د.أسامة السعيد
د.أسامة السعيد


خارج النص

الثقة فى القيادة

د. أسامة السعيد

الثلاثاء، 01 يونيو 2021 - 07:54 م

كثيرون قد يملكون البصر، لكن قليلين جدا يمتلكون البصيرة.
البعض قد يكون جديرا بالاحترام، لكن الأقلية هى التى تستحق الثقة.
الاحترام قد يصنعه موقف عابر، أو قرار وحيد، لكن الثقة تبنيها التجارب وترويها الأفعال قبل الأقوال. واليوم أعتقد أن القيادة السياسية المصرية استطاعت أن تكتسب ثقة شعبها، ومن خلفه العالم كله، مثلما استحقت من قبل احترامه فى الكثير من المواقف.
من يتأمل الكثير من تفاصيل التحركات المصرية على العديد من الجبهات الملتهبة، يدرك أن القيادة المصرية تتحرك بمهارة فى حقول من الألغام، لا يكفى البصر للخروج منها بأمان، بقدر ما تحتاج إلى بصيرة، ليس فقط لتنجو بنفسك، بل لكى تمنح غيرك أمانا عجزت أيادى تجار الشعارات وحنجورية المواقف الزائفة عن أن تمنحه له، فوضع ثقته بك، بعدما أدرك أنك ملاذه الأخير.
أقول هذا وأنا أستعيد بعضا من مشاهد الموقف فى مصر قبل 7 سنوات. الجميع يتلمس طريقا نحو أمل يُغاث به الناس بعد سنوات عجاف التهمت فى القلوب مساحات البهجة والطمأنينة، وأورثتنا قلقا بات يفسد علينا قدرتنا على الثقة.
لو قال لنا أحد قبل سبع سنوات إن مصر التى تلملم جراحها، ستطلق واحدا من أكبر مشاريع التنمية فى العالم لاتهمناه بالجنون، ولو وعدنا أحد بأننا - ونحن غارقون فى أزماتنا الداخلية - سنكون اليد التى تنقذ أشقاءنا بالمنطقة من كبواتهم، لنظرنا نحوه بارتياب، لكن كل ذلك تحقق وسيتحقق أكثر منه، وهذا هو الفارق بين البصر والبصيرة.
أمد بصرى خارج حدودنا، فأستعيد الموقف فى ليبيا قبل وبعد تدخل مصر، ورسم القيادة ذلك الخط الأحمر الذى قطع الطريق أمام أطماع إقليمية ودولية، وأتأمل مشهد حُماة مصر وهم يسابقون الزمن لإنقاذ غزة المحاصرة، ينعشون قلب القطاع، فيعود نبضه بكل فصائله وطوائفه مرددا «تحيا مصر».
أتلمس قلقى من «سد الخراب» الذى يحاصروننا به، ومصيرنا إذا ما نجحوا فى أن يضعوه سيفا فوق رقابنا، وذلك الصبر الذى طال على تعنت وإساءات فاقت كل الحدود، لكننى أعود فأتذكر الفارق بين البصر والبصيرة فأطمئن.
الثقة هى أغلى ما يكنه المواطن نحو قيادته، وأعز ما تطلبه قيادة من مواطنيها، خاصة إذا كانت جديرة بتلك الثقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة