الجمعة، 02 يوليه 2021 - 07:05 م

مرت على مصر، هذه الأيام، ذكرى رحيل علم من أعلام العسكرية المصرية، اللواء مهندس/ باقى ذكى يوسف، أحد أبطال حرب أكتوبر 73، المجيدة، صاحب فكرة استخدام مضخات المياه لإزالة الساتر الترابي، أمام خط بارليف، على الضفة الشرقية لقناة السويس، لتمهيد اقتحام واختراق أقوى الحصون والدفاعات العسكرية، فى التاريخ الحديث.
وأذكر أثناء التخطيط لحرب أكتوبر 73، أن ذلك الساتر الترابى كان أكبر وأهم المشاكل، عبارة عن جبل من الرمال ارتفاعه 21 مترا، بما يوازى 7 أدوار، وعرضه 12 مترا، أى 4 أدوار، والذى نتج عن أعمال الحفر وتعميق القناة، خلال عقود سابقة، إذ كانت تلك المخلفات تلقى على الضفة الشرقية لقناة السويس، حتى صار ذلك الساتر مشكلة لعبور القوات المدرعة والعربات والمركبات إلى الضفة الشرقية للقناة.
كان اللواء باقى ذكى يوسف، ضابطاً مهندساً، تخرج فى كلية الهندسة بجامعة عين شمس، بقسم الميكانيكا، وفور انضمامه للقوات المسلحة المصرية، عمل بمشروع بناء السد العالي، وهو برتبة رائد، وخلال حرب الاستنزاف تولى  رئاسة فرع مركبات الفرقة 19 مشاه، التى كُلفت باقتحام قناة السويس، وتدمير خط بارليف، وأثناء مناقشة خطة الهجوم، ظهرت صعوبة فتح ثغرات بالساتر الترابي، لما يتطلبه ذلك من 15 ساعة لتفجير الساتر الترابي، فضلاً عن كمية المفرقعات المطلوبة.
وهنا جاءت فكرة المقدم باقى يوسف، الرائعة، باستخدام قوة المياه لتجريف الساتر الترابى إعمالاً لقانون نيوتن الثاني، الذى يضمن لنا انهيار هذا الساتر الترابي، فوراً؛ فالحل موجود أسفله، وهى مياه قناة السويس، والخبرة متراكمة من بناء السد العالي، باستغلال قوة الماء الدافعة، من خلال طلمبات تثبت على زوارق خفيفة، تسحب المياه من القناة، وتضخها على الساتر الترابى باندفاع قوي، فى الأماكن المطلوب فتح الثغرات بها.
وبالفعل تم عرض الفكرة على الرئيس جمال عبد الناصر، حينها، الذى أمر ببدء اختبار الفكرة، وبعد تنفيذ 300 تجربة، على مختلف أنواع الأراضي، خاصة فى جزيرة الملاح، بمنطقة قناة السويس، التى تتشابه أرضها مع الساتر الترابي، رُفع التقرير بنجاح التجارب، وتم استيراد المضخات اللازمة للتنفيذ الفعلي. وكانت أكبر مفاجأة للعدو الإسرائيلى، رؤية المصريين يفتحون الثغرات، ويحطمون خط بارليف، ويتجهون إلى عمق سيناء بالمدرعات والمدفعية، حتى تحقق النصر بفضل فكر مثل هؤلاء الأبطال ورموز القوات المسلحة المصرية ... فرحمة الله على اللواء باقى ذكى يوسف الذى خلد اسمه فى تاريخ مصر الحديث بأعماله الجليلة.