الأحد، 27 يونيو 2021 - 09:07 م

بقلم/ رشا الشايب

دومًا لا أفضل النظرة التشاؤمية للأمور، ودومًا أرى بصيص الأمل حتى لو كان ساقطًا فى بئر عميقة فى ليلة سوداء فى مكان مهجور، ولكنى هنا قد لا أستطيع - رغما عني- أن أنشر أملًا أو أن أرسم بسمةً أو أن أنير عتمة الظلام، لذلك كن حذرًا عزيزى القارئ ففى الكلمات التالية رؤية قاتمة وحقيقة محزنة يختبئ خلفها مواقف كثيرة من الوجع والألم والتشاؤم.
أحدثكم عن «آلزهايمر» الوحش المخيف والمرض المهيب، العاصفة المضطربة الهائجة والذى يضرب الذاكرة بشكل هيستيرى وبتهور غير منضبط.
وكم من قصصٍ حزينةٍ يرويها أهالى مرضى آلزهايمر والذين عانوا أشد معاناة مع مريض لا يذكر اسم أقرب المقربين له ولا يتذكر أى شيء عن حياته فلا يتذكر عمله أو عنوانه أو حتى اسمه فى بعض الأحيان.
يذكر «جون مدينه» اختصاصى بيولوجى فى كتابه قواعد الدماغ قصة «أوجست»، وهى سيدة ألمانية مريضة بمرض عقلي، كانت مضطربة بشكل واضح أثناء الليل فقد كانت تجر ملاءات سريرها داخل المصحة العقلية، تصرخ على شيء غير موجود لساعات، وتعانى من اضطراب عقلى وتشويش عاطفي.. وفى إحدى الحوارات التى قام طبيبها المعالج بالتسجيل معها سألها: ما اسمك؟ فأجابت «أوجست» وسألها «ما اسم زوجك»، ترددت قليلا قبل أن تقول: «أوجست، كما أعتقد» فكرر عليها الطبيب السؤال: «زوجك؟» «آه، زوجي!» فكررت الكلام دون فهم للسؤال، فتابع الطبيب: «أين تعيشين؟» وقد فاجأها بهذا السؤال، فهتفت «أوه لقد ذهبتَ إلى مسكننا» ثم سألها الطبيب «هل أنت متزوجة؟» كانت مترددة وصرخت بدون وعى وقالت: «إنى مضطربة جدا» وشعرت عند نقطة ما أن هناك شيئا خاطئا ثم استمر الطبيب باستجوابها: أين أنت الآن فى هذه اللحظة؟ فأجابت بشكل غير متماسك نوعًا ما كما لو أنها سمعت سؤالًا آخر: «سوف نعيش هناك» وهذا كل ما قالته.
ولم يكن الطبيب الذى أجرى المقابلة مع أوجست طبيبا عاديا فهو الطبيب «أليوس ألزهايمر» مكتشف مرض «ألزهايمر» وقد أخذ الطبيب يدون ملاحظاته عن حالة تلك المرأة والتى كانت أول مريضة بالعالم يتم تشخيصها بهذا المرض.
وتوفيت «أوجست» عام 1906 وتم السماح لطبيبها بفحص وتشريح أجزاء مخها تفصيلا، ووجد أليافا غريبة ولويحات أكثر غرابة تمتزج بمخ أوجست مثل الدهون التى تلتصق بشريحة اللحم فيما أطلق عليه فيما بعد التلف المخي.