الساحر عبدالكريم صقر
الساحر عبدالكريم صقر


شخصيات و حكايات

الساحر عبدالكريم صقر.. أمهر من لمس الكرة فى مصر

آخر ساعة

الأحد، 06 يونيو 2021 - 12:49 م

شوقى حامد

مشوارى فــــــى بلاط صاحبــــــــة الجـــــلالـــة زاخر بالمواقف حاشد بالأحـــــــداث ملــــــىء بالعلاقات مع الكثير من الشخصيات.. لأنه طـــال لأكــثر مــن أربع حقـب زمنيــة.. فقد اسـتحق التســجيل واسـتوجب التدوين.. وعــلى صفحــــات «آخر ساعة» أروى بعضا مـــن مشاهده.

أسعدتنى أقدارى بأن منحتنى الفرصة لأن أشاهد بعينى أحد أمهر اللاعبين وأكثرهم موهبة وأوفرهم قدرة وأقدرهم على تطويع الكرة لإرادته وتسخيرها لمشيئته وإخضاعها لتنفيذ تعليماته والسيطرة عليها والتحرك بها وتناقلها وتبادلها بين قدميه وركبتيه ورأسه للفترة التى يحددها وللمسافة التى يقطعها وبالطريقة التى يريدها.. إنه الفنان عبدالكريم صقر.. كنا صبية فى المرحلة الثانوية بمدرسة السعيدية فى النصف الثانى من حقبة الخمسينيات من القرن الماضى.. وشاع بيننا الحرص على متابعة فعاليات دورة سداسيات الزراعة التى كانت تقام كل عام بملعب كلية زراعة القاهرة بميدان الجيزة.. كنا نذهب عقب انتهاء الدراسة إلى هناك.. وكان بيننا زمرة من الموهوبين الذين مثلوا منتخب مصر والأندية الكبرى أمثال منير كمال وعبدالحميد شاهين ومحمود حسن وشوقى عبدالشافى وعماد اليمانى وحازم كرم وهادى حلمي.. وغالبا ما كانت تبدأ البطولة بفقرة استعراضية ليقدمها هذا الساحر وهو قد تخطى الخمسين من عمره وكأنه يعزف مقطوعة موسيقية منفردة عندما يلف حول الملعب مع معشوقته المستديرة يتناقلها بين قدميه وركبتيه ورأسه ويحكم السيطرة عليها دون أن تحاول التمرد عليه أو الخروج عن طاعته ونحن مشدوهون لا نملك إلا إطلاق صيحات الإعجاب وصفارات الانبهار وتصفيقات الانبساط.. هكذا كانت أيام البطولة تبدأ، وكانت تلك الفقرة هى التى تجذبنا للمتابعة وتشدنا للمشاهدة.. بدايات هذا الساحر القدير كانت فى حى العباسية فى الثامن من نوفمبر عام ١٩١٨.. مارس الكرة فى دروب وطرقات الحى الشعبى الذى أفرز العديد والعديد  من النجوم ثم التحق بالتعليم الابتدائى وتدرج فى التعليم إلى المرحلة الثانوية بمدرسة فؤاد الأول وكانت بين مدارس النخبة التى تضم خيرة الموهوبين فى تلك المرحلة المبكرة.. سيطرت على أفكاره فى هذه السن محاكاة وتقليد أقاربه أمثال أبناء عمومته محمود مختار وممدوح مختار حيث كان الأول يدرس ويلعب بنادى ليفربول الإنجليزى والثانى بالأهلى والترسانة خاصة بعد أن أولوياه بعضا من الرعاية ومنحاه هدية عزيزة عبارة عن كرة صغيرة لكنها جميلة فى حجم الكرات التنسية الصفراء مع قميص وشورت رياضي.. ورغم ضآلة جسمه غير أن مهاراته كانت تلفت الأنظار وتخطف الأبصار وكان معه شقيقه الأكبر عبدالعظيم.. ضربة الحظ جاءته عندما شارك مع مدرسة فؤاد الأول فى مباراة أمام السعيدية على ملعب المعلمين بالجزيرة.. وعقب اللقاء تلقفته الأيدى الخبيرة بالأهلى ولم يخرج من الملعب إلا وقد تمكن الكابتن جميل عثمان من الحصول على توقيعه وأصبح لاعبا بنادى القرن وزامل الأفذاذ أمثال مختار التتش ومحمد الجندى واستطاع أن يرسخ أقدامه بالفريق بل وينضم معهم إلى المنتخب الوطنى ولا يفتأ يذكر أول أهدافه الشهيرة فى مرمى العملاق يحيى إمام حارس الزمالك والمنتخب والفوز بخماسية نظيفة وكان نصيبه منها ثلاثية.. كما أنه لا يمكن أن ينسى الصفعة القوية التى لطمها له التتش على خده لأنه بالغ فى المراوغة والترقيص وقبل أن يهيج ويثأر لكرامته منحه قبلة أخوية وطالبه بتسخير إمكاناته لصالح فريقه وكان من الطبيعى أن يشارك الموهوب الفنان مع المنتخب فى أولمبياد ١٩٣٦ تحت قيادة المدرب الإنجليزى مستر يوث.. هجر الساحر عبدالكريم صقر الكرة تأثرا بأحداث عائلية ولاستقالة ابن عمه ممدوح من سكرتارية الأهلى وعوقب بالإيقاف لستة أشهر وكان يتدرب أيامها مع كل من نجيب المستكاوى والشيوى بالترسانة الذى سعى للحصول على توقيعه غير أنه رفض إلى أن صدر قرار وزارى من حيدر باشا وزير الحربية حينذاك بالانضمام للمختلط وكان المقابل المادى خمسين جنيها بالتمام والكمال دفعها حيدر باشا من ماله الخاص ولعب مع محمد لطيف وعلى كاف ويحيى إمام وعمر شندى ويسهم معهم فى فوز المختلط «الزمالك» التاريخى بسداسية على الأهلى وليتحول المختلط بفرمان ملكى إلى نادى فاروق ويظل فارسنا به لمدة ١٤ سنة متتالية وليعود أدراجه ثانيا إلى موطنه ومنبته بالأهلى وينهى حياته الكروية كما بدأها فى هدوء ودون ضجيج وبعد ذلك عمل مدربا لمركز شباب زينهم فالمنتخب العسكرى فمستشارا بوزارة الشباب حتى أخريات أيامه.. ويتذكر البطل الموهوب علاقاته القوية بكل من حلمى زامورا ولطيف والمستكاوى وعلى زيوار وعصام بهيج وحنفى بسطان ويحيى إمام وحسين لبيب الكبير وأحمد مكاوي.. كما أنه لا ينسى أن فاتته الفرصة للاحتراف بإنجلترا مرتين.. الأولى أهدرها لأنه زامل محمد الجندى إلى هناك ورفض الجندى التوقيع إلا إذا انضم للملكية البحرية الإنجليزية التى كانت تحرم دخول غير البيض، والثانية بنادى هيدرزفيلد مع أبوحباجة وعاد الاثنان إلى مصر حبا فى المحروسة.. وقام السادات الزعيم الراحل بتكريمه بصفته كابتن منتخب مصر فى الدورة الأولمبية بلندن عام ٤٨.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة