أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

أسامة عجاج يكتب: توابع «زلزال» «سيف القدس»

أسامة عجاج

الأحد، 30 مايو 2021 - 07:07 م

 ما بين الأذى الذى حققته المقاومة الفلسطينية لإسرائيل، وهو لو تعلمون عظيم− "والضرر" الذى اصاب قطاع غزة من العدوان، وهو ثمن تعوّد عليه الشعب الفلسطيني− انتهت وقائع 11 يوما من المواجهات، والأخطر هو القادم، مع بدء التهدئة بعد نجاح مصر فى تمرير مبادرتها الخاصة بوقف العمليات وحتى الآن، فى ظل القراءة المتأنية لنتائج جولة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، التى شملت عددا من دولة المنطقة، وكذلك اتصالاته الواسعة مع نظرائه فى دول عربية، حيث تكشف بجلاء ووضوح ان امريكا بتحيزها التاريخي، ودعمها المستمر لإسرائيل، تحاول أن تحقق عبر المفاوضات ما عجزت تل ابيب عن انجازه بالعدوان، فى تجاهل لحقائق ونتائج تمخضت عنها عملية "سيف القدس" التى أبلت فيها فصائل المقاومة الفلسطينية بلاء حسنا، غيرت من خلالها قواعد اللعبة فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلي.

التحرك الأمريكى −أولًا: يتغافل عن حقيقة النصر الذى حققته المقاومة، ومظاهره عديدة، انها هى من أخذت مبادرة بدء العمليات، نصرة للمسجد الأقصى وسكان حى الشيخ جراح، وقد تكون هذه هى المرة الأولى فى تاريخ المواجهات، كما ان وقف العمليات كان بقرار إسرائيلى من طرف واحد، دون التزام من فصائل المقاومة، التى وافقت عليه وفقا لطلب الوفد الأمنى المصري، وعلى عكس ما يقوم به رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو، من تسويق لـ"نصر مزيف" لأسباب سياسية داخلية، ولكن الوقائع على الأرض تقول وفقا لإحصائيات المقاومة ان خمسة بالمائة من انفاق غزة من مجموع ٥٠٠ كيلو متر هى التى تضررت، كما فشلت إسرائيل فى اغتيال ٥٠٠ من قوات النخبة الفلسطينية، تحت كذبة الاجتياح البري، وكل ما وصلت اليه ٨٠ عنصرًا فقط من كتائب القسام وسرايا القدس، واغتالت ١٥ فقط من الصفوف القيادية الثانية وما بعدها من كتائب القسام.

التحرك الأمريكى يتجاوز −ثانيا: حقيقة عدم قدرة إسرائيل للمرة الأولى على تحقيق أي من أهدافها، بل واجهت فشلا استخباريا كبيرا، فى رصد التطور المذهل والكبير فى قدرات المقاومة الفلسطينية العسكرية، من حيث عدد الصواريخ التى استهدفت مدنا وبلدات إسرائيلية، ففى عدوان ٢٠١٤ تمكنت المقاومة من إطلاق ٤٠٠٠ صاروخ خلال فترة العمليات التى استمرت ٥٠ يوما، وأعلى رقم توصلت له هو ٢٠٠ صاروخ فى اليوم، ولكنها وصلت إلى نفس الرقم خلال عشرة أيام فقط، ووصل عددها فى بعض الأيام إلى ٧٠٠ صاروخ، وبعضها وصل إلى تل ابيب كما وصلت إلى مطار رامون شمالى إيلات، كما تفاجأت بموقف فلسطينيى ٤٨، الذين انتفضوا فى مشهد غير مسبوق منذ الاحتلال فى أربعينيات القرن الماضي، فى تأكيد جديد لوحدة الفلسطينيين، داخل وخارج الخط الأخضر، ولجأت إسرائيل إلى عمليات قمع، وجرت اعتقالات واسعة.

الموقف الأمريكى الأخير −ثالثًا: أنهى حالة من التردد والتخبط سادت مواقفه مع بداية الاعتداءات الاسرائيلية، وسعى إلى توفير غطاء سياسى لإسرائيل، من خلال تعطيل إصدار قرار من مجلس الأمن اربع مرات، والحديث عن حقها فى حماية أمنها من هجمات المقاومة، ودعم عسكرى بالموافقة على صفقة الأسلحة التى بلغت ٨٠٠ مليون دولار، ومع هدوء العمليات، سعت إلى استكمال موقفها الداعم لإسرائيل، وهذا واضح من خلال تصريحات وزير الخارجية، حيث تحاول إثارة قضية غير مطروحة، وهى وصول الأموال الخاصة بإعادة تعمير غزة إلى جماعة حماس، متناسين انها ليست المرة الأولى لعملية كهذه، فقد سبقها نجاح مصر فى أعقاب عدوان ٢٠١٤.

حيث شارك فيها أكثر من ٥٠ دولة ومنظمة دولية، وجمعت حوالى ٥ مليارات دولار، ساهمت خلال الفترة الماضية فى عمليات إعادة التعمير، دون أن تتحدث أى جهة عن هذا الأمر، أما إثارتها هذه المرة فتهدف إلى "دق إسفين" مع السلطة الفلسطينية، واستهداف حركات المقاومة، وإلغاء وجودها، وهى تدرك ان ذلك مرتبط باستمرار الاحتلال الاسرائيلي، وما تقوم به من عمليات يتم وفقا لمواثيق الأمم المتحدة التى "تشرعن" حق مقاومة المحتل، وبعد انتهائه وقيام الدولة الفلسطينية، يومها لن يقبل أحد وجودها، على قناعة بانه من غير المقبول ان يكون هناك سلاح سوى سلاح الدولة، وعلى امريكا إذا أرادت النجاح، الدفع باتجاه ازالة العقبات الاسرائيلية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، تثمر  عن ممثلين شرعيين للشعب الفلسطيني، وأن تنهى شروط إسرائيل المجحفة لبدء عملية اعادة اعمار غزة، وتقود تحركاً نشطاً لاستعادة زخم حل الدولتين بدون تأجيل أو إبطاء.

ويظل الأمل فى الموقف المصري، الذى طرح منذ البداية "صفقة متكاملة" للتعامل مع الأزمة من جذورها، تتضمن وقفا للعمليات، ومعه وقف عمليات الاستيطان وطرد سكان حى الشيخ جراح، وعمليات تهويد المسجد الأقصى، والبدء فى عملية سياسية وفقا للمرجعيات الدولية، ومطروح تنشيط وتفعيل عمل اللجنة الرباعية القديمة، أو المستحدثة والتى تضم مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، ومازال يُعمل بهمة عليها، والدليل الاتصالات الأخيرة مع طرفى النزاع، سواء فى تل ابيب أو رام الله، ودعوة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس لزيارة القاهرة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة