صورة موضوعية
صورة موضوعية


الجرائم الشاذة داخل الأسرة.. نار تحت الرماد

ناجي أبو مغنم

الجمعة، 09 يوليه 2021 - 01:50 م


◄ جمعة: الأهل يسمحون لأبنائهم ممارستها بشرط الكتمان خوفًا من «الفضيحة»
◄ إيمان تحذر من تلاشي خصوصية الأسر الممتدة: باب موارب للكوارث المجتمعية
◄ إيناس: حالات كثيرة تحتاج وقفة تحد من انتشارها

«عيب وعار وفضيحة»، كلمات تقف حائط صد ضد مواجهة الأمراض النفسية والعقلية مثل الانحرافات الجنسية والاضطرابات النفسية والإدمان، والخلل العقلي، التي تنتشر في مجتمعنا، ويتستر عليها أصحابها وذويهم من الأهل الذين يوفرون لابنهم غطاء خوفا من التنمر عليهم وخشية من الوصمة الاجتماعية التي لا ترحم.

كلها أمراض لها علاج بشرط امتلاك صاحب المرض الرغبة في الخلاص من معاناته، وتحفيزه من قبل الأهل والتعامل مع ما يعاني منه كأنه مرض طبيعي له علاج، وهذا من شأنه أن يقي مجتمعنا من مخاطر شتى حيث هناك جرائم نسمع عنها يوميا ويعفى المجرم من العقاب بسبب مرض نفسي أو عقلي تجاهل علاجه، فكانت النتيجة التي لا يحمد عقباها.

الأخبار المسائي حاولت فتح الملف المسكوت عنه، والذي يراه الكثيرون عيبًا يحظر تناوله والحديث فيه والتطرق له، في البداية، أوضحت الدكتورة إيناس علي، معالجة إكلينكية، أنها بدأت في السنوات القليلة الماضية استقبال بعض الحالات التي تعاني من أمراض غريبة على مجتمعنا والذي لا يقر بها أمراضًا بل يعتبرونها عارًا وفضيحة.


وكشفت أنها قبل نحو 9 أشهر استقبلت أسرة يكسوها الخجل من حالة ابنهم المريض والذي بدأ يعاني من أعراض المثلية الجنسية، وعندما علم والديه حاولا إخفاء الأمر، ولكنهم لاحظوا زيادة المعاناة «نفسية» فكان قرارهما التوجه لطبيب خارج المحافظة خشية افتضاح أمرهم، وكأن هذا المرض عار على ابنهم، ويخافون من تنمر الآخرين عليهم.


وتابعت، أنها بدأت رحلة العلاج مع الحالة البالغة من العمر 17 عامًا وشرعت في عقد الجلسات المناسبة التي قابلها استجابة من المريض وبدأت حالته في التحسن، مضيفة أنها استقبلت نحو 17 حالة خلال عام واحد فقط.


وأكدت أن طرق العلاج تتمثل في وضع برنامج سلوكي للمريض وآخر جدلي، إلى الوقاية من الانحرافات وإجراء إحلال وإبدال له والوصول لحالة التعافي، وتقريبه من وجهة النظر الصحيحة وتعديل المفاهيم المغلوطة، وختاما العلاج بالتنفير والذي يتمثل في تنفير المريض من وضعه الحالي، وترغيبه في الوصول إلى حالة سوية مثل أقرانه.


وواصلت أن كل أهالي الحالات التي يأتون للعيادة يتفقون جميعا في الخوف من تسرب معلومات عن الحالة، ويرون في أن هذا المرض عار، مشيرة إلى أن الأدهى من هذا، وجود بعض الأسر التي تخجل من التعامل الصحي المناسب مع المرض فيؤدي هذا إلى وصول الحالة المرضية إلى مرحلة تكون عصية على العلاج والاستجابة له.


 ومن ناحية أخرى أوضح الدكتور هشام جمعة ، أخصائي علم النفس، بمركز مكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، أن الوصمة الاجتماعية تجعل من الصعب وضع بعض الأمراض النفسية والعقلية تحت المجهر وتشخيصها للقضاء عليها.


وأشار إلى أن الوصمة الاجتماعية تجعل بعض الآباء والأمهات يتسترون على مرض ابنهم النفسي خاصة الشذوذ الجنسي والإدمان، ويسمحان له ارتكاب فعلته هذا بشرط أن تكون في طي الكتمان، دون أن يعلم به أحد، حتى أقرب الناس إليه «العم – الخال»، لأنهم يرجعون هذا إلى فشل تربية الأب والأم وينسبون العيب لهم فيما يفعل أبنائهم.


وفرق بين نوعين من الأمراض التي تقف الوصمة الاجتماعية حائلا دون علاج بعضها، وهما الأمراض النفسية مثل الإدمان والانحرافات الجنسية، وهذه الأمراض يعلم صاحبها بها وعلاجها يكون عندما يمتلك الرغبة لذلك، بينما الأمراض العقلية لا يعلم به صاحبها ولا يتلقى العلاج إلا عندما يوجهه له آخر.
وأكد على أن ازدياد الحالات يمنح تلك الأمراض -المرفوضة خلقيا ودينيا ومجتمعيا- نوعًا من الشرعية وتعد مألوفة لا سيما وأن هناك من يتبناها ويدعمها دوليا، حيث إن الدليل التشخيصي والإحصائي لا يعترف بالشذوذ الجنسي على أنه مرض بل يسمونه أسلوب حياة، ويرفضون معاملة صاحبه كمريض إلا بإذنه.
ومن جانبه قالت الدكتورة إيمان عبدالله، خبيرة السلوك النفسي والإرشاد الأسري، إنه رغم التقدم الحادث حولنا في العالم، إلا ان مجتمعنا لا يزال يرفض المواجهة ببعض المشكلات الكامنة داخله، وتنمو وتتغلغل حتى يأتي لها وقت وتنفجر دون أن يكون هناك سبيل لمعالجتها والقضاء عليها.


وأوضحت أن بعض الأسر قد يصيب أحد أفرادها مرض لا دخل له فيه، ولكنهم يخشون علاجه خوفًا من القيل والقال وكلام الناس ويعتبرون هذا فضيحة، ومن هذه الأمراض المثلية الجنسية وزنا المحارم والإدمان والمرض النفسي.


وأشارت إلى أن هذه الأمراض تعد سلسلة متصلة ببعضها، بمعنى أن المدمن قد يصل لدرجة يغيب فيها عقله ويرتكب الحرام مع أهله وكذلك المريض العقلي قد يفقد السيطرة على نفسه ويرتكب ما لا يمكن توقعه وأيضًا المثلية الجنسية قد يعاني منها شخص ويمكن علاجها في حال التحرك مبكرًا وعدم ترك الأمر حتى يستفحل.


ونبهت إلى ضرورة الحذر من العادات التي ألفها المجتمع واعتاد عليها، حيث إنها باتت بؤرة لانتشار كل الطامات السابق ذكرها، بمعنى أن الأسر الممتدة التي تتلاشى فيها الخصوصيات في غرف النوم أو دورات المياه، ويصبح المنزل متاحًا لكل أفراد الأسرة فهذا يترك الباب مواربًا لوقوع الكوارث.


وشددت على أهمية وضع حد لمصطلح الأسر المنفتحة، التي يختلط فيها أفراد بشكل مبالغ، موضحة أن هناك حالات كثيرة حدثت بسبب الثقة المفرطة وعدم توقع الخيانة من أقرب الناس.


ولفتت إلى أن هناك حالة تعرضت للإيذاء الجنسي من خالها في صغرها، فأصابها عقدة نفسية ولد لديها نفور من العلاقة الزوجية فاتجهت للخيانة وممارسة أمور محرمة لأنها لم تمتلك شجاعة إبلاغ أسرتها بما تعرضت له وبالتالي لم يتم معالجتها.


وطالبت بضرورة تعليم الأطفال على الخصوصية وأن يخصص مكان لكل طفل على حده وألا يكون مع شقيقه أو شقيقته وعدم الاختلاط المبالغ فيه بين الأقارب، مع زيادة دور الأهل في الرقابة ونشر الوعي وسحب الأجهزة الإلكترونية من الأطفال دون الـ 17 عاما.

 

اقرأ أيضا

أخطر أنواع الفوبيا حول العالم.. أبرزها «الخوف من الحقن»
 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة