باول جوبز تهاجم ترامب عبر إحدى مؤسساتها الإعلامية
باول جوبز تهاجم ترامب عبر إحدى مؤسساتها الإعلامية


تـُمول الإعلام الأمريكي لتمرير مصالح النخبة

أرملة مؤسس أبل.. «سوروس الجديد»

آخر ساعة

الأحد، 06 يونيو 2021 - 12:19 م

دينا توفيق

يُخطئ مَن يظنّ أن يأتى يوم ويكف الملياردير الأمريكى "جورج سوروس" عن تمويله للكيانات الإعلامية اليسارية، المنظمات والساسة داخل الولايات المتحدة وخارجها التى توصف بأنها لوبيات مؤثرة فى السياسة العالمية، أو أنه لن يكون له شبيه يسير على نهجه؛ ذاك الرجل الذى يعد لغزاً ومحاولة فهم شخصيته مهمة صعبة؛ يُصنف على أنه "فاعل خير"، لكنه فى الحقيقة الممول والداعم لصالح اليسار المتطرف المعولم.. هو أحد أصحاب رؤوس الأموال الذين يُحرّكون اللعبة عبر العالم، ومن الذين يُقررون ما يدور فى البيت الأبيض.. 

وإذا كان هناك سوروس آخر، وسيتولى الراية من بعده، فقد تكون المليارديرة الشقراء "لورين باول جوبز"، أرملة مؤسس شركة أبل "ستيف جوبز"، تلك المرأة التى يصفها موقع "فوكس" الأمريكى بأنها واحدة من أهم فاعلى الخير فى العالم. تُدرجها مجلة "فوربس" كواحدة من أغنى عشر نساء على وجه الأرض، حيث تبلغ صافى ثروتها حوالى 16 مليار دولار، معظمها من حصص عائلتها فى اثنتين من أكبر الشركات فى العالم: أبل وديزني. ولكنها الآن، أصبحت سلاحًا وقوة عظمى سرية، تدير وتمول شبكة واسعة من وسائل الإعلام اليسارية والمنظمات والسياسيين. ومنذ سنوات، ولديها اهتمام شديد بنشر قدراتها الإعلامية داخل الولايات المتحدة وذلك بما يتيح لها القيام بشن حرب إعلامية التى بدأت فحواها أثناء الانتخابات الأمريكية الأخيرة والتى كان لها تأثيرها على سير الديمقراطية. وهذا ما كشف عنه الكاتب الأمريكى "أليكس مارلو" فى كتابه "الأخبار العاجلة" الذى فضح الصفقات الخفية والفساد السرى لوسائل الإعلام المؤسسية.

ما شهدته الولايات المتحدة من تشرذم نتيجة الصراع الدائر بين تيار اليمين والأوليجاركية، كانت مؤسسستها الإعلامية أحد أهم الأدوات التى أشعلت هذا الصراع. خاصة مع الكشف عن التاريخ السرى لحملة "الظل" التى أنهت انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020، بإزاحة الرئيس الأمريكى السابق "دونالد ترامب"، حيث شهدت الأيام الأخيرة من رئاسته اقتحام مبنى الكابيتول، الذى يعتبر صرحًا للديمقراطية الأمريكية، من قبل ميليشيات وأنصار QAnon إلى جانب مؤيدى ترامب لدعم رئيسهم فى محاولته لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية.

تمامًا مثل مؤسسة "المجتمع المفتوح" التابعة لسوروس، فإن الأداة الرئيسية لتأثير باول جوبز هى مؤسسة "إيمرسون كولكتيف" (EC)، التى فى ظاهرها تنادى بسياسات دعم التعليم، والحفاظ على البيئة، والعدالة الاجتماعية، وفى باطنها تمرر أجندات سياسية لصالح تيار العولمة أو نخبة "الأوليجاركية" والرأسمالية. ووفقًا لمارلو فإن مساهمة المؤسسة "المشبوهة" تجعلها تستحق لقب "المتبرع الأضخم الأقل شفافية لعام 2019". وكان العقد الماضى هو الفترة الأكثر ديناميكية على الإطلاق للأعمال الخيرية الأمريكية حيث شرع المانحون فى تقديم تبرعات على نطاق واسع، كما نما عالم تقديم المنح المؤسسية، الذى من خلاله باتوا يحكمون ويتحكمون فى كل شيء من أجل تحقيق مخططهم.

وكان من بين أدوات هؤلاء النخبة النفوذ الذى مارسته باول جوبز من خلال المنفذ الإعلامي؛ مجلة "ذى أتلانتيك" الأمريكية، التى قامت بحملة استهدفت ترامب حينها وحاولت تشويه سمعته، باستخدام مصادر "مجهولة''، حيث تمتلك حصة الأغلبية من أسهم المجلة فى 3 سبتمبر 2020، نشر رئيس التحرير "جيفرى جولدبرج" مقالًا بعنوان "ترامب: الأمريكيون الذين ماتوا فى الحرب العالمية هم "خاسرون''. وزعم المقال إن ترامب، أثناء وجوده فى فرنسا لإحياء ذكرى مشاة البحرية الأمريكية الذين ماتوا فى الحرب العالمية الثانية، أضر بسمعة الجنود الأمريكيين الذين لقوا حتفهم فى القتال. وعلى الرغم من أن محتوى المقال اعتمد فقط على مصادر مجهولة، ولم يتم إثباته مطلقًا، إلا أنه كان يتمتع بقوة لا يمكن إنكارها فى دورة الأخبار؛ بسبب توقيت نشره. وفى الواقع، أثار الشكوك فى أن المجلة الأمريكية قد نسقت مع حملة بايدن.

كما تمول جوبز ولديها استثمارات فى مؤسسات إعلامية مثل موقع "أكسيوس" ومجلة «Mother Jones» ومجلة "أوزي" الإلكترونية، بالإضافة إلى منظمة "بروبوبليكا" غير الربحية وهى جزء من اليسار الناشط، وقناة «Now This» الإخبارية التابعة لليسار السياسى أيضًا. وكذلك وضعت أموالها فى منظمة ACRONYM، وهــــى مشــــروع تكنــولوجــى ديمقراطي، والتى بدورها تدير شركة Courier Newsroom، أحد الوسائط الرقمية ومظلة على سبعة مواقع مختلفة تمثل منافذ إخبارية محلية وترعى المحتوى السياسى الذى يهدف إلى دعم المرشحين الديمقراطيين بتمويل من جوبز بقيمة 25 مليون دولار. وتدير المنظمة خبيرة التكنولوجيا "تارا ماكجوان" ذات شخصية جذابة كانت عنصرًا مهمًا ضمن فريق أوباما الرقمى عام 2012، والتى عملت على دعم الديمقراطيين اضطرابات عدة، بعضها واجه الجمهور والبعض الآخر أكثر سرية. وعلنًا، تعهدت بتغطية الإنترنت، وخاصة موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" ومحرك البحث الشهير "جوجل"، بإعلانات مناهضة لترامب. وهذا ضد وثيقة "قواعد الأخلاقيات" التى وضعتها "جمعية الصحفيين الأمريكيين المحترفين".

فيما وصف الكاتب الصحفى "جوشوا جرين" المتخصص فى الشؤون الاقتصادية والمال والأعمال بوكالة "بلومبيرج" الأمريكية رسالة البريد الإلكترونى بأنها "خطة اليسار لإدخال الأخبار المؤثرة فى التصويت إلى "آخر الأخبار على الفيسبوك". وكانت منظمة "نيوزجارد" لتصنيف المؤسسات الإعلامية فى يسار الوسط أكثر تشاؤمًا من جرين حيث رأت أن  كلا من Courier و Acronym يستغل الخسارة الواسعة للصحافة المحلية لإنشاء ونشر شيء ليس مفيدًا وهو "الدعاية الحزبية المفرطة"، خاصة بعد أن وجدوا الفرصة مع تراجع وسائل الإعلام المطبوعة والمستقلة إلى خلق فرصة للأحزاب المالية لغسل نشاطهم السياسى من خلال العلامات التجارية الإعلامية.

وظلت جوبز لسنوات تصور نفسها على أنها مدافعة عن الصحافة الحرة، ولكن مشاريعها الصحفية التى تدعمها أدت إلى تسريح الموظفين خلال العام الماضي، وسرعان ما توجهت إلى الحكومة الفيدرالية للحصول على المساعدة وسط الأزمة الاقتصادية التى تسببت فيها جائحة كوفيد-19 وإجراءات الإغلاق وقبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضي، حيث حصل موقع "أكسيوس"، الذى تلقى أموالًا من "إيمرسون"، قرضًا بقيمة 5 ملايين دولار من برنامج حماية الرواتب (PPP) وسط رد فعل عنيف. وكذلك فعل الموقع الإخبارى ذو الميول اليسارية Mother Jones، الذى لا يبدو أنه كشف هذه المعلومات من قبل، وفقاً لصحيفة "واشنطن فرى بيكون".

 كما قامت المليارديرة بتمويل مجموعة سياسية وتأسيس مواقع إخبارية محلية وهمية لدفع نقاط الحوار الديمقراطي. ومع ذلك، كان اهتمام باول جوبز يركز أكثر على إرسال "جو بايدن" إلى البيت الأبيض. يرى مارلو فى كتابه الجديد، أن العلاقة بين جوبز ومؤسسة "إيمرسون" ومنظمة ACRONYM لا تزال غامضة؛ ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن وضع إيمرسون كمؤسسة ذات مسئولية محدودة، غير ربحية مُعفاة من نظام الضرائب الأمريكية. وقد سُميت المنظمة بهذا الرقم 501 (c)، الذى يحمى المؤسسة من الاضطرار إلى إجراء إفصاحات مالية عامة. ووفقًا للكاتب الأمريكى إنه أمر خبيث ومخادع، ولكن بالنظر إلى عدد المنافذ الإعلامية التى تتوافق مع باول جوبز سواء من الناحية المالية أو الأيديولوجية، ليس من المستغرب أن يتم تقديم القليل من التقارير حول هذه الاتصالات. 

وعلى سبيل المثال، فى عام 2016، منحت مؤسسة "إيمرسون كولكتيف" 2٫5 مليون دولار لإحدى لجان الحزب الديمقراطي؛ لكن باول جوبز أكثر من مجرد مانح ديمقراطى رئيسي، بل كانت مؤسستها تضم العديد من رجال إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق "باراك أوباما"، مثل وزير التعليم "آرنى دنكان"، ومدير الخدمات العامة "دان تانجيرليني". هذا بالإضافة إلى أن جوبز تجمعها علاقة شخصية "وثيقة" مع "كامالا هاريس"، التى كانت عضوا فى مجلس الشيوخ عن ولاية "كاليفورنيا" قبل أن تصبح نائبة للرئيس. وبطبيعة الحال، أثنت مجلة "ذى أتلانتك" على هاريس، ولم تكف عن تأييدها خلال الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين 2019-2020.

ولعل ما يؤكد تضليل الصحافة الأمريكية أيضًا وإصرارها على نشر الفوضى بعيدًا عن المصلحة العامة للدولة ومن ثم الشعب الأمريكي، الانتقادات التى تعرض لها ترامب منذ وصوله للمكتب البيضاوى فى الصحف والشبكات الإخبارية الممولة من باول جوبز وسوروس خاصة صحيفتى "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست". ومن المعروف أن الملياردير الأمريكي، الذى يمتلك ثروة تقدر بنحو 25٫2 مليار دولار وفقاً لمجلة فوربس الأمريكية، مع جوبز من خلال المؤسسات الإعلامية هما من وقفوا خلف التظاهرات ضد ترامب وعقب مقتل المواطن الأمريكى من أصول أفريقية "جورج فلويد" العام الماضى وأمام مبنى الكابيتول قبل تنصيب بايدن بأيام. سوروس، من جهته، بالإضافة إلى تبرعه للقضايا اليسارية فى كثير من البلدان، ساهم فى الولايات المتحدة بأكثر من 70 مليون دولار لانتخاب بايدن، وتمويل الحملات الانتخابية للمدعين اليساريين. وبالتالي، فإن جوبز جزء من مجموعة المليارديرات الذين يهتمون، مثل سوروس، بزعزعة استقرار الحكومات الديمقراطية التقليدية.

تعــــد جــوبز واحـــــدة من الأسلحة المفضلة لمؤسسة الديموقراطيين، كما أن مؤسستها تتميز مكاتبها بإحدى اللوحات الجدارية المستوحاة من الخطاب الشهير للمدافع عن حقوق الإنسان "مالكوم إكس" "الاقتراع أو الرصاصة"؛ الخطاب، إلى حد كبير حول حق السود فى الحصول على حقوقهم بالضغوط السياسية أو العنف، كما كان بمثابة إنذار شديد للسياسيين البيض وينتقد الحزب الديمقراطي. ويتساءل مارلو فى كتابه ماذا سيفكر هؤلاء الرجال فى وريثة تقنية بلوتوقراطية تستحوذ على أسمائهم وموروثاتهم كجزء من لعبة سياسية ضعيفة؟.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة