غادة والى - المدير التنفيذى لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة
غادة والى - المدير التنفيذى لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة


غادة والي: «كورونا» تسببت في زيادة تعاطي الحشيش والمهدئات | حوار

غادة زين العابدين

الإثنين، 05 يوليه 2021 - 07:50 م

بكثير من القلق عرضت غادة والى المدير التنفيذى لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة أهم ملامح التقرير السنوى الذى صدر هذا الشهر بمناسبة اليوم العالمى لمكافحة المخدرات (26 يونيو).

 

كشف التقرير عن التأثير الكبير لجائحة كورونا على تعاطى وإتجار المخدرات، حيث زادت معدلات التعاطى عالميا بنسبة 22% مقارنة بالوضع من عشر سنوات، وتطورت أساليب التهريب وارتفعت معدلات الإتجار عن طريق الإنترنت المظلم هربا من قيود الحظر على الحدود، وتحول الحشيش (القنب) إلى تحد عالمى ضمن أولويات عمل المكتب فى المرحلة المقبلة، بعد أن ارتفعت معدلات تعاطى الحشيش والمهدئات وبعد أن قامت بعض الدول بتقنينه.

 

وعبرت غادة والى عن قلقها من أرقام أخرى تؤكد أن زيادة معدلات الإدمان لم تقابلها زيادة مماثلة فى توفير العلاج، وأن أقل من 15% من مرضى الإدمان يحصلون على العلاج.

وبأمل كبير كشفت لنا عن أهم انجازات مكتب الأمم المتحدة فى المواجهة، مثل البرامج الدولية للرقابة فى الموانئ والمطارات، فى أكثر من 70 دولة، والتى نجحت بالفعل فى مهام عديدة منها مصادرة شحنات كوكايين من أمريكا اللاتينية بلغت 9500 كيلوجرام، بجانب برامج التنمية البديلة لدعم المزارعين الفقراء فى الدول المصنعة للمخدرات، وتمكينهم من زرع النباتات المشروعة مثل البن والكاكاو وقصب السكر كبديل لزراعة الحشيش والأفيون بالإضافة لتطوير دور معمل تحليل المخدرات بالأمم المتحدة ليساهم فى تحليل المواد الجديدة المستخدمة فى المنشطات الرياضية.

فى إطار رصدها لواقع المخدرات فى مصر، كشفت والى أن مصر انتشرت بها أنواع جديدة من المخدرات، مثل «فودو» و»ستروكس»، وأيضا أقراص «كابتاجون»، التى صادرت السلطات المصرية منها أخيرا شحنات ضخمة وصلت إلى ما يقرب من 20 مليون قرص.. والى حوارنا مع المدير التنفيذى لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة.

 2٫5% ‬نسبة‭ ‬المراهقين‭ ‬المدمنين‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ .. ‬وأنواع‭ ‬جديدة‭ ‬أكثر‭ ‬خطراً 

 ‭ ‬أضرار‭ ‬الحشيش‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬اهتماماتنا‭ .. ‬وتطوير‭ ‬برامج‭ ‬الرقابة‭ ‬فى‭ ‬المطارات‭ ‬والموانئ 

- فى البداية حدثينا عن دور مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، وأهم القضايا التى يتبناها؟
يعتبر مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة هو الجهة الرئيسية فى منظومة الأمم المتحدة المسئولة عن دعم دول العالم فى حماية سيادة القانون والتصدى للإجرام، ويركز عمل المكتب على أربعة محاور رئيسية هى الجريمة، والإرهاب، والفساد، والمخدرات.

ونحن نساعد الدول على مكافحة كافة أشكال الجرائم، بما فى ذلك الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية مثل تهريب المهاجرين والاتجار فى البشر، وتهريب الأسلحة النارية والمخدرات، بالإضافة إلى الجرائم السيبرانية (الإليكترونية)، كما نعمل على مكافحة شبكات الفساد الدولية واستعادة الأصول المنهوبة والمهربة، فضلاً عن الوقاية من الإرهاب والتطرف، والتصدى لتمويل الإرهاب والتعامل مع ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب.

وتعتبر مكافحة المخدرات ضمن أهم أركان عملنا، فمكتبنا يلعب دوراً رئيسياً فى مكافحة تهريب المخدرات عبر البحر والبر والجو، والتصدى لعصابات المخدرات حول العالم، بالتوازى مع دعم الصحة العامة وعلاج الإدمان والأمراض ذات الصلة بتعاطى المخدرات.

جائحة كورونا 

- بمناسبة اليوم العالمى لمواجهه المخدرات، ما أهم مؤشرات التقرير السنوى عن الوضع العالمى للمخدرات؟
يوضح التقرير العالمى حول المخدرات، وهو أحد أهم التقارير السنوية التى يصدرها مكتبنا، أن جائحة كورونا كان لها تأثير كبير على التعاطى والإتجار فى المخدرات حول العالم، فعلى سبيل المثال تشير معلوماتنا إلى أن تعاطى القنب (الحشيش) والمهدئات زاد بشكل واضح منذ اندلاع الجائحة، وعلى الجانب الآخر وجدنا أن معدلات تعاطى بعض المخدرات التى ترتبط عادة بالحفلات مثل الكوكايين والـ»إكستاسى» قد انخفضت نتيجة لإجراءات الإغلاق.

ومن ضمن أهم ما كشف عنه التقرير أيضاً أن الاتجار عن طريق الإنترنت قد ارتفع بشكل ملحوظ فى السنوات الأخيرة، حيث بلغت قيمة حجم الاتجار الذى يتم عن طريق بعض الأسواق الافتراضية 300 مليون دولار، وهو ما يتطلب تعاوناً وثيقاً بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى رقابة صارمة على العملات الافتراضية التى تستخدم فى هذه المعاملات.
أما بالنسبة لمؤشرات المستقبل، فيتوقع التقرير أن يزيد عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات حول العالم بنسبة 11 بالمائة بحلول عام 2030، وقد تصل هذه الزيادة إلى 40 بالمائة فى أفريقيا.

- ماذا عن الوضع فى مصر والمنطقة؟
تظل نسب تعاطى القنب (الحشيش) مرتفعة، حيث بلغت 5 ٪ من السكان البالغين فى شمال أفريقيا، و3 ٪ فى منطقة الشرق الأوسط، أما بالنسبة للشباب بين أعمار 15 و17عاما، فقد وصلت النسبة إلى حوالى 2.5٪ فى مصر وبلغت 5 % فى بلاد أخرى مثل المغرب، الأمر الذى يستمر فى تهديد صحة شباب وشعوب المنطقة.

وفى مصر شهدنا أيضاً أنواعاً جديدة من المخدرات تنتشر، مثل «فودو» و»ستروكس» التى تمت مصادرة كميات كبيرة منها فى النصف الثانى من عام 2020 يتعدى الكميات التى تم مصادرتها من قبل، وذلك فضلاً عن أقراص «كابتاجون»، حيث صادرت السلطات المصرية شحنة تحمل 11 مليون قرص فى دمياط، وأخرى تحمل 8 ملايين متجهة إلى ليبيا بعد أن وصلت من لبنان.

- تدهور الصحة النفسية بسبب مشاعر الخوف والقلق والبطالة والفقر،هل أثر على معدلات الإدمان؟
تشير الدراسات إلى أن الفقر والبطالة وتدهور الصحة النفسية تعد ضمن أهم العناصر المؤدية للإدمان والتعاطى فى المجتمعات، ومع زيادة معدلات البطالة وارتفاع نسبة الفقر الشديد فى العالم نتيجة الجائحة، زاد عدد الأفراد المعرضين لخطر التعاطى والإدمان، حيث إن الفئات الهشة فى المجتمعات هى التى دائماً تجد نفسها أكثر عرضة، وقد رأينا بالفعل أن معدلات استخدام القنب (الحشيش) والمهدئات قد ارتفعت نتيجة هذه الظروف.

وهنا يجب التأكيد على ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية للشباب، فعلينا أن نعتبر الصحة النفسية أحد أهم عناصر الوقاية ضد التعاطى والإدمان وعلاجهما، خاصة بالنسبة للشباب الذين هم أكثر عرضة للتعاطى. وبشكل عام فإنه على الحكومات تضمين موضوعات الوقاية من المخدرات وعلاج الإدمان ضمن الخطط والاستراتيجيات الشاملة للتعافى من الجائحة، ووضع ميزانية لذلك.

- هل هناك احصائيات حول تغير معدلات الإدمان خلال العام والنصف الأخيرة؟ 
يوضح التقرير أن إجمالى عدد الأشخاص الذين قاموا بتعاطى المخدرات خلال العام الماضى بلغ حوالى 274 مليون شخص حول العالم، بزيادة 22٪ خلال السنوات العشر الأخيرة وبالنسبة للعدد الذى يعانى من الإدمان والأمراض ذات الصلة بالتعاطى، فقد بلغ 36 مليونا حول العالم فى عام 2019، وهو أيضاً ارتفاع غير مسبوق. وقد جاءت هذه الزيادة فى نسب التعاطى والإدمان مع ظهور عدد كبير من المخدرات الاصطناعية الجديدة فى الأسواق، بالإضافة إلى زيادة فى الاستخدامات غير الطبية للأدوية وخاصة المواد الأفيونية.

وتحتم هذه الأرقام تطوير برامج علاج شاملة للإدمان والأمراض ذات الصلة بالتعاطى، وذلك بالتوازى مع إجراءات الوقاية ضد المخدرات فى المجتمع وتوعية الشباب وتوظيف الرياضة والتعليم والتضامن المجتمعى والأسرى لإبعاد الشباب عن التعاطى، وهى كلها مجالات يعمل مكتبنا على دعم الدول فيها.

تهريب المخدرات 

- القيود المفروضة على الحدود بسبب الجائحة، كيف أثرت على عمليات تهريب المخدرات، وهل أدت لظهور أساليب جديدة فى التهريب عبر الحدود؟
 فى المراحل الأولى من الجائحة، تسببت القيود فى تقليص حركة الاتجار بالمخدرات والمواد المستخدمة فى تصنيعها، إلا أن عصابات وأسواق المخدرات نجحت فى تعديل عملياتها واستعادة حجم نشاطها غير المشروع فى وقت قصير، حيث عادت إلى معدلاتها السابقة على الجائحة تقريباً.

ولاحظنا أن الإجراءات التى اتخذتها هذه العصابات الإجرامية للتعامل مع ظروف الجائحة قد أدت إلى تغييرات ربما تستمر حتى بعد انتهاء الجائحة تماماً، ومنها الاعتماد المتزايد على الإنترنت المظلم، وزيادة كميات المخدرات التى يتم نقلها فى كل شحنة تحسباً لوقف التنقلات، فضلاً عن الاعتماد المتزايد على النقل البحرى والبرى بدلاً من الجوى، وفى حالة النقل الجوى اللجوء إلى الطائرات الخاصة بشكل متزايد، كما أن بيع وشراء المخدرات أصبح يتم بنسبة أكبر عبر الأساليب التى لا تتطلب تلاقى البائع بالشارى، مثل البريد والطائرات الصغيرة بدون طيار.

ومن الضرورى تعزيز التعاون الدولى وتبادل المعلومات بين جهات إنفاذ القانون للتصدى لهذه التطورات، وأيضاً وضع نظم للمراقبة الفورية والدائمة لرصد حركة المخدرات عبر الحدود وفى الموانئ.

- هناك دول قننت استخدام الحشيش (القنب)، فكيف تواجهون هذه القضية؟
 موضوع القنب، أو الحشيش كما يعرف، يعتبر ضمن أهم وأخطر مخرجات التقرير العالمى حول المخدرات هذا العام، فالتقرير كشف أن الوعى بأخطار هذا النوع من المخدرات قد انخفض فى ذات الوقت الذى تزيد فيه قوة تأثير الحشيش المتاح فى الأسواق، ففى أوروبا والولايات المتحدة، تضاعفت القوة المخدرة للحشيش المتاح أربعة أضعاف على مدار العشرين سنة الماضية، بسبب زيادة نسبة المادة المخدرة الفاعلة (مادة Delta9-THC)، إلا أن نسبة الشباب المراهق الذى يعتبر الحشيش مادة ضارة قد انخفض بنسبة تصل إلى 40٪.

وتشير الدراسات العلمية إلى أن الاستخدام المستمر للحشيش له أضرار صحية واضحة وخاصة على الشباب، إلا أن عدم وعى الشباب بهذا الضرر من الطبيعى أن يؤدى إلى زيادة فى التعاطى، الأمر الذى يمثل خطراً حقيقياً على الصحة العامة فى العالم.

لذلك ستكون ضمن أولويات عملنا فى المرحلة المقبلة توعية الشباب بأضرار تعاطى الحشيش، ودعم إجراء المزيد من الأبحاث لدراسة اثاره الصحية وكذلك لدراسة ومتابعة الأوضاع فى البلاد التى قامت بتقنينه وتأثير ذلك على صحة ووعى الشباب.

المعمل الخاص 

- ما هو دور المعمل الخاص بمكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة؟
تم إنشاء المعمل الخاص بمكتبنا فى عام 1954، وهو مسئول عن بحث وتحليل المواد المخدرة الجديدة باستخدام أحدث التقنيات بهدف دعم القرارات الدولية والوطنية ذات الصلة بموضوع المواد المخدرة تحت الرقابة الدولية، كما يقدم المعمل الدعم العلمى والجنائى لأكثر من 300 معمل وطنى فى 80 دولة.

بالإضافة إلى ذلك، قمنا مؤخراً بتوقيع مذكرة تفاهم مع الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، ليقوم المعمل بدعم الوكالة فى بحث وتحليل المواد الجديدة المستخدمة فى المنشطات فى الرياضة.

- ماذا عن أنشطة مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات فى ظل الجائحة؟
لا شك أن الجائحة أثرت على نشاط مكتبنا فى البداية، فالقيود الموضوعة على الحركة والتركيز الكبير على دعم وتمويل قطاع الصحة نتج عنهما صعوبة فى تنفيذ أنشطتنا فى المراحل الأولى، إلا أننا نجحنا وفى فترة قصيرة فى الـتأقلم مع الأوضاع وتنفيذ عدد كبير من أنشطة التدريب وبناء القدرات، بالإضافة إلى الاجتماعات والمؤتمرات الدولية، عبر الإنترنت وبتطوير واستخدام أدوات تفاعلية مبتكرة.

كما أننا ركزنا فى الدعم الذى نقدمه للدول على الموضوعات ذات الصلة بالجائحة وتداعياتها، فالأزمة الاقتصادية الناتجة عن الجائحة أدت إلى زيادة أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل وهى كلها عوامل مؤدية للجريمة والفساد وتعاطى المخدرات، كما شهدت المجتمعات زيادة فى بعض أنواع النشاط الإجرامى مثل تصنيع الأدوية المغشوشة والفساد فى قطاع الصحة، وهى تهديدات نعمل على تقديم الدعم الفنى للدول للتصدى لها.

- حدثينا عن بعض المشروعات التى ينفذها المكتب على المستوى الدولى لتقليص العرض والطلب على المخدرات؟
يعمل مكتبنا على التصدى للمخدرات عن طريق مشروعات تتناول الجوانب الأمنية وكذلك التنموية، فعلى سبيل المثال على الجانب الأمنى نقوم بتنفيذ البرنامج الدولى للرقابة على الحاويات، والذى يدعم مسئولى الجمارك وإنفاذ القانون فى أكثر من 70 دولة حول العالم فى رصد ومصادرة شحنات المخدرات وغيرها من السلع الممنوعة التى يتم تهريبها عبر الموانئ. وقمت فى بداية هذا الشهر بزيارة ميناء «أنتويرب» ببلجيكا وهى ثانى أكبر ميناء بأوروبا وإحدى الموانئ التى ننفذ فيها البرنامج  لتفقد أجهزة وتقنيات التفتيش.

وقد نجحت الوحدات التابعة للبرنامج بالفعل فى مصادرة عدد من شحنات الكوكايين المتجهة إلى بلجيكا هذا العام، خاصة من أمريكا اللاتينية والتى بلغ حجمها 9500 كيلو جرام.
ولدينا برنامج مماثل للرقابة على الشحن الجوي، تحت مسمى «AIRCOP»، يتم تنفيذه بالتعاون مع سلطات إنفاذ القانون فى المطارات، ونعمل الآن على توسيع هذه البرامج لتغطية أكبر عدد ممكن من الدول والموانئ والمطارات، خاصة فى أفريقيا، لوضع حد للاتجار والتهريب.

أما على الجانب التنموى فيقوم مكتبنا على سبيل المثال بتنفيذ برامج «التنمية البديلة»، وهى برامج تهدف إلى التعامل مع مشكلة المزارعين الفقراء فى الدول المصنعة للمخدرات الذين يلجأون إلى زراعة النباتات المحظورة مثل الحشيش والأفيون نتيجة ظروفهم الاقتصادية الصعبة، فيعمل مكتبنا على دعم هذه المجتمعات لتمكينها من زرع وبيع عدد من النباتات المشروعة مثل البن والكاكاو وقصب السكر كبديل لزراعة نباتات المخدرات، ويتم تنفيذ هذا البرنامج فى كل من أفغانستان وميانمار ولاوس وكولومبيا وبوليفيا وبيرو.

قمنا أيضا بنشر توصيات وإرشادات بـ 13 لغة، حول كيفية استمرار علاج الإدمان دون انقطاع خلال الجائحة، وقمنا بإطلاق مبادرة للشباب شهدت مشاركة 4500 شاب وشابة فى دعم مجتمعاتهم فى التعامل مع تداعيات الجائحة وبناء الوقاية من المخدرات والتعاطي. وبالتوازى مع ذلك طورنا مواد لمساعدة الآباء فى رعاية الأطفال والشباب، استفاد منها 4 ملايين شخص، بما فى ذلك فى معسكرات اللاجئين.

المعايير الدولية

- ماذا عن اهم المعايير الدولية للوقاية من تعاطى المخدرات التى طورتها منظمة الأمم المتحدة؟ 
فى عام 2013 قام المكتب بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية فى 2013، بتطوير المعايير الدولية للوقاية من تعاطى المخدرات، ثم طورنا وأصدرنا النسخة الثانية منها فى 2018، وتظل هذه المعايير تمثل ركناً هاماً من أركان عملنا فى مجال الوقاية من المخدرات، ففى العام الماضى قمنا باستخدامها لرفع الوعى فى المدارس وبين الأسر فى 43 دولة، وتدريب 900 مدرس ومدرب، كما تضمنت البرامج التى تعتمد على هذه المعايير برنامجى «الأسرة القوية» و»الأسر المتحدة» اللذين استفاد منهما 5000 أب وأم وطفل.

فالاستثمار فى الوقاية هو السبيل الأمثل لحماية الشباب والأطفال والفئات الأكثر هشاشة فى المجتمع مثل الفقراء.

- ماذا عن تجربة مصر فى علاج الإدمان وخبرتك فى وزارة التضامن الاجتماعى مع هذا الملف؟
مصر لها تجربة هامة وناجحة فى هذا المجال، وافتخر بأننى شاركت فيها عندما كنت وزيرة للتضامن الاجتماعى، فنحن نجحنا وقتها بدعم من القيادة السياسية فى وضع أسس قوية لمكافحة الإدمان فى مصر، ويسعدنى أن أرى الدولة تستمر فى البناء عليها حتى اليوم.

ولعل أبرز مؤشرات هذا النجاح نسبة الإدمان فى مصر، والتى  بلغت 10٪ أى ضعف المعدل الدولى فى عام 2014 عندما توليت الوزارة، وقد وصلت الآن إلى 5٫6% وهو تقدم واضح وملموس، جاء نتاجاً للعمل من خلال الإعلام والتوعية بالتوازى مع أنشطة علاج وإعادة تأهيل المتعافين.

ونستطيع أن نقر اليوم بأن وعى المجتمع المصرى بطبيعة أمراض الإدمان وبفرص العلاج أصبح أفضل بكثير، فعدد الحالات التى أقدمت على العلاج هذا العام بلغ 140 ألف حالة، بالمقارنة بـ50 ألف حالة فى 2014، وأنا أتابع دائماً تطورات هذا الموضوع فى مصر وأسعد بأن أسمع عن آخر الإنجازات والتقدم الذى تم إحرازه. 

- انشغال القطاع الطبى بحالات كورونا هل أثر على علاج الإدمان، وهل أثرت قيود الحظر سلبيا على المتعافين بحرمانهم من متابعة العلاج، ومحاضرات الدعم النفسى الجماعى وغيرها من الأنشطة المهمة لحمايتهم من الانتكاسة؟ 
شهدت الشهور الأولى من الجائحة اضطرابات فى توفير العلاج نتيجة الضغط على قطاعات الصحة حول العالم، إلا أن القائمين على هذه القطاعات نجحوا فى الكثير من الحالات بالتكيف مع هذه الأوضاع بشكل فعال ومشجع، وبالاعتماد على الأساليب المستحدثة والتكنولوجيا لتوفير الدعم والعلاج فى ظل القيود على الحركة، وتضمن ذلك استخدام الإنترنت أو التليفون لعقد جلسات الاستشارة مع مرضى الإدمان، ثم توفير الوصفات الطبية عن بعد.

وسيكون من المهم فى المراحل المقبلة بحث مدى فاعلية هذه الأساليب المبتكرة، والنظر فى إمكانية تطبيقها حتى بعد انتهاء الجائحة، فهى تتيح فرصاً لوصول العلاج إلى عدد أكبر من مرضى الإدمان الذين قد يكون من الصعب الوصول إليهم حالياً سواءً لأسباب عملية أو اجتماعية.

- هل مراكز علاج الإدمان فى الدول النامية مجهزة وكافية؟
من المثير للقلق أن الزيادات التى رصدناها فى التعاطى وأمراض الإدمان لم تقابلها زيادة مماثلة فى توفير العلاج، حيث تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن أقل من 15% من مرضى الإدمان يحصلون على العلاج حول العالم، وتعانى الدول النامية بشكل خاص من غياب العلاج الملائم، ولذلك يعمل مكتبنا مع الدول المختلفة لتطوير برامج علاج الإدمان الشاملة والمبنية على العلم وإدماجها ضمن منظومة الصحة العامة، مع التركيز على الفئات المعرضة والأكثر هشاشة وخاصة الشباب.
ومن المؤكد أن مراكز علاج الإدمان تعتبر ضمن أهم آليات العلاج، ويجب العمل على تطوير مراكز كافية ومجهزة فى الدول النامية، وفى هذا الصدد أفتخر بأننا نجحنا فى مصر خلال سنوات عملى كوزيرة للتضامن الاجتماعى فى مضاعفة عدد مراكز علاج الإدمان فى 6 سنوات، كما أنشأنا أول مركز علاج مخصص للفتيات للتعامل مع التحديات الخاصة التى تواجه الفتيات مرضى الإدمان.

تحديات كبيرة

- ما الفرق بين مهام المسئولية الاجتماعية فى دورك كوزيرة للتضامن، وكمسئولة دولية عن قضايا الجريمة والمخدرات على مستوى العالم؟ 
 سأظل أعتز دائماً بعملى فى الحكومة المصرية وتولى حقيبة هامة فى وقتٍ صعب، وأنا افتخر بشدة بما حققناه لدعم مصلحة المواطن المصرى.
أما الآن فالمسئولية الدولية لها طابع مختلف، وهى فرصة لتوظيف الخبرات التى اكتسبتها على ضوء تجارب وتحديات كبيرة فى مصر لصالح المجتمع الدولى بأكمله، وخاصة الدول النامية التى يركز عملنا على دعمها بشكل أساسى، والتى تحظى بحيز كبير من اهتمامى، ومن ضمنها بالطبع دول قارتنا الأفريقية، حيث حرصت على أن يكون ضمن أول الأنشطة الجديدة للمكتب بعد أن توليت المنصب إنشاء الرؤية الاستراتيجية لأفريقيا 2030، وهى استراتيجية شاملة لعملنا فى القارة أطلقناها هذا العام، تهدف إلى توظيف أحدث الأساليب وتوسيع العمل المشترك مع شركائنا من أجل دعم الأمن والصحة وسيادة القانون فى الدول الأفريقية، بما يمكنها من تحقيق التنمية المستدامة.

- اسمحى لى أن أبتعد بك عن عالم الجريمة والمخدرات والمهام الرسمية لمنصبك الدولى وأسأل غادة والى عاشقة الثقافة والفن والتى نشأت على حب الشعر والكتابة والحريصة على متابعة المسرح والأوبرا والفنون، ماذا عن حياتك الخاصة فى الغربة وكيف تقضى وقتك فى فيينا بلد الفن والجمال والثقافة؟
 جاءت الجائحة بعد شهور قليلة من وصولى إلى فيينا لتولى منصبى الجديد، وبالتالى فإنها منعتنى من التأقلم بسهولة فى بلد جديد، والاستمتاع بهذه المدينة المميزة، فمدينة فيينا بها حدائق رائعة ومتاحف عظيمة وأكثر ما عجبنى هو حفاظهم على تراثهم المعمارى الإمبراطورى دون إهمال أو تشويه، وفى ظل الظروف الحالية،فإن أكثر ما أستمتع به الآن هو المشى فى الشوارع وتصوير العمارات القديمة ببواباتها المشغولة الفخمة، ورغم أن المتاحف بدأت تفتح أبوابها تدريجياً،إلا أن الحياة بالطبع لم تعد لطبيعتها، ولكننى متفائلة مع استمرار حملة التطعيم بأن تعود الأمور إلى طبيعتها تدريجياً، وأن أستطيع أخيراً أن أرى وأعيش فى فيينا على طبيعتها واستمتع بتراثها الثقافى والفنى العريق، وأتابع مختلف الأنشطة الفنية والثقافية.

- مع حياة الغربة ما الذى تشتاقين أليه فى مصر؟
 أشتاق لكل ما فيها ومن فيها، أشتاق للنيل الذى عشت على ضفافه منذ ولدت، وأشتاق للشمس المشرقة دائماً وللسماء الصافية ودفء الناس وصحبة الأهل، وأشتاق للبحر الأحمر الذى أزوره دائما شتاءً . 

- والأكل المصرى؟
 الأكل «مش هو المهم»، الأهم من يشاركك الأكل، وأنا  بصراحة أشتاق لإفطار يوم الجمعة الذى كنت أعده بنفسى لأسرتى من فول وطعمية وفطير وعسل، وأشتاق «للمة العيلة الحلوة» حول هذا الإفطار.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة