحد شعب فلسطين على كل أرضها بما فى ذلك الأرض المحتلة 48، وصرخ الرئيس الإسرائيلى بأن «دولته» معرضة للحرب الأهلية، قبل أن ينقلوه بعد ذلك إلى المستشفى، ومع بداية حملة بطش جديدة ضد أشقائنا من الفلسطينيين الباقين على أرضهم منذ النكبة وحتى النصر الفلسطينى.
سوف يعود نتنياهو ليقول إن آلة الحرب الصهيونية قد انتصرت، بينما كل إسرائيلى يعرف أن «قوة الردع» التى كانت تتباهى بها إسرائيل قد سقطت مرة أخرى وسيعود ليقول انه الأحق بالاستمرار فى قيادة إسرائيل، وربما يتحقق له ذلك وينجو «ولو مؤقتاً» من احتمال السجن.. لكن ماذا عن إسرائيل؟ وماذا عن سقوط الأوهام التى روجها نتنياهو أمام الحقيقة الأساسية الباقية وهى أنه لا أمن ولا سلام إلا بالاعتراف الكامل بحقوق شعب فلسطين، وبدون ذلك ستبقى إسرائيل فى سجن كبير، ستظل أسواره قائمة رغم الدعم الأمريكى والتطبيع المجانى، ورغم ما يقاسيه شعب فلسطين من ويلات الاحتلال وآثار الانقسام فى الصف الوطنى الذى كنسته الإرادة الحاسمة لشعب فلسطين فى انتفاضة القدس التى لم يعد أمام الفصائل الفلسطينية إلا الانصياع لهذه الإرادة، وإدراك أن ما بعد هذه الانتفاضة لن يكون أبداً كما كان قبلها!!.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة