جولات مستمرة للرئيس السيسى لتفقد المشروعات القومية
جولات مستمرة للرئيس السيسى لتفقد المشروعات القومية


السيسى وعد فأوفى.. مدينة ذكية تستوعب 6.5 ملايين مواطن وخدمات مميزة

السيد شكري

الأربعاء، 09 يونيو 2021 - 08:12 م

القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬يقتنص‭ ‬نصيب‭ ‬الأسد‭ ‬فى‭ ‬‮«‬التشييد‭ ‬والبناء‮»‬‭ ‬بنسبة‭ ‬90‭.‬3‭%‬   

دقة‭ ‬فى‭ ‬اختيار‭ ‬الموقع‭ ‬وتوقيت‭ ‬مثالى‭ ‬للتنفيذ‭ ‬ساهم‭ ‬فى‭ ‬تعزيز‭ ‬قدرة‭ ‬الاقتصاد 

‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬أوقفت‭ ‬الانخفاض‭ ‬المتتالى‭ ‬للدين‭ ‬العام‭.. ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لـ«العاصمة‮»‬‭ ‬بزيادته  

تكامل‭ ‬مؤسسى‭ ‬لزيادة‭ ‬قدرة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬عبور‭ ‬الأزمات‭ ‬والمساهمة‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد

قال فصدق ووعد فأوفى؛ فاكتسب ثقة شعبه واحترام العالم.. عاهد بنى وطنه منذ توليه مهام المسئولية رئيسا للجمهورية بأن بلادهم ستعود لعصور أمجادها وريادتها الإقليمية والدولية وها نحن وبعد سبع سنوات فقط نقرأ ونسمع ونشاهد فمصر الآن ملء السمع والبصر اقتصاديا، سياسيا، صحيا، أمنيا، سياحيا، عسكريا وتعليميا ويزيد عن ذلك كثيرا وفى كافة القطاعات، إضافة إلى النجاح الكبير فى ملف العلاقات الخارجية والقضايا الإقليمية، سنوات خضراء تعلن قيام جمهوريتنا الجديدة.

خلال مؤتمر دعم الاقتصاد المصرى فى مارس 2015، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى إطلاق مشروعنا القومى "العاصمة الإدارية الجديدة"، ليعالج مشاكل تاريخية بالجملة للعاصمة القديمة وفى مقدمتها سوء التخطيط، ضعف البنية التحتية، عدم جاهزيتها لتحقيق "رؤية مصر 2030" والتى تهدف إلى تحويل مصر دولة ذات اقتصاد رقمى قائم على المعرفة، يتوسع فى الثورة الصناعية الرابعة وقادر على تقديم خدمات مميزة للمواطنين والمستثمرين على حد سواء.  

"العاصمة الإدارية الجديدة"، فكرة ليست ببدعة، بل تم استلهامها من تجارب عالمية ناجحة فى إعادة تأسيس العواصم، فمصر ليست الدولة الأولى التى تفكر فى نقل العاصمة، وعلى مدار الخمسين عامًا الماضية فقط أقدمت 13 دولة على مثل تلك الخُطوة، وأثبتت تلك السياسة نجاحها فى إعادة رسم البعد الاقتصادى والاجتماعى والثقافى للدول، وتحويلها إلى مدن جديدة يمكنها أن تقود العالم.

الآن وبعد 6 سنوات من الجهد والعرق والعمل الشاق، من المقرر أن يبدأ العاملون بالقطاع الحكومى فى مصر −المرحلة الأولى منهم 55 ألف موظف يعملون فى حوالى 30 وزارة− الانتقال إلى العاصمة الجديدة أغسطس المقبل، فى مدينة من المخطط أن تستوعب 6.5 ملايين مواطن سينعمون بالسكن فى مدينة صُممت وفقًا لمدرسة التخطيط العمرانى لما بعد الحداثة.

معايير الاستدامة

العاصمة الإدارية ينطبق عليها كل معايير الاستدامة التى عرفتها اللجنة العالمية للبيئة والتنمية (WECD)، حيث تلبى احتياجات الجيل الحاضر دون المَساس بحق الأجيال القادمة، وتعزز حقوق المساءلة والإنصاف من خلال توفيرها السكن والخدمات بنفس معايير الجودة، وتضمن للمُشاة حقهم من خلال توفير شبكة طرق للمُشاة تربط أنحاء المدينة، ومدينه مُتصلة من خلال شبكة واسعة من الاتصالات والنقل، فضلًا عن كونها مدينة ذكية تقدم الخدمات لجميع قاطنيها بالاعتماد على شبكة المعلومات وتجمع بيانات من خلال أجهزة الاستشعار عن بعد لتضمن تقديم تجربة عيش مميزة لقاطنيها.

الموقع والتوقيت

أما موقع المدينة فقد تم اختياره بعناية لتتوسط القاهرة −على بعد 45 كيلو من العاصمة الحالية− ومدينة السويس التى تحتضن أهم ممر ملاحى فى العالم يعبر به 10 −12% من حجم التجارة العالمية، بعد أن استمر العمل على قدم وساق لبنائها حتى فى ظل الظروف التى مر بها العالم خلال جائحة كورونا، كانت الآلات تعمل ليلًا ونهارًا لتحقيق الحُلم المصرى فى بناء مدينة جديدة تليق بمكانة مصر.

أما عن توقيت البدء فى التنفيذ فقد جاء مثاليًا، حيث كانت الدولة تعانى الآثار السلبية التى خلفتها ثورة 2011 والتى رافقتها حالة عدم الاستقرار السياسي، وانهيار تام فى مؤسسات الدولة بشكل أثر على إنتاجية البلاد، وتسبب توقف الإنتاج وعدم الاستقرار السياسى فى انتكاسة كبيرة للاقتصاد، ودعا ذلك الدولة إلى التدخل بشكل عاجل لإعادة إحياء الاقتصاد، حيث إن القطاع العقارى والتشييد والبناء هى القطاعات الأسرع فى خلق فرص العمل كونها توفر مساحات تجارية للشركات والمكاتب، ومن ثم تعزز تأسيس شركات جديدة تساهم فى دفع النمو الاقتصادي.

القطاع العقاري

حجم المساهمة الكبير فى الاقتصاد، أمر يعزز من مكانة القطاع العقاري، حيث يساهم بحوالى 15.2% من الناتج المحلى الإجمالي، ويوظف 3.4 ملايين عامل (13% من اجمالى المشتغلين فى مصر)، ويتمتع القطاع بروابط أمامية وخلفية مع أكثر من 100 صناعة أخرى، لكن تلك ليست الأسباب الوحيدة، حيث إن مصر دولة كبيرة ذات نمو سكانى مرتفع يترتب عليه ما يقرب من مليون زيجة سنويًا يحتاجون لحوالى مليون وحدة سكنية، ويعتبر حجم العرض بالقطاع أقل من حجم الطلب، وهو ما يعنى أن القطاع فى حالة عجز دائم تقريبًا.

مشروعات الدولة

مشروعات الدولة المختلفة، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، ساهمت بالإضافة إلى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى طبقته الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي؛ فى تعزيز قدرة الاقتصاد المصرى على النمو، إذ حقق معدل نمو 4.4% فى 2015، 4.3 فى 2016، 4.2% فى 2017، 5.3 فى 2018، 5.6% فى 2019.

صندوق النقد الدولى فى تقريره الصادر "مارس 2020" حول الأثر المتوقع لأزمة كورونا؛ أشار إلى احتمال تباطؤ الاقتصاد العالمى بنسبة 3%، فى الوقت الذى ستستطيع فيه مصر تحقيق نمو اقتصادى بحوالى 3.6% −حققت مصر نموًا اقتصاديًا بنسبة 2.7%−، لتؤكد على مرونة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات.

كما ساهمت تلك المشروعات فى خفض معدل البطالة فى مصر من 13.15% فى 2013 إلى 10.13% فى 2020، ولا يمكن بأى شكل من الأشكال اعتبار العاملين بالقطاعات بالدولة عمالة مؤقتة، حيث إن مصر بتركيبتها الديمغرافية التى يشكل سن الشباب معظم سكانها، وبمعدل نمو سكانى يقترب من 2%، وثقافة ترتبط بشكل كبير برغبة الشباب فى الإقبال على الزواج وتملك المنازل، واقتصاد متنامٍ أثبت نجاحه بإشادة من العديد من مؤسسات التمويل العالمية؛ فإن ذلك يعنى وجود استدامة فى الطلب على الوحدات العقارية، سواء لغرض السكن أو للأغراض التجارية −مكاتب إدارية، وتجارية.

أمر آخر يمكن الاستدلال به للتأكيد على حاجة الاقتصاد المصرى للاستثمارات فى البنية التحتية وهى توقعات البنية التحتية العالمية "Global Infrastructure Outlook" الذى أشار إلى احتياج مصر لاستثمارات بقيمة 675 مليار دولار خلال الفترة بين 2016/2040.

الشراكة والتنمية

وحول مساهمة كل من القطاعين العام والخاص فى تلك المشروعات، فوفقًا لتقرير بحثى تم إعداده من جانب (Oxford Business Group) بعنوان "مصر 2020"، فقد شكلت استثمارات القطاع الخاص فى مجال التشييد والبناء للعام المالى 2018/2019 نسبة 90.3% من مساهمة قطاع التشييد والبناء فى الناتج المحلي، باستثمارات 289 مليار جنيه، مقابل 31.1 مليار جنيه للقطاع العام −9.7% من إجمالى الاستثمارات.

الدولة المصرية دائمًا ما كانت تدرك أهمية الشراكة مع القطاع الخاص، كونها السبيل الوحيد لتحقيق استراتيحية التنمية الاقتصادية طويلة المدى بالبلاد، فقد تأسست الوحدة المركزية للشراكة بين القطاعين العام والخاص فى وزارة المالية فى عام 2006 بهدف توفير تمويل مشروعات البنية التحتية، وتقليل حاجة الحكومة إلى الاقتراض السيادي، وتخفيف العبء عن ميزانية الدولة، وأكد الرئيس السيسى على ذلك التوجه مرة أخرى من خلال إعلانه أن الحكومة تسعى لإقامة شراكات مع القطاع الخاص فى جميع مشروعات البنية التحتية بالبلاد.

تعاونت هيئة المجتمعات العمرانية مع القطاع الخاص فى تطوير الأراضى بنظام الشراكة، وتم إطلاق المرحلة الأولى منها فى 2015 لتطوير 5 قطع أراضٍ بمساحة قدرها 2034 هكتارًا، بينما شهدت المرحلة الثانية التى تم توقيعها فى 2018 تخصيص 6 قطع أراضٍ تغطى 959 هكتارًا. أما المرحلة الثالثه فهى تشمل خطة تطوير 20 قطعة أرض فى تسع مدن جديدة، تغطى مساحة إجمالية قدرها 4047 هكتارًا.

وتعاونت الدولة أيضًا مع القطاع الخاص فى مجال التعليم، وتم إطلاق مبادرة لإنشاء وتشغيل 24 مدرسة بإجمالى 910 فصول دراسية بتكلفة متوقعة 40 مليون دولار فى عام 2019 باستخدام نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

الدين العام

يدعى البعض أن بناء العاصمة الإدارية الجديدة تسبب فى زيادة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالي، وهذا الإدعاء غير صحيح، حيث إن إجمالى الدين العام (داخلى وخارجي) إلى الناتج المحلى الإجمالى انخفض فى عام 2015 إلى 85% مقابل 90.5% فى العام السابق له، لكنه ما لبث إلا أن ارتفع فى السنوات 2016 و2017 ليصل إلى 103% فى 2017، وهو لسبب غير مرتبط بزيادة الاستدانة المصرية، حيث إن ذلك الارتفاع بالأساس ناجم عن قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصرى الذى تم ضمن برنامج إصلاح اقتصادي، ومن ثم فهو بالأساس نتيجة لثبات بسط المعادلة −الدين العام الذى يتضمن جزءًا بالدولار لم تنخفض قيمته− مع انخفاض قيمة المقام −إجمالى الناتج المحلى الإجمالى مقومًا بالدولار−، وحتى ذلك الارتفاع الناجم عن انخفاض قيمة الناتج المحلى الإجمالى نتيجة لقرار تحرير سعر الصرف قد تلاشى فى السنوات التالية، حيث انخفض الدين العام فى عام 2018 إلى 92.5% وتابع الانخفاض فى 2019 وصولًا إلى 84.2%، وهى السنوات التى شهدت تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة. وعاد الدين العام للارتفاع مرة أخرى فى عام 2020 نتيجة للاستدانة الحكومية لمواجهة كورونا، وقد حدث ذلك فى معظم دول العالم، ويعتبر ذلك الوضع طارئًا سيتلاشى مستقبلًا بانتهاء الجائحة. حيث شهد الدين العام المصرى ارتفاعًا خلال عامى جائحة كورونا (2020، 2021) بنسب (6% و2.7% على التوالي) وهى نسب جيدة مقارنة بدول أخرى مثل، المملكة المتحدة، أمريكا واليابان.

رسم بيانى يوضح نسب الدين العام مقارنة باليابان وأمريكا وإنجلترا

تكامل مؤسسى

مسلسل الإدعاءات والأكاذيب لا ينتهى ولا يتوقف بل يتصاعد مع كل نجاح تحققه مصر على كافة المستويات والأصعدة، إنجازات ملموسة على الأرض أثارت جنون المتربصين والمشككين وأصحاب القلوب المريضة، والذين أدعوا زورا أن القائم على تنفيذ تلك المشروعات هى القوات المسلحة، ولكن منطقيا؛ هل يعقل أن تكون القوات المسلحة قادرة على تنفيذ مدينة جديدة مترامية الأطراف على مساحة 170 فدانًا، أى حوالى 5.6 كم مربع؟!، فضلا عن أنها ليست المدينة الوحيدة التى نفذتها مصر بعد ثورة يونيو، فحجم الأعمال التى تم تنفيذها فى هذا القطاع هائلة لا يمكن لمؤسسة وحيدة فى الدولة القيام بذلك العمل منفردة، ومن ثم فإن جميع العاملين على تنفيذ مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة هى شركات القطاع الخاص المصرية التى تقدمت لتنفيذ تلك المشروعات.

من جانب آخر، يرى البعض أن القوات المسلحة المصرية تلعب دور المشرف على تنفيذ بعض المشروعات، وهو أمر حقيقى ومُعلن، فإذا كان لديك الجيش الأكبر فى المنطقة بقوام يقترب من نصف مليون فرد، ومصر فى حالة سلام مع جميع الدول المجاورة −باستثناء حربها ضد الإرهاب−، وسياستها الخارجية سياسة شريفة محبة لجميع دول المنطقة وداعمة لتنميتها؛ فإن توظيف هؤلاء الأفراد المُدربين وعلى درجة عالية من المهارات الإدارية والقيادية يعد استغلالًا أمثل للموارد المتاحة، وهو حل أثبت أنه الأمثل للنهوض بالدول التى تعانى أجهزتها الإدارية من نقص كبير فى الخبرات الإدارية والمهارات الفنية التى تتعلق بالإشراف لحين بناء الجهاز الإدارى بالدولة بشكل فعال، ومن ثمّ فإن النموذج المصرى فى الاستعانة بإحدى مؤسساته هو نموذج يُدرس فى العديد من الدول عالميًا خاصة النامية منها.

ويشار إلى أن مصر ليست الدولة الوحيدة التى انتهجت سياسة التكامل المؤسسي، حيث انتهجت العديد من دول العالم نفس النهج فى الدفع بأجهزة الدولة المختلفة لمعاونة بعضها بعضًا لزيادة قدرة الدولة على عبور الأزمات، حيث رأينا كيف كان دور الجيش والشرطة المحورى عالميًا فى مكافحة وباء فيروس كورونا من خلال إجراء عملية تطهير كامل للبلاد، ونقل المواد الطبية والمعدات بين المقاطعات، وبناء مستشفيات عزل عاجلة لاستيعاب المصابين، والدخول فى عمليات تصنيع لأجهزة التنفس الصناعي.

وتكرر ذلك المشهد فى دول مختلفة، منها فرنسا والصين وكوريا الجنوبية، وقد كان ذلك محل تقدير كبير من شعوبهم بأن لديهم جيشًا يحمى البلاد ليس فقط من الحروب فهو يحميها من الكوارث الطبيعية والأزمات أيضًا، ومن ثم فإن تعاون مؤسسات الدولة فى إدارة الأزمات التى تمر بالبلاد هو من سمات الإدارة العامة الحديثة، التى تعزز مفهوم تكامل مؤسسات الدولة نحو تحقيق هدف واحد فى أوقات الأزمات.

الاحتياجات المستدامة

أمرٌ آخر يمكن النظر إليه وهو أن الجيوش قد تمثل عبئًا على دولها فى حال عدم استغلالها الاستغلال الأمثل، حيث إن وجود طاقة بشرية مكونة من 500 ألف فرد يحتاجون إلى طعام وملابس ووقود، هذا بالإضافة إلى المعدات، تلك الاحتياجات المستدامة قد تشكل ضغطًا كبيرًا على قدرة الدول على الوفاء بها، ليس فقط فى أوقات الحروب لكن فى أوقات السلم أيضًا، حيث إنه طلب ثابت قد يتسبب فى حدوث اهتزازات كبيرة فى أسعار المنتجات فى حال عدم قدرة المؤسسة على الوفاء باحتياجاتها ولو جزئيًا، لذلك نرى دخول الجيش فى بعض الصناعات الحيوية التى لها علاقة كبيرة بأمن الجيش والوفاء باحتياجاته الأساسية أو بالأمن القومى المصري، وهو يعد من الواجبات الأساسية لتلك المؤسسة التى عقيدتها الأولى هى الدفاع عن الوطن، خاصة وأن مصر دولة كبيرة بتعداد سكانى هائل لا يمكن لأى جهة أو مؤسسة أن تفى بكامل احتياجاتها. ومن ثم فإن معظم المشروعات التى يساهم فيها الجيش فى الاقتصاد تتركز فى المواد الغذائية التى هى بالأساس للوفاء باحتياجات القوات المسلحة أولًا، ثم طرح الفائض فى السوق لمساعدة باقى قطاعات الدولة على الوفاء بالعجز الكبير فى الإنتاج.

وقد تم الإعلان عن طرح عدد من الشركات المملوكة للشركة الوطنية (الوطنية للوقود، وصافى لمياه الشرب) بسوق الأوراق المالية المصري، أو البيع لمستثمر استراتيجي، ليؤكد الجيش على مبدأ أساسى وهو أن تلك الشركات هدفها الأول هو المساهمة فى بناء الاقتصاد المصري، وتقليص الفجوة بين الطلب والعرض وليس التحكم فى الاقتصاد.

بداية جديدة

ثورة الثلاثين من يونيو كانت بداية جديدة أعادت فيها مصر بناء المؤسسات الدستورية للدولة، وتبنت برنامج إصلاح اقتصادى شامل، ترتب عليه أن تحسنت المؤشرات الاقتصادية، ووضعت الاقتصاد المصرى فى مصاف الدول الأقل تأثرًا بجائحة كورونا عالميًا فى عام 2020، واستطاع الاقتصاد المصرى النمو بمعدل 2.7% فى وقت كان فيه الاقتصاد العالمى ينكمش بنسبة 3%. ولعل أبرز مظاهر هذا التحول هو ما تنطق به المؤشرات الاقتصادية الكُلية، حيث ارتفعت مُعدلات النمو الاقتصادى خلال النصف الأول من عام 2019 إلى 5.6% من مُعدلات 5.3% خلال كامل العام 2018، مُقارنة بـ2.9% خلال عام 2014، وهى معدلات تعتبر الأعلى منذ عام 2008.

كما شهدت مُعدلات التضخم تراجعًا ملحوظًا، حيث استطاع البنك المركزى الحفاظ على معدل التضخم عند مستوى 5%، وهى نسبة أقل من مستهدف البنك المركزى (7% +− 2%)، بعد أن كانت قد بلغت أعلى مُعدلاتها على الإطلاق خلال عام 2017 بما يُجاوز 23% مدفوعة بتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار. أما عن مُعدلات البطالة التى كانت قد بلغت فى عام 2014 أعلى مُعدلاتها مُنذ عام 1990 عند مستوى 13.4%، فانخفضت كذلك بأسرع وتيرة خلال الأعوام التالية لتصل إلى مستوى 8.6% خلال كامل 2019، ويرجع الفضل فى ذلك إلى ما تبنته الدولة من مشاريع قومية كبيرة فى قطاعى التشييد والنقل والمواصلات، إذ نفذت الدولة برنامجًا تريليونيًا لتشييد مجموعة من المُدن الجديدة أهمها العاصمة الإدارية ومدينة العلمين، وهى مدن من فئة الجيل الرابع، وساهمت تلك المشروعات فى خدمة الأهداف التنموية للبلاد لتخطو خطوة أخرى نحو هدف أن تصبح مصر مركزًا ماليًا إقليميًا يربط بين إفريقيا والعالم الخارجي.

المؤشرات المالية

وتشير جميع مؤشرات المالية العامة إلى تحسن كبير فى أدائها، حيث استطاعت الموازنة العامة للدولة تحقيق فائض أولى لثلاثة أعوام مُتتالية بداية من العام المالى 2017/2018، حيث انخفضت نسبة الدين العام للناتج المحلى الإجمالي، وارتفعت قدرة مصر على الوفاء بمتطلبات الدين فى ضوء ارتفاع الاحتياطى النقدى من العُملات الأجنبية، وارتفع التصنيف الائتمانى لمصر، وتحولت نظرة مؤسسات التصنيف الائتمانى العالمية للاقتصاد المصرى إلى نظرة إيجابية.

نجحت الموازنة وحققت فائضًا أوليًا لأول مرة مُنذ تسعينيات القرن الماضى فى العام 2017/2018 بإجمالى 4.8 مليارات جنيه، وحافظت على هذا الأداء فى العامين التاليين لتُحقق 103 مليارات فى 2018/2019 و123.9 مليار جنيه فى العام 2019/2020.

المؤشرات السابقة كانت ستبقى مُجرد أرقام بلا معنى إذا كان الاقتصاد المصرى قد تعرض لهزة كُبرى تحت تأثير صدمة كورونا، لكن العكس تمامًا هو ما حدث، إذ تلقاها واقفًا على قدميه مُستندًا إلى أساسات صلبة، جعلت مصر خالية من مشاهد تقاطر المواطنين على المُجمعات الاستهلاكية للحصول على المُنتجات الغذائية أو المخابز بسبب عدم توافر الخبز، إذ نجحت الحكومة فى توفير ذلك مُنذ بداية الأزمة على عكس ما حدث فى بعض البلدان الأكثر تقدمًا‭.‬

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة